تظاهرة ثقافية كبرى يوم السبت بجبل الجلود ضد هذا الخطر المحدق بالمجتمع والمواطن والبلاد عبر المسرحي والناشط المدني عزالدين قنون عن استنكاره لظاهرة العنف التي ما انفكت تتفشى في مختلف الأوساط الثقافية والاجتماعية والسياسية في ظل صمت الحكومة وتغاظيها عن الظاهرة والتيارات والجهات التي تقف وراءها رغم ما تشكله من خطورة على أمن البلاد وحياة المواطنين من ناحية وللخسائر الكبيرة التي ألحقتها بالاقتصاد الوطني من خلال عزف المستثمرين حسب تأكيده. واعتبر هذه العوامل كفيلة بدفع كل غيّور على هذا الوطن، وكل من يؤمن بحقوق الإنسان وحقه في وطن آمن وظروف عيش ضرورية، للتحرك بقوة في محاولة للتصدي هذه الظاهرة السلبية والخطيرة. واعتبر مبادرة الائتلاف المدني الذي يعد أحد مؤسسيه وهو عضو فاعل فيه المتمثلة في تنظيم تظاهرة ثقافية كبرى ضد العنف يوم السبت المقبل هي خطوة عملية من عديد الجهات لتحسيس جميع الأطراف بضرورة العمل من أجل القضاء على العنف بصفته الخطر المحدّق بالمواطنين والمجتمع والبلاد على حد السواء. واستدل على ذلك بالعدد الكبير من الأحداث والقضايا المرفوعة في الغرض داخل كامل جهات الجمهورية. واعتبر حادثة اغتيال الشهيد والمناضل شكري بلعيد أفظع أمثلتها ونتائجها. وبيّن في ذات السياق أنه تم اختيار دار الثقافة بجبل الجلود لاحتضان هذه البادرة المدنية في شكلها والانسانية في مضمونها وأبعادها وأضاف قائلا:" بقطع النظر عن كوني رجل مسرح وثقافة فأنا مواطن تونسي يحز في نفسي أن أرى حال بلدي يتدحرج نحو المجهول والجهل في حين كنّا ننتظر أن ينصلح نحو الفضل والمنشود بعد ثورة 14 جانفي. لذلك فتحركي المدني هذا كان من منطلق أني مواطن تونسي انتصر للعلم والمعرفة والتطور والحقوق الانسانية والحرية والديمقراطية في مفاهيما الحضارية إحدى الأهداف التي احرص على تحقيقها". ولم يخف أنه وظف مهنته وموقعه كعنصر فاعل في الساحة الثقافية من أجل مصلحة تونس لا غير. واعتبر هذا الخيار بمثابة القاسم المشترك الذي جمع عديد الجهات والأفراد للمساهمة في هذه البادرة المدنية على غرار بعض الأطباء والمحامين والقضاة وأهل التربية والتعليم وغيرهم من المواطنين من مختلف المواقع الاجتماعية. المكان الرمز من جهة أخرى أوضح عزالدين قنون أن اختيار الائتلاف المدني لجبل الجلود لاحتضان هذه التظاهرة الكبرى كان لاعتبارات رمزية المكان الذي كان شاهدا على سقوط الشهيد المناضل شكري بلعيد ضحية لهذا العنف في أفظع تجلياته. وأكد أنه حريص على انجاح هذه التظاهرة التي ينظمها عدد من الناشطين في المجتمع المدني من مختلف القطاعات والهياكل الثقافية والفنية والصحية والاقتصادية وغيرهم إضافة إلى حقوقيين وسياسيين مستقلين وفنانين شبان ومواطنين وغيرهم. وشدد على أن هذه التظاهرة لا تحمل أي لون سياسي وشعارها الوحيد التصدي للعنف وخدمة تونس. ودعا كل السياسيين الذين ينتمون لأحزاب أو تيارات سياسية أن يشاركوا في التظاهرة بصفتهم مواطنين لا غير. وكشف محدثنا عن الخطوط العريضة لبرنامج هذه التظاهرة وبيّن أنها تتضمن تقديم شهادات حية لعدد من النشطاء في المجتمع المدني والمثقفين والفنانين والإعلاميين ممن كانوا عرضة للعنف وذكر من بينهم كل من المسرحي رجب مقري وزياد الهاني وحمادي الرديسي وعمر غدامسي وزياد كريشان والفنان المعروف ب"فني رغما عني" وغيرهم ممن كانوا مستهدفين بالعنف من طرف تيارات معينة. في المقابل يعتبر أن هذا الغول لا يشكل خطرا على أهل الثقافة والمرأة فقط بل أنه خطر داهم من شأنه أن يضرب ويعصف بالمواطنة في كل تجلياتها. لذلك اعتبر أن التصدي لوقف نزيفه اصبحت مسؤولية كل التونسيين في ظل صمت سلطة الإشراف. من جهة أخرى أفاد أن عددا من الفنانين سيشاركون في هذه التظاهرة على غرار أمال الحمروني وخميس البحري من مجموعة عيون الكلام وغيرهم من الفنانين الشبان. مرصد تونسي للعنف كما أفاد محدثنا أن الائتلاف المدني يستعد لبعث مرصد تونسي لرصد التجاوزات الحاصلة في هذا الإطار وذلك من أجل حصر وتحديد هذا الورم الخطير والقضاء عليه. وبيّن في ذات السياق أنه سيتم في مرحلة ثانية بعث نواتات ائتلافات داخل الجهات والقرى والمدن بكامل تراب الجمهورية لتعمل بدورها على بعث خلايا ومجموعات لرصد التجاوزات والعنف الاجتماعي والسياسي والاقتصادي. ويقول في ذات السياق :" أعتبر هذه الخطة أصبحت ضرورة يحتمها علينا حب الوطن في هذه المرحلة أكثر من أيّ وقت مضى. خاصة أننا سبق أن أطلقنا ناقوس الخطر منذ ما يقارب السنتين وحذّرنا مما وصلنا إليه بعد أن ظهرت بوادر العنف والنفي والاقصاء في مجتمعنا لكن الجهات الرسمية لم تبال بذلك". وأرجع محدثنا سبب تدهور الحالة الاقتصادية في بلادنا إلى ظاهرة العنف على اعتبار أنه العامل الذي ساهم في جعل المستثمرين يعزفون عن بعث مواطن الشغل في بلادنا. كما هو الشأن بالنسبة للاستثمار الثقافي الذي يعتبره المسرحي التونسي لا يقل قيمة عن الاستثمار في الصناعة والتجارة وغيرها من القطاعات الحيوية الأخرى خاصة أن المسارح والفضاءات الثقافية اصبحت فارغة بسبب انعدام الطمأنينة والشعور بالأمان لأغلب التونسيين في تنقلاتهم للسهر أو لحضور الأنشطة الثقافية والفنية.