(تونس) يتواصل انحدار مؤشرات السياحة التونسية على وقع الأزمة السياسية والأمنية والاقتصادية وسط توقعات بإقفال نصف الوحدات الفندقية لأبوابها نظرا لعجزها عن دفع ديونها المتراكمة للبنوك والمتعهدين .هذا القطاع المهدد بالاندثار ورغم صيحات الفزع المتكررة من طرف أربابه كان متنفس الاقتصاد التونسي ويساهم بصفة كبيرة في مداخيل الدولة خاصة من العملة الصعبة علما أن الإحصائيات التي أصدرها مؤخرا الديوان الوطني للسياحة والخاصة بشهر جويلية والأيام العشرة الأولى من شهر أوت لا تعكس حقيقة الوضع الكارثي لقطاع السياحة . وقد أكّد مراد الحطاب الخبير في المخاطر المالية ل«التونسية» أن الإحصائيات المعلنة لا تتضمن إلا دخول الأجانب من غير المقيمين حسب الجنسية ولا تتضمن كما جرت العادة الليالي المقضاة ونسب الامتلاء سواء على المستوى النسبي أو على المستوى المطلق حسب الجهات كما لا تتضمن المداخيل التي يحوصلها عادة البنك المركزي ذلك لأن الوضع كارثي .و أضاف محدثنا أن هذه الإحصائيات لا تتضمن إحصائيات الأيام العشرة الأولى من 2013 ومعدل الطاقة التشغيلية والمداخيل حسب الليالي المقضاة حسب الزائر بالدينار أو الأورو. وأكد أن هناك تضخيم لنسبة الامتلاء دون تحديد حسابات مقابلة للمداخيل. ما حكاية «اللوبيات»؟ بين مراد الحطاب أن هناك «لوبيات» تتحكم في تسعيرة قطاع السياحة وأنّ هذه «اللوبيات» تتكون من بعض كبار المستثمرين في قطاع الفندقة خصوصا أصحاب المجمعات الصناعية الكبرى ونتيجة لهذا التحكم يضطر أصحاب الوحدات الصغرى والمتوسطة إلى مجاراة الأسعار المفروضة ويتكبدون خسائر كبرى. و أضاف محدثنا أن امتلاء الفنادق التونسية سيستمر الأسبوعين القادمين فقط وسيتميز آخر الموسم بالركود و«الخلاء» وهو ما يعني تكبد أصحاب النزل والعاملين في مجال الفندقة بصفة عامة خسائر جملية بنسبة 40 بالمائة مقارنة بسنة 2012. مشيرا إلى أنّ ذلك يعني أن أكثر من ربع أصحاب النزل سيفلسون وسيعجزون عن خلاص الديون البنكية والمزودين وأنه من المحتمل أن يشمل هذا العجز المشغلين الدوليين . الوضع كارثي من جانبه، أكد السيد رضوان بن صالح رئيس الجامعة التونسية للنزل أن الأزمة ستتواصل إذا استمرت سياسة التسويق الحالية التي تعتمد على تخفيض الأسعار وبين انه لابد من تحسين المنتوج وبعث مكونات جديدة سيما أن السائح لا يجد منتوجا يذكر خارج الفندق.و أضاف محدثنا أنه «يبهت» عندما يسمع ما تقوله السلطات الرسمية عن نجاح الموسم السياحي مشيرا إلى أنّ عدد الليالي المقضاة تراجع بنسبة 4 بالمائة مقارنة بسنة 2012 التي تعد بدورها سنة فاشلة على جميع المستويات. وبيّن محدثنا أن مداخيل شهر جويلية تقريبا مساوية لمداخيل نفس الشهر من سنة 2012. أضاف محدثنا أنه وبالنظر إلى تقهقر الدينار فإن المداخيل تقلصت بنسبة 10 بالمائة في ما يخص المداخيل بالعملة الصعبة مقارنة بسنة 2012 .و قال محدثنا أن امتلاء الفنادق مدة 18 يوما فقط لا يعني أن الموسم السياحي نجح.و أكد أن إحصائيات شهر جويلية كارثية لا سيما على صعيد نسب الدخول التي تراجعت ب10 بالمائة عموما وبين أن السوق الاوروبية تراجعت ب9,4 بالمائة وبالتحديد السوق الفرنسية التي سجلت نقصا ب34 بالمائة مقارنة بسنة 2012. و أكد رئيس الجامعة التونسية للنزل أن أرباب القطاع السياحي لن يتمكنوا من تلافي العجز في شهري سبتمبر وأكتوبر سيما أن الحجوزات توقفت تماما بعد 25 جويلية .و قال محدثنا أن الأزمة السياسية ألقت بظلالها على القطاع السياحي وأنّ آخر الموسم سيكون كارثيا إذ استمر الوضع على ما هو عليه وأضاف أن هناك «مشكلا» كبيرا على النطاق الجهوي خاصة من قبل ولاة الولايات السياحية المحسوبين على حزب «النهضة» وبين محدثنا أنهم لا يشجعون السياحة ويتسببون في مشاكل كبرى. وزير السياحة «يحلم»؟ وأكد السيد رضوان بن صالح أن لدى وزير السياحة الحالي تفاؤلا مفرطا وأنه مازال يتحدث إلى حد الآن عن رقم 7 ملايين سائح. وبين محدثنا أن القطاع السياحي قطاع خاص وأن الخواص وحدهم يعرفون المؤشرات الحقيقية للقطاع وقال أن هناك تأويلات متعددة ومختلفة للأرقام المتداولة لكن المرجع الأساسي في عدد الليالي المقضاة.هذا وبيّن محدثنا أن السوق الفرنسية التي تعتبر المزود الأول لسوق السياحة التونسية تعاني من صعوبات كبرى وأنها ستسجل نقصا في عدد السياح الوافدين إلى تونس حتى آخر السنة يتجاوز 25 بالمائة بما معناه أن عدد السياح الفرنسيين سيسجل نقصا ب 250 ألف سائح. وأكد رئيس الجامعة للنزل أنه إذا تواصل الوضع على ماهو عليه سيجد بعض أصحاب النزل أنفسهم مجبورين على إقفال أبوابهم .و في هذا الصدد بين محدثنا أن الحكومة تنظر إلى الأرقام العامة والمداخيل والتشغيل ونسبة تغطية عجز ميزان الدفوعات والمساهمة في المنتوج الوطني وأنها لا تلتفت إلى وضعية المؤسسة الفندقية المتآكلة والتي وصلت حد العجز على الإيفاء بالتعهدات البنكية وغير البنكية كتسديد فواتير الماء والكهرباء . ريم بوقرة