يوماَ بعد يوم ازداد احتراقا ومازلت لا اترك هذه ألخمره _ التي أدمنت عليها ؟ _هل من سبيل الخلاص منها ؟؟؟ ولكني مازلت أحافظ على توازني وأنا أسير بشارع توريجا Calle Torija بمدريد تلك المدينة التي تذكرني بجدرانها وشرفاتها بمدينتي الغافية على سعفات النخيل ,التي عشت بها ومازلت احتفظ ببعض صورها بذاكرتي, فمتى تثملي معي أيتها الغربة وتكوني جارتي كزجاجات الخمر التي أصبحت رفيقات دربي!!!!! _ نظرات أحصي بها من حولي _ فرضتم علي برغم كرهي لكم ! اقترب أكثر من إحدى حانات هذه المدينة التي لأتعرف النوم, اسمع لحنا يشدني ويحيط بي وسحائب الحزن من كل مكان اقترب منه, ويقترب مني أكثر, راودني شعور يسير معي تحت صخب هذا اللحن. أراود نفسي المخمورة _هل ادخل هذه الحانة ! واشطب ما تبقى من هذا الليل الموشح بضباب البرد قدماي تسحباني نحو قاعه دون أن ادري_ كيف دفعت 39 يورو (( لا ادري))!!! حانة صغيرة قروية الطراز ,دخان متصاعد يرسم ملامح مجهدة من شقاء الأفئدة. وضحكات هنا وهنا ومازلت ابحث عن مصدر اللحن انه هناك على تلك الخشبة, أناديك أيها اللحن خذني بين أنغامك اقترب مني أكثر.لعلك تزيل مني تعبي وإرهاقي,احملني أيها اللحن بعيدا عبر شواطئ ومرجان هناك حيث ارتدي ثوب القمر وارقص مع نجمات بلادي, يتوقف اللحن فجأة...أصحو من هذياني...على صيحات..... الفلامنكو .... الفلامنكو..... تصفيق هزني انتزعني من حالتي تبخرت كل سكراتي التي تخللت بكل أعضائي .تصعد إلى سطح الخشبة ,امرأة تشدني بملامحها فتقترب من عيوني أنوثتها يلتوي خصرها فانحني للكأس وارتشف كأسا ممزوجا بخيال يجمعني معها, ويبدأ الرقص واهتزت الصالة واشعر حتى الأرض تحتي تراقصها يغرقني اللحن فاسكن بمحيط كاسي تأخذني نشوتي إليها وارقص معها . أشدها من إطراف شعرها تتمايل هضابها نحوي, أعجن الأرض فتهبني وردة من ياسمين التي كانت تتوسط شعرها الغجري، تحتضنني يداها من جديد لأرتمي على صدرها .تمسك راحتي وتدعوني للرقص مرة أخرى, وتتمايل تضاريسها، يزداد اللحن الإيقاعي إثارة، أقفز بعشوائية متموجة، أتسلق طولها واشق أنفاسي بعطرها, قامتي لا اشعر بها، انتعش أظل ارقص وهم ينصهرون بتصفيق. أرقص أكثر، اتعب أكثر، ..يتوقف الإيقاع , واسقط مع أخر رنة إيقاع بحضن مغارة, افتح عيناي بعد ساعات طويلة وعباءتها تتبناني، وكأني أرضع من نهدها الاسباني فأتحول إلى سطور دخان شرقي وارى وجهي مستلقيا بقعر زجاجة نبيذ بقربي وهي مستلقية بجوار ظلي, فنهضت لملمت نفسي وارتديت ثوباً من الغيوم وسرت بطرقات النجوم ورحت أفتش جيبي لم أجد سوى زهرة ياسمين.... عدنان الدوسري