الفن كما يعرفه الكثيرون هو ذل ك البحث المستمرعن التجديد والغوص في ماهية الحياة والسعي الى معالجة قضايا الواقع بطريقة غير اعتيادية ليظل التفرد والتميز السمة الأساسية للمبدع المتالق في سماء الفنون الكونية و'حسان دوس' هو ذاك الفنان الذي اختار أن يكون خارج السرب.. فمنذ بداياته انبرى صوتا متفردا عذبا قويا يمزج بين الالحان ذات الطابع الاوبيرالي والموروث الشعبي التونسي..كما ينهل من التراث التونسي الأصيل والموسيقات العالمية.. ويتميز بذلك بانتاجات فنية غريبة مثيرة للاعجاب والدهشة ما جعله خلال وقت وجيز يسطع في سماء الفن اسما له بصمة مغايرة للسائد وسمعة مكنته من اعتلاء مسرح مهرجان قرطاج الدولي في دورته الرابعة و الخمسين بكل اقتدار طائر خارج السرب حسان دوس اعتبر ظاهرة فنية جديدة وقد استطاع ان يفرض نفسه على الساحة بفضل صوته الرخيم ذي المساحات الواسعة واسلوبه الفني المبتكر ما سهل عليه تقديم مشروعه الفرجوي "كرنفال" الذي نال استحسان ادارة مهرجان قرطاج فقدمت له التشجيع والدعم من خلال قبولها انتاج العرض رغم ايمانها ان هذا العمل سينجح فنيا ولكنه لن ينجح جماهيريا.. في الاثناء نجحت ادارة المهرجان في تحقيق النجاح الجماهيري لهذا العرض بفضل فكرة تمتيع كل شخص اقتطع تذكرة دخول بحق اصطحاب شخص اخر معه مجانا اطباق عالمية على مائدة تونسية على ديكور متميز تعلوه ثلاث شاشات عملاقة وتحت أضواء متلالئة وعلي نغمات اغنية ‘تونس الشامخة' انطلق العرض الذي شارك ‘حسان الدوس' في تقديمه عدد من الراقصين قدموا لوحات تعبيرية راقصة صاحبت مجمل الأغاني التي تنوعت في مواضيعها واغراضها والحانها وزاوجت بين المحلي والعالمي …ونجحت الدوس غنى ورقص للحرية والسلام ومحاربة الإرهاب والتطرف كما أدى عددا من اغانيه الناجحة مثل ‘قطوسة الرماد' و' شطحة ‘ و من التراث اختار اغنية ‘ يا ليل ضوي علينا طول الثنية ‘ التي اداها بلحن غربي قريب من الروك ..كما غنى وعزف في لوحات أخرى على القيتارة وردد على انغام البيانو اغنية "انت تموت وانا نعيش حلمة " ومن الاوبيرا الإيطالية غنى الدوس "Bella Ciao" و بحركات انيقة ملأ المسرح رقصا وحركات تعبيرية واشراقات مبهجة استمتع بها الجمهور الذي شارك في الغناء والرقص ووسط هذا الكوكتال من الأغاني المتنوعة واللوحات الراقصة والعزف تجلت اغنية ‘هواه' النابعة من عمق التراث البدوي لتفتح بابا آخر على نوعية أخرى من الفن الاصيل ووقف الجمهور ملوحا بالايادي مرددا كلمات الاغنية ‘سمراء ذهبية ملقيتلها ثنية' كوكتال اللحن والحركات السهرة اختلفت فيها الانماط الموسيقية من التونسي الأصيل الى التراثي البدوي الى الحديث.. كما تنوعت الالحان بين عربية وغربية والحان من الاوبيرا العالمية مصحوبة بلوحات تعبيرية راقصة غربية وشرقية.. كما شاركت الشاشات العملاقة الثلاث المعلقة على المسرح في مهرجان الصورة واللحن من خلال عرض لعناوين من الهوية التونسية الاصيلة مثل الخمسة و قرن الغزال والحوته ومشموم العنبر ولوحات من سيدي بوسعيد مصحوبة بعرض اسطمبالي راقص واختتمت سهرة الكرنفال باغنية "طاير" التي طار بها الدوس مع الجمهور عبر سماء التجديد والتنويع الفني وهي كلمات من التراث التونسي الاصيل تمت صياغتها بالحان موسيقية اجنبية ممزوجة بالسطمبالي وتم ترديدها بطريقة اوبيرالية ..ونجح الدوس مرة أخرى بذكاء فني فريد في المزاوجة بين هذا الخليط .. وتشكيل انتاج موسيقي راقي لاقى استحسان الجمهور فكانت الاغنية بمثابة العنوان الأخير الذي حوصل فيه الدوس فلسفة عرض الكرنفال **// واثر انتهاء الحفل كانت لنا مصافحة مع جمهور قرطاج..سألناهم عن الحفل وانطباعاتهم ..فكان الاجماع على نجاح هذا الفنان في تقديم عمل فني متميز يليق بعظمة مسرح قرطاج مؤكدين انهم اكتشفوا في حسان دوس نجما عالميا قادما سيكون له شان قريبا.