توطت علاقة سامح بزميلته ايمان..اصبحا لا يفترقان الا في ساعة متاخرة من المساء عندما تعودايمان الى بيت عائلتها ويعود سامح الى المبيت الجامعي براس الطابية..يراجعان معا ويتفسحان معا..ويذهبان الى قاعة السنما معا.. كثيرا ما حدثت ايمان زميلها سامح عن حبها للسنما.. فهي تذهب على الاقل مرة في الاسبوع لمشاهدة احدث ما تعرضه القاعات السنما من افلام. عربية وغربية وهي تحب كثيرا الافلام التي تشارك في بطولتها فاتن حمامة وشادية..اما سامح فهو مغرم بمشاهدة الافلام الاجنبية.. هو يرى ان الافلام العربية تدور في حلقة مفرغة لا تخرج عن نطاق الحب والخيانة الزوجية ..فليلة هي الافلام التي تعالج قضايا سياسية او تقترب من هموم الناس الحقيقية..وهو يفضل قراءة الكتب عن مشاهدة الافلام والاشرطة السنمائية.. ويحب كثيرا روايات نجيب محفوظ وخاصة ثلاثية السكرية وبين القصرين وقصر الشوق ورواياته الاخرى.. اما ايمان فانها تحب روايات توفيق الحكيم وترى ان توفيق الحكيم افضل من نجيب محفوظ وتتباهى امام سامح بانها قرات اغلب روايات توفيق الحكيم ومسرحياته مثل شهرزاد ويا طالع الشجرة وحمار الحكيموعصا الحكيم ويوميات نائب في الارياف. اما سامح فانه كثيرا ما يدخل معها في نقاش -لا . لا انا ارى ان نجيب محفوظ افضل من توفيق الحكيم.. توفيق الحكيم يبدو لي كاتبا برجوازيا فهو لم بتخل عن صفته كقاض حتى وهو يكتب.. كتاباته معقدة.. هو ابن المدرسة الغربية متاثر الى حد كبير بجون بول سارتر .. كتاباته يغلب عليها الطابع الوجودي..اما نجيب محفوظ فانه ابن البئة المصرية..عندما تقرا الثلاثية بدخلك من حيث لا تدري الى اجواء الحارة المصرية وينقل مشاعل الناس البسطاء.. هكذا يجب ان يكون الاديب او الكاتب لسان حال البئة التي يعيش فيها وتصر ايمان على رايها – انت تظلم توفيق الحكيم..انا ارى ان توفيق الحكيم بلغ القمة في حمار الحكيم وعصا الحكيم ويوميات نائب في الارياف..انك تحك على توفيق الحكيم دون ان تقرا له ويشعر سامح بالضيق ويقول لايمان انت متعصبة له.. لو قرات نجيب محفوظ لغيرت رايك الساعة الان الرايعة مساء.. وشارع الحبيب بورقيبة يعج بالرائحين والقادمين من المارة.. وعلى جانبي الطريق انتصبت المقاهي والدكاكين والمحلات التجارية والمكتبات وقاعات السنما..وعلى طرف الشارع من اليمين تنتصب الكنيسة ومن حين لاخر يصدر عنها صوت الناقوس.. وبداخلها عدد من المصلين من المسيحيين يمارسون طقوسهم بكل حرية اما في الطرف الاخر فقد انتصب المسرح البلدي ببنايته الشامخة ..هنا في هذا الفضاء كانت لرجال المسرح صولات وجولات. كبار المسرحيين والمخرجين المسرحيين من الشرق والغرب عرضوا مسرحياتهم هنا..هنا عرض على بن عياد افضل المسرحيات .. مراد الثالث وغيرها من روائع المسرح العالمي..وقف سامح وايمان امام بناية المسرح البلدى. وعلى مدرجاته الامامية جلس عدد من الشباب. قال سامح مخاطبا ايمان – تعالي نجلس مثلهم اتخذ سامح وايمان لهما مكانا في اعلى المدارج من جهة اليمين.. بدت لهما بناية نزل الهناء الشامخة بطوابقها تثير في نفسيهما الرغبة في شرب قهوة في الفضاء الخارجي اسفل البناية قالت ايمان – الا تريد ان تشرب قهوة رد سامح – انت تدفعين.. كل مااملكه من ثروة اشتريت به كتبا من مكتبة الكتاب ضحكت ايمان واخذت سامح من يده تساعده على الوقوف . وقطعا الشاره باتجاه المفهى. خير سامح ان يجلس وايمان في الفضاء الخارجي هو لا يحتمل رائحة التدخين المنبعثة من الفضاء الداخلي حيث كان عدد من الجالسين يدخنون بشراهة ويحتسون الجعة طلبت ايمان عصير برتقال وطلب سامح قهوة مضغوطة وانتحيا ناحية بعيدة عن اعين الرقباء..قال لها تعالي نفعل مثلهم.. تعالي نجلس هناك.. ما ان جلسا في الناحية التي اختاراها حتى جاءتهما امراة في العقد الرابع من عمرها على ما يبدو تبيع عقودا قدت من الياسمين وعرضت عليهنا يضاعتها. قالت مخاطبة سامح – الا تستحق منك ان تطوق جيدها بعقد من الياسمين امتدت يد سامح الى جيبه واخرج ما بقي له من دنانير ومد لها خمسة دنانير ثمن العقد قالا – نعم هي تستحق واحنت ايمان راسها ليطوق سامح حبيبها جيدها باحلى عقد من الياسمين وقد علا ضحكهما يتبع غدا الجزء الثامن عشر غثيان رواية مسلسلة يكتبها الدكتور محمود حرشاني