مصر ما بعد الثورة قررت محاكمة الرئيس المصري المخلوع محمد حسني مبارك المتهم بالقتل العمد و ذلك في محكمة جنايات القاهرة و هو الذي قد يواجه عقوبة الإعدام إذا ما ثبتت إدانته.مبارك حضر المحاكمة و هو مستلقى على سرير متنقل ،و أن وزارة الداخلية المصرية تهيأت لضمان ترتيبات أمنية و تأمين المحاكمة، وإعداد المقاعد المثبّتة داخل القاعة المخصصة لجلوس المحامين، وأسر الشهداء وهيئة الدفاع عن المتهمين، وكذلك إعداد قفص الاتهام " الحديدي " . في بداية المحاكمة عبر القنوات التلفزية ، تبدو أنها محاكمة تثبت فيها ثورة 25 يناير2011 التزامها بمبادئ العدالة ومبادئ القانون، و جدية حكومة الثورة فى إدارة شؤون البلاد بأسلوب يسمح بتحقيق أهداف الثورة ومُحاكمة رموز النظام السابق وفقًا لقواعد العدالة وفى ظل دولة القانون. وقوبلت المحاكمة بشىء من الرهبة والترقب والشك والاشتباكات فى بعض الأحيان سواء فى محطات المترو أو المكتبات أو المدارس أو شوارع المدينة التى تعانى تحت حرارة شمس الصيف القاسية،و مع بداية شهر رمضان 1432 هجري ،حيث عاد الانقسام مرة أخرى لينخر بين صفوف المصريين الذين انقسموا بين مؤيد ومعارض وبين مناد بالتعاطف وبين منادى بتحقيق العدل والانتقام.... مبارك المنهك القوى و المريض ، كان رغم ذلك واعيا يسمع و يرى و يلاحظ و هو في موضع مهين مستلق على سرير متنقل في قفص حديدي لا حيلة له و لا قوة . كانت حقيقة لحظة مؤثرة مخجلة و لحظة حاسمة لا يمكن المرور عنها مرور الكرام فى تاريخ العالم العربى ، مشابهة إلى حد كبير بمحاكمة صدام حسين، الذى أطاح بحكمه الاحتلال الأمريكى بحجة اتضح فيما بعد أنها زائفة . الرئيس المصري المخلوع يعاني اكتئاباً حاداً رغم استقرار حالته الصحية ، ومع ذلك يجلس في قفص الاتهام و هو مستلقي على سرير ، وهو أمر كان بعيداً عن خيال أي مصري قبل ستة أشهر فقط، في أول سابقة من نوعها في العالم العربي. الجدير بالذكر أن نجلي مبارك جمال وعلاء، وكذلك وزير الداخلية الأسبق وستة من معاونيه، ورجل الأعمال، المقرب جداً من مبارك، حسين سالم، الذي فر بعد اندلاع التظاهرات في 25 كانون الثاني/ يناير 2011 إلى إسبانيا ،حيث حبس احتياطياً منذ 17 حزيران/ يونيو الماضي بسبب شبهات في ارتكابه جرائم غسيل أموال وفساد واحتيال. كذلك يواجه مبارك ونجلاه وحسين سالم اتهامات بالفساد المالي. و قد أنكر المتهمين ما نسب لهم من اتهامات إنكارا تاما . الرئيس المخلوع مبارك يجب أن يلقى حسابه وعليه أن يدفع ثمن فساد حكمه، حيث جاء على لسان أحد المعلقين المصريين "الراجل ده لسه قاتل بدم بارد 880 شهيد و5500 مصاب ... اللهم لك الحمد ، نحن لا نريد الشماتة أو الانتقام .. نريد فقط تحقيق العدل والقصاص ... الله اكبر ولله الحمد". كان المشهد مؤثرا و حاسما في آن واحد ، فبالنسبة للموالين لمبارك يعتبرون ذلك إهانة للشعب المصري و بالنسبة لضحايا الشهداء يعتبرون أن ذلك جزاء من تجبر و طغى و هو عقاب في الدنيا و لا يزال عقاب الآخرة . ترى هل هذه المحاكمة ستكون بادرة لعودة الهدوء للشارع المصري وطريق لتهدئة مشاعر أسر الشهداء و بداية مرحلة تطبيق العدل والقانون في مصر ما بعد ثورة 25 يناير 2011 ؟ رغم تأجيلها .... * رضا سالم الصامت مستشار إعلامي لوكالة " واد " الإخبارية الدولية الأردنية مكتب تمثيلها بتونس