كرهها اغنية كسب منها مالاً وفيراً, فأنا والقارئ نكره اسرائيل مجاناً. الكره, مثل الحسد, يقتل صاحبه قبل ان يصل الى المستهدف به, وموضوعي اليوم ليس الكره, وانما ما لا نحب, أو ما نضيق به في حياتنا اليومية, بعد أن قرأت لصحافي انكليزي تحقيقاً ظريفاً أدرج فيه 50 شيئاً يكرهها. واستغربت ان التقي معه في كره راكبي الدراجات الهوائية (بسكليت), فقد كنت اعتقد ان هذا شعوري وحدي, وأنا أسوق سيارتي كل يوم, وهم يقفزون حولي كالعفاريت, فأخاف ان أصدم واحداً منهم عاطلاً عن العمل, ويدعي أهله انه كان سيصبح رئيس وزراء انكلترا. لم أشترك مع الصحافي الانكليزي في كره أشياء كثيرة, ولكن وجدت بين الأشياء القليلة التي جمعتنا كره البريد (القمامة), اي ذلك الذي يتألف من دعايات تافهة تملأ صندوق البريد, وتضيع بينها الرسالة الوحيدة ذات المحتوى. شخصياً أكره أن أدخل متجر هارودز المشهور في لندن, وأجد ان ثمن كيلوغرام من تين لبنان 19.99 جنيه استرليني, ومثله ثمن كيلوغرام من القشطة. كم باع المزارع اللبناني المسكين انتاجه من التين أو القشطة? لا أتصور انه قبض اكثر من ألف ليرة لبنانية ثمن الكيلوغرام الذي وصل الى لندن بأربعين ألف ليرة, أي 40 ضعفاً عما قبض المزارع. وما دمنا نتحدث عن الأسعار فأنا أكره ذلك التلاعب بالكلمات فنسمع تدليل الأسعار, والمقصود زيادتها. واتحدث نيابة عن القارئ, فنحن نكره الذين لا يحترمون الطابور, فيتجاوزون ناساً واقفين بصبر ساعة, وكأن وقتهم أثمن. وفي كل مرة يقفز أمامي رجل في الطابور أتمنى لو كنت في قوة مايك تايسون لأؤدبه, إلا انه عادة ما يكون في حجم (هلك هوغان) فأسكت على مضض. أكره الأدوية عموماً, ولكن أكره تحديداً العوارض الجانبية التي تسجل على جانب العلبة بحرف صغير جداً, فلا يعرف من تناول الدواء ماذا أصابه الا بعد فوات الأوان. وبما أنني أسافر كثيراً فإن عندي قائمة بما أكره في المطارات والطائرات, ولكن اكتفي بشيء أو اثنين مثل ذلك الاعلان اننا في طريقنا الى (محطتنا الأخيرة). يا كابتن (قطع لسانك) هناك سنوات عدة قبل ان نصل الى تلك المحطة. اما السيدة التي تتسوق في المطار وتنسى نفسها, فهي تصل الى الطائرة متأخرة, وتخسر هذه وقت الاقلاع المحدد لها, ويحبس الركاب في الطائرة ساعتين, أو 400 ساعة لمجموعهم, وكل هذا لأن ذات الحسن والجمال احتارت بين غوتشي وشانيل. هذه السيدة تذكرني بتجربة المصعد, وكم منا دخل مصعداً ووجد معه سيدة استحمت بالعطر, فامتلأ المصعد برائحة نافذة تسبب الدوار. ولا أفهم كيف لا تدوخ حسناء المصعد, كما (تُدوّخ), فهل هي تأخذ حبوب (درامامين) التي نبلعها عندما يبحر القارب بنا, في كل مرة تفرغ زجاجة (شانيل رقم 5) على رأسها! ما يزيد من كرهي الرائحة النافذة أنني أفكر ان هذه السيدة لا تستحم, وتغطي على ذلك بالإكثار من العطر. كلنا يكره الهاتف, وأكره منه ان أتصل برقم فيرد عليّ تسجيل يقول اذا أردت كذا اضغط الرقم واحد, وإذا أردت كيت اضغط الرقم اثنين, وهكذا حتى أصل الى الرقم عشرة وعشرين, من دون ان اسمع ما أريد. ويصبح الكره مضاعفاً اذا كانت المخابرة دولية. أو تطلب رقماً ولا يرد عليك بشر أو تسجيل لبشر, وانما تسمع موسيقى هي حتما ليست خيارك لو طلبت شيئاً من برنامج (ما يطلبه المستمعون). والموسيقى تذكرني بالمغنين, وتحديداً بنوع واحد منهم لا أطيقه, هو ذلك المغني العجوز الذي تراجع شعره, وتقدم كرشه, وتغضن وجهه, وغارت عيناه, ومع ذلك فهو يغني ويرقص وكأنه فالنتينو عصره. وفي مناسبة (كرش) الاستاذ المدوّر المكوّر, فأنا أكره حديث (الرجيم) خصوصاً انه أصبح الحديث الوحيد في حفلات العشاء, ونجلس الى طعام لذيذ, فإذا بحديث (الرجيم) يمنعنا من الأكل, أو نأكل ونحن نشعر بعقدة الذنب, وتضيع لذة الطعام. واعترف بأنني أكره الشحاذين. ولم أكن أكرههم في بلادنا, فقد كانوا فقراء فعلاً. اما في الغرب فأكثرهم مدمن على المخدرات, أو الكحول, واشعر بالذنب اذا اعطيتهم أو لم اعطهم. هل عند القارئ قائمة بما يكره تشبه ما عندي? أتصور انها مثل قائمتي تبدأ بكره اسرائيل, وربما تنتهي به. Jihad Khazen