- "يوهان سيبستيان باخ" مؤلف موسيقي وعازف أورغ ألماني لم يغادر موطنه منذ نشأته سنة 1685 إلى حين وفاته في 1750. حلم "باخ" بالسفر إلى خارج ألمانيا كان محتوى عمل موسيقي للثنائي سندة العتري (عازفة البيانو) والفنان منير الطرودي أطلقا عليه اسم "باخ على السفينة". وقد تمّ تقديم العرض الأوّل لهذا العمل الليلة الماضية على ركح المتحف الأثري بقرطاج ضمن فعاليات الدورة الثالثة والخمسين لمهرجان قرطاج الدولي. دام العرض 90 دقيقة، قدّم خلالها الثنائي منير الطرودي وسندة العتري باقة لأنماط موسيقية متنوعة منها الكردي والتركي والصالحي والهندي والشرقي. ورافقهم في هذا العرض الأوركستر المتوسطي التونسي على آلات الكمنجة والتشيللو والناي والباتري والغيتار والباص. كما تمّت ترجمة هذه الرحلة بمشاهدة مصوّرة بتقنية "الرسم الالكتروني" أنجزها الفنان الشاب أشرف مسعودي مباشرة على ألحان الموسيقى المقدّمة في العرض. هذا العرض الذي حضره جمهور بأعداد متوسطة، هو رحلة موسيقيّة حطّت رحالها في أماكن كثيرة لتبرز خصوصية ثقافة كلّ حضارة من هذه الحضارات أبرزها العثمانية والكرديّة والهندية. فقدمت مزيجا من الموسيقى الكلاسيكية والصوفية والفلامنكو والجاز. والمقصد من هذا النسيج الموسيقي المتنوع هو دعوة للانفتاح والتعايش السلمي بين مختلف الثقافات والقبول بالآخر، ورفض كل أشكال التطرّف والميز العنصري والطبقي. يستحضر العمل ""باخ على السفينة" في بعض جوانبه مشاهد مفزعة للحروب والاقتتال التي تعيشها البشرية، وهو ما يتجلّى في مقاطع الموسيقى الكلاسيكية الحزينة والهادئة التي توحي بالموت والعدم، لكنها سرعان ما تبعث بإيقاعات احتفالية في رسالة مفعمة بالأمل والتفاؤل في سلام يعمّ العالم. قاد الثنائي سندة العتري ومنير الطرودي سفينة باخ لترسي بتونس وتحديدا بميناء حلق الوادي، وذلك لما ترمز إليه هذه المدينة الهادئة التي قطنها أناس من جنسيات وأديان مختلفة تعايشوا في ما بينهم بسلام. وهذا العمل هو "حلمة" كما سماه منير الطرودي، انطلق من ألمانيا وجاب عديد الحضارات ليحط رحاله بالموسيقار "يوهان سيباستيان باخ" أخيرا بتونس أملا في أن تحدث ثورة ثقافية حقيقيّة بتونس كتلك التي أحدثها "باخ" في الموسيقى خلال القرن 18. وسيتمّ تقديم هذا العرض يوم 7 أوت بمهرجان سوسة الدولي، ثم على ركح مسرح الجم يوم 8 أوت ضمن فعاليات المهرجان الدولي للموسيقى السمفونية بالجم.