شكري بن عيسى (*) أخبار جديدة مؤكّدة لا زالت غير معلنة أتت بها الرياح من ألمانيا آخر الاسبوع مع غلق أجل الترشح في الانتخابات البرلمانية الجزئية، تهمّ أساسا تراجع نجل السبسي خوفا من فشل صاعق (وهو ما كان لنا السبق في الاشارة اليه في تحليل اخباري منذ 13 أكتوبر )، وما نتج عنه من تحوّل عميق في موقف الكاتب العام لمكتب المانيا للنهضة، تحت ضغط ممثل النداء هنالك والهياكل التنفيذية المركزية للحركة ذات المرجعية الاسلامية، لا نعلم ان كان سيتأكد ويقع تثبيته أم سيتم التراجع فيه تحت ضغط القواعد، أم سيتم تمريره بطرق التخويف واثارة الفوبيا المعتادة طورا والايهام طورا اخر. مكتب المانيا للحزب الاغلبي في البرلمان الذي كان ضد عدم تقديم حركته مترشح لمقعد المانيا النيابي، وتنقّل كاتبه العام الى تونس وحضر الدورة السادسة عشرة لمجلس الشورى بتاريخ 14 أكتوبر الجاري، ودافع عن "ضرورة" تقديم حركته لمترشح، واستمات في تقديم الحجج لبيان هذه الضرورة، واستعرض الخسائر "الفادحة" و"الجسيمة" من الانسحاب من هذه المنافسة الانتخابية، مركّزا على غضب الأنصار الرافضين لحافظ وغير القابلين عن التنازل عن حقهم في المنافسة، آخر الاسبوع المنقضي كاتبه العام عبد الله ثابت بعد لقاء مع ممثل النداء عبد الرؤوف الخماسي يغيّرموقفه في اتجاه التخلي عن دعم بعض القوائم "المقرّبة" لفائدة مرشّح شريك الحكم الرئيسي. الخمّاسي كان مباشرا ووضع ضغوطا حادة في وجه كاتب عام النهضة في المانيا، الى حد وضع التحالف الحكومي في الميزان وما سينجر عنه من تداعيات، مقدما جملة من "الدعائم" التي تسند موقفه، أساسا تراجع حافظ وترشّح مترشح ندائي ينتمي للجالية التونسيةبألمانيا (في بيان 22 كتوبر) ، وهو ما يمكن ان يستجيب لما نادى به مكتب النهضة بالمانيا في بيانه بتاريخ 15 اكتوبر الذي ركّز فيه على انتخاب احد التونسيين المقيمين بألمانيا الى حد الاستشهاد بالدستور، في نوع من رد الفعل على المكتب التنفيذي الذي قدّم ورقة لفسح المجال للنداء، الذي كان حينها يعتزم تقديم مديره التنفيذي حافظ السبسي. مكتب المانيا الجهوي للنهضة يتعرّض ايضا لضغوط حادة من المكتب التنفيذي لحزبه، المفوّض من مجلس الشورى ب"تنزيل" القرار المتمثل بان الحركة "غير معنية" بالمنافسة على مقعد المانيا، بعد تحرّكه لتوجيه الناخبين او اعطاء "توصية" لانتخاب المقربين المستقلين، في الوقت الذي تعهّد الغنوشي شخصيا لحافظ بفسح المجال واسعا للنداء في خصوص المقعد، كما تعهّد بدفع حزبه للدعم المباشر ان تقدّم النداء بمترشح يحوز التوافق النهضوي، وهو ما تمّ في تقرير المكتب التنفيذي المقدّم لجلسة شورى 14 أكتوبر ، واضافة الى ذلك فبعض سدنة رئيس النهضة وصلوا بتهديداتهم الى حل المكتب ان لم يغيّر في توجهاته المناوئة للتوافق بين الغنوشي والسبسي. الغنوشي وحاشيته كما عبد الرؤوف الخماسي اصبحوا في وضع دقيق والضغوط باتت عليهم حادة، فالغنوشي متهم ان خسر النداء باطلاق خط موازي للخط المعلن للتصدي لمرشح شريكه، وحافظ ينقل له باستمرار تحركات مكتب المانيا الداعمة لمقربين من الحركة، امّا الخمّاسي فقد اصبح في موقع محرج جدا امام صديقه حافظ، الذي لم يجد الظروف المناسبة لصعوده في المانيا لقصر باردو، واثبت انه لم يعد الرجل القوي الذي يمكن الاعتداد به للمهام الكبرى، لذلك فقد كان الضغط قويا على كاتب عام النهضة من مونبليزير ومن المانيا، ما جعله يتراجع ويقدم الوعود بعدم اسناد ايّة قائمة، وحتى دفع احدى القائمات المحسوبة عليه للانسحاب، في انتظار انعقاد المكتب الجهوي للحسم. حافظ انسحب تحت "الضربات" الفايسبوكية والاعلامية والشعبية عموما بعد ان لاحت له هزيمة عاصفة به وبحزبه وبالتوافق الندائي النهضوي، وحتى تحت الضربات الداخلية من النداء ذاته بعد أن فتح الشاهد خط دعم مباشر لأحد المستشارين السابقين في حكومة الترويكا لمنافسة نجل السبسي، أغلق في وجهه الهاتف بمجرّد تخلي المدير التنفيذي عن الترشح، واليوم يصار الى انقاذ ما يمكن انقاذه بفوز حتى ولو هزيل، والرهان بات كبيرا لضمان المقعد لما اثاره من ضجّة في المشهد الوطني، والنهضة ذاتها صارت في عمق القضية، خوفا من انهيار شريكها بخسارة المقعد، وخوفا من خسارة المقعد لأحد المستقلين او الخصوم لن تسلم بعده من امتعاض النداء. النية والارادة باتت واضحة في دعم النهضة بهيكلها التنفيذي لمرشح شريك الحكم، لكن الاشكال الاكبر هو في التعامل مع القواعد والانصار، وكيفية الاعلان عن الامر فالنداء يطالب بموقف مباشر ومعلن، والخوف في المقابل من ردّة الفعل السلبية من خزّان الحزب الاغلبي، الذي تراجع بشكل كبير مع تزايد العزوف الانتخابي وفقدان الثقة في احزاب الحكم، وبالنظر الى المزاج النهضوي العام في المانيا الرافض للنداء، والذي قد يعلن "العصيان" السياسي في وجه التوجه الحزبي، اما بالتصويت المضاد او الانسحاب المكثّف، مع ما يعنيه ذلك من تفكّك داخل الحزب وتداعياته على بقية المكاتب والهياكل الاخرى. مونبليزير خضت للضغوط والابتزاز خاصة وانها لازالت ترى أمنها واستقرارها في استقرار العلاقة مع النداء، ولكن اليوم الكلفة باتت ثقيلة لو تدخل على خط الدعم المباشر، وقد يكون المخرج في اعتماد المساندة بطرق ملتوية عبر الاذرع الفايسبوكية، وفي كل الحالات التداعيات ستكون سلبية على مكتب المانيا، ولا ندري هل سيخضع للابتزاز والضغوط ويدخل على خط الدعم المعلن، فيربح رضى الغنوشي ومجموعته ويخسر ثقة انصاره في المانيا!؟ (*) قانوني وناشط حقوقي