لقد سعى تيار الخيار الثالث منذ بعثه وانصهاره مع حزب حركة مواطنة –بروح وطنية خالصة ودون إمكانيات وعلى مدى سنتيْن– إلى رأب الصدع الذي ابتليت به تونس مع منظومة 23 أكتوبر 2011 وإلى لمّ شمل العائلة الوسطية مع عديد الأحزاب. وكان للحزب كل الدّور في المجلس التأسيسي والحوار الوطني والحوار الاقتصادي وعلى الساحة الإعلامية بأن: - وقف بكل فعالية ضدّ العزل السياسي العقابي الجماعي الذي كان ليكرّس مزيد الاحتقان في بلد يتهدده الإرهاب من حوله ومن داخله؛ - كان تأثيره محدّدًا في الوفاق النسبي الذي خرجت بموجبه البلاد من عنق الزجاجة بتعيين رئيس الحكومة المؤقت مهدي جمعة؛ - كان دوره بيّنًا في مآل الفصل بين الانتخابات التشريعية والرئاسية وتسبيق التشريعية على أساس تجنيب الفرقاء السير بالبلاد نحو مزيد التجاذبات العقيمة. وتتالت المشاورات وتعاقبت دون هوادة مع الأحزاب من مختلف الأحجام والحساسيات الفكرية ليؤول الأمر إلى قرار الانصهار مع حزب المبادرة الوطنية الدستورية التونسية تعزيزًا للمشهد الوسطي وسعيا إلى تفادي تشتيت أصوات الناخبين وتثبيتًا لموقف الحزب ضدّ من كان يتهددهم الإقصاء الذي لا يجب أن يكون عقابًا جماعيا، والذي كان سيؤدي حتما إلى تعميق الفتنة الموروثة من فاعلي منظومة 23 أكتوبر. وفي هذا الظرف الانتخابي-الانتقالي والإرهابي الحرج الذي أضحتْ فيه التنمية يتيمة في أجندا الأحزاب والمال السياسي، والذي لا زال يتّسم بضبابية الرؤية التنموية مقابل المصلحة الذاتية والإضراب والمطلبية من دولة فالسة أصلا وبالإجهاز على أحلام الفقراء والشباب، يأسف الحزب للوقوف –بما لا يدع مجالاً للشك والتبرير–: Ü على أن تونس ليستْ فوق كلّ اعتبار لدى أغلب الساسة الجدد، وأن المال السياسي يسودُ –مرّة أخرى ! – المشهد والمآل، ويفرّطُ على البلاد الفرصة لقيام مؤسسات حكم دائمة مؤهلة لقيادة المرحلة القادمة والخروج بالبلاد إلى برّ الأمان؛ Ü وعلى أن الحزب كان دائما محل جحود ونكوص ونكوث وإقصاء خصوصا من الذين كانوا مهددين بالإقصاء (الفصل 167 من القانون الانتخابي). وعليه، فقد قرر المكتب السياسي: - انسلاخ الحزب عن حزب المبادرة الوطنية الدستورية التونسية؛ - عدم المشاركة في الانتخابات التشريعية والمشاركة في 'الإثم الانتخابي' الذي سيجرّ تونس لمزيد الارتهان لدكتاتورية المال؛ - دعوة الطبقة السياسية إلى الابتعاد عن الوعود الزائفة والقول بالبرامج الشكلية واقتراح رؤى تنموية كفيلة بالتأسيس لتنمية آمنة مستديمة؛ - دعوة الناخبين للتصويت على من تثقون من المترشحين لا على أساس الانتماء الحزبي؛ - ترشيح رئيس الحزب، السيد صالح شعيب، للانتخابات الرئاسية وفق رؤية تجديدية لشأن تونس حاضرا ومستقبلا.