بقلم م منجي باكير لعلّ خير مثال يُستشهد به عند الحديث حول هذا الوطن العزيز ، وخير شاهد على حبّ جارف للوطن و شعبه ، هو شاهد و مثال أبو القاسم الشّابّي رحمه الله ، أبو القاسم صاحب ( إذاالشعب يوما أراد الحياة ...) و أسبق منها (أيّها الشعب ليتني كنت حطّابا ** فأهوي على الجذوع بفأسي ) بيت حمل في ظاهره جنون و غضب الشّاعر المرهف الحسّ ، لكنّه كان يبطن حبّا و عشقا لمواطنيه الذين دانوا للذلّ و استكانوا ضعفا و تخاذلا لقوى الظلم و الإستبداد ولم يحرّكوا ساكنا وقتها.... و مجاراة – لا مقايسة – بشاعرنا الدّاعي إلى الحريّة و الإنعتاق يتنزّل كلامنا هنا . فواقع حالنا أنّ الله أنعم علينا بثورة مباركة زلزلت الأرض من تحت أقدام الدكتاتور و أنزلت الرّعب في قلبه و قلوب زبانيته و خدمه فتفرّقوا و انكسرت شوكتهم و هربوا لا يلوون على شيء تاركين وراءهم نعيمهم المقيم و سلطانهم و ضاعت عنهم إلى الأبد عنجهيّتهم و استعبادهم ، و تفتّت أواصر جموعهم ، ليتحقّق ما كان حلما بعيدا لهذا الشّعب ، ولينال بجدارة و كثيرا من الدّماء و الأرواح أعلى وسام للشعوب و أكبر عنوان للإنسانيّة : لينال حريّته و كرامته ... الحريّة و الكرامة ، حريّة الفكر و التفكير و كرامة الذّات البشريّة و الإحساس حقّا بالمُوَاطنة و ممارستها ، ،، حريّة لا تُهدي و إنّما بأيدي مضرّجة بالدماء يدقّ بابها وبمثلها تُفتكّ ،،، كذلك الحريّة لا تُقايض و لو بالخبز و القوت ( تجوع الحرّة و لا تأكل بثدييها ) ، الحريّة مكسب كان ثمنه باهضا استخلف الشهداء كلّ الشّعب عليه بمثقّفيهم و عوامّهم ، وهي أمانة لا تحتمل الخيانة .. و لهذا فإن واجب الشعب ، كلّ الشعب وخصوصا احراره و عاشقي ترابه هم اليوم - أكثر من أيّ وقت مضى - هم اليوم مدعوّون وجوبا إلى الوقوف نُصرةً لهذه الحريّة و الكرامة و هم مدعوّون إلى الإنتصار لمن يحفظ لهم مكاسب الحريّات و الحقوق . كلّ أسباب العيش المادّيّة مهما تدهورت يمكن أن ينصلح حالها سواء بتغيّر الأحوال أو بنضال و مطالبة - طبعا وسط مناخ الحريّة و حقّ التعبير - لكنّ عكس هذا لن يكون أبدا ..! إذا ما فرّط الشّعب في حريّته و حقوقه المدنيّة و صوّت طوعا ضدّها فإنّ الأجيال القادمة حتما لن تذكره بخير و مسار الحياة مستقبلا لن يرحمه . بل سيدوّن التاريخ في أوّل صفحاته بالبنط العريض أنّ – شعبا يفرّط طوعا في حريته ثانية لا يتسحقّ الحياة -