بلغت نسبة البطالة في تونس 16.7 في المائة في موفى سنة 2012، في المقابل، تعاني بعض القطاعات من نقص فادح في اليد العاملة وخاصّة منها اليدوية مثل السباكة والحدادة والبناء والتجارة والنقش على الخشب وغيرها. وقد أثرنا في عدد سابق (أفريل 2012) من جريدة "الضمير"، أزمة اليد العاملة في قطاع البناء حيث تساءل عدد من العاملين في هذا القطاع من أصحاب المقاولات هل سيكون استيراد اليد العاملة في مثل هذه القطاعات من الدول الافريقية هو الحلّ؟ مؤكدين أن هذا النقص الكبير في اليد العاملة كلّفهم الكثير من الخسائر وساهم في عرقلة انجاز عديد المشاريع وبالتالي إلى تأخير مواعيد تسليمها. وليس قطاع البناء هو وحده الذي يعاني من هذا النقص حيث أنّ الكثير من القطاعات الأخرى المماثلة تعاني من مثل هذا المشكل ومنها اللحامة والسباكة والحدادة وغيرها حيث تسمع يوميا عن صعوبة الحصول على عامل لتصليح حوض الماء في المنزل أو إصلاح أي ركن من المنزل وحتى إن وجد العامل فإنه لا يقوم بالعمل بإتقان ممّا يجعل المشكل يتكرّر بعد أيام قلائل وتعود إلى رحلة البحث عن عامل آخر. ومن بين القطاعات الأخرى التي تعاني من نقص اليد العاملة المختصة نجد قطاع النقش على الخشب وخاصّة تلك التي تتميّز بطابعها التقليدي وهو ما أكدّه لجريدة "الضمير" صاحب شركة موبيليا سمير الفخفاخ الذي أشار إلى الصعوبات الكثيرة التي أصبح يعاني منها منذ الثورة إلى اليوم خاصّة من حيث اليد العاملة. وبيّن سمير الفخفاخ أنّ نشاط شركته يرتكز أساسا على المنتوجات التي تتطلّب يد عاملة مختصة (المنتوجات ذات الأصل الأوروبي القديم) والتي يتقنها المصريون بجدارة. وبخصوص عزوف الشباب عن العمل في مثل هذه القطاعات، أوضح محدثنا قائلا إنّ "عقلية العامل التونسي تغيّرت 180 درجة ونحن ليست لدينا مشكلة من أن يطالب بحقوقه لكن المشكل أنّه غير قادر لتقديم العمل المطلوب منه" مضيفا أنهّ قام بتقديم مطلب لوزارة التكوين المهني والتشغيل ولكن إلى اليوم لم تقع الاستجابة إلى طلبه. ودعا الفخفاخ إلى ضرورة أن تقوم الدولة بالتركيز على التكوين المهني وتغيير منظومة التعليم في تونس حتىّ تستجيب لمتطلبات سوق الشغل وذلك بالتركيز أكثر على التطبيق خلال سنوات الدراسة بما يسمح للمتعلّم من اكتساب الخبرة اللازمة التي تمكنه من مجابهة متطلبات السوق. وفي هذا السياق، أكد محدثّنا أن تونس تزخر بالكفاءات العليا ولكن تنقصها الخبرة التي تحتاجها خاصّة المؤسسات الصغرى التي تحتاج أكثر من غيرها إلى الخبرة حتى تستطيع منافسة المؤسسات الصغرى وتضمن ديمومتها في السوق على حدّ تعبيره. وأضاف الفخفاخ أن مشكل التعليم في تونس أن التلميذ أو الطالب يدرس للحصول على المعدّل وليس للحصول على المستوى الجيّد مشددّا على أنّ ذلك نتيجة غياب المراقبة الجدية والتي جعلت من المتعلمين الذين يقومون بتربصات صلب المؤسسات يسعون إلى الحصول على عدد جيّد ولا يهتمون بالتكوين الجيّد إضافة إلى أن النظام التعليمي يغيب فيه الجانب التطبيقي وهو ما يجعل من المتخرجين تنقصهم الخبرة الأولية الضرورية للدخول في سوق الشغل. ودعا، في هذا الإطار، الدولة إلى إيلاء مزيد من الاهتمام للمؤسسات الصغرى ومساعدتها على ضمان وجودها من خلال التخفيض في الأداءات لتتمكّن هذه المؤسسات من تقديم التكوين والتأطير للعاملين لديها واستيعاب الكمّ الهائل من العاطلين عن العمل إضافة إلى القيام بإصلاح النظام الجبائي. وتعهّد صاحب شركة الموبيليا إلى أن يقوم بجلب المكوّن من الخارج وتكوين عدد من الشباب التونسيين حتى يكتسبوا الخبرة اللازمة. وفيما يتعلّق بمشكل النقص في اليد العاملة المختصّة وإن كان مطروحا قبل الثورة أم لا، أوضح مخاطبنا أنّه بالنسبة له كان المشكل أقل استفحالا مما عليه الآن باعتبار أن الحدود كانت مفتوحة مع الدول المجاورة وكان هناك الكثير من المصريين الذين يتقنون هذا المجال يعملون في تونس ولكن بعد الثورة لم يعد ذلك ممكنا وأصبح الحصول على التأشيرات أصعب بكثير على حدّ قوله.