أعرب مجلس إدارة البنك المركزي عن انشغاله إزاء استمرار الضغوط التضخمية وانعكاساتها على القدرة التنافسية للاقتصاد الوطني، وخاصة بعض القطاعات الموجهة للتصدير في ظل تواصل فتور الاستثمار الداخلي والأجنبي مجددا دعوته إلى كل الأطراف الفاعلة لمضاعفة الجهود من أجل التحكم في عوامل ارتفاع الأسعار ومنها تحسين مسالك التوزيع وقرر المحافظة على نسبة الفائدة الرئيسية للبنك المركزي دون تغيير. وقد ثمن المجلس، لدى اجتماعه، يوم أمس الثلاثاء 30 أفريل 2013، النتائج التي أسفرت عنها المشاركة التونسية في اجتماعات الربيع للبنك العالمي وصندوق النقد الدولي وخاصة الاتفاق حول الاستعداد الائتماني لمدة24 شهرا بقيمة 1.75 مليار دولار أمريكي أي مايعادل حوالي 2.7 مليار دينار، وذلك دعما لبرنامج الإصلاح الاقتصادي لتمويل حاجيات ميزان المدفوعات وميزانية الدولة. وتطرق المجلس، حسب ما ذكره البيان الصادر عنه، في آخر تقديرات النمو للاقتصاد الوطني للسنة الحالية، التي تستقر في مستوى 4 في المائة، وذلك بالعلاقة خاصة مع الانكماش المنتظر في القطاع الفلاحي والصيد البحري والتباطؤ في نسق الصناعات المعملية والخدمات. وبالنظر إلى آخر المعطيات الاقتصادية، سجل المجلس تطورات متباينة لأداء القطاعات حيث يتواصل النسق الإيجابي في القطاع الصناعي للشهر السابع على التوالي مع ارتفاع مؤشر الإنتاج ب 2.6 في المائة في شهر جانفي 2013 وذلك تبعا للتطور الإيجابي في كل من الصناعات المعملية (1.5 في المائة) والصناعات غير المعملية (6.8 في المائة) التي يعود تطورها إلى ارتفاع إنتاج الطاقة، في حين تتواصل الضغوط على قطاع الخدمات نتيجة استمرار انخفاض جل مؤشرات النشاط السياحي، خلال شهر مارس 2013، وللشهر الثالث على التوالي. وفي هذا السياق وباعتبار آخر المؤشرات، سجل المجلس تباطؤ نسق الاستثمار سواء الداخلي أو الأجنبي وأبدى انشغاله من تداعيات هذا التطور على النمو والتوازنات المالية. وبخصوص القطاع الخارجي، أشار المجلس إلى تواصل تحسن وضعية الميزان الجاري خلال الربع الأول من العام الحالي، ليبلغ العجز ما يعادل 1.8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي مقابل 2.3 في المائة قبل سنة، بالعلاقة، بالأساس، مع التراجع الذي سجله العجز التجاري نتيجة زيادة الصادرات بنسق أسرع من الواردات (+8.5 في المائة و+3,9 في المائة على التوالي) مما ساهم في تحسين نسبة التغطية ب 3.2 نقاط مائوية. إلا أن ارتفاع النفقات بعنوان تسديد الدين الخارجي والذي تزامن مع تراجع المداخيل المتأتية من الاستثمار الأجنبي نتج عنه انخفاض في حجم الموجودات الصافية من العملة الأجنبية ليبلغ حوالي 10.902مليون دينار أو ما يعادل 102 يوم من التوريد بتاريخ 29أفريل 2013 مقابل 11.170مليون دينار و 104أيام في موفى الشهر الماضي. أما فيما يتعلق بتطور الأسعار، فقد شهدت نسبة التضخم تسارعا، في شهر مارس 2013، حيث بلغت 6,5٪ بحساب الانزلاق السنوي مقابل 5.8 في المائة في شهر فيفري المنقضي، بالعلاقة أساسا مع تصاعد أسعار المواد الغذائية 8.8 في المائة والتعديل الأخير لأسعار المحروقات والطاقة. وعلى المستوى النقدي، تقلصت حاجيات البنوك للسيولة خلال شهر أفريل 2013، ممّا مكّن من تراجع تدخلات البنك المركزي في السوق النقدية لتبلغ أدنى مستوى لها منذ مطلع السنة، أي 3.476 مليون دينار بالمعدل الشهري إلى غاية 29 من الشهر مقابل 3.560 مليون في مارس. كما واصلت نسبة الفائدة الوسطية في السوق النقدية نسقها التصاعدي لتبلغ 4.70 في المائة خلال نفس الفترة مقابل 4.33 في المائة في الشهر السابق، تحت تأثير خاصة القرارات التي اتخذها مجلس إدارة البنك المركزي في اجتماعاته السابقة ومنها الترفيع الأخير في نسبة الفائدة المديرية لمجابهة احتداد الضغوط التضخمية. وعند تدارسه وضع نشاط القطاع المصرفي، لاحظ المجلس ارتفاع قائم الإيداعات، خلال الثلاثي الأول من سنة 2013، ب 2.3 في المائة وهو نسق أسرع من ذلك المسجل خلال نفس الفترة من سنتي 2012 و2010 (2.1 في المائة و1.7 في المائة على التوالي)، وقد شمل هذا التطور شهادات الإيداع و حسابات الادخار. وبالمقابل، سجل قائم المساعدات للاقتصاد خلال نفس الفترة تطورا ب 1.8 في المائة مقابل 2.4 في المائة خلال نفس الفترة من سنة 2012.