نظر مجلس إدارة البنك المركزي في بداية أشغاله أمس الأربعاء 26 جوان في آخر مستجدات الظرف الاقتصادي الدولي حيث تشير توقعات النمو لأهم البلدان المصنعة، الصادرة في أواخر الشهر المنقضي عن منظمة التنمية والتعاون الدولي إلى تواصل تفاوت نسق النمو بين كبرى اقتصاديات العالم. ففي الولاياتالمتحدة يتوقع أن تعرف نسبة النمو تباطؤا خلال السنة الحالية قبل أن تتوجه نحو الارتفاع في العام المقبل، بينما سيشهد اقتصاد منطقة الأورو هذه السنة انكماشا أكثر حدة من العام السابق تليه انتعاشة نسبية خلال سنة 2014. ولدى تدارس الوضع الاقتصادي الوطني، تطرق المجلس لآخر التطورات القطاعية خلال النصف الأول من العام الحالي الذي شهد عموما ظروفا مناخية غير ملائمة من شأنها أن تؤثر سلبا على إنتاج القطاع الفلاحي مقارنة بالموسم الفارط. الإنتاج الصناعي وبالمقابل، أشار المجلس إلى تدعم نسق الإنتاج الصناعي خلال شهر أفريل المنقضي (ارتفاع مؤشر الإنتاج الصناعي ب4,1٪ بحساب الانزلاق السنوي مقابل 2,4٪ قبل شهر ونقص ب5,3٪ في أفريل 2012) وذلك بالعلاقة مع الانتعاشة المسجلة على مستوى إنتاج الصناعات المعملية لاسيما الموجهة للتصدير وكذلك ارتفاع نسقه في الصناعات غير المعملية. كما سجلت مؤشرات النشاط السياحي من جهتها تحسنا ملحوظا في شهر ماي المنقضي (زيادة عدد الوافدين والمبيتات والمداخيل السياحية ب 10,4٪ و15٪ و0,7٪ على التوالي ) خاصة بعد التراجع المتواصل خلال الأشهر الأربعة الأولى من السنة. أما بخصوص القطاع الخارجي، فقد سجل مجلس إدارة البنك المركزي تواصل تفاقم العجز التجاري خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام الحالي، حيث ازداد ب5,5٪ مقارنة بنفس الفترة من العام السابق، نتيجة استمرار زيادة الواردات التي شملت جل مجموعات المواد مع الإشارة إلى الزيادة الملموسة للعجز التجاري خلال شهر ماي مقارنة بالمعدل الشهري للأشهر الأربعة الأولى من السنة الحالية. وأدى هذا التطور إلى تواصل الضغوط على العجز الجاري ليبلغ 3,7٪ من الناتج المحلي الإجمالي مما أدى بدوره إلى انخفاض الموجودات الصافية من العملة الأجنبية التي بلغت 10.263 مليون دينار أو ما يعادل 94 يوما من التوريد بتاريخ 21 جوان 2013 في ظل تراجع فائض ميزان العمليات المالية نتيجة تقلص كل من الاستثمار الأجنبي وعمليات السحب على القروض الخارجية متوسطة وطويلة الأجل. الأسعار وبخصوص تطور الأسعار، فقد استقرت نسبة التضخم خلال شهر ماي 2013، في نفس المستوى المسجل في الشهر السابق، أي 6,4٪ بحساب الانزلاق السنوي، بالعلاقة مع التراجع الذي شهدته أسعار المواد الغذائية من شهر لآخر. وعند تحليله لآخر التطورات النقدية، سجل المجلس تواصل ازدياد حاجيات البنوك من السيولة خلال شهر جوان الحالي، مما دفع بالبنك المركزي إلى تكثيف تدخلاته على السوق النقدية، حيث بلغت حوالي 4.864 مليون دينار في المعدل إلى غاية 25 من نفس الشهر مقابل 3.922 مليون دينار في ماي. وقد نتج عن ذلك ارتفاع لمعدل نسبة الفائدة الوسطية في هذه السوق، لتبلغ 4,74٪ خلال نفس الفترة مقابل 4,69٪ في الشهر السابق. النشاط المصرفي وعلى مستوى نشاط القطاع المصرفي، سجل قائم الإيداعات ارتفاعا طفيفا خلال الأشهر الخمسة الأولى من السنة الحالية (0,8٪)، مقارنة بنفس الفترة من سنة 2012. وقد نتج هذا التباطؤ أساسا عن انخفاض الإيداعات تحت الطلب إضافة إلى تراجع نسق شهادات الإيداع. وبالتوازي، سجلت المساعدات للاقتصاد مسارا مماثلا، خلال نفس الفترة، أي زيادة ب 3,2٪ مقابل 4,3٪ قبل سنة. وفي جانب آخر، اطلع المجلس على مشروع التقرير السنوي للبنك المركزي التونسي لسنة 2012 وأبدى موافقته على هذا المشروع. وعلى ضوء هذه المستجدات، أعرب مجلس إدارة البنك المركزي عن انشغاله إزاء نسق ارتفاع العجز الجاري، مؤكدا على ضرورة تظافر الجهود من أجل الحد من الضغوط على توازن القطاع الخارجي والمدخرات من العملة الأجنبية وهو ما يستدعي بالخصوص اتخاذ التدابير الملائمة الكفيلة بالتحكم في تفاقم اختلال الميزان التجاري، وقرر الإبقاء على نسبة الفائدة الرئيسية للبنك المركزي دون تغيير.