تابع المجلس الوطني التأسيسي اليوم الاثنين 8 جويلية 2013 مناقشة النسخة الثالثة من مشروع الدستور التونسي الجديد، وقد تضاربت القراءات التي قدّمها النواب حول المشروع بين دعوة إلى إضفاء بعض التعديلات على الدستور وجعله يستجيب لمتطلبات المرحلة الإنتقالية ويعكس روح الثورة ومطالب التونسيين، وبين تنديد بمضامين الدستور وإتهام الهيئة المشتركة للتنسيق والصياغة بتزوير المشروع وضبطه على مقاس جهة وحزب معيّن. وفي هذا الشأن تطرق النائب النفطي المحظي إلى ضرورة إضافة جملة من الحقوق والتأكيد عليها في الدستور بشكل واضح وجلّي على غرار حقّ الملكية ذلك وحتى لا تتكدس الخيرات في يد جهة ما أو أشخاص آخرين وعائلات، والحق في الرعاية الصحية والحقّ في التعليم والضمان الإجتماعي لأنّ هذه الحقوق لم ترد بالمعنى الكافي حسب قوله. من جهتها اعتبرت النائبة سناء مرسني أنّ فلسفة الدستور وروحه تتجلّى في الفصل 141 مستغربة الخلاف الحاصل بشأن هذا الفصل بين النواب، مشيرة أنّ هذا الدستور كتبه 217 نائبا عكس ما يروج البعض. وأكّدت المرسني أنّ الشعب التونسي يبقى الضمان الوحيد للديمقراطية خاصّة وأنّ مشروع الدستور يعدّ دستورا توافقي، وما إختلف حوله النواب ليس إلاّ بالقليل. في المقابل رأت النائبة ربيعة النجلاوي أنّ ما حدث في أول جلسة مناقشة للدستور جاء ذلك نتيجة التزوير الذي تعرّض له المشروع الذي يؤسس إلى ثلاثة أشياء عبر ثلاثة مراحل أولا إزاحة البديل السياسي ثانيا إحداث قوانين للبقاء في الحكم، ثالثا تأسيس دولة دينية لإباحة ما لا يباح بإسم الدين على حدّ تعبيرها. وقالت النجلاوي موجهة خطابها للأغلبية في المجلس"أخجل من إيهامكم للناس بأنكم متحدثون بإسم الإسلام فإنّ كان تمسككم فقط بالسلطة من أجل الغسلام فأقول لكم إذهبوا فهو لم يسقط بذهاب سيد الخلق فماذا عنكم؟". وأكّدت ربيعة النجلاوي أنّ الفصل 16 الذي ينصّ على أن "تحتكر الدولة إنشاء القوات المسلحة وقوات الأمن الوطني وأي قوات أخرى ويكون ذلك بمقتضى القانون ولخدمة الصالح العام"، فيه خطورة وتداعيات سلبية على أمن البلاد فهو يسمح بتسليح الميليشيات التي لا تنتمي إلى الجيش الوطني ولا للأمن الداخلي وطالبت بحذف هذا الفصل. واعتبرت ربيعة النجلاوي أنّ هذا الدستور لا يلزم المناطق الثائرة في شيء فهو يحمل أسباب بطلانه بين طياته لأنّه فصّل على مقاس أطراف حزبية. من جهتها أعربت النائبة ريم محجوب عن تمسّك النواب بأعمال اللجان ليس من باب التهريج بل لضمان دستور ديمقراطي، والسمو بالدستور عن التجاذبات السياسية. واقترح النائب ضمير المناعي التنصيص على فصل ينصّ على التمييز الإيجابي للمناطق الداخلية للبلاد في فترة لا تقل عن خميس سنة لفائدة الجهات الداخلية. وبدورها غتّخذت النائبة سلمى مبروك موقفا سلبيا من الدستور الذي اعتبرت أنّه لا يعكس إرادة الشعب التونسي بل يعكس إرادة الأغلبية النيابية. وأعربت في سياق آخر عن رفضها لتركيبة المحكمة الدستورية المسيسة حسب قولها، والتي طغت عليها الاغلبية النيابية، واستغربت من حذف أهم صلاحية من صلاحيات المحكمة ألا وهي حق الطعن المباشر للمحكمة. وتعقيبا على أبرز ما جاء في النقاش العام استنكر المقرر العام للدستور الحبيب خضر "تكرر القول من قبل بعض النواب إن هناك تصنيفا للنواب وأنن نواب الهيئة المشتركة نواب درجة أولى والنواب الغير منتمون للهيئة نواب من الدرجة الثانية". من جهة أخرى أوضح الحبيب خضر أنّه من الخطأ القول إنّ الرقابة على الدستورية معطّلة إنتظارا لمحكمة دستورية لأن هذا الأمر غير صحيح باعتبار أنّ المراقبة تتولاها المحكمة الإدارية إلى حين إنشاء المحكمة الدستورية. وردّا على الإتهامات الصادرة عن بعض نواب المعارضة قال المقرر العام للدستور إنّه لا يمكن إفشال كتابة الدستور لأجل حسابات مغلوطة على حدّ تعبيره.