بعد أن درجت المسلسلات المكسيكيَّة لفترةٍ طويلةٍ في العالم العربي، إنحدرت هذه الظاهرة لتحلَّ مكانها المسلسلات التركيَّة، الَّتي باتت تشكِّل الهاجس الأهم أمام صنَّاع الدراما العربيَّة، بغية منافستها وتحقيق ما تحقِّقه من أصداء وإقبالٍ لدى الجمهور العربي. ولعلَّ الصورة الجميلة، والمناظر الخلَّابة، والقصص الإجتماعيَّة والرومانسيَّة، والممثلين المميزين، كانوا من أهم عوامل نجاح تلك الدراما، وفي سبيل منافسة تلك الإنتاجات قدّم العديد من الأعمال الدراميَّة العربيَّة، آخرها كان مسلسل "روبي" المؤلَّف من تسعين حلقة، وهو المأخوذ عن المسلسل المكسيكي الذي يحمل الإسم نفسه، والذي لبننته الكاتبة اللبنانيَّة كلوديا مرشيليان، وأخرجه السوري رامي حنَّا. "روبي" فشل في منافسة المسلسلات التركيَّة وفي استفتاء قسم الفنون الأسبوعي حول ما إذا استطاع مسلسل "روبي" منافسة الأعمال الدراميَّة التركيَّة، وهو الذي تلعب فيه الممثِّلة سيرين عبدالنور دور البطولة، إلى جانب مجموعة من الممثلين اللبنانيين والمصريين والسوريين، أبرزهم مكسيم خليل، أمير كرارة، تقلا شمعون، ديامان بوعبود، بياريت القطريب، وغيرهم... رأى 46.67% من مجموع المصوِّتين أنَّه فشل في ذلك، في حين صوَّت 24.14% لصالحه، بينما تبيَّن أنَّ نسبة 29.20% لا تتابع هذه الإنتاجات. مسلسل "روبي" يروي قصَّة فتاة فقيرة، معقَّدة نفسيًّا، تحبُّ المال وحياة الرفاهية، تقع في حب طبيب ولكنَّها سرعان ما تتركه عندما تكتشف أنَّه فقير، فتغوي خطيب صديقتها المفضَّلة وتوقع به وتتزوَّجه طمعًا بماله، بموازاة قصصٍ أخرى تمرُّ مع القصَّة الأساسيَّة. بين "روبي" و"فاطمة" من الَّتي تفوَّقت؟ عن نجاح أو فشل المسلسل بالوصول إلى مستوى الأعمال التركيَّة، بعد أن خصِّصت له ميزانيَّة كبيرة، واستعان بخبرات ومواهب مهمَّة من لبنان ومصر وسوريا، وذلك بعد أن عانت المسلسلات اللبنانيَّة كثيرًا من مشاكل الإنتاج، تفاوتت آراء النُّقَّاد بين مؤيِّدٍ ومعارضٍ. رأت الصحافيَّة اللبنانيَّة، هلا المر، أنَّ "روبي" استطاع أن ينافس الأعمال التركيَّة بقدرة وجدارة وجمال الممثلين المشاركين فيه، واعتماده على أماكن وصورة جميلة، إضافةً إلى قصَّته المشوِّقة، وعرضه على شاشة ال"MBC" الَّتي تملك شريحة كبيرة من المشاهدين العرب، ومحطَّات أخرى، وإتاحة مشاهدة كل حلقة فيما لا يقل عن الست مرَّات، ورأت المر في حديثها ل"إيلاف" أنَّ هذه الإعادات وإضافةً إلى ما ذكرته بدايةً أتاح المجال أمام دخول "روبي" إلى معرض المنافسة مع المسلسلات التركيَّة. وعن مقارنته بمسلسل "فاطمة" الذي يعرض على المحطَّات نفسها، رأت المر أنَّ هناك ممثلين لبنانيين جديرين ومميَّزين أكثر من الأتراك، وأنَّ "روبي" بالتحديد إعتمد على أشخاص جميلين وصورة مبهرة للمشاهد، وأنَّه لا تجوز مقارنته بمسلسل "فاطمة" لأنَّ قصَّته وهدفه وبيئته تختلف، فروبي فتاة فقيرة وصوليَّة تحب المال تستخدم جمالها للوصول إلى مبتغاها، بينما "فاطمة" فتاة فقيرة تعيش في القرية تكون ضحيَّة عمليَّة اغتصاب، وبالتالي فإنَّ لكل قصَّة معطياتها وسبلها ولا تجوز المقارنة. وأضافت المر: "ولكن إذا ما نظرنا إلى "روبي" و"العشق الممنوع" نرى أنَّ البطلتين تتشابهان في بعض التفاصيل، فكلتاهما تعتمدان على جمالهما للوصول إلى المال". ولم تنفِ المر وجود مبالغة في بعض تفاصيل الأعمال العربيَّة، وخصوصًا تلك الَّتي تظهر الممثلات مع مايك-آب كثيف وعمليَّات تجميل واضحة، في حين ترنو الأعمال التركيَّة حول المزيد من الطبيعيَّة لذلك تكون محبَّبة للمشاهد أكثر. في المقابل رأت الصحافيَّة اللبنانيَّة، زلفا رمضان، أنَّ "روبي" هو من نوع الأعمال الَّتي تتميَّز بتنوّع قصصه وتشعبها لتكون مماثلة لتلك الَّتي نراها في الأعمال التركيَّة، والتَّركيز على المشاكل الإجتماعيَّة بالإعتماد على مجموعة من الأبطال. ورأت رمضان في معرض حديثها ل"إيلاف" أنَّ "روبي" وقفت في صفِّ المنافسة ولكنَّها لم تصل بعد أو تتخطَّى بعض الأعمال التركيَّة، وأعطت مثالاً على ذلك مسلسل "فاطمة" الذي يعرض على المحطَّة نفسها، حيث إنَّ سياسة العرض المعتمدة أعطت دفعًا وقوَّة للمسلسلين، إلَّا أنَّ "فاطمة" محبوبة أكثر على الرغم من نسب المشاهدة الَّتي تحقِّقها "روبي"، بحسب رأيها. وقالت رمضان: "الممثلون الأتراك يجيدون التَّمثيل وينجحون في إقناع المشاهد بأنَّ ما يقدِّمونه هو حقيقة وليس تمثيلاً، بينما في مسلسل "روبي" لم أرَ سوى مجموعة من عروض الأزياء الفاضحة الَّتي ترتديها سيرين عبدالنور، علمًا أنَّ النَّص لا يحتاج إلى مثل هذه المبالغة، ولو أنَّ بطلته جميلة وانتهازيَّة ووصوليَّة، في المقابل أرى أنَّ "فاطمة" لا يوجد فيها هذا العرض المبالغ للأزياء، إذ إنَّ التَّركيز الأكبر هو على الأداء والحبكة الدراميَّة". وأضافت الصحافيَّة زلفا رمضان: "الأداء الدرامي في "روبي" منوطٌ فقط بالممثِّلة تقلا شمعون الَّتي أخذت اللمعيَّة من أمام "روبي" نفسها لتصبح هي بطلة المسلسل، في حين أنَّ سيرين لا تحمل حتَّى إيقاعًا دراميًّا مشهديًّا في صوتها، فهي إن صرَّخت أو تكلَّمت بهدوءٍ تبقى على الإيقاع الصوتي نفسه، كما أنَّ القصَّة عاديَّة ولا تحمل ما هو مختلف أو جديد فبعد أن شاهدت عدَّة حلقات عرفت النِّهاية من البداية، في حين أنَّ قصَّة "فاطمة" جديدة واجتماعيَّة فهي فتاة تتعرَّض للإغتصاب وتعيش وتكافح وتتغلَّب على انكساراتها الموجعة، هناك صراع إجتماعي نفسي يوصل رسالة إلى المشاهد، وكما أعطي مثالاً على "حريم السلطان" الذي دفعني لشراء حلقاته بغية مشاهدتها قبل عرضها، وهو ما لم يستفزني أي مسلسل لبناني لفعله، لأنَّه ما من تمثيل في لبنان هناك فقط مجرَّد عروض منوَّعة".