مع الشروق .. قمّة بكين ... وبداية تشكّل نظام دولي جديد    انطلاقا من غرة جوان: 43 د السعر الأقصى للكلغ الواحد من لحم الضأن    رئيس الحكومة يستقبل المدير العام للمجمع السعودي "أكوا باور"    توقيع مذكرة تفاهم تونسية سعودية لتطوير مشروع إنتاج الهيدروجين الأخضر في تونس    شهداء وجرحى في قصف لقوات الاحتلال على مدينة غزة..    بطاقتا إيداع بالسجن ضد أجنبيين تورّطا في تنظيم عمليات دخول أفارقة لتونس بطرق غير نظامية    بداية من اليوم: خدمة جديدة للمنخرطين بال'كنام' والحاصلين على الهوية الرقمية    صفاقس: إيقاف 21 افريقيا وصاحب منزل أثر معركة بالاسلحة البيضاء    جنيف: وزير الصحة يؤكد أهمية تعزيز قدرات الدول الإفريقية في مجال تصنيع اللّقاحات    عاجل/ هذا ما قرّرته 'الفيفا' بشأن المكتب الجامعي الحالي    وزارة الصناعة: توقيع اتفاقية تعاون بين أعضاء شبكة المؤسسات الأوروبية "EEN Tunisie"    مفقودة منذ سنتين: الصيادلة يدعون لتوفير أدوية الإقلاع عن التدخين    كلاسيكو شوط بشوط وهدف قاتل    أول تعليق من نيللي كريم بعد الانفصال عن هشام عاشور    بالفيديو: بطل عالم تونسي ''يحرق'' من اليونان الى إيطاليا    مراسم استقبال رسمية على شرف رئيس الجمهورية وحرمه بمناسبة زيارة الدولة التي يؤديها إلى الصين (فيديو)    عاجل/ فرنسا: إحباط مخطّط لمهاجمة فعاليات كرة قدم خلال الأولمبياد    وزارة المرأة تحذّر مؤسسات الطفولة من استغلال الأطفال في 'الشعوذة الثقافية'    بن عروس: حجز أجهزة اتصالات الكترونيّة تستعمل في الغشّ في الامتحانات    بطاقة إيداع بالسجن ضدّ منذر الونيسي    مجلس نواب الشعب: جلسة استماع حول مقترح قانون الفنان والمهن الفنية    رئيس لجنة الفلاحة يؤكد إمكانية زراعة 100 ألف هكتار في الجنوب التونسي    المنتخب الوطني يشرع اليوم في التحضيرات إستعدادا لتصفيات كأس العالم 2026    النادي الصفاقسي في ضيافة الاتحاد الرياضي المنستيري    الرئيس الصيني يقيم استقبالا خاصا للرئيس قيس سعيّد    قبلي : تنظيم اجتماع تشاوري حول مستجدات القطاع الثقافي وآفاق المرحلة القادمة    وزير التعليم العالي: نحو التقليص من الشعب ذات الآفاق التشغيلية المحدودة    عاجل/ حريق ثاني في حقل قمح بجندوبة    مستشفى الحبيب ثامر: لجنة مكافحة التدخين تنجح في مساعدة 70% من الوافدين عليها على الإقلاع عن التدخين    منظمة الصحة العالمية تمنح وزير التعليم العالي التونسي ميدالية جائزة مكافحة التدخين لسنة 2024    صفاقس: وفاة امرأتين وإصابة 11 راكبا في اصطدام حافلة ليبية بشاحنة    تطاوين: البنك التونسي للتضامن يقرّ جملة من التمويلات الخصوصية لفائدة فلاحي الجهة    بمشاركة اكثر من 300 مؤسسة:تونس وتركيا تنظمان بإسطنبول أول منتدى للتعاون.    رولان غاروس: إسكندر المنصوري يتأهل الى الدور الثاني لمسابقة الزوجي    الشايبي يُشرف على افتتاح موسم الأنشطة الدّينية بمقام سيدي بالحسن الشّاذلي    الدخول إلى المتاحف والمواقع الأثرية والتاريخية مجانا يوم الأحد 2 جوان    آخر مستجدات قضية عمر العبيدي..    الانتقال الطاقي: مشروع للضخ بقدرة 400 ميغاواط    انتخاب التونسي صالح الهمامي عضوا بلجنة المعايير الصحية لحيوانات اليابسة بالمنظمة العالمية للصحة الحيوانية    رولان غاروس: أنس جابر تواجه اليوم المصنفة 34 عالميا    حادث مروع بين حافلة ليبية وشاحنة في صفاقس..وهذه حصيلة الضحايا..#خبر_عاجل    بعد الظهر: أمطار ستشمل هذه المناطق    جبنيانة: الإطاحة بعصابة تساعد الأجانب على الإقامة غير الشرعية    الرابطة المحترفة الأولى: مرحلة تفادي النزول – الجولة 13: مباراة مصيرية لنجم المتلوي ومستقبل سليمان    الأوروغوياني كافاني يعلن اعتزاله اللعب دوليا    عاجل/بعد سوسة: رجة أرضية ثانية بهذه المنطقة..    إلغاء بقية برنامج زيارة الصحفي وائل الدحدوح إلى تونس    تونس والجزائر توقعان اتفاقية للتهيئة السياحية في ظلّ مشاركة تونسية هامّة في صالون السياحة والأسفار بالجزائر    بنزرت: الرواية الحقيقية لوفاة طبيب على يدي ابنه    الإعلان عن تنظيم الدورة 25 لأيام قرطاج المسرحية من 23 إلى 30 نوفمبر 2024    منبر الجمعة .. لا يدخل الجنة قاطع صلة الرحم !    مواطن التيسير في أداء مناسك الحج    من أبرز سمات المجتمع المسلم .. التكافل الاجتماعي في الأعياد والمناسبات    شقيقة كيم: "بالونات القمامة" هدايا صادقة للكوريين الجنوبيين    محكمة موسكو تصدر قرارا بشأن المتهمين بهجوم "كروكوس" الإرهابي    مدينة الثقافة.. بيت الرواية يحتفي ب "أحبها بلا ذاكرة"    الدورة السابعة للمهرجان الدولي لفن السيرك وفنون الشارع .. فنانون من 11 بلدا يجوبون 10 ولايات    عندك فكرة ...علاش سمي ''عيد الأضحى'' بهذا الاسم ؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الوفاء للرواد وتجديد تعلق بمبادئ الاتحاد
سوسة في احتفالها بذكرى التأسيس :
نشر في الشعب يوم 30 - 01 - 2010

أوفى الاتحاد الجهوي للشغل بسوسة بتعهداته التي قطعها على نفسه أمام قواعده ، فجاء الاحتفال بالذكرى الرابعة والستين لتأسيس منظمتنا العتيدة الاتحاد العام التونسي للشغل مختلفا عن السابق وتفوح منه رائحة الاجتهاد والتجديد والقطع مع البرمجة التقليدية ، ولا أبالغ في هذا المجال عندما أقول ان أكثر المتفائلين في الجهة لم يكن يتصور أن تنجح جهود المكتب التنفيذي الجهوي بسوسة في ضمان تواجد رمز سياسي ونقابي كبير هو الاستاذ احمد بن صالح الذي نادرا ان يمر تصريح له دون ان يترك وراءه عديد النقاشات والملاحظات نظرا لقيمة الرجل من جهة أطال الله في عمره واحتكامه على أسرار تجعل منه شاهدا أساسيا على حقبة وطنية وكذلك نقابية مازالت حتى يومنا هذا موضع بحث ودراسة مستفيضتين.
وحسنا فعل المكتب التنفيذي للاتحاد الجهوي للشغل بسوسة حين وضع كل ثقله في الميزان ومكن مناضلي الاتحاد في الجهة وإطاراته من التواصل الروحي والوجداني والنضالي مع الاستاذ احمد بن صالح الذي يحسب له أيضا تلبيته للدعوة وقدومه في الموعد المحدد تحركه نخوة الاعتزاز بجهة يكن لها كل التقدير والاحترام وله معها ألف قصة حب ونضال.
نعم مساء يوم 200 جانفي 2010 لبست كواليس نزل قصر سوسة الذي احتضن الاحتفال بذكرى التأسيس حلة نقابية ، وتدافع المئات من النقابيين والشغالين لحجز أماكنهم وتقديم التحية التي تليق بالأستاذ احمد بن صالح الذي كان في استقباله ومرافقيه أمام باب النزل الاخ احمد المزروعي الكاتب العام للاتحاد الجهوي للشغل بسوسة وزملائه أعضاء المكتب التنفيذي الجهوي.
وما شد انتباهنا في هذا الاحتفال بهذه الذكرى الغالية على قلوب كل النقابيين والشغالين إضافة إلى استضافة الاستاذ احمد بن صالح هو تضمن البرنامج لندوة احتوت على مداخلتين مطولتين للأستاذين احمد خالد وعلي محجوب تخللتهما وقفة أرخت بالصوت والصورة لجريمة اغتيال شهيد الكفاح الوطني والتحرري والنقابي ومؤسس الاتحاد العام التونسي للشغل الشهيد الخالد فرحات حشاد.
احمد المزروعي :وفاء لحشاد واعتزاز بالاتحاد
كلمة الافتتاح في هذه الندوة كانت من نصيب الاخ احمد المزروعي الكاتب العام للاتحاد الجهوي للشغل بسوسة الذي قال بعد ترحيبه بالحضور وخاصة بضيوف جهة سوسة يتقدمهم الاستاذ احمد بن صالح، إننا نحتفل اليوم بذكرى تأسيس الاتحاد وسط حراك نقابي كبير جعل من تجربة الاتحاد العام التونسي للشغل تجربة متفردة على كل الأصعدة عربيا واقليميا ودوليا، ولا غرابة في ذلك مادام اتحادنا العظيم على العهد كما عرفناه وخبرناه ملتصقا بخدمة الشغالين في البلاد ومصمما على تحسين اوضاعهم وصون كرامتهم والرفع من نمط عيشهم وحياتهم .ومن شأن هذا التوجه النير ان يزيد من صلابة اتحادنا العظيم وقدرته على احتضان الجميع والانطلاق نحو المستقبل بعزيمة من حديد مادامت الشفافية في منظمتنا هي سيدة الموقف ومادامت المواقع لا يضمنها لصاحبها إلا الصندوق الانتخابي وإرادة العمال، ومادام الولاء للمنظمة منطلقه الأساسي الالتزام بمبادئها وقوانينها وتقاليدها.
وأضاف بان الاستقرار الذي تشهده منظمتنا العتيدة الاتحاد العام التونسي للشغل لا بد ان يدفعنا في مثل هذه المناسبة العزيزة علينا جميعا إلى استحضار رموز الاتحاد على رأسهم شهيد الكفاح الوطني الزعيم الفذ والخالد فرحات حشاد وكذلك محمد على الحامي مؤسس جامعة عموم العملة التونسية وكل رواد و مناضلي منظمتنا العتيدة الذين لم يفل القمع والمضايقات والتنكيل من عزائمهم فاستطاعوا بفضل تضحياتهم الجسام ان يخطوا أولى اللبنات في مشروع الوعي الاجتماعي والوطني للعمال التونسيين، وأكد ان احترامنا لقدسية الاتحاد ودوره التاريخي في الدفاع عن مصالح العمال يمنعنا من تغطية عين الشمس بالغربال أو إبداء رضانا على العديد من الحقائق والمتغيرات الحياتية التي لم يمس تأثيرها السلبي سوى شريحة العمال بالفكر والساعد. ومن جملة هذه المتغيرات والتحولات نجد غول العولمة الذي داهمنا وباغتنا مدججا بسلاح الليبرالية المتوحشة التي لم تنجح إلا في مزيد إفقار الفقراء وتضخيم ثروات الأثرياء وذلك تحت ذريعة عنوانها الأزمة الاقتصادية العالمية التي بدأت تأثيراتها الهدامة والسلبية تتهددنا في مختلف القطاعات. فعمالنا وفق المنطق البراغماتي المعولم والخبيث مطالبون بتحمل الجزء الأكبر من تبعات هذه الأزمة الاقتصادية بما رافقها من غلق مشبوه لعديد المؤسسات وتسريح غامض لآلاف العمال!!.وعمالنا وفق نفس المنطق مطالبون بالانصياع لرغبات أرباب العمل في التحيل عليهم والالتفاف على مكاسبهم التي تم تحقيقها بعد نضالات نقابية مضنية!!.نعم عمالنا مطالبون كما تريد لهم هذه الليبرالية بشعاراتها المعولمة والهدامة بغلق أفواههم وهم يرون من يعتدي على حقوقهم ويجبرهم على البطالة الفنية ينعم بتمويلات اقتصادية في شكل مساعدات وهذا ما لا يمكن ان نقبل به وسنعمل على التصدي له مهما كلفنا الأمر. واعتبر ان ما يحسب لمنظمتنا العتيدة الاتحاد العام التونسي للشغل ونحن نحتفل بذكرى تأسيسه بكل نخوة واعتزاز انفتاحه على كل المبادرات الخيرة التي فيها الخير للبلاد والعباد ونضاله الدؤوب من اجل تحقيق مكاسب اجتماعية تدعم ما تحقق حتى اليوم للشغالين والحد من معضلة البطالة وتكريس واقع شغلي جديد شعاره العمل اللائق وليس مثلما يريد بعض الأعراف عمل المهالك، وتطوير نظام الحماية الاجتماعية بما يجعله أكثر إفادة لشريحة العمال والتوزيع العادل للثروة الوطنية والمساواة التنموية بين الجهات.كذلك ما يحسب لاتحادنا العظيم إيمانه العميق بالديمقراطية كممارسة يومية وليس كمفهوم يردد ويستحضر فقط في المناسبات ومطالبته الصريحة بمجتمع مدني يولد من رحم الحريات ويتأسس مشهده على مبادئ حق المواطنة وحرية الرأي والتعبير والتعددية السياسية ..الخ الاخ احمد المزروعي قال في خاتمة مداخلته ان السعادة الغامرة التي تحدونا اليوم ونحن نحتفل بأمجد مناسباتنا النقابية وهي ذكرى تأسيس اتحادنا العظيم عنوان العزة والشموخ والنضال ، يدفعنا إلى التوقف بكل إكبار عند ما تخطه المقاومة العربية الباسلة في فلسطين من اجل كنس الغزاة الصهاينة وإعلان القدس عاصمة أبدية للفلسطينيين، وكذلك ما تخطه المقاومة الباسلة في العراق المناهضة لوصايا الاحتلال ونظام ولاية الفقيه الذي يتم التمهيد له من خلال مزيد الاستقطاب الطائفي والعرقي في عراقنا المجيد عراق الشهيد صدام حسين.
علي محجوب:النضال الاجتماعي علامة فارقة في فكر حشاد
الجزء الثاني من الاحتفال بذكرى التأسيس كان فيه الحضور على موعد مع فعاليات الندوة التي تضمنت قراءتين مهمتين حول مراحل تأسيس الاتحاد العام التونسي للشغل والظروف التي عمل فيها رواد المنظمة الشغيلة وملابسات اغتيال باني العمل النقابي ومؤسس الاتحاد العام التونسي للشغل الشهيد الخالد فرحات حشاد.
وقد وفق أستاذ التاريخ بالجامعة التونسية علي محجوبي في المداخلة الأولى في تقديم قراءة منهجية وسوسيو-تاريخية لنشأة الاتحاد تداخل فيها البعد التاريخي بالتأريخي ، فكانت التواريخ التي اعتمدها تبعا لذلك واضطر إلى استحضارها وسردها توحي جميعها بالمفصليات النضالية التي سوف تفضي بعد ذلك إلى تأسيس منظمتنا الشغيلة العتيدة. وأولى الفواصل التاريخية التي توقف عندها الاستاذ محجوب كانت سنة 1924 التي شهدت بدايات محمد علي الحامي وانخراطه في المشروع الاجتماعي الذي كانت من أولوياته رفع الضيم عن الأهالي والبحث عن سبل تحسين عيشهم والارتقاء بأوضاعهم الاجتماعية ، ولكن كيف السبيل إلى ذلك والبلاد حينها مثلما يؤكد الاستاذ علي محجوب تعيش قحطا زراعيا مرعبا وهذا ما دفع بمحمد علي الحامي إلى تكوين تعاضديات عمالية تخفف العبء الاستهلاكي عن الأهالي والمواطنين ، هذا البعد الاجتماعي في تفكير الحامي ربطه الاستاذ المحاضر بالبيئة الاجتماعية والعائلية الفقيرة التي نشأ فيها الحامي والتي من سماتها الخصاصة والحرمان وهي صفات سيعتمدها علي محجوب للتأكيد على مقاربة مهمة أساسها ان الحامي ومعه رواد الاتحاد يتقدمهم جميعا الشهيد الخالد فرحات حشاد كانوا ينحدرون من وسط عائلي فقير وعلى اتصال مباشر ودائم بأوسع فئات الشعب وهذا ما أهلهم لتحمل هموم هذا الشعب والتحرك في ظل مشروع اجتماعي ينشد الخلاص والانعتاق. وقد رأى الاستاذ محجوبي ان كل محاولة في هذا الباب لربط النضال الاجتماعي لحشاد وبقية الرواد بالانخراط في الأحزاب أو ما شابه ذلك يعد تحريفا للتاريخ وتقليلا من أهمية المشروع الاجتماعي التحرري والإصلاحي الذي تبناه هؤلاء الرواد دون أي تأثير سياسي مهما كان مأتاه. ولتأكيد هذا المنحى ابرز الاستاذ المحاضر البعد الاجتماعي في المنظومة الفكرية للشهيد فرحات حشاد وتحرره وهو في طور بناء اللبنات الأولى في مشروع الوعي الاجتماعي والوطني للعمال التونسيين من كل التأثيرات والتجاذبات السياسية . وتوقف علي محجوبي عند سنة 1936 التي عرفت انخراط حشاد في " سي-جي-تي- " والتي أسهمت في مزيد تكونه نقابيا واجتماعيا وسياسيا وجعلته يبادر سنة 1944 بتأسيس اتحاد النقابات المستقلة بالجنوب واتحاد النقابات بالشمال سنة 1945 قبل ان يتم سنة 1946 توحيد اتحاد نقابات الشمال والجنوب مع جامعة الموظفين ليتم بعدها تأسيس المنظمة الشغيلة التونسية تحت اسم الاتحاد العام التونسي للشغل وذلك في المدرسة الخلدونية التي احتضنت المؤتمر التأسيسي للاتحاد وكان يشرف عليها الشيخ الفاضل بن عاشور.
الاستاذ علي محجوبي دائما في إطار مقاربته التي جعل فيها الاجتماعي سابقا على السياسي في فكر حشاد العظيم حتى سنة 1946 توقف أيضا عند إرادة حشاد ورغبته الفعلية في تجنيب الاتحاد تأثيرات السياسة والسياسيين حفاظا على استقلالية الاتحاد وقال ان هذا الأمر نكتشفه بوضوح من خلال نوعية المطالب التي عرفها المؤتمر الاول والتي كانت اجتماعية بامتياز وهذه الاستقلالية أكد علي محجوبي أنها تواصلت مع حشاد حتى سنة 1950 التي بدأت تشهد تغيرا في التصورات الفكرية للزعيم فرحات حشاد بحكم طبيعة المرحلة التي فرضت توجها جديدا عند حشاد يقوم على تلازم النضالين الاجتماعي والسياسي في علاقة جدلية تجعل من السياسي ) تحرير الوطن (طريقا لتحرير العمال.
ختام مداخلة الاستاذ علي محجوب انحصرت في تقديم مختلف السيناريوهات المتعلقة بملابسات اغتيال الزعيم الفذ والخالد فرحات حشاد وجملة الاعترافات التي بثتها قناة الجزيرة على لسان المجرم أنطوان ميلرو احد كلاب عصابة اليد الحمراء الفرنسية الذي أكد ضلوع هذه العصابة في اغتيال حشاد وهو أمر لعب إلى صالح الحبيب بورقيبة الذي تخلص من منافس كان يجب ان يتخلص منه. هذا التصريح طالب الاستاذ المحاضر قراءته في إطاره باعتباره نطق به مجرم يهمه نشويه صورة الرموز التونسيين والزج بهم في عملية اغتيال زعيم تونسي فذ هو فرحات حشاد وهذا ما لا يمكن ان نصدقه لأنه مخالف للحقيقة ويتعارض مع الملابسات التي نعرفها جميعا عن اغتيال حشاد والجهة المجرمة التي تقف وراء ذلك وهي اليد الحمراء ولا احد غيرها.
احمد خالد : حشاد لم يتمسح على أعتاب فرنسا
في المداخلة الثانية التي امن تقديمها الاستاذ احمد خالد استفاد الحضور من القراءة التي دحض من خلالها المحاضر جملة الافتراءات التي جاءت على لسان المجرم أنطوان ميلرو على قناة الجزيرة القطرية، منطلقا في دحضه لهذه الافتراءات من حقيقة ثابتة تؤكد على استقلالية فرحات حشاد في نضاله الاجتماعي وعدم وقوعه تحت ضغط أي تأثير فرنسي وهذا ما جعل من حشاد القائد الذي لم يتمسح طيلة مشواره النضالي على أعتاب فرنسا، وتوقف احمد خالد عند الهدف الذي وضعه الشهيد الخالد فرحات حشاد نصب عينيه وهو تأسيس حركة نقابية ذات نفس نضالي عمالي بمعزل عن كل ما هو سياسي. وأبدى المحاضر انزعاجه الشديد من فحوى تصريح المجرم أنطوان ميلرو الذي مجد من خلاله الجرم الشنيع الذي أقدمت عليه عصابة اليد الحمراء والمتمثل في اغتيال الزعيم الوطني فرحات حشاد وتباهيه بذلك والتأكيد على استعداده لتكرار هذا الجرم بعد 60 سنة في دلالة واضحة على وضاعة هذه العصابة وتجذرها في عالم الجريمة السياسية المنظمة. المحاضر احمد خالد توقف أيضا عند ما هو اخطر من ذلك حين حلل بحرفية كبيرة الغايات النفسية من وراء مثل هذه التصريحات التي اعتبر أنها تصب في خانة تخوين الرموز الوطنيين التونسيين على رأسهم الحبيب بورقيبة الذي لا يمكن تصديق كلام الصعلوك ميلرو وتحميله مسؤولية اغتيال حشاد أو ضلوعه المباشر في ذلك، وبرهن على هذا الأمر بتصريح للزعيم بورقيبة نفسه قال فيه حرفيا ان اغتيال حشاد سيظل جرحا ينزف ويؤرق النظام الفرنسي هذا بالإضافة إلى شهادات مسؤولين فرنسيين استعرضها احمد خالد وأكد من خلالها الضلوع المباشر لليد الحمراء في اغتيال الزعيم حشاد. وعن الأسباب التي تقف وراء هذا الاغتيال فقد حصرها المحاضر في نقطة مهمة وهي الكابوس الذي أصبح جاثما على الفرنسيين بسب حشاد ومواقفه واتخاذهم لقرارهم الإجرامي الجائر بتصفيته نقابيا ووطنيا خوفا من حضوره المؤثر والإجماع الحاصل حوله.
التاريخ بين يدي احمد بن صالح
هذا الاحتفال بذكرى التأسيس انتهى على إيقاع حركة معبرة اختار من خلالها الاخ احمد المزروعي الكاتب العام للاتحاد الجهوي للشغل بسوسة ومعه زملائه في المكتب التنفيذي الجهوي تكريم الاستاذ احمد بن صالح وذلك بمنحه هديتين رمزيتين. وقد لاح التأثر الشديد على الاستاذ احمد بن صالح خصوصا حين اكتشف ان إحدى الهديتين هي عبارة عن صورة نادرة له أيام تحمله منصب الأمانة العامة في الاتحاد العام التونسي للشغل. وبعد تعليق الاخ احمد المزروعي على هذه الصورة التي تكفل الاتحاد الجهوي بسوسة بإدخال تحسينات عليها في مخبر خاص حتى تحافظ على قيمتها التاريخية ، تمعن فيها جيدا الاستاذ احمد بن صالح وأطلق تنهيدة ارتياح عميقة معلقا آه..ما هذه الصورة ..ما هذه الهدية..انه التاريخ بين بيدي الآن..ولكن أنصتوا إلي جيدا ..هل تريدون مني ان اعلق عليها..إذن اسمعوا الإجابة مسلمة..اش لز خوكم لهذا..
كريمة حشاد وحديث الذكريات
من اللقطات المعبرة التي رصدناها وتأثر لها الحضور ، ذلك المشهد المتعلق بقدوم كريمة الشهيد الخالد فرحات حشاد مرفوقة بابنتها وتبادلها حديث الذكريات مع الاستاذ احمد بن صالح الذي كان هو من تكفل ليلة زفافها بنقلها في سيارته إلى منزل الزوجية . الاستاذ احمد بن صالح سعد كثيرا بهذا اللقاء واستفسر كريمة حشاد عن حياتها متمنيا لها كل السعادة والهناء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.