في إطار «سيرة و حكايات» صدر أخيرا عن هذه السلسلة بدار محمد علي الحامي للنشر بصفاقس كتاب القدس ظل آخر للمدينة للأديب محمود شقير من مواليد جبل المكبر القدس 1941 و قد نشر هذا الأخير العديد من القصص و المقالات الأدبية و السياسية في صحف فلسطينية و أردنية و عربية، و هو حائز على حائزة محمود سيف الدين الإيراني للقصة القصيرة لعام 1991. و قد اتخذ محمود شقير من حدث العودة إلى الأرض الفلسطينية نواة حارقة لتشابك الحاضر بالماضي و الأحلام القديمة بالوقائع الأليمة. فتعبر كلماته المكتنزة بالشوق من السجن إلى المنفى و من القدس بأسلوب وصفي دقيق يعلي من التفصيلات حتى تظل الكتابة وشما للأمكنة ضد همجية المحو الإستطاني. يكتب شقير بدافع ترسيم خريطة الشرعية التاريخية للأرض و للكيان الفلسطيني. لذلك تتداخل الأمكنة بالشخوص التي تشرق عبر تقنيات الاستعادة، فالأموات يعودون إلى حياة الذاكرة و الأحياء يتدفقون على محور الأمل في بناء الحاضر. و من العائلة إلى الأصدقاء ينمو خيط السرد كنمو شجرة الأصول لهوية مكتملة في الواقع و الكتابة. لكنها مهددة. لذلك لا يختفي محور الصراع مع العدو الإسرائيلي في ردهات الكتاب. و يتقاطع الذاتي بالموضوعي قي واقعية تقطر بشفافية الخيال الأدبي لقيامها على عنفوان العاطفة، فتبدو الذات الفلسطينية مشبعة بهويتها، و تسمو الكتابة بسيرة المفرد إلى سيرة الجماعة في نزوع لإثبات الوجود و كأن تجربة السجن و المنفى و العودة هي اختزال لوحدة الحياة الفلسطينية و هي ممدة على الجرح العربي و مثبوتة في جوانب القدس و ظلها.