ضمن السلسلة الفلسفيّة لمنشورات كارم الشريف صدر كتابان جديدان للباحث التونسي المقيم بإيطاليا محمد المزوغي، الأوّل بعنوان: »نيتشة والفلسفة في نقد ما بعد الحداثة«، والثاني بعنوان: »فوكو والجنون الغربي«. »نيتشة« في الكتاب الأوّل، نيتشة والفلسفة تناول المزوغي أفكار نيتشة بالنقد والتمحيص منطلقا من تفاصيل النشأة كما أوردها النيتشويون أنفسهم فأفرد لها قسما بعنوان حياة بطولية، ثم انطلق في تناول إرث نيتشة الفكري من خلال قسم لنيتشة الفيلولوجي، وقسم آخر عن إرتداء نيتشة عن الفيلولوجيّة، تلاه قسم عن سيوسيولوجيا المأساة ثم الدين الارسقراطي وإكتمال الاسطورة. وقد أورد الناشر على ظهر الكتاب ما يمكن أن يكون إشارة لاربز مناحي الكتاب ومنها نوردُ »نيتشة الذي ضرب في كلّ المواضيع وخاض في جميع الجبهات، أعطى لكل حصته: للمسلمين، للعبيد، للشعوب المستعمرة، للاشتراكيين، للعلماء، للطبقة العاملة، أخرج لهؤلاء جميعا من جعبته أبشع ما يصوّره العقل من شتائم وإهانات، ولا يمكن أن يغيب عن شاتم الإنسانية هذا عنصرا من عناصرها المحورية ألا وهو المرأة، فقد فتّق نيتشة في حقها مواهبه العنصرية وقال فيها كلاما يرجعنا إلى أحلك فترات القرون الوسطى، ويبدو أن خطابه المضادّ للأنوثة عموما بقي إرثا خالدا للفكر الرجعي والحركات الظلاميّة تستلهمه من حين لآخر لتأصيل مواقفها التفاضلية المناهضة لفكرة المساواة. »فوكو« الكتاب الثاني لمحمد المزوغي كان عن فوكو والجنون الغربي انطلق خلاله من الحديث عن المواقف المتضاربة من الرجل الذي عُدّ رسول ما بعد الحداثة، وقد قسّم كتابه لما يفوق الخمس عشرة نقطة منها تاريخ الجنون في العصر الكلاسيكي والجنون الغربي، والجنون في ظلمة الأنوار ودفاعا عن التنوير وخطابة الجنون ومأساة المجنون والجنون بين الواقع والوهم ونقض الجنون وسجن العقل... وقد قدّم الناشر للكتاب باعتباره »ثورة على التفكير في الطريقة المتساهلة التي تقبّل بها بعض المفكّرين العرب أطروحات فوكو وتزكيتها دون التشكيك في أنها قد تفتح الباب أمام كلّ أصناف العدميّة واللاّعقل فالملفت للنظر أن فوكو لم يتحدّث طوال حياته إلاّ عن الغرب من خلال الموقف الفرنسي وضمير النحن، فتاريخ الافكار الذي اهتمّ به فوكو هو تاريخ متموقع في زمان مخصوص وفي ركن محدّد من خارطة العالم (أفكار الغرب وأوروبا تحديدًا) فليس هناك أية إشارة أن تحاليل فوكو تمتدّ خارج رقعتها الجغرافية...« مشروع الجابري وفي إطار السلسلة الفكريّة وضمن باب نقد الفكر العربي صدر أيضا عن منشورات كارم الشريف كتاب جديد للباحث التونسي علي المحلّبي بعنوان في التحليل والتأويل قراءة في مشروع محمد عابد الجابري، قسّمه صاحبه بعد المقدّمة ومقدّمة المقدّمة الى ستّة أقسام أوّلها تأسيس القول في الماضي ثم الحجّ والحجّ الاكبر ثم المضمون الأيديولوجي في خطاب الجابري ثمّ التأويل والقياس ثم الخطاب التراثي والخاتمة. فالاهتمام بالجابري كما أورد الناشر هو إهتمام بأنموذج من الخطاب التراثي العربي المعاصر، وليس الإهتمام بالخطاب التراثي إلاّ محاولة لتفحّص نوع مقاربة »العقل العربي المعاصر« لأهمّ إشكالياته وهي إشكالية الاصالة والمعاصرة، وإختيار الجابري يعود لأهميّة مقاربته ووضوحها المنهجي والإشكاليّ ممّا يمكّن من بنائها ونقدها.