[هذا شايكم أخضر ساخن فاشربوه محمود درويش] قرأتُ منذ مدّة مقالا صحافيّا في إحدى الصحف التونسية مقالاً عن الرّوائي البيروفي ماريو بارغاس يوسّا إثر الإعلان عن فوزه بجائزة نوبل للأدب. كنت مصدومًا لأنّ العنوان الكبير للمقال يقول: »الكاتب البوليفي م. ب يوسّا كذا وكذا« كلّ ما يعنيني في الأمر هو أنّ الصحافية أخطأت ورئيس القسم الثقافي أخطأ والمصحّحون أخطؤوا.. أوّلا لأنّ الكاتب الذي نال شهرة واسعة قبل حصوله على نوبل أصلُهُ من »البيرو« وليس من »بوليفيا«. فكيف يتغيّر موطنه الأصلي والرجل معروف في العالم جميعه! قرأتُ الفقرات الأولى من المقال والصحافيّة مازالت تتحدّث عن بوليفيا وليس عن البيرو. فكيف لم يتفطّن أحدٌ؟ من المخجل حقّا أن تتحدّث الفقرات الأخيرة من المقال عن أنّ الرجل يعيش متنقّلا بين برشلونة وباريس ولندن وأنّه ترشّح للانتخابات الرئاسية في »البيرو« عام 1994 وفشل في السّياسة وهذا يناقض ما جاء في بداية تتحدّث عن بوليفيا! غريبٌ أمر هذه الصحيفة التونسية التي تنشر مقالاً لصحافيّة قيدومة (من القدم والترهّل) وغريبٌ أمر هذه الصحيفة التي تملك رئيس قسم ثقافيّ لا يفرّق بين »البيرو« و»بوليفيا«! وتملك ترسانة من رؤساء التحريرالذين لا يملكون من رئاسة التّحرير سوى ديباجة تتحدّثُ عن فوائد البطاطس في ذكرى اغتيال الزّعيم والمناضل النّقابي فرحات حشاد!! أهذه صحفٌ تدّعي أنّها منتشرةٌ في الأرض؟ وأنّها قريبة من النّاس طبعا هي الأولى في الإعلانات عن المياه المعدنية والشيكولا وأشياء أخرى، في حين أنّها فشلت في أن تنقل خبرًا مهمّا وحدثًا جديدًا بالدّقة المهنيّة المطلوبة... أمّا المصحّحون فهم في نومٍ عميق! أردتُ الحديث عن الوضع الرّديء للصحافة الثقافيّة في تونس من خلال ذكر هذا الخطأ المهنيّ القاتل. وعديدة هي الأخطاءُ المهنيّة القاتلة في صحفنا الأولى مثل وضع صورة لأحد الشعراء المحَاوَرينَ في ذلك العدد من الصحيفة وفوق الصّورة حوار مع وزير الشباب والرياضة! عندما شاهدتُ الأمر ضحكتُ لأنّ الشاعر أصبح وزيرًا والوزير صار شاعرًا... ومن أين لوزير أن يهتمّ بالكتابة والأدب. إنّه تشابهٌ في الأسماء! والمشهدُ الآخرُ الذي أضحكني عندما وجدتُ يومًا صورة لصديقة شاعرة أعرفُها مرفوقًا بخبر عن أمسية لشاعرة أخرى تتشابه معها في الإسم فقط! آخر طرفة رأيتها منذ أقلّ من أسبُوعين نصّ استقالة من جمعيّة ثقافية عريقة في شرب الشاي الأخضر الساخن بالنعناع! نصّ استقالة ممُضىً بإسم صديق شاعر أعرفه مع صورة كبيرة لشاعر آخر! والتّعلّةُ دومًا هي التشابهُ في الأسماء! إنّي أردُّ هذه الأخطاء المهنيّة القاتلة إلى التسرع والاهمال والمزاج والضّغط والجهل وغياب وعْي المصححين باللّغة! هل هذه الصّحافة التي قال عنها الكاتب الكبير »غابرييل غارسيا ماركيز« يومًا: إنّها أجمل مهنة في العالم! لأنّ الرّجل كان يعرف قيمة الخبر الدّقيق والصّورة المطابقة للمضمون... ومثلما ناديتُ في مقال سابق بإحداث جائزة للسّلامة اللغوية قياسا على جائزة السّلامة المرورية، أنادي هذا اليوم بجائزة للسلامة الصحافيّة!!