اصدار بطاقات إيداع في حق مسيري جمعيتين اثنتين ومسؤولين سابقين بعدد من الإدارات ( محمد زيتونة)    مدير معهد الإحصاء: كلفة انجاز التّعداد العامّ للسّكان والسّكنى لسنة 2024 تناهز 89 مليون دينار    وزير التشغيل والتكوين المهني يؤكد أن الشركات الأهلية تجربة رائدة وأنموذج لاقتصاد جديد في تونس    تونس في الإجتماعات السنوية للبنك الأوروبي لإعادة الأعمار والتنمية(BERD).    منوبة: إصدار بطاقتي إيداع في حق صاحب مجزرة ومساعده من أجل مخالفة التراتيب الصحية    قابس: تراجع عدد الأضاحي خلال هذه السنة مقارنة بالسنة الفارطة (المندوبية الجهوية للتنمية الفلاحية)    وزير الداخلية الفرنسي: الشرطة قتلت مسلحا حاول إشعال النار في كنيس يهودي    بن عروس: اندلاع حريق بمستودع قديم وغير مستغل    كاس تونس لكرة القدم - نتائج الدفعة الاولى لمباريات الدور ثمن النهائي    مدرب الاهلي المصري: الترجي تطور كثيرا وننتظر مباراة مثيرة في ظل تقارب مستوى الفريقين    بطولة العالم لالعاب القوى لذوي الاعاقة : التونسي احمد بن مصلح يحرز برونزية مسابقة دفع الجلة (صنف اف 37)    تفكيك شبكة لترويج الأقراص المخدرة وحجز 900 قرص مخدر    القيروان :الاحتفاظ ب 8 اشخاص من دول افريقيا جنوب الصحراء دون وثائق ثبوتية يعملون بشركة فلاحية    الحماية المدنية: انقاذ طفل على اثر سقوطه ببئر دون ماء عمقه حوالي 18 متر    الكاف: انطلاق فعاليات الدورة 34 لمهرجان ميو السنوي    بن عروس : انطلاق ملتقى الطاهر الهمامي للإبداع الأدبي والفكري في دورته العاشرة    وزير الصحة يؤكد على ضرورة تشجيع اللجوء الى الادوية الجنيسة لتمكين المرضى من النفاذ الى الادوية المبتكرة    نحو 20 بالمائة من المصابين بمرض ارتفاع ضغط الدم يمكنهم العلاج دون الحاجة الى أدوية    الخارجية الألمانية.. هجمات المستوطنين على مساعدات غزة وصمة عار    رسميا.. سلوت يعلن توليه تدريب ليفربول خلفا لكلوب    اكتشاف جديد قد يحل لغز بناء الأهرامات المصرية    تضمّنت 7 تونسيين: قائمة ال101 الأكثر تأثيرًا في صناعة السينما العربية    سعيّد يأذن بتنقيح فصولا من المجلة التجارية    قيس سعيد يُعجّل بتنقيح الفصل 411 المتعلق بأحكام الشيك دون رصيد.    أب يرمي أولاده الأربعة في الشارع والأم ترفضهم    إرتفاع قيمة صادرات المواد الفلاحية البيولوجية ب 24،5 %    أولا وأخيرا ..«سقف وقاعة»    خلال لقائها ببودربالة...رئيسة مكتب مجلس أوروبا تقدّم برنامج تعاون لمكافحة الفساد    عاجل/ إسبانيا تتخذ اجراء هام ضد الكيان الصهيوني..    القدرة الشرائية للمواكن محور لقاء وزير الداخلية برئيس منظمة الدفاع عن المستهلك    دقاش: افتتاح فعاليات مهرجان تريتونيس الدولي الدورة 6    وزير الفلاحة: المحتكرون وراء غلاء أسعار أضاحي العيد    الديوانة تحجز سلعا مهربة فاقت قيمتها ال400 مليون    حاولوا سرقة متحف الحبيب بورقيبة الأثري...القبض على 5 متورطين    معلم تاريخي يتحول إلى وكر للمنحرفين ما القصة ؟    المنستير: عدد حجيج الولاية لموسم الحج الحالي بلغ 590 حاجا وحاجة    تقريرنقابة الصحفيين: ارتفاع وتيرة الاعتداءات على الصّحفيين في شهر أفريل    غدا..دخول المتاحف سيكون مجانا..    البطولة العربية للأردن : تونس تشارك ب14 مصارعا ومصارعة    570 مليون دينار لدعم الميزانيّة..البنوك تعوّض الخروج على السوق الماليّة للاقتراض    عاجل/ أمريكا تستثني هذه المناطق بتونس والمسافات من تحذير رعاياها    إتحاد الفلاحة: المعدل العام لسعر الأضاحي سيكون بين 800د و1200د.    اليوم.. حفل زياد غرسة بالمسرح البلدي    القصرين: وفاة شاب في حادث مرور    بعد تسجيل الحالة الرابعة من نوعها.. مرض جديد يثير القلق    مباراة الكرة الطائرة بين الترجي و الافريقي : متى و أين و بكم أسعار التذاكر؟    كأس أوروبا 2024: كانتي يعود لتشكيلة المنتخب الفرنسي    عاجل : ليفربول يعلن رحيل هذا اللاعب نهاية الموسم    ملف الأسبوع...المثقفون في الإسلام.. عفوا يا حضرة المثقف... !    خطبة الجمعة...الميراث في الإسلام    سنتكوم: تفريغ أول حمولة مساعدات على الميناء العائم في غزة    النائب طارق مهدي يكشف: الأفارقة جنوب الصحراء احتلوا الشريط الساحلي بين العامرة وجبنيانة    منبر الجمعة .. المفسدون في الانترنات؟    التحدي القاتل.. رقاقة بطاطا حارة تقتل مراهقاً أميركياً    منها الشيا والبطيخ.. 5 بذور للتغلب على حرارة الطقس والوزن الزائد    التوقعات الجوية لهذا اليوم…    مفتي الجمهورية : "أضحية العيد سنة مؤكدة لكنها مرتبطة بشرط الاستطاعة"    عاجل: سليم الرياحي على موعد مع التونسيين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إن مساء دون «حفّة» لا يجوز
مناخات سرية بوبكر عموري
نشر في الشعب يوم 18 - 12 - 2010

بعض المدن تخسر ملامحها أو تتهاوى بمجرد غياب أحد رجالها، والمدن كائنات حيّة تتجول في دواخلنا مثلما نتجول نحن في تعاريجها، للمدن روائح بشريّة، وعواطف أيضا، فللمدن صفات بشرية كما حدّث بلزاك عن شوارع باريس، ومدينة تونس عرفت حقبا ومراحل ملأها رجال بضجيج أقدامهم وأقلامهم، ومع أن مدينة تونس ليست وفيّة لماضيها، إذ أن فسخ بعض المقاهي والمطاعم الشهيرة وربما الأنهج والشوارع علامة فارقة في تاريخ مديتنا، فقد تجذبك إحدى روايات حسن بن عثمان أو صلاح الدين بوجاه أو رضوان الكوني أو حسونة المصباحي... وتقرأ عن مقهى ما، أو مطعم أو... وتجذبك الرغبة في البحث عن المكان لترى ما رآه الروائي او القصّاص... فلا تجد المكان أصلا أو تجد مكانه بنكًا أو مؤسسةً أو أي شيء آخر... فتتحول الرواية لديك الى مجرّد قصة خيالية تدور أحداثها في عالم النجوم... وإن كنت من الأجانب فإنك سترمي باللائمة على الروائي أو الكاتب أو القصّاص الذي تحدث عن أمكنة لا وجود لها... باريس مدينة تعجّ بالمقاهي والمطاعم والحانات التي تحمل كراسي أو طاولات عليها إمضاء كتّاب مرّوا من هناك... وتونس مدينة تمحو آثار كتابها وفنانيها فأين كان يجلس المسعدي مثلا وأين كان يتردد الشيخ العروسي المطوي و...
II
مع ذلك فإن بعض الشعراء والكتّاب والفنانين احتالوا على هذا المحور وخلقوا تقاليد أخرى تتماشى ورغبة المدينة في الإلغاء.. ربما انتصروا، ولكنها حقيقة الجوّالين في أمسيات المدينة كان سليم دولة في إحدى أمسيات الصيف يجوب شارع بورقيبة ويردد بضجر »إن مساء دون حفّة لا يجوز« وهو يقصد صديقه الشاعر »أبو غسّان« الذي كان في سفر... إحدى تفاصيل الكنعاني المغدور هي التجوال في شوارع المدينة... و ل »حفّة« إيقاعه الخاصّ... فهو قصيدة بذاتها... يحضنك الدفء بين ذراعيه قبل ان تباعتك صيحته المموسقة التي تعوّد سماعها أغلب أصدقائه من الشعراء والكتّاب والفنانين »هَهْهَا« ثم يخلع عليك أحد ألقابه الحسنى بعربية غاية في الاتقان... ويقبلك بوحشة دهر من الغياب... كأنك لم تره منذ سنين... أو أنك عدت لتوّك من بلاد بعيدة...
»فسليم دولة« هو »أبو السلم« و »فتحي النصري« هو »أبو الفتوح« والقائمة تطول ولكن »أحمد حاذق العرف« المعروف ب »الامبراطور« يصبح لدى حفّة »امبراطوري«... يخصّ به ذاته كأني به يقول إنك قلبي وليس كما تعوّد الناس... يصف لك »حفّة« صديقا لا تعرفه: »إنه رفيق جميل«.
III
مليء بالحب والجاذبية... قامة مقاتل... وشعر طويل يوحي بالسينما... لحية مربعة كثة تستقيم أناقتها بغليونه الشارد... يتمشى »حفّة« مساء ويزرع جسده / القصيد على شارع الرئيس فيسيل على جنبات الخطى ويفيض... من »مصّوج« أحد أرياف سليانة جاء »ولد دادا« الى تونس عبد ان جاب لبنان واليمن والجزائر وغيرها من المدن في تجربة ربطته بحكيم الثورة الفلسطينية... وحطّ الرحيل على أجنحة عصافير باب البحر.
VI
لسنوات جمعتنا طاولة... متنقلة وقارة... طاولة منارات وفي أمسيات الفرح بإنجاز عدد من الأعداد تشكلت »كنيسة« منارات: »العرف هو الباب« وصاحب الحبر الآن: »الكاردينال« وسليم دولة »التيولوجي« ومنتصر الحملي : الخوري أما »حفّة« فهو »الكامرلنك« ولك يا أبا »لحفايف«
كما يناديك العرف أهدي هذا القصيد:
دق ناقوس كنيستنا
ووسوسَ،
في ليل لا يعبأ بالناس
شيطان الحبر
❊ ❊ ❊
انسرح »البابا« على الصفحات (1)
يسوّي جدائلها
وينادي
مَنْ ... مَنْ لي برجال
حَرْفُ الحَرْفِ دسائسهم؟
»والكامرلنك«: كل طقوس الموج على شفتيه (2)
تحت سواد أناقته
وفي تبغه غليون
دمه مقبرة الكلمات
قفز الموتى على الأحياء
و »الكامرلنك«
يذرّ الحرف على الظلمات
❊ ❊ ❊
دق ناقوس كنيستنا
ووسوس
في ليل لا يعبأ بالحبر
شيطان الناس
منزويا في حلاّج جبّته
دماء أبديّة... وتفور
يؤرخ للمهمل من أبنية الكلم الغاصب للأشياء
نبيّا في عزلته
عزّ في زمني المزمن بالدّاء
أن يصدح في بيتي نبيّ..
❊ ❊ ❊
قد يفاجئك الفجر
أمام المسرح البلدي
ويَقفز من جيب سترتك
الكاس والحراس
لتشربها على مهل
كأن الكاس ما خلقت
إلا ... ليجوس
خلف عشاقها عسس
وتهدي الكاس للحراس
وقد تسأل الليل قبل ساعته الأخيرة
من كان خلف الباب
من كان يهتك أسراري
بعذق الوقت
عاشق وندامى
صاح الليل ملتبسا
والليل يفضح سرّ العاشقين الثمالى
وسرّ الكاس والحراس
❊ ❊ ❊
ما أجمل الليلة العاشرة من شهر مايو
والظن
إبليس أزرق
يحتفل الشاعر بالشارع
والشارع صمت مغلق
ما أجمل سنة تسع وألفين
والشارع يتوكأ على كرسي أدردْ
انظر في سرّ الليل
ففي ليلى نجوم ترقدْ
وإني في الليل مع »الأفّاكين«
نجمنا أبعدْ
❊❊❊
ما أعذب أن أتماهى والليل
أمام المسرح البلدي
ومقهى باربس
تسحق سرّ زبائنها
أتوجه بين أبصار الليل
أهدي للجدْران تحياتي
أترنحّ مثل عصفور في فوهة باب البحر
هنالك في آخر عيني
ثلاثة أفاكين من زمن الحبّ القاسي
وجدار... (3)
❊ ❊ ❊
للبابا طقوس برّية
في رقة ليل »الكامرلنك«
وهو يُعَبّئُ طاسا فوق الطاس
ويدفن رأسه
بين حشاش امرأة
لا حشائش فيها
ويدفع ما ملكت ستّونه لقرطاس
❊ ❊ ❊
دق ناقوس كنيستنا
ووسوس
في ليل لا يعبأ بالناس
شيطان الحبر
❊ هوامش
(1) أحمد حاذق العرف
(2) عبد الحفيظ المختومي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.