تأتي من خلف الستار إمرأة...! ترتدي لباسا فضفاضا شكلها كحمامة تكتسح الفضاء بدورتها الاستطلاعية، مصفقة بجناحيها مستفزة الصمت في حركة تحدٍّ للمجموعة الشبابية المستلقية على خشبة المسرح في حالة انكماش على الذات... تستمر المرأة / الحمامة في الرقص... رقصة لولبية مناجية الفضاء بجناحيها، معانقة الارض بانفتاح ساقيها وانغلاق يديها على مجهول متمرد داخلها... تشعر المجموعة المستلقية بحالة دوار من كثرة دوران الحمامة حولهم... ويقفون في حركة متحدة ملتصقة فمتفتحة كزهرة داهمها الربيع فجأة فانبثقت متفتحة بسرعة اللحظة فارشة بتلاتها للنسيم. تبدأ المجموعة في الالتفاف حول الحمامة / الوطن في رقصة متمايلة حينا ومهتزة حينا آخر كتمايل الاغصان عندما يهز خصرها النسيم... واستمروا فترة ن الزمن على ذاك الحال والحمامة / الوطن تمارس نفس الفعل الراقص في خشوع وتعبّد. فجأة تصاعد الايقاع الفرحي معلنا عن زواج الطبيعة البكر بالفضاء الفحل... وتغيرت حركات الحمامة وعلى الهديل يبارك لحظة الانصهار واصبح لرقصتها معان اخرى تناجي الرغبة في الجسد... توحدت المرأة / الوطن بالخصر واليدين مع المجموعة الراقصة حولها باحثة عن ذاتها... متنقلة بهستيريا راقصة بين هذا وتلك، مارست المجموعة الراقصة التوحد معها في استرخاء يجمع بين الرغبة والذهول. وابتدأت المرأة / الحمامة ترتعش بجناحيها في انكسار وانحناء بالرأس... حتى سقطت بينهم أرضا في رقصة التلوي مع الوجع، فقد أتعبها نبض الجسد المفرط... التقت المجموعة الراقصة حولها في شكل قلب عضلاته في حالة انكماش... حملوها عاليا على الأيادي واستمروا في الرقص رقصتهم للنبض ترمز الى محاولة منهم لدفق الدماء ثانية في شرايين قلب الحمامة / الوطن. استمر الرقص ومن يرى الجمع لأول مرة يحسبهم قلبا يصارع الحياة بنبضه... بدت حركتهم المتموجة سيلَ دَمٍ يتدفق آخذا طريقه عبر الأيادي الى قلب الحمامة / الوطن. كان نصف الأيادي الممتدة يحمل الجسد بالتفاف حول الخصر والنصف الآخر من الأيادي يواصل عملية دفن الدماء... دبت الحياة ثانية في الجسد / الفناء، وأخذت المفاصل في الحركة باحثة عن التحرر من جديد... استقر الجسد واقفا في حالة الارتعاش / النشوة وتجمعت أيادي الانقاض حول الخصر تبارك ارادة الحياة. أحست الحمامة / الوطن ان السماء تبارك ولادتها الثانية وان الارض تمنحها وسام الوجود على قاعدتها... رفعت رأسها ويديها الى السماء وثبّتت قدميها جيدا في الارض وكأنها رباط وصل بين الارض والسماء، وابتدأت رقصة الشكر في انحناء للأرض وترفع للسماء بجسد يصنع وحدة الخضوع والكبرياء. أخذت المجموعة في ممارسة الفعل نفسه فرحا بهذا الكيان الذي منحه القدر شرف التواجد بينهم... واستمر الرقص في صلاة خاشعة ليختتم بحمل الحمامة / الوطن على الأكتاف عروسا يحبل جسدها بالتألق.