سليانة: توقّعات بتراجع صابة حب الملوك في مكثر    570 مليون دينار لدعم الميزانيّة..البنوك تعوّض الخروج على السوق الماليّة للاقتراض    عاجل/ أمريكا تستثني هذه المناطق بتونس والمسافات من تحذير رعاياها    سيف الله اللطيف ينتقل الى الدوري الهولندي الممتاز    نابل: اندلاع حريق بمخبر تحاليل طبية    اليوم.. حفل زياد غرسة بالمسرح البلدي    أبرز اهتمامات الصحف التونسية ليوم الجمعة 17 ماي    اغتيال قائد في سلاح جو حزب الله بضربة للكيان الصهيوني    إتحاد الفلاحة : كتلة أجور موظفي إتحاد الفلاحة 6 مليارات و700 ألف دينار    البرازيل تستضيف نهائيات كأس العالم لكرة القدم    مراسل قنوات بي إن سبورت "أحمد نوير" في ذمة الله    القصرين: وفاة شاب في حادث مرور    سيدي بوزيد: وفاة كهل وزوجته في حادث مرور    قابس: عدد الأضاحي تراجعت هذه السنة    بعد تسجيل الحالة الرابعة من نوعها.. مرض جديد يثير القلق    مباراة الكرة الطائرة بين الترجي و الافريقي : متى و أين و بكم أسعار التذاكر؟    إسبانيا تمنع السفن المحملة بأسلحة للكيان الصهيوني من الرسو في موانئها    حريق بمستودع بين المروج 6 ونعسان    الخارجية : نحو إبقرام إتفاقية مع الدول الإفريقية بخصوص المهاجرين .. التفاصيل    هام/ مناظرة لانتداب 34 متصرفا بالبريد التونسي..    يصنعون ''مواد المسكرة محلية الصنع القرابا'' و يقومون ببيعها بمدينة أم العرائس    اتحاد الفلاحة: أسعار أضاحي العيد ستكون باهضة .. التفاصيل    عاجل : الكشف عن مصنع عشوائي لتعليب المنتوجات الغذائية و الأمن يتدخل    كأس أوروبا 2024: كانتي يعود لتشكيلة المنتخب الفرنسي    تونس : 80 % من الشباب ليس له مدخول    انتخاب تونس عضوا بالمجلس الوزاري الإفريقي المعني بالأرصاد الجوية    ذهاب نهائي رابطة ابطال افريقيا : الترجي يستضيف الاهلي برغبة تعبيد الطريق نحو الظفر باللقب    النائب طارق مهدي يكشف: الأفارقة جنوب الصحراء احتلوا الشريط الساحلي بين العامرة وجبنيانة    الجزائر تواجه الحرائق مجدّدا.. والسلطات تكافح لاحتوائها    البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية يدعم انتاج الطاقة الشمسية في تونس    روعة التليلي تحصد الذهبية في بطولة العالم لألعاب القوى لذوي الاحتياجات الخاصة    محيط قرقنة اللجنة المالية تنشد الدعم ومنحة مُضاعفة لهزم «القناوية»    نجاح الأسرة في الإسلام ..حب الأم عبادة... وحب الزوجة سعادة !    منبر الجمعة .. المفسدون في الانترنات؟    ملف الأسبوع...المثقفون في الإسلام.. عفوا يا حضرة المثقف... !    خطبة الجمعة...الميراث في الإسلام    اعزل الأذى عن طريق المسلمين    التحدي القاتل.. رقاقة بطاطا حارة تقتل مراهقاً أميركياً    الشرطة الفرنسية تقتل مسلحا حاول إضرام النار في كنيس بشمال غرب البلاد    منها الشيا والبطيخ.. 5 بذور للتغلب على حرارة الطقس والوزن الزائد    التوقعات الجوية لهذا اليوم…    الاطاحة بمنحرف خطير بجهة المرسى..وهذه التفاصيل..    الصحة العالمية.. استهلاك الملح بكثرة يقتل 10 آلاف شخص يوميا في أوروبا    عاجل: لأول مرة: تونس تصل المرتبة الثانية ضمن التصنيف الدولي للبيزبول    دخول مجاني للمتاحف والمواقع الأثرية    ارتفاع عجز الميزان الطاقي    الناطق باسم وزارة الداخلية: "سيتم تتبع كل من يقدم مغالطات حول عمل الوحدات الأمنية في ملف المحامي مهدي زقروبة"    توقيع إتفاقية قرض مجمع بالعملة لدى 16 مؤسّسة بنكية محلية لفائدة تمويل ميزانية الدولة لسنة 2024    تفكيك شبكة في صفاقس، تقوم ببيع محركات بحرية لمنظمي عمليات الإبحار خلسة    باجة: باحثون في التراث يؤكدون ان التشريعات وحدها لا تكفي للمحافظة علي الموروث الاثري للجهة    توزر: تظاهرة احتفالية تستعرض إبداعات أطفال الكتاتيب في مختتم السنة التربوية للكتاتيب بالجهة    وزارة الثقافة تنعى المطربة سلمى سعادة    صفاقس تستعدّ للدورة 44 لمهرجانها الصيفي    عاجل: "قمة البحرين" تُطالب بنشر قوات حفظ السلام في فلسطين..    سيدي بوزيد: انطلاق الدورة 19 من مهرجان السياحة الثقافية والفنون التراثية ببئر الحفي    عاجل: متحوّر كورونا جديد يهدّد العالم وهؤلاء المستهدفون    مفتي الجمهورية : "أضحية العيد سنة مؤكدة لكنها مرتبطة بشرط الاستطاعة"    عاجل: سليم الرياحي على موعد مع التونسيين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إشكالية التربية في تفكير المسعدي ونشاطه
محمود طرشونة
نشر في الشعب يوم 03 - 09 - 2011

من المعلوم أن التربية هي أهم أسس بناء المجتمعات والحضارات. فهي التي تكيّف شخصية الفرد وتؤهله لمواجهة قضايا وجوده داخل المجتمع، وتكوّن نمط تفكيره ونشاطه المهني، وتساعده على بناء ثقافته وعلاقته بغيره. وقد وعى محمود المسعدي أهمية التربية ودروها في تحرر الفرد والجماعات فأولاها اهتماما خاصا وسخر لها طاقاته في مجالات مختلفة اذ حرص على التزود بالمعرفة منذ الصغر فاختار احسن ما كان متوفرا في عصره من تعليم في تونس وخارج تونس، ثم تحول بدوره الى مُربٍّ فاضطلع بتدريس الأدب سنوات عديدة مكنته من معرفة قضايا التعليم في تونس في عهد الحماية الفرنسية فسعى الى معالجتها بقلمه أولا ثم بنضاله النقابي قصد نشر التعليم بين مختلف الفئات الاجتماعية وتأصيله وخاصة تخليصه من التبعية لنظام فرنسا الهادف الى طمس الشخصية الوطنية. ثم عمل بعد الاستقلال على اصلاحه وتعميمه بواسطة مخطط عشري حاول تنفيذه بصفته وزيرا للتربية، وأخيرا مكنه نشاطه في منظمة اليونسكو من التفكير في اشكالية التربية وفلسفتها وأهدافها فكتب عنها مقالات تأسيسية على المستوى الدولي. وبذلك مرّ بمختلف المراحل متحولا من التقبل الى الممارسة، ومن التوظيف الى التفكير.
1 المسعدي مُربّيًا:
قبل الحديث عن نشاط المسعدي التربوي يجدر التذكير بمختلف مراحل تكونه في تونس وفرنسا. فقد بدأ بحفظ القرآن في كتّاب قرية تازركة منذ سن الخامسة كجلّ التونسيين في مطلع القرن العشرين، وبقي ما يقارب الخمس سنوات (1916 1921) رفقة مؤدب كفيف جعله يكشتف في سن مبكرة ايقاع القرآن. ثم تحول الى فرع الصادقية الابتدائي (1921 1926) ثم الثانوي (1921 1932). وكان المعهد الصادقي في تلك الفترة المعهد الوحيد الذي اختار الازدواجية اللغوية والثقافية كما تصورها مؤسسه خير الدين التونسي مذ سنة 1875. وقد تخرج منه المسعدي سنة 1932 بدبلوم انتهاء الدروس بالصادقية والجزء الاول من الباكالوريا ولكن ما استفاده من المعهد الصادقي يتجاوز الشهادتين المذكورتين الى »تربية العقل وتربية العاطفة والخيال« و »تحقيق انسانيته« و »مغامرة الوجود الانساني« كما يقول (1)، وقد تم ذلك بواسطة اساتذة فرنسيين عرفوا كيف يركزون على القيم الانسانية في أدب كبار الكتّاب والشعراء الاوروبيين مثل راسين وكورناي وشكسبير وبودلار وغيرهم. وقد نوّه بهم المسعدي لكنه استثنى منهم من كان يعمد الى ما سماه ب »التجنيس الذهني الثقافي« (2). وللحصول على الجزء الثاني من الباكالوريا كان لزاما على خريج الصادقية التحول الى معهد كارنو الفرنسي في السنة الموالية (1932 1933). وقد دفعه الطموح العلمي والتعطش الى المعرفة الى الالتحاق بجامعة الصوربون بباريس سنة (1933) فتخرج منها بالاجازة سنة 1936 ودبلوم الدراسات العليا (1939) والتبريز (1947) بعد انقطاع دام سنوات الحرب العالمية الثانية، ثم سجل موضوع دكتورا دولة عن شعر أبي نواس لم يتمكن من إكمالها ومناقشتها بسبب انشغاله بمسائل اخرى وطنية ونقابية اساسا، وموضوع دكتورا الجامعة حول »الايقاع في السجع العربي« حصل اثر الانتهاء من تحريرها على ترخيص في طبعها وهو ما يعني الترخيص بمناقشتها.
ويبدو ان الغاية من الانخراط في جامعة الصُربُون لم تكن تكديس الشهادات العليا بقدر ما كانت اثبات قدرة الطالب التونسي على استيعاب المعرفة (3) وبيان تهافت حكم بعض المستعربين مثل وليام مارسي (William Marچais) على الثقافة العربية بالضحالة (4).
وقد شرع المسعدي في التدريس منذ حصوله على الاجازة في اللغة والآداب العربية سنة 1936، فدرّس في معهد كارنو سنتين ثم في الصادقية عشر سنوات (1938 1948) قبل ان يتحول الى التدريس في معهد الدراسات العليا وادارة قسم الاجازة العربية به (1948 1955) فضلا عن إلقاء بعض الدروس في جامعة باريس نفسها منذ حصوله على التبريز سنة 1947 الى غاية 1952. وبذلك باشر التدريس بمستوييه الثانوي والعالي اكثر من عشرين سنة عرف فيها قضاياه من الداخل فتصدى لها. وقد وضح في عديد المناسبات نقطتين أساسيتين تتعلقان بتجربته هذه: الغاية من التربية ومنهج التعليم البيداغوجي.
فالغاية القصوى التي يهدف اليها التعليم في نظره بناء الذات وتفجير الطاقات الكامنة في الكيان الانساني، وهي طاقة خلاّقة فكرية وشعورية من شأن التعليم تحريرها وتنميتها وهو بذلك يرد على من يرى ان المدرسة تحد من حرية الفرد وتعطل كيانه. كان يتساءل مستنكرا: »لماذا اصبح بعض الناس يفكرون في العصر الحاضر ان مؤسسة التعليم والتربية نفسها عائق عن حرية الانسان، وانها مسخّرة للانسان بل انها معطلة للانسان (.....) ؟ يقولون ان المدرسة هي أول مصنع يريد ان يكيّف الانسان بكيفية يفرضها المجتمع؟ (5).
أما المنهج البيداغوجي فانه مرتبط بهذه الغاية في تفجير الطاقات الكامنة في النفس. لذلك ما فتئ المسعدي يؤكد ان منهجيته في التدريس لا تقوم على إملاء آراء ومواقف على التلاميذ بل ترمي الى تعليمهم كيف يفكرون وكيف يعالجون القضايا بأنفسهم (6)، وكيف يكونون انفسهم بأنفسهم وما المدرس الا »مولّد« يساعد الناشئة على اخراج مكنونات طاقتهم الفكرية والوجدانية والاحساسيّة ليعمل على تنميتها ومفهوم التوليد (mayeutique) ليس غريبا عن المناهج البيداغوجية الحديثة. يقول: »لذلك لم أكن أسعى كمرب وتلاميذي يشهدون بذلك الى ان أمْلي عليهم رأيا او مذهبا بل كنت أحملهم على شيء عسير عليهم فيجدر بالجميع ان يجدوا الحل لمشكلتهم بأنفسهم« (7) وقد يكون هذا الذي جعله يعرف بالشدة في معاملة تلامذته بله القسوة. وقد اعترف بذلك في احدى تصريحاته: »التلميذ هو الذي يراني قاسيا. اما بالنسبة إليّ فقد كنت شديدا. كانت الشدة مبدأ من مبادئ طريقتي في التعليم« (8).
وقد وظف من ناحية اخرى تدريس انتاج كبار الشعراء أمثال المعرّي والمتنبي وابن الرومي وأبي نواس وكبار المفكرين كالغزالي والتوحيدي لتلقين بعض القيم بصفة غير مباشرة.
وباشر محمود المسعدي التدريس في مختلف المستويات اكثر من عشرين سنة عرف فيها مشاكل التعليم وحاجاته، مما مكنه من السعي الى حلها عبر مسلكين: المسلك النقابي ثم المسلك الحكومي.
2 المسلك النقابي: من اجل تربية وطنية:
شخّص محمود المسعي اوضاع التعليم في عهد الحماية في مقال نشره سنة 1947 في مجلة »المباحث« بعنوان »مشاكلنا الحاضرة في التعليم«. ويظهر من هذا التشخيص ان التعليم كان مشتتا بين أصناف مختلفة من المؤسسات التعليمية لا يوحّد بينها شيء، يزداد بعضها ان يتقلص او يحوّر بحسب ضغوط الأهالي والمثقفين على الادارة الفرنسية لكن دون ان تحيد عن جملة من الثوابت تهدف بالخصوص الى طمس الشخصية الوطنية وفرض لغة المستعمر وثقافته فضلا عن عدم تمكين جميع الاطفال في سن الدراسة من دخول المدارس.
وقد بدا الوضع التعليمي في الأربعينات مترديا وبدت محاولات اصلاحه محدودة لأنها لار تخرج عن الثوابت التي رسمها الاستعمار لترسيخ أقدامه في البلاد:
تعليم عصري مزدوج اللغة نسبيا في المعهد الصادقي الموروث عن مؤسسه خير الدين التونسي الذي كان يهدف حسب المسعدي »الى إحياء الثقافة العربية الاسلامية وتلقيحها بالعلوم العصرية وطرق البحث العلمية الحديثة«. وكان للصادقية شهادتها الخاصة هي شهادة »انتهاء الدراسة الثانوية بالمدرسة الصادقية«. وكان الاقبال عليها كبيرا الا ان طاقة اسيتعابها كانت محدودة جدا. وقد تدخلت فرنسا في لغة التعليم بها فجعلتها بالفرنسية مع ساعات محدودة للغة العربية ومبادئ الدين الاسلامي وجعلتها تعدّ التلامذة الى امتحان الباكالوريا على غرار معهد كارنو الفرنسي الصرف حيث تدرّس العربية الدارجة اختياريا ضمن اللغات الأجنبية كالانڤليزية والايطالية »وهكذا قُضِي على فكرة خير الدين«.
وفي مقابل هذا التعليم العصري كانت توجد الكتاتيب والمدارس القرآنية والتعليم الزيتوني التقليدي و »كلها مؤسسات لم يدخلها من الروح العصرية شيء« كما يقول المسعدي.
وبين هذين النظامين كان يوجد معهد الخلدونية الذي أسسه البشير صفر، ومعهد ابن خلدون الخاص. ثم أنشأت الحماية تحت ضغط الاولياء »مدرسة ثانوية على شاكلة الصادقية« ومدرسة ترشيح معلمات العربية على غرار مدرسة ترشيح المعلمين، ومعهد إميل لوبي للتعليم التقني وجملة من مراكز التعليم الصناعي والمهني. ولكن المدارس الابتدائية التي أنشئت على شاكلة المدارس الفرنسية لم تكن قادرة على استيعاب الثمانمائة الف طفل تونسي الذين تتراوح أعمارهم بين سن الخامسة والعشرين. فلم يتمكن من الالتحاق بها غير أربعين الف تلميذ، وللاستجابة الى مطلب وطني في تعميم التعليم الابتدائي وضع في الثلاثينات برنامج ينص على ثلاث سنوات تحضيرية تفضي إما الى تعليم ابتدائي حقيقي بالنسبة الى أنجب التلاميذ او الى تعليم يدوي تطبيقي كالفلاحة مثلا يقوم به »عمال أكفاء«. وقد اثار هذا البرنامج ضجة أجبرت الحماية على سحبه ورحل صاحبه قو، وفي الاربعينات اقترح مشروع ثان للخروج من الازمة لا يعمد الى الزيادة في المدارس الابتدائية كما يطالب به الاولياء بل عمد الى احداث »مراكز التعليم الصناعي والمهني«.
وهذا يختلف عن المطلب الوطني المطالب بتخريح المثقفين والتخلص من هيمنة اللغة الفرنسية. وفي كل مرة تتظاهر الادارة بالاستجابة، فتحدث مثلا بكالوريا عربية في الخلدونية ولكن المسعدي يعتبرها مزيفة اذ ليس لها من العربية غير الاسم، كما أنشأت »معهد الدراسات العليا« متفرعا عن جامعة باريس وجعلت فيه اجازة بالعربية من ضمن اجازاته الاربع. وقد تبين ان كل هذه الاصلاحات كانت تهدف الى امتصاص غضب الشعب لكن مع المحافظة على الثوابت المتمثلة أساسا في »سياسة الاندماج الثقافي« و »التجنيس الذهني« رغم ادعاء القيام برسالة لنشر الحضارة والتمدن.
وهذا بالذات ما أثار غضب نقابتي التعليم الابتدائي والثانوي فأصدرتا لائحة في الموضوع تنتقد تطويل التعليم الابتدائي تطويلا يمنع من وصول جل التلاميذ الى الثانوي.
اما التعليم الزيتوني فيبدو ان ادارة الحماية كانت تشجع عليه اذ أحدثت ما لا يقل عن ثلاثة وعشرين فرعا لجامعة الزيتونة مبثوثة في مختلف جهات الايالة. ويبدو حسب تحليل المسعدي ان الاستعمار كان يهدف من وراء ذلك الى اظهار ضعف التعليم الزيتوني وحث الناس على الأخذ بلغة فرنسا وثقافتها وعلومها. و »كان التعليم الزيتوني يغلب عليه تعليم النحو والصرف والبلاغة وتعليم الفقه، وأقل شيء كان فيه هو ما يربط بالعبادات مما له صلة بالايمان. وقد بقيت أمورا شكلية اذ اكثر ما يدرس من عبادات قواعد الصلاة والصوم والزكاة وغيرها دون التفات الى الروح التي هي وراء كل ذلك، والتي هي اساس الثقافة الدينية (.....) وكذلك (لم يلتفت) الى العلوم الصحيحة فكان (الاستعمار) يفضّل ان يشجع هذا النوع من التعليم الذي ليس له من القوة التي تخلق المستقبل بل فيه محافظة على الماضي ووقوف عند ذلك الحد« (9).
ولهذه الاسباب اهتم المسعدي باصلاح التعليم الزيتوني وجعله ضمن أولوياته بعد الاستقلال كما سنرى.
ذلك إذن هو المشهد التربوي في عهد الحماية الفرنسية، فيه من الثغرات والنقائص ما يدفع الأولياء والمربين الى مقاومته بكل الوسائل وقد اختار المسعدي العمل النقابي للرفع من شأن التربية والمربين، فانخرط في الاتحاد العام التونسي للشغل سنة 1948 اي بعيد تأسيسه، وترأس الجامعة القومية لنقابات التعليم وكانت تضم نقابة التعليم الابتدائي القوية بكثرة منخرطيها، ونقابة التعليم الثانوي الضعيفة بقلة الاساتذة التونسيين في ذلك الوقت، كما كان عضو اللجنة التنفيذية للأمانة المهنية العالمية للتعليم (1951 1955) وقد ترأس يوم اغتيال فرحات في 5 ديسمبر 1952 بصفته النائب الثاني للأمين العام للاتحاد في غياب النائب الاول النوري البودالي الموجود في مهمة بالخارج ولكن توليه الأمانة العامة لم يدم اكثر من يوم واحد اذ اعتقلته الشرطة الفرنسية وأبعدته الى برج النعام بالجنوب التونسي ولم يفرج عنه الا بتدخل من السيزل في ماي 1953 للمشاركة في مؤتمرها بستوكهولم كما هو معلوم.
وينبغي ان نلاحظ ان العمل النقابي في مجال التعليم لم يكن يهدف الى تحسين الاجور والرفع من القدرة الشرائية كما هي الحال بعد ذلك بل الى الدفاع عن حق التونسيين في التعليم من جهة، وتعصير التعليم الموجود في تلك الفترة واصلاح برامجه تأصيلا لكيان تونس وتجذيرها في ثقافتها العربية الاسلامية وتخليصها من محاولات طمس هويتها وفرض التجنيس الذهني عليها عن طريق فرض اللغة الفرنسية في تدريس جميع المواد. ولا شك في ان أحوج المؤسسات التعليمية الى التعصير والاصلاح كان بلا شك التعليم الزيتوني، وهناك شهادة للمسعدي تثبت اهتمام الاتحاد العام التونسي للشغل بهذا التعصير ومشاركة المسعدي في اللجان المكونة لهذا الغرض. يقول: »فكنا في ذلك الوقت اذن نحاول ان نخرج بالتعليم من حالته تلك، فشاركت شخصيا بصفتي مدرسا في اعمال لجان الاتحاد العام التونسي للشغل التي أحدثت مرتين او ثلاثا لتعصير التعليم الزيتوني فوضعنا برامج لاحداث مدرسة خاصة واستعنا بإخوان مدرسين كالاستاذ أحمد الفاني في الفيزياء والكيمياء والاستاذ عبد السلام الكناني والاستاذ بشير قوشة وغيرهم ليقوموا بالتدريس في ذلك القسم العصري من التعليم الزيتوني باللغة العربية« (10).
ويقول ايضا بخصوص السعي الى ادراج الأدب العربي في برامج الصادقية وتدريسه بطرق عصرية: »كنت أريد في الوقت الذي فرضنا فيه على الاستعمار ادخال برنامج تدريس الآداب العربية في المدرسة الصادقية تدريسا يضاهي التدريس الذي كان يقوم به الفرنسيون للآداب الفرنسية« (11).
3 المسلك الحكومي: ديمقراطية التعليم وإصلاحه:
بعد المسلك النقابي قبل الاستقلال كان المسلك الحكومي بعده فرصة لتطبيق الاصلاحات التي دعا اليها المسعدي في لوائح اتحاد الشغل وبرامجه. والمدة التي قضاها مديرا للتعليم الثانوي بوزارة المعارف ومتفقدا عاما للتعليم الثانوي (1955 1958) مكنته من معرفة قضايا التعليم من الداخل ويسرت له لما تولي وزارة التربية القومية من 1958 الى 1968 التفكير في مشروع »الاصلاح التربوي« و »التخطيط العشري« لاصلاح التعليم وتعميم بالتدريج وكذلك من تأسيس نواة الجامعة التونسية سنة 1960 في نطاق تنظيم هيكلي للتعليم يشمل المستويات الثلاثة الابتدائي والثانوي والعالي. وقد حافظ على نفس الاهداف التي عمل على تحقيقها في اطار الاتحاد وهي تأسيس تربية قومية تونسية بالمعنى الصحيح تولي أهمية للغة العربية كرد فعل طبيعي على ارادة طمسها وقت الحماية مع التفتح على علوم العصر وثقافاته: »وكان من حظي ان كلفت بوزارة التعليم فوضعت ما سميناه »البرنامج القومي للتعليم التونسي« ويتضمن المحافظة أساسا على عصري ثقافتنا القومية: الاسلام والعربية لكن مع تفتح كامل على الحضارة العصرية والثقافة الانسانية« (12) أما التشتت الذي سبق تشخيصه فقد اقتضى »توحيد نظام المؤسسات التربوية ومناهج التعليم فيها« والقصد من ذلك بالطبع هو اصلاح التعليم الزيتوني وادماجه في صلب التعليم الوطني. وتتمثل الغاية الثالثة في ديمقراطية التعليم اي جعله في متناول كل طفل تونسي بلغ سن الدراسة. وهو لم يكن بالامر الهيّن نظرا الى نقص اطار التدريس وغياب البنية التحتية الاساسية.
وقد تضمن التخطيط العشري ادماج 000.65 طفل سنويا لاستيعاب ما يقارب السبعمائة الف تلميذ في نهاية المخطط وكان الشعب التونسي في نهاية الخمسينات حديث عهد بالحركة الوطنية وبالاستقلال فكان شديد التحمس للتطوع ببناء المدارس في الأرياف خاصة. وقد دعي في وقت من الاوقات الى التوقف عن البناء بسبب نقص المعلمين.
ولم نتوسع في تقييم اصلاح التعليم ونتائجه اذ نشرت دراسات عديدة مختصة بينت فضائله ونقائصه ولكننا نشير فقط الى ان الفضل في تكوين اجيال من المثقفين مزدوجي اللغة، ومن الاطارات التي ساهمت في بناء تونس في النصف الثاني من القرن العشرين يعود الى ذلك الاصلاح. الا انه عيب عليه في ذلك الوقت اهتمامه بالكمّ على حساب الكيف، وهذا صحيح الى حد ما ولكن اذا قارنا مستوى المتخرجين من مختف مؤسسات التعليم في الستينات وتدهوره بعد ذلك رغم توفر ظروف مادية أحسن، لبدت ثمرة ذلك الاصلاح ناضجة، وربما جازفنا فقلنا »نضجت قبل أوانها«. وقد أثيرت مسألة علاقة ذلك المخطط العشري بالتنمية الاقتصادية فبدا كأنه معزول عن بقية القطاعات التنموية. والواقع انه لم يكن كذلك اذ صار فيما بعد احد أسس ما سمي »بالمخطط القومي التونسي للتنمية الاقتصادية والاجتماعية الذي أعد خلال سنتي 1961 و 1962 (13)، وقد حاول المسعدي اقناع مسؤولي اليونسكو الذين كانوا يشترطون لتقديم المساعدة توفر المردود الاقتصادي في كل مشروع اصلاح قائلا:»لا يمكن ان يكون النمو الاقتصادي. وهؤلاء لابد ان نخرجهم من المدارس حتى تكون لهم القدرة الفكرية والعلمية التي تضمن للحركة الاقتصادية وللنمو الاقتصادي كل فاعلية وكل انتاجية...« (14).
وقد عيبَ على ذلك الاصلاح ايضا نَسْفُهُ للتعليم الزيتوني وهذا يحتاج الى توضيح لأن المسألة حساسة جدا لا يزال من يحمل حنينا الى حلقات الجامع الأعظم يجرّون انعكاساتها الى اليوم.
فقد انطلق الاصلاح من تشخيص أوضاع الزيتونة في الخمسينات وأخطر ما كان يسم تلك الاوضاع هو التداخل بين الابتدائي والثانوي والعالي. وذلك يظهر بالخصوص في برامجها التي لا تميز بين المستويات الثلاثة فتجد فيها نفس المواد تقريبا: القراءات والتوحيد والسيرة والاخلاق والحديث والفرائض والفقع وأصول الفقه فضلا عن النحو والصرف والبلاغة والشعر القديم، اعتمادا على مؤلفات قديمة مثل »متن الأجرومية« و »الأجرومية بشرح القطر لمؤلفه ابن هشام« و »الألفية بشرح ابن عقيل« و »شرح المكودي على الألفية« والاخطر من ذلك كله خلوّ البرامج من العلوم العصرية كالرياضيات والفيزياء والكيمياء.
وقد اقتضى هذا الواقع إلحاق المرحلتين الابتدائية والثانوية بمعاهد التعليم الوطني وتخصص التعليم الزيتوني بعلوم الدين في المرحلة العيا، فسويت الزيتونة بسائر كليات التعليم العالي وصار الالتحاق بها مشروطا بالحصول على الباكالوريا شأنها في ذلك شأن جميع المعاهد التعليم العالي المختصة. وهي بذلك لم تُلغَ بل رُفِعَ من شأنها ووقع تعصيرها وتوحيد التدريس بها على غرار بقية فروع الجامعة التونسية الناشئة، ومن صور التعصير تعويض التدريس في حلقات يتوسطها الشيخ متكئا على سارية والطلبة حوله جلوسا متربعين، بمحلات عصرية في شارع 9 افريل الى جانب بقية فروع الجامعة.
وقد عبر المسعدي عن هذه الغاية في قوله: (أحببت) ان أعطي للتعليم الزيتوني منزلة لائقة بمنزلة الدين في كياننا الحضاري، وان أحافظ على كرامة جامع الزيتونة كمعهد علمي بأن أصنفه في سلك المعاهد العليا، في منزلة لا تقل عن سائر معاهد الجامعة العصرية مع تخصيصه بالعلوم الدينية ليضيف في ميدانها حلقة نيرة جديدة الى سابق الحلقات التاريخية المجيدة (...) ذلك ما آلت اليه واستقرت عليه الامور بفضل السياسة التي كانت قائمة من جانبي على ارادة انقاذ الزيتونة من وضعها القديم الذي أخنى عليه التاريخ، والسعي في سبيل بعثها واحيائها وتعصيرها حتى تعود من جديد كعبة العلوم ومقصد طلاب المعرفة والايمان الواردين عليها من تونس ومن خارجها، وحتى يتخرج منها طبقة جديدة من العلماء ومصابيح الظلام كما كانت عليه في أزهى عصورها الماضية« (15).
وهو ما فتئ يعبر عن اعجابه ببعض شيوخ الزيتونة الذين حضر دروسهم صحبة أخيه أو تَتَلْمذَ عليهم في المعهد الصادقي مثل الشيخ محمد بلقاضي والشيخ عبد العزيز جعيط والشيخ محمد الطاهر بن عاشور وقد استفاد من دروسهم في التفكير الاسلامي وعلاقته بالمنطق، والفقه وعلاقته بالحياة الاجتماعية، والعبادات وعلاقتها بالماورائيات، ويلخص كل ما اخذه عن هؤلاء »بالبعد الروحي« ويختم شهادته عنهم بالترحم عليهم »لأني كما يقول مَدينٌ لهم بهذا العنصر من انسايتتي الذي أَصّلني في اسلاميتي وعروبتي« (16).
كان لابد من هذا التوضيح لازالة اللبس بخصوص اصلاح التعليم الزيتوني. فقد حرف ذلك الاصلاح واعتبر الغاء للزيتونة لكنه لم يمر بمرحلة انتقالية يُهيّأُ فيها الناس لقبول التغيير بل جاء مبكرا جدا ودفعة واحدة فصدم بعض الناس وبقوا مصدومين الى اليوم رغم كل ما حدث من تطور للزيتونة وتحويلها بعد ذلك الى جامعة تضم عدة معاهد متخصصة في علوم الدين يؤمها طلبة مغاربيون وأفارقة.
4 فلسفة التربية:
بقيت مسألة تتعلق بنشاط المسعدي الدولي في مجال التربية وما انجر عنه من تفكير في اشكاليتها وغاياتها. فقد ترأس اللجنة الوطنية لليونسكو والوفد التونسي لمؤتمرها العام في مرحلتين الاولى امتدت من 1958 الى 1968 والثانية من 1973 الى 1976، ثم انتخب عضوا بالمجلس التنفيذي وعضوا استشاريا بالمعهد الدولي لتخطيط التربية، وفي سنة 1972 شارك بصفته احدى الشخصيات العالمية السبع الذين سألهم الامين العام للمنظمة رأيهم في موضوع »الى أين تسير التربية؟« في لجنة لتنمية التربية ترأستها ادقارفور (Edgar Faure) وكان جواب المسعدي في مقال له بالفرنسية بعنوان »التربية اليوم وغدا« نشر في كتاب جماعي بعنوان »تعلم ان تكون« (Apprendre ˆ گtre) وقد اعتمدنا هذا المقال لمعرفة فلسفة التربية في نظره.
انطلق المسعدي من تمييز المفكر الانڤليزي توينبي (Toynbee) بين Zژlotisme و Hژrodianisme ويعرف الاول بأنه البحث في الماضي عن حلول للعصر الراهن، ويعرف الثاني بعكس ذلك تماما اي مواجهة الحاضر واستشراف المستقبل. وينتقد توينبي الاتجاه الاول بكونه لا يحل مشاكل الراهن بل يخفيها وراء حجاب الماضي مثل النعامة التي تغرس رأسها في الرمل متوهمة انها بذلك تخفي نفسها عن ملاحقيها. وينتقد كذلك الاتجاه الثاني ويعتبره اكثر جدوى من الاول لكنه ليس خلاقا بل ينزع الى تقليد الغير ولا يضيف شيئا الى الحضارة المعاصرة. فأهم ما يشينه الاستلاب والتبعية للغير، ويضرب مثال تركيا في عهد كمال أتاتورك التي تبنت لائكية الغرب وعمدت الى تكوين مجتمع عصري ومتعلم ولكن الطريقة الغربية مع التنكر التام لماضيها جعلها مثلا تعوض الحروف العربية بالحروف اللاتينية ويبدو هذا في نظر المسعدي حلا جذريا ولكن شموليته لعدة قطاعات في نفس الوقت وسرعة انجازه ساهما في خلق جيل حائر وتائه صدمته سرعة التحول والصاق نموذج أجنبي به إلصاقا، وقد نجد نفس الحيرة ونفس الضياع عند بعض الشعوب الافريقية المزدوجة اللغة والثقافة التائهة بين اللغتين والثقافتين. وكان يخشى ان يؤدي تبني تونس للحل التركي الى نفس النتائج. لذلك كانت أهم اشكالية تواجهها التربية في العصر الحديث هي: »كيف يمكن لبلد ما ان تحافظ ثقافته وتقنياته ونظامه التربوي على طابعها الاصيل وكيف يغني تنوع الشعوب والحضارات التراث الانساني دون مواجهة آليات المعاصرة والكونية (18) اللتين تتجه اليهما حضارة العالم اتجاها عميقا؟ ذلك هو المشكل الخطير الذي تطالب البلدان المتقدمة والبلدان المتخلفة على حد سواء بايجاد حل عاجل له (19) قبل ان يجيب المسعدي عن هذا الاشكالية قدم بعض مسلمات مهد بها للحل المقترح اهمها ان للتربية طاقة تحريرية للانسان، وان لها صلة متينة بالحضارة والثقافة وبمستقبلهما، وانها كونية تتجاوز القوميات الضيقة، وان هوّة تقنية عميقة تفصل بين امريكا وأوربا، وكذلك بين الغرب برمته والعالم الثالث، وان العالم الثالث مجبر امام الثورة التكنولوجية المعاصرة على الانفتاح على العالم المتقدم والاستفادة من تجاربه عبر اصلاح تعليمه مع تجنب مخاطر »الاستلاب« وطمس الخصوصيات لان تماثل الحضارات في نظره يقضي على المغامرة الانسانية وعلى التنوع البشري، وان تسارع نسق التطور العلمي والتكنولوجي يقتضي مواكبة المستجدات والتكوين المستمر وتعليم التلميذ والطالب كيف يتعلمان.
ويبدو الحل انطلاقا من هذه المسلمات متجاوزا لسلبيات الاتجاهين اللذين وصفهما وانتقدهما توينبي، ومتمثلا في »توجه الانسان الى النشاط والخلاق، به تنمو باطراد الامكانات الكامنة في الكيان البشري ويضمن تحكمه في الآلة وكذلك في العالم المحيط به وخاصة الوسائل الرقمية والالكترونية والحواسيب فالتربية الجديدة مدعوة الى تحقيق البعد الانساني في الحضارة وتفعيل القوى الخلاقة في الانسان، وبذلك تمنح الثورة العلمية والتكنولوجية الانسان ليس هويته فحسب بل وخاصة حريته وتنقذه من الاستلاب والتبعية للغير والتقليد غير المنتج، ومشروع في هذا الحجم يشترك في انجازه العلم والتقنية لا محالة ولكن الفكر والفلسفة والفنون ايضا، فهي التي تكسب الحضارة بعدها الانسان وتضمن »تحكم الانسان في نفسه وفي الكون تحكما يكون في مستوى كرامته«. وهذا بالطبع ليس حلا فرديا بل يهم مختلف الشعوب المتقدمة منها والنامية.
تلك اذن فلسفة التربية كما تصورها المسعدي منذ مطلع السبعينات قبل ان تستفحل الثورة الرقمية والالكترونية. وقبل ان تتحول »العولمة« الى مذهب مفروض بقوة المال والسلاح وضغوط المكان والزمان، بلغها المؤلف بعد المرور بمراحل عملية كالتدريس والنضال النقابي في سبيل التربية وتحمل مسؤولية التخطيط لاصلاحها وتعميمها وتوظيفها لتحديد معالم الهوية الوطنية والتحرر من الاستلاب والتبعية وكذلك من التقاليد والتعلق بالماضي وتقديس التراث والاقتصار عليه.
(1) محمود المسعدي، الاعمال الكاملة، جمع وتحقيق وببيلوغرافيا ، تونس 2002، الجزء الثالث ص 328.
(2) مثل Lescat المتخرج من مدرسة العطارين التي تكون المستعمرين والتي كان يديرها جورج مارسي (Georges marچais). ن.م lll، 329.
(3) يقول: وانطلاقا من دراستي بالصادقية ذهبت لأكرع من الثقافة والآداب العربية حتى نصبح في منزلة موازية للأدب الفرنسي والثقافة الفرنسية. ونثبت كياننا الثقافي والحضاري في نفس المستوى الذي كانت فيه الثقافة الفرنسية، وراء هذا كله الوازع السياسي الوطني اساسا منحصر في الارادة الثقافية الحضارية ن.م. lll، 338.
(4) يقول عنه المسعدي انه »كبيرهم الذي علمهم السحر« وانه كان من كبار مستشاري الاستعمار في شمال افريقيا. ن.م.
(5) ن.م. lll، 140.
(6) ن.م. lll، 123.
(7) ن.م. lll، 343.
(8) ن.م. lll، 336.
(9) ن.م. lll، ص 348.
(10) ن.م. lll، ص 349.
(11) ن.م. lll، ص 337.
(12) ن.م. lll، 350.
(13) انظر ، عناصر جديدة في ترجمة المسعدي، الحياة الثقافية، جانفي 1981، أعيد نشره مزيدا ومنقحا في كتاب »الادب المريد«، الطبعة الخامسة، 1997، ص 145.
(14) الاعمال الكاملة، lll، 343.
(15) ن.م. lll، 386.
(16) ن.م. lll، 329.
(17) اطلعنا على النص المنشور في مجلة اليونسكو اPerspectivesب خريف 1972، المجلد 2، عدد 3، بعنوان De l'ژducation d'aujourd'hui ˆ celle de demain. وقد أعدنا نشره في الجزء الرابع من »الاعمال الكاملة« ص 301 321.
(18) والقصد بها العولمة التي لم يظهر بعد مفهومها سنة 1972 تاريخ ذلك المقال.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.