نظّم قسم القطاع الخاص بالتعاون مع قسم التشريع والدراسات وبدعم من اللجان العمالية الاسبانية نظم ندوة وطنية حول الاستراتيجيات النقابية في مواجهة التحولات الاقتصادية في القطاع الخاص بحضور اكثر من 150 مشاركا من مختلف الجهات والاسلاك المنتمية للقطاع الخاص. وحضر فعاليات الجلسة الافتتاحية للندوة عديد الاخوة النقابيين من المكتب التنفيذي الوطني والجهات والقطاعات وذلك باشراف الاخ عبد السلام جراد الامين العام للاتحاد العام التونسي للشغل وبعد الكلمة الترحيبية للاخ الكاتب العام للاتحاد الجهوي للشغل بسوسة تولى الاخوة محمد السحيمي وحسين العباسي وبلقاسم العياري الاشارة الى أهمية القطاع الخاص الذي يبقى المجال الاستراتيجي والحيوي للنظر والتصورات النقابة المستقبلية على اعتبار الاوضاع الصعبة التي يعشها عمال القطاع الخاص والتي تقتضي من المنظمة الشغيلة مزيد الاهتمام بهم على اكثر من صعيد وتم التركيز على ضرورة دعم الانخراط النقابي صلب القطاع الخاص ذي الكثافة العمالية مما يجعل منه احدى نقاط قوة الاتحاد في المستقبل واضاف الاخوة ان الظروف الراهنة والسياق السياسي والاجتماعي الجديد للبلاد يزيد من ثقل المسؤولية الملقاة على عاتق المنظمة الشغيلة للمساهمة في الحفاظ على مقدرات البلاد وتدعيمها والحرص على الوصول بها إلى بر الأمان في علاقة بالانتقال السياسي والتحول الديمقراطي. وركز الاخوة كذلك على شرعية الاتحاد العام التونسي للشغل التي استمدها من نضاله ضد الاستعمار واسهامه في بناء الدولة الحديثة مضيفين انه ورغم الهجمة التي تشنها بعض الاطراف الا ان عزائم النقابيين قوية وثقتهم في اتحادهم متينة لن يزعزعها تناسل النقابات الجديدة وتكاثرها دون شرعية وانما سيزيدهم قوة والتفافا حول منظمتهم العتيدة. ❊ برنامج ثري: تضمن برنامج الندوة ثلاثة مداخلات حول المتغيرات الاقتصادية وانعكاساتها على العمال وحول الاصلاحات التشريعية في المجال الاجتماعي وكذلك حول الحركة النقابية بين الوحدة والتعددية اضافة الى اربع ورشات حول العقد الاجتماعي والبناء الهيكلي للاتحاد والتعددية النقابية والعلاقات الشغلية. ❊ الوضع الاقتصادي ودور الاتحاد تطرق الاستاذ حسين الديماسي في مداخلته حول المتغيرات الاقتصادية وانعكاساتها على العمل إلى الوضع الاقتصادي الراهن والذي يبعث على الحيرة والخوف في حال استمراره طويلا، مبرزا ان الثورة التي عاشتها البلاد كان لها وقع اقتصادي على عديد القطاعات والمؤسسات التي توقف نشاطها او نهبت وحرقت، وقد كان بالامكان اهتمامها العمال بعد هروب بن علي بمستقبل مؤسساتهم الا ان استمرار التحركات الاحتجاجية والاعتصامات زاد في تعقيد اوضاع المؤسسات. واضاف الاستاذ الديماسي ان بوارد الازمة طالت قطاعات حيوية على غرار السياحة والصناعات الكيماوية. فالبنسبة إلى السياحة فقد سجل تراجع كبير بهذا القطاع جراء الظروف الامنية الصعبة التي عرفتها البلاد خلال الثورة وبعدها حيث كان الانفلاتات الامنية اثر سلبي في عزوف السياح عن القدوم لتونس مما تسبب في تراجع مداخيل القطاع بشكل ملحوظ وكذلك الشأن بالنسبة إلى المنتوجات الكيمياوية التي شهدت بورها تراجعا لافتا من حيث المداخيل بلغ في السداسية الاولى من هذا العام 400 مليون دينار مقارنة بالعام المنقضي وهو رقم مفزع اذا اعتبرنا ارتفاع اسعار الفسفاط في السوق العالمية. كذلك قطاع النقل الجوي والصناعات التحويلية من خياطة وغيرها فقد شهدتها كلها تراجعا مفزعا في المداخيل وفي قدراتها التشغيلية. واوضح الاستاذ الديماسي ان الاقتصادي التونسي ومنذ الثورة افرز 55 ألف موطن شغل في حين فقد 45 ألف موطن شغل وهي كلها مؤشرات تستدعي وقفة حازمة من كافة القوى قبل ان تزداد الامور سوءا، وابرز الاستاذ المحاضر انه على الاتحاد العام التونسي للشغل السعي إلى دعوة كل الاطراف بالعودة إلى الجادة قبل ان تتعقد الاوضاع الاقتصادية للبلاد، ودعا الاستاذ الديماسي الاتحاد الى مجموعة من الاجراءات العاجلة منها ما يتعلق بالوضع النقابي العام وما يقتضيه من جهد لجعل الاتحاد الطرف والممثل العمالي الاقوى ومنها ما يتعلق بوضع البلاد وذلك بضغط الاتحاد من أجل مقاومة الانفتاح العشوائي وغير الشرعي للسوق المحلية كما طالب الاستاذ بضرورة الحرص على استتباب الامن باعتباره الشرط الاساسي لعودة الانتاج للمؤسسات الوطنية وهو كذلك العامل المشجع على قدوم المستثمرين. واقترح المحاضر امكانية صياغة عقد اجتماعي جديد بين الاتحاد وبقية الاطراف الاجتماعيين على قاعدة النهوض باقتصاد البلاد وصيانة حقوق العمال ليتم تجاوز الازمة بوفاق مشترك وعلى قواعد وأسس جديدة. ❊ مراجعات أكيدة أوضح الاستاذ النوري مزيد خلال مداخلته حول الاصلاحات التشريعية المتأكدة في المجال الاجتماعي الى أن مجلة الشغل في بلادنا تفقتد للمبادئ القانونية الاساسية ومن الضروري مراجعتها مراجعة شاملة، وبخصوص الحق النقابي. أكد المحاضر على وجوب حمايته جزائيا حتى تتقلص امكانية تجريم هذا الحق وطرد العمال فالقانون يسمح ببعث النقابات لكنه بالمقابل يضيّق على حق الاضراب. وتطرقت المحاضرة الى مسألة المفاوضات الاجتماعية واعتبرها مكسبا مهما رغم افتقارها للاطر القانونية والاجرائية مشددا على ضرورة تنويع مستويات التفاوض وتنويع مضمونه حتى لا يقتصر على الجوانب المالية دون الجوانب الترتيبية التي بقيت في مرحلة ثانوية من الاهتمام. ❊ بين الوحدة والتعدد قدم الاستاذ علي المحجوبي مداخلة حول الحركة النقابية بين الوحدة والتعدد قام خلالها بجرد تاريخي للحركة النقابية من النشأة الى التشكل مستعرضا أهم المحطات التاريخية التي مرت بها الحركة النقابية التونسية من انضوائها تحت لواء النقابات الفرنسية. إلى بروز محاولات الاستقلالية وتكوين النقابات الوطنية مرورا بالازمات التي شهدتها في 1978 و1985 وصولا إلى الراهن واعتمد الاستاذ المحاضر في مداخلته على استعراض علاقة النقابي بالسياسي وتأثير الاول في الثاني وكيف كانت طبيعة الموقف النقابي من الفعل الى ردة الفعل لكن مبدأ الاستقلالية والوحدة ظل المبدأ الاساسي في الحراك النقابي من النشأة الى اليوم. ❊ أشغال الورشات برمجت الندوة اربع ورشات شملت مواضيع العقد الاجتماعي والبناء الهيكلي للاتحاد والتطورات الحاصلة في عالم العمل والتعددية النقابية »المخاطر وسبل التجاوز« والعلاقت الشغلية »نحو العمل اللائق« وتولى الاخوة محمد المسلمي وسميرالشفي ونبيل الهواشي والاخت حياة اليعقوبي تنشيط الورشات. ❊ توصيات اوصى الاساتذة المحاضرون الاتحاد العام التونسي للشغل بالقيام بجملة من الاجراءات ومنها بالخصوص المساعدة على استتباب الامن والطمأنينة في البلاد والمساهمة في بلورة صندوق بطالة يعني بالمسرحين من العمال وكذلك المساهمة في بلورة ميثاق اجتماعي جديد. كما تم التأكيد على وجوب ارساء نظام للتأمين على البطالة باعتبارها من المخاطر المهنية المنصوص عليها ضمن معايير العمل الدولية، ضرورة القيام بالدراسات العلمية المعمقة حول الوضعية المالية لصناديق الضمان الاجتماعي وتفعيل دور ممثلي الاطراف الاجتماعية في تسيير هياكل الضمان الاجتماعي مع وجوب مراجعة طرق وآليات تمويل انظمة الضمان الاجتماعي وخاصة من خلال اقرار آليات جديدة للجباية. ❊ جهود خاصة وندوة ناجحة جهود جبارة بذلها قسم القطاع الخاص من موظفين والمنسق لمجد الجملي ومسؤول القسم الاخ بلقاسم العياري اذ انه رغم صعوبة ايواء العدد الكبير من المشاركين في نزل واحد فقد تم توزيعهم بين نزلين وتوفير حافلة لتأمين نقل المشاركين الى قاعة الندوة كما تم تغيير النزل الذي تذمر منه بعض النقابيين وهو ما يترجم حرص منظمي الندوة على ضمان أحسن الظروف لنجاح الندوة. وساهمت مداخلات الاساتذة حسين الديماسي والنوري مزيد وعلي المحجوبي وتدخلات المشاركين في تعميق النقاش ووضع الاصبع على الداء وهو ما مكن من اصدار توصيات مهمّة وصياغة عناصر برامج عمل وعد القسم بادراجها ضمن برنامج عمله المستقبلي لمزيد الاحاطة بالقطاع الخاص ودعم انخراطه في الخارطة النقابية. ❊ مشاركة متميزة شارك الاخوين حسين العباسي والمولدي الجندوبي في رئاسة الجلسات وتسيير الحوارات وكان لحضورهم اضافة على مستوى النقاشات والمداخلات التأطيرية.