أصدر الكاتب العام للمدرسة الوطنية للمهندسين بصفاقس وبإمضائه ككاتب عام للفرع الجامعي لأساتذة التعليم العالي بصفاقس بلاغًا صدر بجريدة الصباح يوم الخميس 3 نوفمبر 2011، كان في معظمه موقفا سلبيًا من التحركات التي قامت بها العديد من المؤسسات الجامعية تنديدًا بما حصل وبما يحصل من اعتداءات بالعنف المادي واللفظي ومن انتهاكات للحقوق الفردية والعامة لجامعيين وجامعيات، في حين لم تحظى هذه الاعتداءات في حدّ ذاتها الاّ بجملة يتيمة اقتصرت على الرفض المبدئي، لم يرْقَ بها كاتبها حتى على صعيد الخطاب إلى حدّ الادانة والشّجب. 1 هل أصبح الكاتب العام يعتبر نفسه قيادة نقابية وطنية أو نيابة جهوية لا تربطها أيّة علاقة بالجامعة العامة للتعليم العالي والبحث العلمي؟ فقد كان عليه أوّلا أن يعبّر عن موقفه داخل الأطر النقابية ويحاول إقناعها بوجهة نظره.. بل أكثر من هذا، كان عليه أن يشرف عن اجتماعات عامة بالمؤسسات الجامعيّة الراجعة إليه بالنظر ويحاول من خلالها إعطاء الكلمة للقاعدة الأستاذية وإقناعها إن قدر على ذلك بوجهة نظره. فما قمنا به نحن في المكتب الوطني للجامعة العامة، هو الدعوة إلى عقد اجتماعات بالمؤسسات والمطالبة من الكتاب العامين للنقابات الأساسية بإصدار لوائح يقع فيها التعبير عن موقف الأساتذة الباحثين في تلك المؤسسة بالذات من الاعتداءات الأخيرة ومن الشكل النضالي الذي يرونه ملائما بالنسبة إليهم في مؤسستهم (الاقتصار على الرّفض، أم الشجب والإدانة مع رفع الشارة الحمراء، أم أيضا اضراب احتجاجي بساعة أو ساعتين أو أكثر). نحن إذا أمام تصوّرين اثنين: أوّل وهو فوقي، وثانٍ أعطى الكلمة للأستاذ وللقواعد، وبذلك فإنّ ما صدر في جريدة »الصباح« من تلويح بالاضراب الوطني وهو ما أزعج كاتب البلاغ المذكور هو اقتراح وقع تقديمه في اجتماعات عامة بعديد المؤسسات، وبصفته تلك فهو الآن معروض على بقيّة المؤسسات وعلى الهياكل القيادية للقطاع. 2 نأتي الآن إلى الموقف العملي الذي يقترحه علينا: رفض مبدئي من ناحية لكلّ ماهو انتهاك للحريّات، ورفض لكلّ شكل نضالي يقع اتخاذه من قبل القواعد الأستاذية والنقابات الأساسية، مهما كان، سواء كان شارة حمراء أو اضرابات احتجاجية بساعة أو ساعتين في إحدى المؤسسات الجامعيّة، أو اضراب وطني، على الجامعيات والجامعيين اذن حسب رأيه أن لا يتحرّكوا، أن لا يعبّروا عن إدانتهم لهذه الاعتداءات (»التي قد تكون حصلت في مكان ما بالجامعة التونسية«: لاحظوا أنّه يشكّك حتى في وقوعها..؟) والتي راح ضحيّة لها زميلاتنا تحت دعوى أنّ لباسهنّ غير محتشم حسب وجهة نظر هاته القلّة القليلة من الطلبة (معهد التجارة)، أو أنّه عليهنّ ارتداء الحجاب والا تقع مقاطعة دروسهنّ بل ومنعهنّ (جامعة الشريعة وأصول الدين) من دخول المؤسسة الجامعية.. علينا أن نلتزم الصّمت إذا ونتخلّى عن حقوقنا المشروعة قانونا والمتمثلة في الدخول في اضرابات احتجاجيّة.. هل فقد الأخ النقابي المذكور صبغته النقابية وأصبحت تقوده أغراض أخرى؟ وماهي هذه الأغراض؟ في حالة ما لم نلتزم الصّمت وفضلنا الدفاع عن زميلاتنا وعن حرّياتنا، فإنّنا في هذه الحالة نصبح مُتَّهمين: بالتضخيم من شأن الاعتداءات وبخدمة »أجندات مشبوهة« وبعدم الرضا عن »دخول تونس في كنف الاستقرار والأمن«، إن لم يكن بالالتقاء مع أطراف داخلية (»فلول العهد البائد وحلفاؤهم«، من هم؟) وخارجيّة (»مرتبطة بالدّوائر الاستعمارية«). بإشغال الجامعيين عن مطالبهم المادية والمعنوية الحقيقية، وذلك رغم أنّنا في ظرف شهرين ونصف بعد مؤتمر الجامعة العامة، وُفّقنا في اقتلاع اتفاق مع سلطة الاشراف، بعد مفاوضات عسيرة ووقفات احتجاجية وإدانة للمماطلة والتسويف على أعمدة الصحف، يقرّ صراحة بأنّه من حقّ الجامعيين أن يتمتّعوا بمقابل مالي عن الخدمات الاضافية التي يتكبّدونها في اطار منظومة إ.م.د، وأن يحْصُلوا على منحة عودة جامعيّة اضافة الى تشريكهم في حركة النقل وفي كلّ اصلاح للمنظومة الجامعية مهما كان بسيطًا، وذلك في إطار لجنة ثلاثية تتكوّن من الوزارة والنقابة وممثلي الأساتذة في هياكل التسيير البيداغوجي المنتخبة. لم يصدر الأخ المذكور في هذا الغرض أيّ بلاغ صحافي أو غير صحافي، لم يعقد أي اجتماع ولم يصدر أيّ لائحة تثمّن هذا الاتفاق أو تعتبره منقوصًا. من هو إذن المنشغل عن المطالب المادية والمعنوية الحقيقيّة، من منّا الذي لا يتحمّل مسؤوليته كاملة في الدفاع عن حرمة وكرامة وحرية الجامعيات والجامعيين؟ من منّا الذي يُخضع العمل النقابي إلى اعتبارات سياسية حزبية وأجندات سياسية لا أقول بالضرورة عنها أنّها مشبوهة، لأنّي أدعو إلى توحيد جميع الجامعيين والنقابيين مهما كانت انتماءاتهم السياسية والحزبية والفكرية في إطار الجامعة العامة للتعليم العالي والمنظومة الشغيلة عموما، الاتحاد العام التونسي للشغل؟ بل من منّا الذي يخلط بين انتمائه الحزبي وانتمائه النقابي؟ أنا يبدو لي أنّ صديقنا الذي أمضى هذا البلاغ الصّحافي قد اختلطت عليه السّبل، وأمضى بيانا باسمه كاتبًا عامًّا لهيكلة نقابية عِوَضَ أن يمضيه باسمه كاتبًا عامًّا لحزب سياسي معروف بجهة صفاقس... فالجمع بين مسؤوليات سياسية عليا ومسؤوليات نقابية عليا، إذا لم يكن مصحوبًا بحرص كبير على التمييز والفصل بين المواقف والخطابات، من شأنه أن يسقط صاحبه في مثل هذا الخلط. لِنَعْمَلْ على الحفاظ على وحدتنا النقابية ولْنَحْرِصْ على عدم تجاوز الأطر النقابي ولْنَتَعَالَ عن التهم المجانية وعن التخوين... الكاتب العام للجامعة العامة حسين بوجرة