»... هدفنا الرئيس هو اقرار ثقافة المساءلة بديلا عن ثقافة الافلات من العقاب وذلك بكشف حقيقة الانتهاكات وبتكريم الضحايا بعد انصافهم وجبر ضررهم المادي والمعنوي ومحاسبة منتهكي حقوق الانسان واعادة ثقة المواطن في النظامين القضائي والامني وفي بقية مؤسسات الدولة ووضع الآليات التي تمنع عودة ممارسات العهد الماضي ولطيّ صفحة الماضي نهائيا، والقطع مع الدكتاتورية وخنق الحريات..« مثلت هذه الكلمات خلاصة المؤتمر الصحافي الذي عقدته التنسيقية الوطنية المستقلة للعدالة الانتقالية في مقرّ النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين يوم 15 نوفمبر 2011. مقرّ النقابة غصّ بالصحافيين الذين تحولوا لتغطية هذا الحدث الوطني المهمّ الذي كان استجابة من منظمات المجتمع المدني للمطلب الذي لطالما نادى به المتظاهرين ابّان وبعد الثورة والذي تضمنته البرامج الانتخابية لاغلب القائمات المترشحة للمجلس التأسيسي والمتمثل اساسا في المحاسبة القانونية والاخلاقية لرموز النظام السابق ولكافة الحقبة الماضية وتحميل المسؤولية لكل من ثبت تورطهم في منظومة الفساد والاستبداد وهي ما اختصره بيان التنسيقية الوطنية المستقلة في لفظ »العدالة الانتقالية«. ❊ حضور متنوّع التنسيقية مثلت ائتلافا متنوعا ضمّ عديد الجمعيات والمنظمات الحقوقية ذات الشأن بموضوع العدالة الانتقالية وهي على التوالي: الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان، الاتحاد العام التونسي للشغل، النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين، جمعية القضاة التونسيين، المعهد العربي لحقوق الانسان، الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات، جمعية النساء من أجل البحث والتنمية، الفرع التونسي لمنظمة العفو الدولية، مجموعة ال 25، المنظمة التونسية لمناهضة التعذيب، جمعية حرية وانصاف، جمعية الدفاع عن المساجين السياسيين، الشبكة الاورومتوسطية لحقوق الانسان والشبكة الوطنية لمقاومة الفساد. وقد أكد جلّ المتدخلين وممثلو الجمعيات والمنظمات بالتنسيقية على انّها مفتوحة لكل الطاقات التونسية المستقبلية بما يسمح بتدعيم عملها والوصول بها الى تحقيق اهدافها في العدلة الانتقالية. ❊ مبادرة شجاعة ولكن الفعاليات الحاضرة في المؤتمر الصحافي لم تخف وعيها بالصعوبة التي تنتظر عمل التنسيقية وبالاهمية التي تعلّقها على مساندة كل منظمات المجتمع المدني وكذلك الاحزاب السياسية نظرا إلى تعدد التجارب الدولية في مسألة العدالة الانتقالية لضمان الانتقال الديمقراطي، وخصوصية التجربة الانسانية الخاصة بكل شعب وهو ا يتطلب بحسب القاضية روضة القرافي: الارتقاء بهذه التنسيقية حتى تتحول إلى هيئة وطنيّة مستقلّة تنظيمها، تحدد مدتها وصلاحياتها بعد تشاور موسع مع مكونات المجتمع المدني، نافية ان تكون لهذه الهيئة مهمّة قضائية فهي لا تعوّض المحاكم ولا تحول دون قيام السلطة القضائية بدورها في تتبع المتورطين في اطار محاكمات عادلة. كا أكد السيد عادل الحاج سالم ممثل المعهد العربي لحقوق الإنسان على ضرورة ان تعتمد الهيئة على استقصاء الحقيقة من خلال اعتمادها على تلقي شهادات وجمعها من خلال الاستماع إلى المتضررين والانصات إلى الضحايا وتوثيق الانتهاكات الحاصلة بمختلف درجاتها هذا مع اتاحة الفرصة للمنتهكين للاعتذار للضحايا وطلب الصفح منهم. ❊ تساؤلات الصحافيين أسئلة الصحافيين تركزت حول مدى قدرة التنسيقية الوطنية المستقلة للعدالة الانتقالية على الاحاطة بهذا الملف الحساس والمهم والذي تتقاطع فيه عديد الانتهاكات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والقضائية التي لم ترتكب بمعزل عن علم وتوجيه السلطة الرسمية التي كانت ضالعة في الانتهاكات في حق الافراد وفي ارساء منظومة من الفساد والاستبداد لضمان سيطرتها واخضاعها إلى المجتمع وهو ما يتطلب قرارا رسميا بفتح الملفات داخل المؤسسات الرسميّة وتوفير المؤسستين الامنية والقضائية لكل المعطيات حتى يتستر للتنسيقية القيام بدورها. كما تعرض الصحافيون لأهمية تشريك الاعلام في هذا الملف نظرا إلى الدور المحوري القادر على لعبه في انارة الرأي العام وجمع الشهادات الحيّة لضحايا الانتهاكات. وتساءل البعض عن امكانيّة توسيع عمل التنسيقية لتشمل كل فترات تاريخ الدولة التونسية الحديثة منذ الاستقلال وعدم الاكتفاء بفترة حكم الرئيس السابق زين العابدين بن علي خاصة ان فترة الحكم البورقيبية شهدت عديد الانتهاكات والتجاوزات التي شملت قطاعات واسعة من الشعب التونسي. ❊ في انتظار إعلان الحكومة وحرصا من هذه المنظمات والجمعيات صاحبة المبادرة على ان يكون ملف العدالة الانتقالية في مقدمة مشاغل الحكومة القادة اكدت في بيانها التأسيسي على: تعلن عن تكوين التنسيقية الوطنية المستقلة للعدالة الانتقالية في تونس. تدعو المجلس التأسيسي المنتخب والحكومة المنبثقة عنه الى المبادرة بارساء آليات تحقيق العدالة الانتقالية واعطائها الاولوية التي تستحق. تلتزم في كل اعمالها وانشطتها بما ورد في الصكوك الدولية المتعلقة بحقوق الانسان. تعمل التنسيقية على استصدار نص تنظيمي يؤكد التزام الدولة بالموضوع وينصّ على انشاء هيئة مستقلّة للعدالة الانتقالية ودعم الدولة لها إلى جانب التزام مكونات المجتمع المدني. تعلن التنسيقية عن احداث لجان اصغاء وتلقي الشهادات حول الفساد وانتهاكات حقوق الانسان في العهد السابق وتوثيقها.