عاجل : رفض مطالب الطعن والإبقاء على التهم الموجهة للمتهمين في'' قضية انستالينغو ''    في الدورة الأولى للوسيط العقاري.. محاربة غسيل الأموال والتصدي للتوطين من الأولويات    سليانة: بلدية سليانة تضبط برنامج نظافة بكافة الأحياء وبمناطق التوسع    يهم التونسيين : الأسعار الحالية للأضحية تتراوح من 700 إلى 1500 دينار    رضا الشكندالي: البنك المركزي يهدف إلى الحدّ من التضخم عبر الترفيع في الفائدة المديرية    مفزع/ حجز 188 كغ من الزطلة منذ بداية السنة إلى غاية الأسبوع الحالي..    تفكيك شبكة مختصة في التنقيب على الأثار مالقصة ؟    يوم مفتوح بعدد من الولايات للتحسيس بمضار التدخين    تقرير: زيادة ب 26 يومًا إضافيا من الحر خلال عام    عاجل/ إخلاء مستشفى القدس الميداني في رفح بسبب تهديدات الاحتلال..    بطولة رولان غاروس : برنامج النقل التلفزي لمواجهة أنس جابر و الكولومبية كاميليا أوزوريو    وزارة التربية تكشف حقيقة عقد اتفاقية شراكة مع مؤسسة "سمارتيرا"..#خبر_عاجل    حمزة البلومي : '' برنامج التحقيقات الممنوعة.. 9 حلقات منعت من البث.. هرمنا''    طقس الاربعاء: الحرارة تصل الى 39 درجة بهذه المناطق    المكلف بتسيير ولاية المهدية يُودّع الحجيج    الجزائر تتقدم بمشروع قرار لمجلس الأمن الدولي "لوقف العدوان في رفح"..    وزير الصحة يوقع على مبادرة حول المشاركة المجتمعية في القطاع الصحي    بوتين محذرا الغرب: "يجب على دول الناتو أن تفهم بماذا تلعب"    اليوم: مجلس النواب يعقد جلسة عامة    نمت بأكثر من 3 %... الفلاحة تتحدى الصعاب    للاستجابة للمعايير الدولية...الصناعة التونسية في مواجهة تحدي «الكربون»    القانون الجديد... بين إلغاء العقوبة السجنية أو الابقاء عليها ...الشيك بلا رصيد... نهاية الجدل؟    تحطم طائرة عسكرية من نوع "إف 35" في ولاية نيومكسيكو الأمريكية (فيديو)    الاحتلال يترقب قرارا من غوتيريش يصنفها "قاتلة أطفال"    280 مؤسسة توفر 100 ألف موطن شغل تونس الثانية إفريقيا في تصدير مكونات السيارات    رونالدو يشد عشاقه بموقفه الرائع من عمال الملعب عقب نهاية مباراة النصر والاتحاد (فيديو)    بورصة تونس ..مؤشر «توننداكس» يبدأ الأسبوع على ارتفاع    جينيف: وزير الصحة يؤكد الحرص على التوصّل لإنشاء معاهدة دولية للتأهب للجوائح الصحية    تعظيم سلام يا ابن أرض الرباط ... وائل الدحدوح ضيفا على البلاد    قبل جولته الأدبية في تونس العاصمة وعدة جهات، الكاتب جلال برجس يصرح ل"وات" : "الفعل الثقافي ليس فقط في المركز"    افتتاح الدورة السادسة للمهرجان الدولي للموسيقيين والمبدعين من ذوي وذوات الإعاقة بعد أكثر من 4 سنوات من الغياب    البطولة السعودية: نزول فريقي سعد بقير وأيمن دحمان الى الدرجة الثانية    البطولة الوطنية المحترفة لكرة السلة: مواعيد مباريات الدور نصف النهائي    ملعب غولف قرطاج بسكرة يحتضن نهاية هذا الاسبوع كاس تونس للغولف    وزير الصحة يشارك في مراسم الاعلان عن مجموعة أصدقاء اكاديمية منظمة الصحة العالمية    قابس: الاحتفاظ بشخص مفتش عنه وحجز كمية من الهواتف الجوالة المسروقة    'الستاغ' تطلق خدمة إلكترونية جديدة    بيلينغهام يفوز بجائزة أفضل لاعب في الدوري الإسباني    الليلة أمطار متفرقة والحرارة تتراوح بين 18 و28 درجة    جنيف : وزير الصحة يستعرض الخطط الصحية الوطنية في مجال علاج أمراض القلب    بداية من اليوم.. مدينة الثقافة تحتضن الدورة السادسة للمهرجان الدولي للموسيقيين والمبدعيين من ذوي الإعاقة    فتح باب الترشح للدورة 36 لمهرجان المحرس الدولي للفنون التشكيلية    المنتخب الوطني: موعد الإعلان عن القائمة وبرنامج التربص    27 ألف مشجّع للنادي الافريقي في دربي العاصمة    الشركة التونسية للبنك STB : تعيين نبيل الفريني مديرا عاما    عاجل/ اعتراف إيرلندا بدولة فلسطين يدخل حيّز التنفيذ    حادث مرور مروّع في القصرين    عاجل :عطلة بيومين في انتظار التونسيين    هيونداي تونس تتوج بعلامة "أفضل علاقات عامة" في المؤتمر الإقليمي لشركة هيونداي موتور في جاكرتا    قفصة: القبض على 5 أشخاص من أجل ترويج المخدّرات    رئيس الجمهورية يستقبل الصحفي الفلسطيني وائل الدحدوح    في الملتقى الوطني للتوعية والتحسين البيئي... ياسين الرقيق يحرز الجائزة الأولى وطنيا    في إطار تظاهرة الايام الوطنية للمطالعة بعين دراهم ...«الروبوتيك» بين حسن التوظيف والمخاطر !    بن عروس : اختتام الدورة الثالثة والثلاثين لمهرجان علي بن عياد للمسرح    أولا وأخيرا «عظمة بلا فص»    أليست الاختراعات التكنولوجية كشفٌ من الله لآياته في أنفس العلماء؟    معهد الفلك المصري يكشف عن موعد أول أيام عيد الأضحى    مواقف مضيئة للصحابة ..في حبّ رسول الله صلى الله عليه وسلم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



على كلّ السياسيين الذين يغلب عليهم الانتقام والتشفي أن يدركوا أنهم دائما عرضه للمحاكمات وطلب اللجوء!!
بعد تهديده بالقتل: العميد بشير الصيد «للشعب»: عدم تسليم البغدادي لا يبرّر عدم تسليم الرئيس السابق لأن الوضع في ليبيا مختلف عن الوضع في تونس
نشر في الشعب يوم 19 - 11 - 2011

بعد تلقيه تهديدًا بالقتل والتصفية من قبل أحد المدعين انه من ثوّار ليبيا التقت »الشعب« العميد بشير الصيد وسألته عن خلفيات هذا التهديد والاهداف المزمع تحقيقها من ورائه وهل لهذا التهديد علاقة مباشرة بنيابته لرئيس الوزراء الليبي السابق البغدادي المحمودي الذي تضاربت بشأنه عملية تسليمه الى المجلس الانتقالي مواقف الاطراف والاحزاب.
وكما طرحت عليه »الشعب« اسئلة تتعلق بدور كل من الاتحاد العام التونسي للشغل والرّابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان بعد انتخابات المجلس الوطني التأسيسي وما أفرزته من خارطة سياسية جديدة بنيت على موازين قوى انتخابية وديمقراطية كما تعرّضت »الشعب« مع السيد العميد إلى جملة من القضايا الاخرى المتعلقة بحدود السلطة وحدود المعارضة في ظلّ النظام السياسي القادم.
وحول هذه القضايا وغيرها سننتقل بين محطة وأخرى مع الاستاذ بشير الصيد لعلّنا نسلط الضوء على قضايا ونزيد البعض الاخر تعقيدا في الطرح والجدل.
❊ تلقيتم في الآونة الأخيرة، تهديدا بالقتل، هل يمكن للرأى العام الوطني معرفة ملابسات هذا التهديد والأطراف التي تقف وراءه والأهداف المراد تحقيقيها؟
أوّلا التهديد الذي بُلّغ إليّ، هو كجزاء على نيابتي ودفاعي عن البغدادي المحمودي رئيس الوزراء الليبي السابق أمام القضاء وامام الرأي العام الداخلي والخارجي وذلك ضد تسليمه الى المجلس الانتقالي أو إلى »جماعة 17 فيفري 2011«.
والذي هدّدني بهاتف جوّال يحمل رقم 20426315 يرجع إلى مواطن تونسي، حسب ما أفادني به شاهدان اعترف لهما بانه اعار هاتفه للذي هدّدني وهو شخص لمست من لغته انه ليبي وقال سنقتلك وسنصفيك انا من ثوّار ليبيا واننا رصدنا مكتبك ومنزلك والمواقع التي تتردد عليها جزاء عن دفاعك عن البغدادي المحمودي المجرم الذي نريد ان نقتصّ منه.
ابلغته السيد وزير الداخلية والسيد مدير الامن الوطني ورفعت قضية لدى النيابة العمومية، فأذن فيها السيد وكيل الجمهورية بالمحكمة الابتدائية بتونس بالعهدة الى السيد حاكم التحقيق بالمكتب التاسع.
❊ يبدو أن قدركم قد اقترن بمثل هذه التهديدات، فماهو تأثيرها على محيطكم السياسي عامة والعائلي خاصة؟
بالنسبة اليّ شخصيا والحمدلله مؤمن بأنه لن يصيبني إلا ما كتب الله لي ولذلك ورغم كل المحن التي سلطت علي من أجل مبادئي ومساري السياسي فانني لم ولن اتخلّى عن قناعاتي على كل الاصعدة السياسية والقانونية والوطنية، ولن يؤثر هذا التهديد لأنّ من أهمّ قناعاتي ايماني بمهام المحاماة الشريفة وواجب النجدة للدفاع عن كل المظلومين والمسحوقين وقد كنت ادافع وانوب عن كل المتهمين في القضايا السياسية والحقوقية والنقابية والاعلامية في كل الشرائح وبالمجاني.
لن اتخلّى عن نيابتي عن السيد البغدادي المحمودي للاعتقادي ان الواجب يفرض عليّ ذلك.
❊ يعتبر بعض المراقبين أنّ دفاعك عن البغدادي المحمودي يتعدّى دورك كمحام نحو الدفاع عن أحد أكبر الضّالعين في الجرائم المرتكبة ضد الشعب الليبي فما هو ردكم على ذلك؟
أوّلا، دفاعي عن البغدادي المحمودي ينطلق بالاساس من اعتباري محاميًا والمحامي كالطبيب محمول عليه واجب النجدة لكل من يستحق ذلك.
وثانيا: كان دفاعي سياسيا ومهنيا عن كل السياسيين بمختلف انتماءاتهم الفكرية والايديولوجية لايماني، ان كل سياسي هو في حاجة إلى الدفاع عنه لانه مُعرَّضٌ دائما الى الاخطار ودفاعي عن البغدادي المحمودي يندرج في هذا السياق.
وزيادة عن ذلك فان واجب النجدة لرجل لاجئ، وضع في اخطار يهدده من كل جانب، رأيت ان مقتضيات الاخلاق والقانون والانسانية ان يدافع عنه المحامي والاعلامي والانساني وكل مكونات المجتمع، خاصة عندما يتأكد انه لو سلّم سيقع اغتياله والتّنكيل به مثلما وقع لمعمر القذافي وابنه وعديد الرجالات في النظام السياسي السابق.
فحقوق الانسان والعهود الدولية المعمول بها والمتعارف عليها وانظمة الامم المتحدة تمهل اللاجئين السياسيين وتحميهم وتقف ضد تسليمهم الى حكومات بلدان عندما تتأكد من انه سينكّل بهم وسيعتدي على ذواتهم البشرية.
❊ يرى البعض الاخر من المراقبين والمحللين ان تمسك الفاع بعدم تسليم البغدادي المحمودي الى المجلس الانتقالي الليبي لا يخدم المطالب التونسية في جلب الرئيس السابق والفارين من نظامه؟
لنتحدث بصراحة وليست لي خشية من أي كان وطنيا ودوليا ان نقول ان الجميع مطلوب منهم ان يدركوا ان اللجوء السياسي في الاساس من القيم المثلى والمتعارف عليها انسانيا ودوليا واخلاقيا ودينيا ومن الشيم العربية وفي القرآن الكريم اسست هذه القاعدة وعمل بها الرسول الاكرم، والرجل السياسي الذي يطلب اللجوء له مبرّراته لانه كما قلت سابقا متعرّض للأخطار التي تقف ضده من الاطراف السياسية الاخرى ومن الرأي العام ومن تحمله مسؤولية خدمة المصلحة العامة.
ولذلك لا ينبغي ان ننظر اليه من معيار العاطفة والانتقام والتشفي وان كل السياسيين الذين نلحظ انهم يغلب على الكثير منهم الانتقام والتشفي عليهم ان يدركوا انهم دائما عرضة لان يكونوا متهمين او من طالبي اللجوء السياسي والسياسي الذي يطالب اليوم برفض لجوء اي سياسي لابد أن يحذر من أن يكون غدا في مكانه ومن جهة اخرى فان الذي يتحمل المسؤولية السياسية ينبغي على الرأي العام والمجتمع الوطني والدولي ان يوفر له قدرا من الحماية والا تصبح المسؤوليات السياسية غير مرغوب فيها ويتعذر على السياسيين ان يتحملوها.
ولا شك في ان كلامي هذا لا يبرّر السياسيين الذين اجرمُوا ببشاعة في حق بلدانهم وشعوبهم والذين قتلوا وعذّبوا والذين تجاوزوا الحدود المألوفة في الأخطاء العادية التي لا يسلم منها عادة اي رجل سياسي تحمل شؤون الحكم او الاشراف على المصالح العامة السياسية والمالية والاجتماعية.
اذن سألني احد السادة الصحافيين وانتم تسألونني. وأضعُ السؤال بنفسي وبوضوح كيف لي ان ارفض تسليم البغدادي المحمودي الى ليبيا وان اطالب بتسليم الرئيس السابق والجواب بصراحة ووضوح ان الوضع في ليبيا وفي تونس يختلف اختلافا جوهريا.
ففي تونس هناك دولة قائمة ونظام وقضاء فاذا ما سلم الرئيس السابق الى السلطات التونسية، فهي سلطات قائمة وقانونية، والقضاء التونسي منظم وجاهز ليوفر المحاكمة العادلة ولا اعتقد ان تونسيّا او تونسية سواء كان مواطنا او شرطيا او مسؤولا ان يعتدي على الرئيس بن علي او يسيء اليه عندما يقع تسليمه ولذلك فسيحاكم وفق القانون ومن قضاء ناضج بل سيُوفَّرُ له دفاع من المحامين حتى يُمكَّنَ من محاكمة عادلة.
اما الوضع في ليبيا، فهو مضطرب ولم تقم فيه الا حدّ الآن دولة او نظام بعد سقوط نظام معمرالقذافي، فمازالت الاحوال غير مستقرة والاقتتال قائما بين انصار النظام السابق وبين »جماعة 17 فيفري 2011« وكل بلدة من ليبيا لها رئيس مجلس عسكري ومازال الجدد يتقاتلون فيما بينهم ولم تقم حكومة واضحة بانتخابات حرّة وديمقراطية وبالتالي لا يوجد قضاء عادل ليلقى البغدادي المحمودي محاكمة عادلة بل ما نشاهده وما اعترفت به واقرته المنظمات الدولية الانسانية.
وبالتالي فإنّه لا يمكن تسليم البغدادي حتى لا يقع له ما وقع للقذافي وابنه المعتصم وعدد من رجالات النظام السابق فارتكاب الجرائم وصلت حتى الى نبش القبور وحرق عظام الموتى.
❊ طالبتم كلسان دفاع من الأمم المتحدة التدخّل لمنع تسليم البغدادي كما طالبتهم بمنحه اللجوء السياسي؟ فكيف للدفاع أن يترافع داخل المحاكم التونسية من ناحية ويتدخل لدى المنظمات الدولية من ناحية أخرى؟
لا ارى اي تقارب بين دفاعنا عن البغدادي المحمودي امام القضاء التونسي وبين طلب اللجوء السياسي من الوكالة الدولية للاجئين فالهدف واحد: هو منع تسليم البغدادي المحمودي الى ليبيا باعتباره لاجئا سياسيا وبالتالي يمنح اللجوء السياسي من المنظمة الدولية او لطلب رفض تسليمه من القضاء التونسي، فإنّ الامر والهدف واحد، على أنّنا نحن كفريق دفاع رافعنا ودافعنا عن البغدادي لدى القضاء التونسي اضطرارًا لانه هو الذي اوقف البغدادي المحمودي وليس نحن الذين رفعنا اليه قضية عدلية.
فالبغدادي لم يطلب اللجوء السياسي من النظام التونسي، بل كان فارًّا الى الجزائر لكن السلط الامنية منعته من مغادرة تونس، رغم ان القضاء حكم ببراءته واذن باطلاق سراحه اوّلا، لكن الحكم القضائي بالبراءة لم ينفذه فيما بعد.
❊ ما لم أفهمه هو كف تدافع عن رموز نظام اتصف بالقمع والإجرام وأنتم كنتم من ضحايا بطش نظامي بورقيبة وبن علي، فهل أن مقاومتكم للظلم والقهر لا يكون إلا قطريا؟
في الاساس ما ينبغي ان يفهم ويعمل به هو أن حق الدفاع قيمة مثلى وانسانية قانونيا وشرعا وطبيعة فكل شخص يتعرض الى مساءلة، لابدّ ان يكون له دفاع ولا يكون قضاء عادلا او محاكمة عادلة دون دفاع والا اختل العدل في العالم وقامت آنذاك شريعة الغاب فيُصَفّى ويُقْتَل كل من تتم ادانته.
فاساس العِمْران، هو اقامة العدالة والعدالة تتكون من حاكم ومدافع بحيث يتحقق فيها التوازن، ولابد من هيئة قضائية تتحرّى وتمحّص عوامل البراءة وعوامل الادانة ولابد من طرف يدافع عن المتهم أمامها لابراز حجج البراءة او على الاقل التخفيف والتعديل في العقاب لان العقاب ليس المقصود منه الانتقام كما في العصور الوسطى، بل الاصلاح بحيث يسلط العقاب كما يُوصف الدواء للمريض فمن قال ان البغدادي المحمودي مجرم فأقل ما يقال فيه ان هناك شقان في ليبيا البعض يقول انه ارتكب الجرائم والبعض الآخر يقول انه من تلفيق التهم للسياسيين.
ولذلك، فإنّ مقولة لا اقاوم الظلم الا قطريا ليست صحيحة لاني انا شخصيا لا اقتص عندما اتوجه الى خصومي السياسيين بايادي وآنا اول من يطالب بمحاكمة عادلة لهم وبمحامين يدافعون عنهم.
وحتى عندما اتوجه اليهم باتهاما معينا، فليس لي الحق في ان احكم عليهم لان ذلك من انظار محاكمة قضائية عادلة ولا أرضى بالاعتداء عليهم او قتلهم لان الحكم بالعقاب والادانة من اختصاص سلطة قضائية.
❊ يُلاحظ أن فريق الدفاع عن المحمودي هو من المحامين المعروفين بانتمائهم القوي، وهو ما يقدّم مبرّرات لتأويلات سياسية مفادها أن قضية البغدادي هي قضية ايديولوجية وسياسية ليست قضية قضائية وعدلية؟
هذا ليس صحيحا بالمرة لان المحامي هو محام، ولا ينظر إلى قناعاته او توجهاته وما اذا كانت له افكار سياسية بل هو محام مهني فقط وزيادة عن ذلك فان فريق الدفاع متنوع حتى وإن نظرنا الى الموضوع من الناحية الفكرية.
❊ قضيتم أكثر من ثلاثة عقود تناضلون صلب أجنحة العدالة: من قضاء إلى محاماة إلى حقوق الإنسان هل أنتم مطمئنون على استقلالية القضاء وعلى مكانة المحامي اليوم والعدالة بصورة عامة؟
بالنسبة الى المحاماة، اعتقد انها مستقلة منذ زمن طويل، وكانت دائما مستقلة، وقد حصل لي الشرف ان انتخبني الزملاء والزميلات مرتين عميدًا للمحامين وحرصت على دعم هذه الاستقلالية في أحلك الظروف وفي ظل النظام السابق وتعرّضت الى العديد من الاساءات والضغوطات.
اما بالنسبة إلى استقلال القضاء، فهو مطلب شعبنا بكل مكوّناته الاجتماعية والسياسية ولقد مرّ القضاء بصراع مرير مع السلطتين السياسية والتنفيذية وانزلقت ثلة قليلة من القضاة في استجابتها لنظام المخلوع امّا عن رضاء منهم او عن خوف على مصيرهم.
واعتقد ان امام القضاء الآن فرصة نادرة لتحقيق استقلاليته التّامة فالظروف مواتية وان كل مكوّنات الشعب معه ولي امل في قضاتنا ان يكونوا في مستوى الاستقلالية غير ان ما حصل اخيرا في الحكم الذي صدر في دائرة الاتهام بتسليم البغدادي المحمودي وفي غياب فريق الدفاع الذي طلب التأخير والذي رفضته الدائرة مما اضطره الى الانسجام هي علامة سيئة وخطيرة تذكرنا بما كان يقوم به بعض رؤساء الدوائر القضائية في عهد النظام البائد.
وعليه فإني اناشد كل القضاة التونسيين بان يشدّدوا على استقلالية القضاء والا يتركوا هذه الفرصة النادرة تضيع اذ لا امل لهم وللبلاد في التقدم والابداع، حيث لا حرّية ولا ديمقراطة ولا تنمية ولا كرامة للمواطن دون استقلال القضاء.
❊ تربطكم علاقة وطيدة بمكوّنات المجتمع المدين وفي مقدمتها الاتحاد العام التونسي للشغل والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان فماهي طبيعة دورهما في ظل ما أفرزته انتخابات المجلس التأسيسي؟
مع اعتقادي الجازم، بأن الاتحاد العام التونسي للشغل والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان هما مؤسستان قديرتان على اتخاذ المواقف او الاختيارات التي يريان فيها مصلحة البلاد ومصلحة كل مؤسسة لان الاتحاد مدرسة نضالية ثورية عبر مراحل تاريخ تونس منذ عهد محمد علي الحامي الى الان وانه سيبقى كذلك رغم ما تعرّض اليه من محن وهو ايضا الاطار الذي كان الملجأ لجل المناضلين السياسيين والحقوقيين ليحتموا به فكان يُؤويهم ويدعمهم.
وكل الناس يعرفون ما تعرضت اليه هذه المؤسسة من مظالم وحصارات وما كابدته رموزها من سجون ومَنَافٍ واغتيالات (حشاد).
واعتقادي جاسم ان هذه المؤسسة ورغم ما ينسب اليها من بعض الحاقدين وغير الواعين فستبقى كذلك السند والدعم والملجأ لنضالات الشعب التونسي بمختلف توجهاته وانتماءاته وأرى ان احسن ما فعل الاتحاد عندما لم يشارك في الانتخابات للمجلس وكذلك فمن رأيي أن لا يشارك الان في الحكومة التي سيختارها المجلس التأسيسي كذلك الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان فهي منظمة ضحت وكابدت برموزها المنتمين اليها وصمدت في احلك الظروف ولذلك فانه حسب رأيي اعتقد ان ممثلي المنظمتين مؤهّلون لاتخاذ القرار الاسلم والاصح لكن اقول ان المفيد والاجدر بتونس وشعبها ولكل مجتمعها المدني ان يبقى الاتحاد مستقلا داعما وموجها للخيارات الاصلح في الظرف المناسب وحاميا ومراقبا لكل ما يجري في البلاد ولا يدخل مباشرة في الاطر السياسية الحزبية او الرسمية في الوقت الحاضر وكذلك ما قلته في الاتحاد ينطبق على الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان، واملي في ممثلي المؤسستين وطيد ولي الثقة في اختياراتهما.
❊ هل نتوقع أن يتحمل العميد بشير الصيد حقيبة وزارية أم سيظل في مواقع المجموعات الضاغطة المدنية والحقوقية؟
اني اخترت عدم الترشح الى المجلس الوطني التأسيسي، كما اشرت على البعض من الذين اتفق معهم في التوجه والتحليل بان لا يترشحوا في هذه المحطة وذلك حتى اكون حرّا اكثر فيما اقول وحتى اقدّم رأيا في المسار السياسي والانتقال الديمقراطي ومعالجة القضايا الجوهرية يكون اكثر صوابا واقرب الى الحقيقة.
وهذا يعني لديّ اني لا اريد في الوقت الحاضر ان اكون مسؤولا رسميّا في اية خطة من الخطط.
❊ اتسمت الساحات السياسية والمدنية واجتماعية باخلاقيات هابطة لا تتوقف عن السباب وكيل التهم والحط من الكرامة والمكانة فكيف تقرؤون هذه الانحرافات؟
اقرأ الساحة السياسية حسب وجهة نظري قراءة موضوعية ربما لا اقول انها انحرفت ولكنّي اقول انها تقريبا تخلّت او ابتعدت عن معالجة القضايا الجوهرية التي تنقذ البلاد مما هي فيه وتنقلها نقلة نوعيا اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا لانها عوض ان تقوم بذلك جعلت حواراتها واطروحاتها بين السياسيين والاعلاميين والحقوقيين حول تجاذبات هامشية وانها لم تنزل الى معالجة قضايا المواطنين من شغل وعلاج ومسكن وما يعانيه من غلاء الاسعار وهذا هو احد الاهداف الاساسية التي قامت من أجلها الثورة فالمواطن اول ما يعنيه معالجة مشكلاته الحياتية وما يضمن له العيش الكريم والحياة الكريمة حقوق المواطنة.
❊ بعد أن رفضت الترشح ودخول المجلس التأسيسي كيف تنظرون إلى مستقبل العمل السياسي الضامن من ناحية للانتقال الديمقراطي والمحقق لشرعية الفعلية من ناحية ثانية؟
حسب رأيي اعتقد انه ينصبّ في التوجه الصحيح للبلاد، لابد ان تتكوّن في تونس وضمن توجه البلاد الصحيح لتحقيق الانتقال الديمقراطي، لابد ان تكون المعادلة السياسية متكوّنة من كتلة تحكم وكتلة تعارض.
ولا شك في ان الذين نجحوا في عضوية المجلس التأسيسي وخاصة الذين فازوا باغلبية محترمة في المقاعد انهم سيكونون السلطة الحاكمة والذين لم ينجحوا في الانتخابات مع الذين لم يشاركوا فيها بانهم سيكونون صف المعارضة.
واريد ان اوضح ان السادة اعضاء المجلس التأسيسي او احزابهم عليهم الا يستاؤوا من تكوين معارضة رغم الاعتراف لهم بشرعيتهم وبنجاحهم لان تكوين معارضة امر جوهري وأساسي في البلاد، وحتى نضمن الانتقال الديمقراطي فان هذه المعارضة مع صف الناصحين. في المجلس التأسيسي هي من الصف الثاني فكتلة الحكم وكتلة المعارضة ضروريتان للبلاد من اجل خلق توازن وطني ديمقراطي يكون صمام الامان لتقدّم البلاد ولتحقيق الديمقراطية الحقيقية على غرار ما هو موجود في البلدان المتقدمة فالذي في الحكم يمكن ان يصبح في انتخابات اخرى في المعارضة وكذلك العكس حتى يقدم الرقيب الى جانب الحاكم وينبغي علينا جميعا التسليم بذلك وان نعمل على خلقه.
ولا يغضب اي صف من الصفين او اية كتلة من الكتلتين، فكل واحد منهما دور اساسي لابد ان يكون موجودًا في البلاد واني ادعو الا يجتمع الصفان في حكومة وطنية تشمل الجميع لانه يمثل خطرا!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.