وزير الخارجيّة يستقبل المستشار الفيدرالي ووزير العدل والشّرطة السّويسري    جوهر بن مبارك يمثل غدا أمام القضاء..#خبر_عاجل    كاريكاتير اليوم    بنزرت ..مهرجان الشاولي بكاب زبيب.. تثمين لمنتوجات الصّيد البحري وإبراز لعادات الجهة    عاجل/ هذا ما كشفه التقرير الاولي للتحقيق في حادثة مروحية الرئيس الإيراني..    تركيا: قتلى ومصابون بهجوم مسلح على مقهى في إسطنبول    عاجل/ هذا ما اعلنت عنه حركة "حماس"..    الرابطة المحترفة الثانية: حكام الجولة الثالثة والعشرين    مفزع: إحباط 11 عملية ''حرقة'' خلال يومين..وهذه حصيلة الايقافات..    مطار صفاقس طينة الدولي.. انطلاق أولى رحلات الحجيج نحو البقاع المقدسة    جندوبة..إثر غرق تلميذين.. مندوبية الفلاحة تحذّر من السّباحة في المنشآت المائيّة    قتيل وجرحى في حادث مرور خطير بصفاقس..    بعد قرار محكمة الجنايات الدولية ضد نتنياهو و غالانت ...انقسام في الداخل... و عزلة في الخارج    بإشراف رئيس الحكومة ..مجلس وزاري حول ملف التأشيرات الإلكترونية    دراسة قواعد تمويل الحملة    بمشاركة 1000 حرفي: غدا انطلاق الدورة 40 لصالون الابتكار في الصناعات التقليدية    جميلة غربال أرملة رشيد العيادي في ذمة الله    القيروان: صاحبة محل حلاقة نسائي تقدم شهائد تكوين مزورة    غدا: انطلاق الدّورة 40 من صالون الابتكار في الصّناعات التّقليدية بالكرم    بقلم مرشد السماوي: آثارنا ومخزوننا التراثي مهدد بعبث الفاسدين وعصابات دولية.. فهل حان الوقت لبعث شرطة تراثية؟    صوناد : انقطاع في توزيع المياه بكامل منطقة وادي الخياط برواد    رولان غاروس : أنس جابر تواجه لاعبة أمريكية في الدور الأول    قضاء : رفض الإفراج عن البشير العكرمي والحبيب اللوز    القاهرة تستعد لاستقبال 8 آلاف مشجّع من جماهير الترجي    القيروان: احتراق 7 هكتارات من القمح و300 أصل زيتون بمعتمدتي الشبيكة وبوحجلة    قبلي: متابعة سير الموسم الفلاحي وتقدّم عملية حماية صابة التمور من الآفات والتقلّبات المناخية    محمد رمضان يحيي حفل نهائي دوري أبطال أفريقيا بين الأهلي والترجي    بدعم من المجلس البنكي والمالي.. البنوك تمول الاقتصاد ب 106 مليارات دينار    القيروان:غلق الطريق وسط حالة من الاحتقان والتوتر    صفاقس تفكيك عصابة لترويج المخدرات وغسيل الأموال...حجز 50صفيحة من مخدر القنب الهندي    تونس نحو إدراج تلقيح جديد للفتيات من سن 12    الرابطة الأولى: تعيينات حكام منافسات الجولة الثالثة إيابا لمرحلة التتويج    الجزائر: شاب يطعن شقيقته بسكين خلال بث مباشر على "إنستغرام"    غرفة التجارة و الصناعة : '' ندعو إلى إنشاء خط مباشر بين بولونيا وتونس ''    صفاقس: الاحتفاظ بعنصر تكفيري مفتش عنه..    الكيان الصهيوني يوبخ سفراء إيرلندا والنرويج وإسبانيا    بطولة العالم لألعاب القوى لذوي الهمم: رؤي الجبابلي يحرز ميدالية برونزية جديدة لتونس    الرابطة الأولى: الإتحاد المنستيري يرفض خوض الكلاسيكو إلى حين النظر في مطلبه    اقتراب امتحانات الباكالوريا...ماهي الوجبات التي ينصح بالابتعاد عنها ؟    نقابة الصيادلة : إزدهار سوق المكملات الغذائية مع إقتراب الإمتحانات.. التفاصيل    الإسباني بيب غوارديولا يحصد جائزة أفضل مدرب في الدوري الإنجليزي    «مرايا الأنفاق» لبنت البحر .. أسئلة المرأة والحرّية والحبّ والجمال    جائزة غسّان كنفاني للرواية العربية بفلسطين ..«برلتراس» لنصر سامي في القائمة الطويلة    «حلمة ونجوم» تمدّ جسور التواصل بين تونس واليابان    قفصة: نقطة بيع من المنتج إلى المستهلك لبيع الأضاحي    ‬قصص قصيرة جدا    مكلف بالإنتقال الطاقي : إنتاج 2200 ميغاوات من الكهرباء سيوفر 4500 موطن شغل    عاجل : السعودية تمنع هؤلاء من دخول مكة خلال الحج    أتلانتا بطلا للدوري الأوروبي بعدما ألحق بليفركوزن أول هزيمة في الموسم    اليوم: درجات الحرارة تصل إلى 42 درجة مع ظهور الشهيلي    4 ألوان "تجذب" البعوض.. لا ترتديها في الصيف    قفصة: تقديرات أولية بإنتاج 153 ألف قنطار من القمح الصلب هذا الموسم    وزارة الصحة: جلسة عمل حول تركيز مختبر للجينوم البشري لتعزيز جهود الوقاية والعلاج من الأمراض الوراثية والسرطانية    مسرحية "السيدة المنوبية" تفتتح الدورة الرابعة لأسبوع المسرح البلدي بتونس    أبرز اهتمامات الصحف التونسية ليوم الاربعاء 22 ماي 2024    هل فينا من يجزم بكيف سيكون الغد ...؟؟... عبد الكريم قطاطة    لتعديل الأخطاء الشائعة في اللغة العربية على لسان العامة    منبر الجمعة .. المفسدون في الانترنات؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأفق مدْلِهمّ لكنّ وراء الحلكة النّور!
٭ بقلم الصادق بن مهني
نشر في الشعب يوم 26 - 11 - 2011

لم أكن يوما لا عرّافا ولا قارئ كتاب أو كفّ أو فنجان، ولم أفلح يوما في الاستشراف والتوقّع. لكنّني أرى الآن، أو يخيّل لي أنّي أرى، أفقا مدلهمّا : خُطبًا ملغومة، وجُمَلا تغتالُ، وطاعونا أسودّ يجتَاحُ دون أن يُلْحَظَ، وضِحْكات اختيالٍ خبيثة، وإصرارًا -إلحاحا- ثباتا- مداومة على الخطإ، وتدحرجًا بل تدهورا بالغ السرعة نحو الماضي السحيق الأغبر... وأرى دموعا، أسمع صراخا، تخنقني الغازاتُ، وتقطّع جلدي الهرم السيّاط...أرى دموعا، أسمع دماء تنزف، ويؤرّقني سوس ينخر كياننا، سمّ يتسرّب إلى وجداننا من مسامَنا، ويضنيني إصرارٌ على أن تخيّم علينا وفينا عتمةٌ كالدّياجير، كالقحط، كالطوفان المهلك الذي ما بعده صلاحٌ...
أرى بلاءً شرقيً الكلمات لكنّه غزانا من غرب، أي ومعه جحافلُ. من خبراء لا يفصحون عن هويّاتهم، ومستشارون ظاهرهم ليس كباطنهم، وأموالٌ خبيثةٌ لا تلسعُ بل تدمِّرُ في تأنٍ ولكن في العمق... أرى انقلابا على انتقال فتحَ الدّرب أمامَه فتيةٌ قضَوْا، وشباب جرحوا، وأوفياء هتفوا / وكتبوا / وصوّروا / وأخبروا / وتظاهروا / وحملوا أرواحهم على أكفّهم وساروا باتّجاه الشمس... أرى بنتِيَ التي مرّت عبر الهراوات والاستجوابات والملاحقات والتجسّس والترهيب وخيانة الأجوار وإصراري على عدم الفهم بل غياب فطنتي، أراها تنحو إلى قنوط-تبكي حظّ شعب يثور على النّهب فتنهَبُ ثورتُه-تعرّضُ غدها-جسمها-عمرها-لأخطار قدمت من وراء البحر أو هبّت من جحورها قد تكون أخطر وأفظع وأحلك وأدهى من عنف بوليس خبرناه وشراسة صبَّابةٍ أَلِفناهم ومكر أدعياء على السياسة انتهوا بأن «انخلعوا» فخلعوا... أرى صديقات ابنتي- أصدقاءها تنفسخ ألوانهم- يخبو إشعاع نواظرهم - يتلعثمون- تتعثّر خطاهم- تشتدّ بهم الحيرة- ومنهم من ينثني أو يخفت أو ينقلبُ... أرى نداءات نساء قاومن وقاومن وقاومن لا يفهمن إلى أيّ منقلب انقلبنا ولا كيف هانت تضحياتنا وتكاثفت الخياناتُ علينا... أرى ساسةً لا يرعوون - لا يخجلهم لا كيف ارتقوا ولا كيف يؤمنون ديمومتهم ولا من أين جاؤوا وكيف ولا إلى أين نمضي يلقون بنا - ينصّبُون جلاّديهم وأبواقهم باسم الربّ- يستبطنون شرّا، يعضّون بنواذجهم على سلطة كي لا تنزاح عنهم- معاولهم أموالٌ وحدهم يعلمون من أين جاءت ورفوشهم كَلِمٌ يسرقونها من كتب قديمة- حقيقتهم ادّعاءُ امتلاك الحقيقة حتّى الاعتقاد إيمانا باِمتلاك الحقيقة كلّها - سيؤلمون ويظلمون ويؤخّرون ويسدّون الأفق الذي أردناه فسيحا مشرقا ويسلّطون علينا شيئا كثيرا ممّا سُلِّطَ عليهم وعلينا من قَبْلِهم... أرى رياحا عاتية سموما لا تذرُ... أرى تناحرا وتدافعا وعناقا غادرا وتآلفا لا ألفة فيه... وأرى شعبنا مرّة أخرى يُغدَرُ ويُستَبْلَهُ وتُفعَلُ به الأفاعيل...
لم أكن يوما لا عرّافا ولا قارئ كتاب أو كفّ أو فنجان لكنّني...
أرى فخرنا وتيجان رؤوسنا / نساءنا : الأمّهات والرفيقات والأخوات والصديقات والبنات والزميلات يتهدّدهن البؤس ويَضربهنّ الحمق في كلّياتهن ومعاهدهنّ ومستشفياتهنّ ومصانعهن ومكاتبهنّ وفي الطّريق... أرى فتية يسعون إلى العلم، يجتاحهم جهلٌ منظّم يدّعي أن الصلاة أولى من الدّرس ويهاتف بدل أن يعمل ويعظّ بدل أن يفسّر... أرى شعبا ترابية ومهنية تنقضّ على الحريّات، تنفض الغبار عن شعب ترابية ومهنية عفا التراب عليها أوخلناه فعلَ تبرزُها في ثوب جديد بدَّلَ البنفسجيّ سوادًا ولحىً وحجُبًا على كلّ ما هو جميل وبريء... أرى السّجن يتّسع... أرى الشعوذة والتدجيل يسكتُ عليهما... أرى أرهاطا ألهتها الكراسي والرغبة في الثأر تلسعنا سياطها تغتالنا ألسنتُها تهلكنا غطرستها... وأرى رأس مال خوّاف مكّار بهيم يضيع فرصَتُه التي منحها إيّاه شعبنا ليتحرّر ينقاد مرّة أخرى ويختارُ ما يحسبه أسلم السُّبل ويصطفّ مع من يحسبه أقوى فيدعمه ويبوس لحاه ويأتمر بأمره... وهو بالماضي القريب لا يتّعظ... أرى حلفا فيه أفّاكون وفيه شيء من محترفي اغتيال أحلام الشعوب وفيه أثرياءُ لا يرغبون في أن يُعْرَف كيف جمّعوا ثرواتهم وفيه سلطة قديمة متنفّذة لا تزال وفيه قوم أضاعوا بوصلاتهم.
لم أكن يوما لاعرّافا ولا قارئ فنجان أوكفّ أو كتاب لكنّني...
أرى جراحا وعذابات وبطالة تتضخّم وجوعا يستفحل... وأرى شابّات لا يستسلمن- وفتية طلّقوا الخوف بل روّضوه- وشعبا لم يعد يقبل لا بالعسف ولا بالقصف ولا بالصّمت المسلّط- ولا بالأوامر والتعليمات الجائرة حتّى وإن غُلِّفت بأغلفة قُدَّت من زيف يستفرد بالسّماء ويستحوذ على الأخلاق والقيم... أرى ما لا يراه المتهافتون والمتكالبون والمتحاملون والأدعياء وطلاّب الاستبداد : أرى حراكا لا ينثني، وأمواجا لا تنكسر، وغضبًا يستحكم، وتمرّدا يفيضُ... أرى تاريخا لا ينعطف- لا يتراجع بل يزحف / يتقدّم / يجرفُ...
لم أكن يوما لا عرّافا ولا قارئ كفّ ولا كتّاب ولا فنجان لكنّني...
أرى وراء الضباب المدلهمّ والرياح العاتية انفراجًا وحبّا وودّا وضياء وألوان قوس قزح وبسمات الرّضيع وهدوء الأمّ الحانية واندفاع الشباب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.