جمع أبي ثروة صغيرة، واصبحت له مكانة قرّر فجأة بعد موت أمّي أن يتزوّج بعانس ثريّة. لم أشأ أن تهان أمي في قبرها بكيت لذلك بكاء مرّا. يوم الزفاف قدّم ابي هدية لزوجته عقد الدار الذي أقطنه لم يفكّر في سعادتي لقد حطم قلبي لن اغفر له صنيعه ذاك، قرّرت ان ابتعد. اتخذت قراري لما كنت وحدي وضعت نفسي في موضع من يصنع لنفسه فلسفة كنت في كل لحظة استعيد شجاعتي، ومضيت الى النهاية تركت البيت دون ان اعلم احدا تركت البيت على ان اعود اليه بعد مدّة لاصارحه بانّ هذا الزواج كارثة وانه وحدي استطيع ان انقذه من هذه المهزلة. السبيل الوحيد للنجاة من الاضطهاد هو تطليقها. انّ الرجل الشريف يجب عليه ان لا يخشى شيئا. كان الزواج فرصة لا ينبغي تضييعها كانت المرأة مدانة فهي لا تحب ابي وهي تصفه بالمخاتل... وانه يسعى الى جمع المال بجميع الطرق.. كان ابي مراوغا إلى حدّ ما.. قناع دائم على وجهه صرامة. عيناه كأنهما الشيء الوحيد الذي لا تقع لارادته حتدّ حتى اذا اراد ان ينظر اليك نظرة لطيفة رقيقة فان اشعة نظرته تزدوج ان صحّ التعبير. فاذا انت ترى الاشعة الرقيقة اللطيفة. اشعة اخرى قاسية شرسة فاجعة غادرة وهو فارع القامة على شيء من التحول يبدو اصغر من سنّه كثيرا، فان شعره الاسود لم يكد يخالطه الشيب وان اذنيه ويديه واطراف قدميه لتثير بجمالها الدهشة. كان انيقا في ملبسه مرهف الحس والذوق وكان لبعض حركاته مظهر لشباب وكان هذا يناسبه فهو يبدو كالأخ الاكبر لأولاده. انني لا ارغب في الزواج حتى تنتهي خصومات العائلة لا اريد ان ازرع الاختلاف بين الاخوة هكذا كان يقول ولكنه تزوّج واحدث زواجه زوابع بين افراد الاسرة. قاطعتني العائلة من اجل ذلك. لا اغفر لابي صنيعه لن اغفر له ما حييت. لاحظت منذ مدة انه بدأ ينافر زوجته كما بدأ تأثيري يقلّ في اندفاعاته وحماساته. كان يغلب على بعضها الواجبات. اشفقت عليه قد اكون مسرفة في محبته ولكني مقتنعة باني اصبحت لا استطيع السيطرة عليه وحدي. لابدّ من شخص اخر يؤثر فيه تأثيرا مستمرّا. انّ طبيعة الخضوع ضعيفة يسيطر عليها الحب غير ان الامر قد فات. كنت تحت تأثير رجل اخر اخذت الاحظ انه شرع يهتمّ بالترهات بل بأمور دقيقة كانت له افكارا غريبة متقلبة احيانا مستحيلة رغباته اندفعاته شرعت اهتم باشياء اخرى. هذا كل شيء وذلك هو أساس كل شيء لاحظت ان التغيير الذي طرأ عليه في الواقع كان هو الانسان الوحيد الذي يستطيع ان يحقق سعادتي لقد سعدت من قبل. برهن على انه كان اكثر من صديق كنت اعود اليه في كل مرة بقرار جديد... ولكن لا ادري كيف احتفلت بزواجه... كنت كئيبة، وكان الدمع يكاد ان يطفر من عينيّ حين وقفت جانبه لآخذ صورة، قلت بصوت متوسّل. سينتهي كلّ شيء على ما يرام لقد انفتح الطريق. قال: هل انت صادقة فيما تقولين؟ على كل انه رأي نبيل. قلت في نفسي لقد خامره شيء من الريب، تفرس في وجهي وقال: اني متعب ليس في ذلك شيء من الحماقة يقيني اني مازلت أشفق عليه. بعد الاحتفال عدت الى غرفتي.. خلعت ثيابي الجديدة واضطجعت على السرير انشد النوم... كانت الغرفة مظلمة رطبة كانها كهف. حاصرتني افكار كثيرة واحساسات غريبة وظللت لا استطيع النوم. هنالك رجل اخر يشبه ابي يضحك ملء شدقيه وهو يرقد على فراش وثير، أمله ان يرى شيئا يليق بمكانه الرفيع .كنت ارى زوجة ابي تعوي وتصب على رأسي ما تعرف من شتائم دون نقاط او فواصل.. وارتمت عليّ تشدّ شعري وتضربني. صراع غير متكافئ.. صراع أصمّ.. لم اكن اريد ان اخرج عن ارادتي قلت في حنق: ماذا تريدين؟! وضعت قبضتها على خصرها وصرخت: ان تخرجي من البيت.. انت امرأة بلا شخصية.. كيف تجرؤين على الاقامة هنا في هذا البيت الذي هو بيتي... ملكي.. ليتها تفطس هذه الملعونة! لم يكن في وسعي ان افعل شيئا ولكنّني كنت اشعر بانّه يشق عليّ ان اترك كل شيء.. لقد هزتني الكلمات القذرة.. كنت اوجس ذلك غارقة في تأمّلاتي.. .. كان هناك رجل مسكين يترنّح من فرط الاعياء ويناديني. انه ابي.صحت فيه: لا تقلق نفسك سأترك هذا البيت في أقرب فرصة تسنح لي إذا وافقت على ذلك! وافقت على ذلك. في الصباح قررت ان اترك المنزل وامضي إلى حال سبيلي. .. كل شيء يمكن ان يقع للانسان حتى الامور التي كان يتصوّرها في الحلك، لذلك هجرت البيت في اليوم الموالي دون ان اودع احدا خرجت ابحث عن مسكن استأجره... انّ لك الاذلالات والاهانات هي التي يحطمت اعصابي. قصصت على صاحبي الحكاية في ايجاز.. ما اكثر ما يخترع الانسان من ألفاظ لبسط حاجته! لم انتظر مساعدة، نهضت على حين غرّة لاجوب شوارع المدينة بحثا عن منزل استأجره. قرّرت ان ابقى النهار كلّه باحثة عن غايتي فأنا اريد ان أنام.. تعبت من الدوران.. ذهبت إلى البيت العائلي وجدت زوجة أبي على خلاف ما كنت اتوّقع الشيء الغريب انين لم ألاحظ انها شعرت بمقدمي كأنّ مجيئي لم يكن يزعجها... لا ادري كيف سيستقبلني أبي على كل حال. ما قيمة هذه الاشياء الآن؟ ادرت وجهي في شيء من الدهشة واتجهت نحو غرفتي كنت اشعر بتعب شديد.. لقد مشيت في ذلك اليوم كثيرا. حالة نفسية مضنية اعانيها قبل ان انام. عاتبت زوجة ابي. كانت ليلة مشؤومة.. ليلة شقيّة.. استيقظت من النوم متأخرة فوجدتني مريضة كان بي دوار وصداع وكان هناك صوت تنظيف البلاط.. خرجت.. فوجدت زوجة ابي تكنس الارض وقد رفعت باحدى يديها ثوبها الابيض الذي لم تخلعه منذ ليلة البارحة.. وجدت الحطب مكدسا في ركن من أركان الساحة ورأيت المنضدة منظمة.. اذن كانت زوجة أبي تقوم بأعمال المنزل كأنها تخاف أن ألومها.. قالت: أريد ان افعل كل شيء بنفسي في هذا المنزل! عدت الى غرفتي مٌطْرِقَة.. أفكر .. بدا لي ان أكون على خطأ فهي تريد ان تبرهن لي عن حسن نيتها بكل الوسائل كأن أقيم في هذا البيت مجانا لا اريد ان ابقى في هذا المنزل وان تعاملني برفق نَزِق.