الليلة: أمطار مرتقبة بهذه المناطق    عاجل/ أول تعليق من بودربالة على "أزمة المهاجرين"    ولاية رئاسية ''خامسة'' : بوتين يؤدي اليمين الدستورية    هجرة غير نظامية: تراجع عدد التونسيين الواصلين إلى إيطاليا ب 18,52 %    المهديّة :ايقاف امام خطيب بسبب تلفظه بكلمة بذيئة    نحو صياغة كراس شروط لتنظيم العربات المتنقلة للأكلات الجاهزة    من الحمام: غادة عبد الرازق تثير الجدل بجلسة تصوير جديدة    الاحتفاظ بمسؤولة بجمعية تعنى بشؤون اللاجئين و'مكافحة العنصرية'    عاجل : صحيفة مصرية تكشف عن الحكم الذي سيدير مباراة الاهلي و الترجي    هذه الآليات الجديدة التي يتضمنها مشروع مجلة أملاك الدولة    المتلوي: حجز 51 قطعة زطلة بحوزة شخص محل 06 مناشير تفتيش    بن عروس: تواصل تنظيم الدروس التوعوية لفائدة الحجيج بكافة معتمديات الجهة    تالة: ايقاف شخص يُساعد ''المهاجرين الافارقة'' على دخول تونس بمقابل مادّي    هام/ الليلة: انقطاع المياه بهذه المناطق في بنزرت    سليانة: السيطرة على حريق نشب بأرض زراعية بأحواز برقو    دوري أبطال أوروبا : ريال مدريد الإسباني يستضيف بايرن ميونيخ الألماني غدا في إياب الدور نصف النهائي    قريبا: وحدة لصناعة قوالب ''الفصّة'' في الحامة    وزير السياحة : قطاع الصناعات التقليدية مكن من خلق 1378 موطن شغل سنة 2023    عرض الكرة الذهبية لمارادونا في كأس العالم 1986 للبيع في مزاد    انقلاب "تاكسي" جماعي في المروج..وهذه حصيلة الجرحى..    ليبيا تتجاوز تونس في تدفقات الهجرة غير النظامية إلى إيطاليا في 2023    حماس: اجتياح الكيان الصهيونى لرفح يهدف لتعطيل جهود الوساطة لوقف إطلاق النار    سليانة: تخصيص عقار بالحي الإداري بسليانة الجنوبيّة لإحداث مسرح للهواء الطلق    أبطال إفريقيا: الكاف يكشف عن طاقم تحكيم مواجهة الإياب بين الترجي الرياضي والأهلي المصري    مخاوف من اختراق صيني لبيانات وزارة الدفاع البريطانية    تونس تسيطر على التداين.. احتياطي النقد يغطي سداد القروض بأكثر من ثلاثة اضعاف    يومي 10 و 11 ماي:تونس تحتضن بطولة إفريقيا للجمباز.    اتصالات تونس تنخرط في مبادرة "سينما تدور" (فيديو)    منظومة الاستثمار: نحو مناخ أعمال محفز    تونس : 6% من البالغين مصابون ''بالربو''    لاعبة التنس الأمريكية جيسيكا بيغولا تكشف عن امكانية غيابها عن بطولة رولان غاروس    المنظمة التونسية لإرشاد المستهلك: "أرباح القصابين تتراوح بين 15 و20 دينار وهو أمر غير مقبول"    فتوى تهم التونسيين بمناسبة عيد الاضحى ...ماهي ؟    متى موعد عيد الأضحى ؟ وكم عدد أيام العطل في الدول الإسلامية؟    وزارة التربية تنظم حركة استثنائية لتسديد شغورات بإدارة المدارس الابتدائية    «فكر أرحب من السماء» شي والثقافة الفرنسية    الكشف عن وفاق إجرامي قصد اجتياز الحدود البحرية خلسة    الفنان بلقاسم بوقنّة في حوار ل«الشروق» قبل وفاته مشكلتنا تربوية بالأساس    حوادث: 13 حالة وفاة خلال يوم واحد فقط..    الرابطة الأولى: النجم الساحلي يفقد خدمات أبرز ركائزه في مواجهة الترجي الرياضي    في قضية رفعها ضده نقابي أمني..تأخير محاكمة الغنوشي    رئيسة قسم أمراض صدرية: 10% من الأطفال في تونس مصابون بالربو    سيدي حسين: مداهمة "كشك" ليلا والسطو عليه.. الجاني في قبضة الأمن    البطولة الانقليزية : كريستال بالاس يكتسح مانشستر يونايتد برباعية نظيفة    إشارة جديدة من راصد الزلازل الهولندي.. التفاصيل    عاجل/ هجوم على مستشفى في الصين يخلف قتلى وجرحى..    عاجل- قضية الافارقة غير النظاميين : سعيد يكشف عن مركز تحصل على أكثر من 20 مليار    مشروع لإنتاج الكهرباء بالقيروان    أولا وأخيرا .. دود الأرض    في لقائه بخبراء من البنك الدولي: وزير الصحة يؤكد على أهمية التعاون المشترك لتحسين الخدمات    بمناسبة اليوم العالمي لغسل الأيدي: يوم تحسيسي بمستشفى شارل نيكول حول أهمية غسل الأيدي للتوقي من الأمراض المعدية    فيديو/ تتويج الروائييْن صحبي كرعاني وعزة فيلالي ب"الكومار الذهبي" للجوائز الأدبية..تصريحات..    نسبة التضخم في تونس تتراجع خلال أفريل 2024 الى 2ر7 بالمائة في ظل ارتفاع مؤشر أسعار الاستهلاك    الفنان محمد عبده يكشف إصابته بالسرطان    الفنان محمد عبده يُعلن إصابته بالسرطان    مواطنة من قارة آسيا تُعلن إسلامها أمام سماحة مفتي الجمهورية    ملف الأسبوع .. النفاق في الإسلام ..أنواعه وعلاماته وعقابه في الآخرة !    العمل شرف وعبادة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل يحوّل الفسفاط مدينة قفصة إلى نقطة ساخنة؟
نشر في الشعب يوم 14 - 01 - 2012

٭ من أين ندخل الوطن وقد سيجته عوائق التجاوز من جهاته الست؟
هل ندخله من السماء وقد تلبدت بها السحب والغيوم ام من أرضها التي حاصرتها المناجم وغبار الطريق ام من جراح افئدة اهلها وقد مزّقتها مشاعر الغبن والاسى ام من تاريخ «قبصة» الضارب بجذوره في اعماق الحضارة الانسانية؟
كل المداخل يسكنها الوجع وكل الثنايا رمادها منثور، وكل النفوس مختنقة بأوحال الحنظل والعلقم، فلقد صارت المرارة طعما على كل الالسن وريقا يبلل كل الشفاه المنعكسة بصفرتها على الاسنان ووجوه العامة مكفهرة بحيف التاريخ والجغرافيا واستبداد الانظمة، فحتى الآلهة القديمة صارت فتاتا بين اكداس الفسفاط واكوامه التي طالت بعلوّها وغضبها السماء.
فرحما إلهي بأهل يئن تحت وطأة القدر والبشر والحجر ولم يجد بحرا يطهره مما اصابه من علّة وسقم.
من دماء شهدائها ومن عذابات سجنائها ومن وجع ثكلاها ومن استنفار قواها من الذكرى الرابعة لانتفاضة الحوض المنجمي «5 جانفي 2008» من اجل الاعتراف بحقوق اهالي الحوض المنجمي وشهدائها انطلقت الرحلة والترحال والتنقل بين مدن الحوض فكان البعث من الرديف.
من طهر أرواح عبد الخالق عميدي حسن العرفاوي، هشام علايمي، حسن بن شعبان، حفناوي مغزاوي ومحمد الطاهر السعيدي لم تكن الطريق سالكة ولا الطقس صافيا ولا الرياح هادئة.. لقد كانت الطبيعة مسكونة بالغضب مثقلة بالالم والجبال يكسوها بالسواد حتى صارت كأنها حجب بين الارض والسماء وحيطان دار الشغالين وجدرانها مرصعة بوثائق تؤرخ الانتفاضة من الحراك الى المقابر وفي ساحاتها تعلو اصوات المهرجان الخطابي بمهجتها النارية حيث لا يعلو أي صوت فوق صوت الانتفاضة جموع النساء والفتيات والفتيان والرجال في جمهرتها لم تتوقف بين الغدوٍ والرواح متابعة ومتفاعلة مع العرض في ضروب الابداع المختلفة من «حالة تلبس» عبر «جلنار» وصولا إلى «عشاق الارض» وكيف لاهلنا بتلك المدينة الا يعشقوا ارضهم ويفتحوا احضانهم لاستقبال اصدقائهم ايّام الجمر والقتل والجوع والدم.
كلّ هذا وذاك تقرأه في ارادة المناضل النقابي والحقوقي عدنان الحاجي وتحسه في بهجة وعطاء سعيد فكرون في تاريخ عمّ حسين بن قدّور ومن قبله الرمز احمد التليلي... شرعية تاريخية معبأة بتضحيات نقابية لم تنضب ينابيعها ولم يجف خرير مياهها المتدفقة ابدا من عيون نهر «الدلتا» الشامغ بشغاليه والمتجذر بمبادئه والمتحرّك بطاقاته المولودة لكلّ ماهو كائن وسيكون كلّ المسالك الربطة بين قفصة وام العرايس فالرديف تحوّلت الى محطات نزول ونقاش واحتفاء بابن جاءها لتوّه والمؤتمر الثاني والعشرون مازالت ستائره لم تغط باحجبها مسرحا يونانيا اعطى شعبا نموذجيا خلال اربعة ايام في حين استلزم البعث باراضيه وسماواته السبع... سبعة ايام بلياليها فيا ليت لي القليل من صبر الأخ انور بن قدور حتى اطيل السمع واسكت حين يكون الغضب مباحا وأمرّ بصمتي عن اللوم والاحسان دون صخب وعن المغالاة في المطلبية والاطالة في الخطابية والمجاجة في الاعادة ولكني عذلت اهل قفصة حتى ذقت عشقهم المدائني وهيامهم «الموطون» بالرغبة الجامحة في التغيير ابدا وبرفض اشكال الضيم واسارير الفتن وتمفصلات الفتن.
العقلاء من اهلنا هناك حقوقيون كانوا او نقابيون شغالون بالفكر والساعد كانوا أو عاطلون وناضلون نساء وفتيات كانوا شيوخ متقاعدون كانوا او شباب نازع للكرامة والحرية كلهم رغم شخصيتهم القاعدية المستنفرة في حاجة الى اقطاب محلّ اجماع ووفاق وليسوا في حاجة الى اناس يحدثون مزيدا من الصراع والتجزئة بل في حاجة الى ثقافة يوسع دائرتها الفاعلون السياسيون نحو الاعتدال والنوير حتى يتحوّل انتقاليا الشعور بالكرامة والحرية الى ادراك الضرورة في ديناميكية الحاجة والتطلع وحتى نترجم الخطاب ونفعله بما يلبي الحاجيات الجماعية المشتركة من خلال تعزيز الروابط الموضوعية بين الاجراءات السياسية والاحتياجات المادية في انساق جدلية تخرجنا من محاولات طغيان اللون الواحد باتجاه التنوّع او التميز المتولد من رحم الحداثة وما بعدها.
إنها أساسيات غابت عن السادة والوزراء الثلاثة الذين حطوا رحالهم بقفصة يوما واحدا قبل تحوّل الامين العام المساعد المسؤول عن الدراسات الى ثنايا قفصة ومنعرجاتها حيث قابل الاهالي هناك السادة الوزراء بالرفض واستقبلوا ابن الاتحاد بالبهجة فالحكومة جاءت طالبة تأجيل التنفيذ عبر عقد جلسة استماع في حين ان ممثل الاتحاد قد قدم وبوجدانه يسكن وجعهم وبعقله تتجلى منهجية تجاوز معوّقات التجاوز اسلوبا وطرائق عمل لان السؤال النقابي بقدر ماهو سؤال فكري له علاقة بالسياسي فانه لغة غير منزوعة من سيكولوجيتها ومن ارادة الفعل المؤسس والمقاوم ابدا للسائد المنكسر والمهشم دائما.
٭ أولى المحطات غيرت كل المسارات
قبل ان نتبين الخط الابيض من الخيط الاسوء من يوم الجمعة الماضي، وبعيد التهجد الذي هجره جل من كان ورعا تحت قباب الكهوف والزنازين شقت بنا الشوارع سيارة توفيق حجبِ الاظلام اتجاه مدينة الاغالبة التي غلب على شوارعها المشردون من اهل زمانهم حيث لم يكن بانتظارنا من اهل العقد والعقل غير الاخ حليم حليم القادم من جوهرة الساحل التونسي المرمري وكنا كلما قطعنا جزءا من الطريق الوعرة سل الاخ انور من قدور الكثير من الاموال او القليل منها لتزويد السيارة اما بالبزين او باقتطاع معلوم البوّابة التي تفصل المدينة عن الاخرى وتقطع شرايينها عن الحياة ثم يفرك ما تبقى من شعر تولى حلقه قبل يوي وكأنه يستعد لخدمة عسكرية توصف في الغالب الاعم بالواجب الوطني لدى الفقراء من شباب تونس.
توقفنا مرة اخرى على تخوم مدينة محمد البوعزيزي لننفذ ما بصدورنا من احاسيس مكبوتة ونخرجها على أعمدة سجائرفاسدة احترقت بين شفاهنا كلما اختنق الكلام المباح كل مرة.
دعانا بعدها الاخ أنور إلى تناول اكلة قروسطية تدعى احيانا البلابي وأحيانا أخرى الحمص حسب رواية كل منطقة من مناطق افريقية التي بات اهلها يأكلون من وراء البحر واليابسة بعدما افرغوا مطمور روما وصارت البطون خاوية خواء أحشاء مريم بعد وضع المسيح!
دعوة قابلناها برفض لطيف الغاية منه شق الطريق والاسراع في تحمل وجع ما نراه يمنة ويسرة من يأس المعاني وشقاء الدلالات وما تبقى من ارتسامات الثورة على الحيطان وعلى المعابر وكانت اناشيد الراحل بلقاسم اليعقوبي تشق مخيلتي الجامعية «ماهي غريبة الغارة سوى بالصحف سوى بالغدارة ماهي غريبة يشتموا ڤيفارا... وليلى حمادة في الحضن يكرموها».
قبل ان يستأنف رافعوا القمامة يومهم الجديد وقبل ان ينتهي «النوادل» من تصفيف كراسي مقاهيهم على الارصفة المتآكلة، اعترضتنا رياح عاتية وبرد اشد من الثلج لسع خدودنا وخدش انوف حيائنا وكأنه يقبلنا تهليلا ويستقبلنا تبجيلا منبها ومنذرا مما قد تأسى على رؤيته العيون وترفض سماعه الآذان لكن رؤوس النخل المرفوعة وجذوعها المتآكلة نشطت مخيالي الجريدة الابوي فكانت النكتة المؤانسة وروح المغامرة متعتنا نمسح بهما ما علق بنا من غبار الطريق ونزيل بارتسامة الابتسامة ما علق بالعين من قطر الاسى إلى ان انعطف بنا توفيق نحو مقر الاتحاد الجهوي للشغل بقفصة.
استقبلت الحشود المحشوّة بباحة الفضاء الاخ انور وتبادلت القبلات مع حليم وصافحت بحرارة توفيق غير اني كنت أجول بناظري نحو تلك التجمعات من كل الاجيال من النساء البائسات المنظفات بديوان البريد التونسي واللاتي لم تتعد اجورهن ما يكفي لاثارة زقزقة العصافير من حبوب «الزيوان» والقطوف الدّانية من اوراق الخس الخسيس... بحثنا عن نبيل لا سابقة معرفة غير النقال واضمار غير ما يحمله عني من انطباعات مروية من قبل نصر الدين الذي يلائم بين تلمّس اطراف القلم وتحسس ما في القنينة من سوائل جمة عساه يوحّد بين الجراحات والمدارات، بين الكينونة والتيه المؤقت...
ادخلوننا مكتب الكاتب العام، وكان وجه الاخ محمّد الصغير الميراوي يشبه الرغيف الذي اكتوى بنيران الصحراء ولكنه لم ينضج بعد، فهمت ذلك وارجعته إلى شدّة التعب وقسوة المعاناة اليومية المنقولة اليه سرياليا من اوجاع القادمين اليه من كلّ حدب وصوب من كل قطاع ومن اللامكان حيث العطش والجوع والمرض واشياء شتى وانواع جمّة.
وهنا اخترق الصمت المطبق حديث فائق الحرشي الذي شرع في شرح اسباب الشرخ الذي تصدعت منه جدران شركة فسفاط قفصة وتداعت له الارباب والعظماء من قوى الانتاج واصحاب الصفقات ورجال السياسة والاقتصاد وكأنه يصف حالة من الوحل زادها الطين والبلل تعقيدًا وتشعبا.. فمن ناحية يؤكد ان العمال والاعوان والاطارات لا يرفضون العمل ومن ناحية اخرى يروي أسر اعوان الادارة والرئيس المدير العام والوالي الى آخر ساعات المساء وبالمحصلة لا القطار سائر ولا الانتاج متوفر ولا الاجور توقفت عن التراجع والتدني ولا جهة اثنت المعتصمين من أعوان البيئة عن الهلاك الجماعي المدوي... وأخذ منه زهير الخليفي عصا التداول ليصف ما يجري على انه التفاف على اهداف الثورة واضرار بالاقتصاد او بالعباد الذين ضحوا بارواحهم وقوتهم من أجل احترام الكرامة والحريات والتصدي للعنف والقمع لكن نيران الحرق والدمار لم تترك ولم تذر حتى دارالاتحاد بالمتلوي اثناء ما جرى من احداث داهمية ننأى بانفسنا عن الدخول في تخومها وثنايا تمفصلاتها.
وتعرّض عمار عكوري إلى محاولات الاعتداء المتعدّدة على مقرات الاتحاد العام التونسي للشغل معتبرا الاخ أنور استمرارًا لوالده وتواصلا مع النهج النضالي لرموز الجهة واجيالها النقابية المتعاقبة بل انه يمثل سفيرا للقيادة الجديدة وقفصة تحيي الذكرى الرابعة لانتفاضة الحوض المنجمي.
وبروح من المسؤولية قدّم العكوري كشفا دقيقا عن الخسائر التي تكبدتها شركة فسفاط قفصة خلال السنة الماضية مبينا ما لهذه الخسائر من انعكاسات سلبية على رواتب العمال والموظفين محمّلا السلط الجهوية والوطنية المسؤولية في عدم حماية الشركة.
وفي سياق أشمل، أبرز علي عمّار قدرة الاتحاد الجهوي للشغل بقفصة وبالتعاون مع قسم الدراسات على صياغة برنامج تنموي جهوي، على قاعدة تنوع النسيج الاقتصادي.
وخلص الاخ محمد الصغير ميراوي الكاتب العام للاتحاد الجهوي للشغل إلى اعتبار ما تعانيه جهة قفصة من تهميش واقصاء عبر التاريخ، معتبرًا ان ما يجري كأنه ارتداء على الثورة، وانتقام متواصل من الجهة منبها الى خطورة الوضع الامني الذي يغيب عنه تطبيق القانون حيث ما انفكت الحكومة بسياساتها الرّاهنة تقوم بالدعاية والاتحاد العام بوضعه الرّاهن يظلّ مستهدفا.
واضاف الأخ ساسي المنصري ان فشل السياسات التنموية على مدار نصف قرن، قد عمق جراحات الشريط الحدودي للبلاد التونسية وزاد في بؤسها الاجتماعي والمادي وعفّن مناخاتها بما ولّد الامراض الخطيرة وساهم في انشتارها الواسع.
٭ في أم العرايس: تغيب الأفراح
بعد محطتي قفصة المدينة ومدينة الرديف حط رحالنا بمدينة أم العرايس التي باتت تشبه مقبرة الاشباح او جنائز الاحياء لا شيء فيها يفتح ابوابه، لا مرافق عامة ولا انشطة خاصة، حتى ان نقابيي الجهة يجتمعون في فضاء اخر غير دارهم.
المستشفى مغلق، مركز البريد لا يفتح ابوابه مركز الشرطة طال غيابه واستفحلت غيبوبته بلدية المكان صارت قرينة القفار بما يدفع اهالي الجهة إلى التحوّل إلى المتلوي ب 15 دينار لاستخراج مضمون ولادة ب 150 مليما!!
وما زاد وضع ام العرايس تعقيدا، غلق مصنع yazaki الذي تمّ بعثه منذ سنتين وهو الذي حاول رغم هشاشة التشغيل ومرونته استيعاب فائض البطالة بالمدينة بنحو 450 عاملا اغلبهم من الفتيات.
ولئن وعد صاحب العمل الحكومة التونسية باعادة فتحه يوم16 جانفي الجاري، الاّ ان مصادر «الشعب» تؤكد انه لن يفتح أبدًاَ ولعلّ الاسباب التي تقف وراء هذا القرار الجائر غياب التنظيم النقابي داخل المؤسسة وانخرام الأمن وتوقف نشاط كلّ المرافق العامة.
الشعب التقت بالشاب العامل علي العيساوي البالغ من العمر 29 سنة والذي يعمل بهذا المصنع الياباني منذ سنة وثمانية أشهر فحدثها عن ظروف العمل بالعقود محدّدة المدة وعن الراتب الشهري الذي لا يتجاوز 350 دينارًا وعن غياب جلّ الحقوق الشغلية والمهنية كما حدّثها الشاب طارق الخليفي البالغ من العمر 27 سنة والذي يعمل كفني صيانة ويتقاضى راتبا شهريا قدره 450 دينارًا عن الاجور المنتفخة للمسؤولين العاملين بهذه المؤسسة مقابل تدني ظروف العمل ورواتب الاعوان ويذكر ان yazaki قد خص كل رئيس مدير عاما بسلسلة مؤسساته بطائرات خاصة!
وعن اسباب غلق المصنع، قال الخليفي، ان العمّال قد قاموا بوقفة احتجاجية مطالبين بتحسين ظروف عملهم واعادة النظر في علاقاتهم الشغلية وتمكينهم من المنح المنصوص عليها بقوانين الشغل وذلك يوم 15 ديسمبر، غير ان القائمين على أمر المصنع قد اتخذوا في اليوم الموالي قرار الغلق واخراج كافة العمّال في اجازة سنوية.
ومن جانبه شدّد عزالدين العيساوي على الغياب المروّع للحكومة التي لم تزر الحدّ هذا اليوم ام العرايس، في وقت تشهد المدينة حالة عطالة تامة واهتراء لبنيتها الاساسية وتفشي البطالة وانتشار الاوبئة.
وانتقد منير السعيدي، تعمّد البعض تغييب نوّاب من أم العرايس عن اشغال المؤتمر الثاني والعشرين للاتحاد العام التونسي للشغل، معتبرا ذلك مسًّا من مصداقية المنظمة الشغيلة وتهميشا لمناضلي المدينة، واصفا الوضع الرّاهن بالفوضوي.
بينما ذهب عمر العيساوي، أبعد من ذلك واصفا الوضع الفلاحي والصحي والبنية التحتية بالكارثي متعرضا لتعطل النقل رغم ان الشركة قد تمّ تمكينها من مليار و700 مليون لنقل العملة والموظفين بين ام العرايس والرديف!!
وفسّر صادق العيساوي تهميش الجهة بدور مناضليها اثناء معركة التحرير الوطني حيث رفضوا تسليم اسلحتهم وزاد عن ذلك الدور الذي قام به الرمز الازهر الشرايطي، حيث عمد كل من نظامي بورقيبة وبن علي إلى تقطيع اوصال الجهة بفصل سيدي بوزيد وتوزر عن قفصة.
وبنزعة من التفاؤل، تعرّض الصادق إلى ما تزخر به الولاية عامة والجهة خاصة من زخم نضالي ونقابي، انطلق مع أحمد التليلي واستمر مع الاجيال اللاحقة، مبرزًا الدور النقابي المستقبلي الذي يجب ان تقوم به قيادة الاتحاد العام التونسي للشغل في علاقة بالحكومة لصياغة استراتيجية تنموية عادلة بين الشرائح الاجتماعية والجهات الدّاخلية، مبرزًا أهمية بعث مركز للتكوين والرسكلة في الجهة يكون قادرًا على تنمية المهارات والخبرات التي يستحقها النسيج الاقتصادي.
ولئن كان تدخله مقتصرًا على الجانب النقابي الصرف، فإن صالح بوجرعة، قد كان اكثر جرأة في تناول الرّاهن التنظيمي النقابي بالمنطقة، حيث ينتفي منها التكوين النقابي والتثقيف العمالي، وتغيب عنه التشكيلات الاساسية التي تمثل شريان العمل النقابي والاجتماعي، وهو ساهم في تعميق حالة التهميش التي تعاني منها كل القطاعات.
وأكد الطيب السعيدي أن ارتداد دوران عجلة الاستقرار والتنمية، قد اقترن بشكل مباشر باعلان نتائج المناظرة في شركة فسفاط قفصة، وخاصة محاولة تأليب الرأي العام على ابناء الجهة وهو ما دفع البعض الى احراق المقر الاجتماعي للشركة والذي يعود تاريخيه الى نحو مائة عام!
٭ المتلوي: المسكوت عنه
بدخولنا إلى هذه المدينة الجميلة لمسنا الفوارق الشاسعة بينها وبين الرديف وام العرايس على اكثر من صعيد وعلى اكثر من وجه لكننا كنّا على قناعة تامّة بعدم نبش القبور واثارة القضايا الحيوية وبخاصة عدم الخوض فيما شهدته المدينة من احداث دامية، لان جراحها لم تندمل بعد فآثار رمي الرصاص مازالت محفورة في اكثر من زاوية والمنازل المحروقة تثير في نفوسنا الاسى واللوعة عمّا وصل اليه ابناء الجهة الواحدة والاصهار الذين جمعهم التاريخ والجغرافيا السعي المشترك إلى توفير ظروف الحياة الكريمة.
لكن ما عمق جراحنا اكثر هو ما تعرّض اليه مقر الاتحاد المحلي بالمتلوي من تدمير وحرق أتلف ذاكرته وخرّب تجهيزاته وحوّل تلك الجوهرة إلى ركام لمعركة دامية نتمن ان تتغلب ملكة النسيان وروح التسامح عل ملكة التذكر والرغبة في الانتقام.
في هاته الجهة، تعدّدت الاسواق وتعدّد المرافق وانقسم المشترك وتجزأ المفتت حسب التركيبة الاجتماعية الاخذة اكثر في التنوّع ورسم المسافات الوهمية ومقابل ذلك لم تحافظ سوى المشروبات الغازية الساكنة في كوامن الروح على اسعار التداول الشعبي المساعد أبدًا على دفن الاحزان..
في هاته المدينة حدّثنا محمد الفاتح حميدة عن اكثر المعضلات التي تهدّد الجهة ولا تؤمن استقرارها الاجتماعي والامني والمتعلقة اساسا بالتشغيل الذي تعقدت مسالكه وقنواته بعد مشروع التأهيل الذي شمل شركة فسفاط قفصة بداية الثمانيات، حيث غد دخل الاسر مقتصرًا على راتب الولي ودخله المتراجع بفعل الاعتصامات والاضرابات التي تحركها اياد خفية.
كما يشكو قطاع الصحة من انعدام المرافق والتجهيزات وغياب لطب الاختصاص، فضلا عن تراجع خدمات النقل واهتراء البنية الاساسة وفي تفسيره للاسباب الموضوعية للازمة الخانقة التي تعيشها ولاية قفصة عامة ذهب علي الماجدي ابعد من ذلك تاريخيا، حيث اعتبر ان تشكل البني الذهنية على حتمية العمل في شركة فسفاط قفصة هي التي تستوجب اليوم جهدًا وطنيا ثقافيا وفكريا لتغيير العقليات وذلك عبر صياغة نموذج ثقافي واقتصادي يتأسس على التنوع والتكامل.
ويطالب نبيل حمدي الحكومة بتحمل مسؤولياتها بهدف الخروج من موقع الفرجة نحو البحث عن حلول الكفيلة بفك الاعتصام وتوفير الامن والحماية اللازمتين للاعوان، مثلما يطالب الهياكل النقابية بالعمل اكثر على تأطير العمال والاعوان وصياغة خطاب وهيكلة جديدين للمنظمة الشغيلة يرتقيان إلى مستوى التطلعات العمالية.
ولعلّ أبرز معضلة يعاني منها سكان الحوض المنجمي هي التسوية العقارية ومدى تأثيرها على الامكانيات المتاحة لبعث مؤسسات صغر ومتوسطة تساعد على توفير مواطن شغل اضافية وامتصاص حالة الاحتقان الاجتماعي المتولّد عن شعور دفين بالظلم والحيف والاستبداد.
٭ المحطة الأخيرة حيث اللاّ توقع!
عندما تروم احيانا القيام ببحث ميداني او تحقيق صحافي، وقبل أن تتزوّد بما يلزم من معارف واحتياجات تقنية ولوجستية، عليك ان تتوقع اللامنتظر من اهداف بحثك او تحقيقك، حيث تطرأ متغيرات جديدة لها شديد الارتباط بواقعات الواقع، بوقعات العلم، تدفعك إلى التفاعل مع تأثيراتها المباشرة على تفريغ البيانات والوصول الى النتائج المنتظرة.
ولئن كانت زيارة الاخ أنور بن قدّور مقتصرة عل مشاركة القيادة النقابية الجديدة في احياء الذكرى الرابعة لانتفاضة حوض المنجمي، إلاّ ان الوضع التنظيمي النقابي بالجهة، وتفاقم المشاكل النقابية والقطاعية وتعطش الاطارات النقابيةإلى الالتقاء بالقيادة التي كانت زيارتها شحيحة ونادرة فضلا عمّا تشهده الجهة من انعدام للامن وانسداد الافاق وتفشي الامراض وتراجع نسب النجاح الدراسي بشكل مذهل كلّ هاته العوامل وغيرها دفعت بالاخ انور بن قدور الامين العام المساعد المسؤول عن الدراسات إلى ترأس عديد الاجتماعات بكل من الرديف وام العرايس وقفصة المدينة على جلستين متتاليتين الاولى صباح يوم الجمعة الماضي والثانية على مدار كامل يوم السبت والتي كانت بمثابة الهيئة الادارية الجهوية، والتي حضرتها اغلب القطاعات والاتحادات المحلية والنقابات الجهوية والاساسية.
ونظرًا لكثافة التدخلات وتراكم المشكلات وتعقد الحلول وانسداد الآفاق في العديد من الملفات والقضايا فإننا ستتولى حصر المسائل المطروح في الخطوط العريضة التالية:
انعدام الأمن وحماية المؤسسات العامة والخاصة.
تدني نسب النجاح والتمدرس.
تفشي الامراض وخاصة الخطيرة منها.
غياب الاطار الطبي المختص وضرورة بعث مستشفى جامعي.
ارتفاع درجة التلوث البيئي.
تنويع النسيج الاقتصادي والتجاري والخدماتي وتدعيم القوة التشغيلية بما يكفل امتصاص فائض البطالة الآخذ في الارتفاع.
التشجيع على النشاط الفلاحي.
دعم شركة النقل بنحو 300 عامل اضافي لتحسين الخدمات.
تمكين المتقاعدين من تكوين نقاباتهم والمساهمة في التأطير والتكوين النقابي.
المطالبة بعقد جلسة رسمية مع الحكومة لطرح مشاكل الجهة.
التصدّي للمؤامرات التي تحاك ضد الاتحاد للدور الذي قام به اثناء الثورة والحرص على فرض استقلاليته.
٭ منظور النظام الداخلي
خلال اشغال هذه الهيئة الادارية، تحدث الاخ حليم حليم عضو اللجنة الوطنية للنظام الدّاخلي عن مجمل التحديات المطروحة اليوم على الاتحاد العام التونسي للشغل بدءًا بضرورة تغير الخطاب والهيكلة وطرائق العمل، بل يعزّز مشاركة الشباب والمرأة في الهياكل القيادية وفي المواقع المؤثرة اجتماعا ونقابيا ويساعد على تفعيل الدور الاجتماعي والاقتصادي للمنظمة الشغيلة، انطلاقا من صياغة استراتيجية تنموية تنهض على العدالة الاجتماعية من ناحية والعدالة بين الجهات من ناحية ثانية.
كما شدّد الاخ حليم على أهمية تطوير النسيج النقابي القاعدي وتدعيمه على صعيد التكوين والتثقيف والاحاطة مبرزًا أهمية النظام التربوي من حيث المضمون والاداء باعتباره مشغلا وطنيا وشأنا مجتمعيا.
٭ اتحاد المعطلين عن العمل والمعتصمين من البيئة
على هامش اشغال الهيئة الادارية الجهوية التقى الاخ أنور بن قدور الامين العام المساعد المسؤول عن الدراسات بالاتحاد العام التونسي للشغل بوفد من ممثلي اتحاد المعطلين عن العمل بجهة قفصة حيث أعرب الوفد عن رغبته في تعزيز العلاقات مع الاتحاد العام التونسي للشغل وتكثيف اللقاءات البناءة من أجل صياغة برنامج مشترك يعزّز التشغيلية ويفتح فرص العمل لاصحاب الشهادات العليا وبقية أصناف العاطلين.
والتحق بقاعة الجلسات أعوان البيئة من المعتصمين بشركة فسفاط قفصة واكدوا استعدادهم للتنظم النقابي وبعث نقابة أساسية تؤطر تحركاتهم وتحمي حقوقهم وتكون الاداة للحوار والتفاوض مع الجهات المسؤولة.
٭ الأخ أنور بن قدور: الأمين العام المساعد المسؤول عن الدراسات
اثناء الاحتفال بالذكرى الرابعة لانتفاضة الحوض المنجمي بالرديف اكد الاخ انور بن قدّور على تضامن الاتحاد العام التونسي للشغل مع عائلات الشهداء والجرحي والمساجين السابقين، موضحا التزام المنظمة الشغيلة بحق الشغل للجميع وحرصها على العمل على صياغة تصوّر تنموي يوسع من فرص العمل المتكافئة والعادلة ويعطي الاولوية لابناء الجهات الداخلية التي عانت من الاقصاء والتهميش ومن تنامي البطالة والخصاصة كما شدّد على الدور الذي لعبته انتفاضة الحوض المنجمي وجهة قفصة عامة اثناء ثورة الحرية والكرامة معبرا عن ضرورة الاسراع بالتعويض لعائلات الشهداء والتكفل بعلاج الجرحى والاسراع في تشغيل العاطلين.
ولدى اشرافه على اجتماع نقابي بأم العرايس، شدّد الاخ الامين العام المساعد على ضرورة تغيير الخطاب النقابي وتفعيل الهيكلة بما يساهم في تحفيز كلّ الطاقات النضالية الداخلية عل النضال داخل مواقع العمل لحماية الحقوق وتحقيق اهداف الثورة كما وعد بان تأخذ القيادة النقابية مأخذ الجدّ كل القضايا النقابية والاجتماعية بالجهة وتعمل على تسوية ما علق بها من تعقيدات وخاصة القضايا المتعلقة بغلق مصنع yazaki وبلدية المكان ومراكز البريد وغيرها من المرافق الحيوية.
وفي علاقة بالقضايا المطروحة اثناء اشغال الهيئة الادارية وبعد تدوينها كاملة، وعد الاخ انور بن قدور بانطلاق تشكيل لجنة جهوية تتول بالتنسيق مع الاتحاد العام التونسي للشغل تنظيم ندوة حول افاق التنمية بالجهة والبدائل المطروحة لتحقيق الاستقرار والامن بالجهة.
وأكد حرص قيادة المنظمة على مزيد الاهتمام بالهيكلة الجهوية وتشريك هياكلها في القضايا والبدائل على حدّ السواء واتفق مع اتحاد المعطلين عن العمل علي عقد جلسة ثنائية خلال الايام القادمة لتبادل وجهات النظرحول افاق التشغيل وصياغة برنامج مشترك.
وابدى حرصه الشديد على تحويل رغبة عمال واعوان البيئة بشركة فسفاط قفصة إلى حالة واقعية من التنظم النقابي تسهم في الارتقاء بالوعي والالتزام بتسوية المشاكل المطروحة وفق تشريعات العمل.
كما تمّ الاتفاق على عقد جلسة ثانية خلال النصف الثاني من الشهر الجاري للوقوف عندما تم تحقيقه من مطالب وانجازه من وعود ومتابعة بقية الملفات باكثر دقة قصد الاهتداء إلى أفضل السبل لتسويتها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.