كاتب دولة سابق : تعلية السدود لرفع طاقة إستيعابها جزء من الحل    عاجل : ليفربول يعلن رحيل هذا اللاعب نهاية الموسم    كأس أوروبا 2024: كانتي يعود لتشكيلة المنتخب الفرنسي    بطاقة إيداع بالسجن في حق مسؤولة بجمعية تُعنى بمهاجري دول جنوب الصحراء    اليوم : زياد الهاني أمام القضاء من جديد    عميد المهندسين: أكثر من 20 مهندس يغادرون تونس يوميا    طارق مهدي يفجرها: أفارقة جنوب الصحراء "احتلوا" الشريط الساحلي بين العامرة وجبنيانة    البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية يدعم انتاج الطاقة الشمسية في تونس    سنتكوم: تفريغ أول حمولة مساعدات على الميناء العائم في غزة    الجزائر تواجه الحرائق مجدّدا.. والسلطات تكافح لاحتوائها    منهم قيس سعيد : زعماء عرب غابوا عن قمة البحرين    عاجل : هزة أرضية تضرب ولاية بهذه الدولة العربية    اعزل الأذى عن طريق المسلمين    دراسة عالمية: ارتفاع وتيرة الإساءة الأسرية للرجل    بطولة العالم لألعاب القوى لذوي الاحتياجات الخاصة "كوبي "2024: التونسية روعة التليلي تتوج بطلة للعالم في دفع الجلة    محيط قرقنة اللجنة المالية تنشد الدعم ومنحة مُضاعفة لهزم «القناوية»    بطولة اسبانيا : برشلونة يتخطى ألميريا بثنائية وريال بيتيس يسقط في فخ التعادل أمام لاس بالماس    أخبار الترجي الرياضي ...فوضى في شبابيك التذاكر والهيئة تفتح النار على الرابطة    أخبار الملعب التونسي ..تشكيلة هجومية وآمال كبيرة في الكأس    اليوم: طقس مغيم بأغلب الجهات وتواصل ارتفاع درجات الحرارة    نجاح الأسرة في الإسلام ..حب الأم عبادة... وحب الزوجة سعادة !    منبر الجمعة .. المفسدون في الانترنات؟    ملف الأسبوع...المثقفون في الإسلام.. عفوا يا حضرة المثقف... !    خطبة الجمعة...الميراث في الإسلام    التحدي القاتل.. رقاقة بطاطا حارة تقتل مراهقاً أميركياً    الشرطة الفرنسية تقتل مسلحا حاول إضرام النار في كنيس بشمال غرب البلاد    منها الشيا والبطيخ.. 5 بذور للتغلب على حرارة الطقس والوزن الزائد    التوقعات الجوية لهذا اليوم…    الاطاحة بمنحرف خطير بجهة المرسى..وهذه التفاصيل..    الصحة العالمية.. استهلاك الملح بكثرة يقتل 10 آلاف شخص يوميا في أوروبا    عُثِرَ عليه بالصدفة.. تطورات جديدة في قضية الرجل المفقود منذ حوالي 30 سنة بالجزائر    السلطات الاسبانية ترفض رسوّ سفينة تحمل أسلحة إلى الكيان الصهيوني    عاجل: لأول مرة: تونس تصل المرتبة الثانية ضمن التصنيف الدولي للبيزبول    المنستير .. المؤبّد لقاتلة صديقها السابق خنقا    ارتفاع عجز الميزان الطاقي    دخول مجاني للمتاحف والمواقع الأثرية    إمضاء اتّفاقية تعبئة قرض مجمع بالعملة لدى 16 مؤسسة بنكية محلية    باجة: باحثون في التراث يؤكدون ان التشريعات وحدها لا تكفي للمحافظة علي الموروث الاثري للجهة    توزر: تظاهرة احتفالية تستعرض إبداعات أطفال الكتاتيب في مختتم السنة التربوية للكتاتيب بالجهة    وزارة الثقافة تنعى المطربة سلمى سعادة    صفاقس تستعدّ للدورة 44 لمهرجانها الصيفي    الناطق باسم وزارة الداخلية: "سيتم تتبع كل من يقدم مغالطات حول عمل الوحدات الأمنية في ملف المحامي مهدي زقروبة"    وزارة الفلاحة توجه نداء هام الفلاحين..    وكالة (وات) في عرض "المتوسط" مع الحرس .. الموج هادر .. المهاجرون بالمئات .. و"الوضع تحت السيطرة" (ريبورتاج)    طقس الليلة    القيروان: إنقاذ طفل إثر سقوطه في بئر عمقها حوالي 18 مترا    تعزيز نسيج الشركات الصغرى والمتوسطة في مجال الطاقات المتجددة يساهم في تسريع تحقيق أهداف الاستراتيجية الوطنية للانتقال الطاقي قبل موفى 2030    جندوبة: وزير الفلاحة يُدشن مشروع تعلية سد بوهرتمة    عاجل: "قمة البحرين" تُطالب بنشر قوات حفظ السلام في فلسطين..    هل سيقاطعون التونسيون أضحية العيد هذه السنة ؟    سوسة: الإطاحة بوفاق إجرامي تعمّد التهجّم على مقهى بغاية السلب باستعمال أسلحة بيضاء    استشهد 3 فلسطينيين برصاص الجيش الصهيوني في الضفة الغربية..#خبر_عاجل    سيدي بوزيد: انطلاق الدورة 19 من مهرجان السياحة الثقافية والفنون التراثية ببئر الحفي    عاجل: متحوّر كورونا جديد يهدّد العالم وهؤلاء المستهدفون    ظهورالمتحور الجديد لكورونا ''فيلرت '' ما القصة ؟    الأيام الرومانية بالجم . .ورشات وفنون تشكيلة وندوات فكرية    مفتي الجمهورية : "أضحية العيد سنة مؤكدة لكنها مرتبطة بشرط الاستطاعة"    عاجل: سليم الرياحي على موعد مع التونسيين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ستظل تونس حاضنة للثورة الفلسطينية
الأستاذة فدوى البرغوثي زوجة الأسير مروان البرغوثي وأحد رموز الثورة الفلسطينية
نشر في الشعب يوم 04 - 02 - 2012

عندما تلتقي امرأة في حجم تضحيات الاستاذة فدوى البرغوثي زوحة الاسير وأحد رموز الثورة الفلسطينية مروان البرغوثي، تشعر بألم مزدوج واحد يستولي على كيانك بفعل حالة تمثل أنهار الدماء التي أُسيلت واتساع المسارح الدرامية للشهداء وضيق المعتقلات لآلاف السجناء والاسرى... وثان يرميك بعيدا لتبحث عن خيط رفيع يوصلك إلى تصوّر درجة صبر المرأة الفلسطينية ومكابدتها وخاصة ايمانها العميق بقضايا شعبها، فهي الشريك في الجراح، وهي الشريك في الشهادة وهي الشريك في مواصلة المشوار... ولكنها تظلّ غير ذلك في القرار..
وفدوى البرغوثي التي تستمد سعادتها من كونها امرأة فلسطينية مناضلة، لا تتوقف ارادتها كمحامية وكناشطة حقوقية من أجل تدويل قضية الاسرى الذين يصل عددهم إلى 4500 منهم خمس نساء و180 طفلا دون السادسة عشرة مثل ما لا تنتهي مدتها النيابية كديبلوماسية مدنية بمجرّد اجراء انتخابات رئاسية او تشريعية ولا تتعطل رسائلها التي وصلت حدّ الآن إلى شعوب اكثر من خمسين بلدًا.
التقيناها ووجدناها على غاية من التواضع والرّصانة رغم ما تبذله من جهد وما تقدّمه من تضحية، فكان هذا الحوار .
ثورة تونس انعكاس شعاع
❊ تنظر إليها، ثم تتفحصها أوّل مرّة بعد ثورتها، ماذا التقطت العيون الفلسطينية من تونس؟
قبل الثورة، احتضنت تونس الثورة الفلسطينية، وبعد 14 جانفي تبنى الشعب التونسي القضية الفلسطينية، وعيوننا اليوم مشدودة إلى تونس لتراها بلدًا للحريات وحقوق الانسان والديمقراطية والشراكة الفعلية بين أطيافها الفكرية ومكوّناتها السياسية.
ونجاح المرحلة الانتقال الديمقراطية بقدرما سيكون ملكا لتونس وتعزيزًا لتجربتها الرّائدة، سيكون أيضا انعكاسا لاشعاع نورها على الأمّة عامة وعلى فلسطين خاصة..
❊ وهل تحلمين بأن يزهر شتاء الثورات العربية عند الربيع الفلسطيني المطلّ أبدًا من رحم المقاومة ومن وجع الانتفاضة ومن محن المفاوضات؟
نحن كفلسطينيين، قضينا طوال العقود الماضية حالات مختلفة ومتنوعة من الدفاع عن حقوقنا المشروعة سواء كان ذلك عبر الانتفاضات او المقاومات او بالثورات حيث كانت هذه الاساليب والاشكال في تراكماتها وابعادها الانساية ملهمة لكلّ الشعوب العربية في ارادة التغيير والاستجابة لأقدارها التواقة دائما إلى الحرية.
ولئن اختار الشعب الفلسطيني طريق الديمقراطية، رغم العواصف والرياح العاتية وتلبد سماء الفضاء الكوني، فإن التجربة التونسية التي خطت خطواتها الاولى نحو احلام الشعوب العربية، فإنها ستكون ملهمة للمسارات الفلسطينية المتطلعّة إلى الاستقلال والحريات والشراكة الفعلية بين فصائلها وأطيافها بين نسائها ورجالها بين اطفالها وشبابها.
بين البرغوثي وسعدات يوجد 4500 معتقل
❊ لئن ظلّ مروان البرغوثي أحد العناوين البارزة في توق الشعب الفلسطيني إلى الاستقلال والحرية، فإنّ عملية تبادل الأسرى الاخيرة تركته مرّة أخرى وراء سياحات الاعتقال وقضبان السجون؟
لقد بقي مروان وراء القضبان 10 سنوات مع نحو 4500 فلسطيني (منهم من مضى على اعتقاله اكثر من ثلاثين سنة!)
ولئن كنت أتمنى ان تشمل صفقة تبادل الاسري الاخيرة مروان الرغوثي وهؤلاء الاخوة والرفاق، فإن عملية الافراج عنه لا يمكن ان تتم إلا بادراجه ضمن شروط العودة إلى التفاوض، أو تأكيده شرطا من شروط التبادل (وقد ضاعت الفرصة).
وعلى اعتبار تعقد امكانيات الافراج عنه وعن أحمد سعدات في ظلّ تعثر عمليات السلام وتعنت الحكومة المتطرّفة الاسرائيلية، فإنّ من الواجب مستقبلا ربط الافراج عن هذين الزعيمين بالعودة إلى طاولة المفاوضات.
الترشح من داخل السجن وتجديد
الثقة من داخل الشارع
❊ لكن باعتقادك، من يخشى أكثر من حرية مروان البرغوثي، الخارج الاسرائيلي المتوجس من الثورات العربية، أم الدّاخل الفلسطيني المقبل على انتخابات رئاسية وتشريعية؟
دعني أؤكد لك على اسرائيل عندما اختطفت مروان البرغوثي، قد كانت تسعى إلى تجريم الجانب الفلسطيني ومحاكمة قياداته خاصة وان مروان كان عضوًا بالمجلس الوطني الفلسطيني وعضوًا بالمجلس التشريعي وعضوًا باللجنة المركزية «لفتح» وعضوًا بالمجلس المركزي لمنظمة التحرير...
ولئن تم اعتقال مروان مرتين واحدة سنة 1990 والثانية 1996 فإنّه قد تمّ انتخابه وهو داخل السجن، ممّا مثل تحديا لسجّانيه وللاحتلال الاسرائيلي الذي سعى إلى عزله عن شعبه وعن ساحات النضال الميداني بسجنه في المرّة الأولى لمدة أربع سنوات، ثم وضعه في المرّة الثانية في سجن انفرادي لمدّة ستّ سنوات.
ومع ذلك استطاع مروان الرغوثي، أن يبقى داخل الشارع الفلسطيني وفي قلوب الآلاف من ابناء شعبه، بل لعله كان مؤثرًا وهو في السجن في مختلف المحطات السياسية بكل منعطفاتها، لقد كان بالفعل الرمز الذي يصنع السياسة ويؤثر في مجرياتها الميدانية بفضل احترام الشارع له وتقديره لنضالاته.
فلقد كان مروان البرغوثي يقول من داخل سجنه الانفرادي «اذا كان ثمن حرية شعبي هو سجنيّ، فانا دائما مستعد لهذه التضحية» وبالتالي، فقد عجز الاحتلال عن عزل هذا القائد العربي الذي انتصر على الاحتلال وعلى السجان.
أمّا الخارج الاسرائيلي، فهو لا يقمع ولا يعتقل ولا يقتل فقط، بل يعمل أيضا على تفرقة الشعب الفلسطيني وتجزئته.
رئتا الصفة والقطاع وتعطل حالات
تنفس الكيان
❊ تبيّن ان القلب الفلسطيني «موطون» بما أصاب رئتيْ الجسد الفلسطيني (الضفة والقطاع) من ضيق التنفس، ماهي الوصفة العلاجية التي ترينها كفيلة بايصال اكسجين الحرية إلي كامل الكيان الفلسطيني، حتى يتنفس ملء الصدر، ملء الرئتين؟
لا شك «سيدي» في ان الانقسام الفلسطيني، قد شكل صفحة سوداء في تاريخنا النضالي وفي وحدتنا الوطنية، مثلما رسم ملامح وجه بشع لشعبنا الذي لم ولن يقبل بما لا يليق بتضحياته وبعذابات أسراه.
لقد أخذ شعبا موقفا واضحا وصريحا من ذلك، ويسعى اليوم إلى وضع حدّ لهذا الانقسام ومروان البرغوثي كان ينادي دائما ويقول «إن القانون الوحيد الذي يلتزم به الشعب المحتل هو الانتصار على عدوه، وان وحدته هي الكفيلة وحدها بحماية منجزاته».
والوصفة الناجعة والحقيقية التي أراها قادرة على معالجة آلام الانقسام وتضميد جراحاته وايقاف ما تسبب فيه من نزيف واعادة صحته المرتهنة إلى وحدته حول القضية والجغرافيا والحكومة تكمن في وثيقة الاسرى التي صاغها مروان البرغوثي بخط يده ووقعت عليها القيادات وحركات الاسرى كاملة وتم عرضها على الاستطلاعات، فوقعت عليها كل الفصائل الدّاخل والخارج.
فهذه الوثيقة تناولت البرنامج السياسي والنضالي لشعبنا وأكدت عن حق في مقاومة الاحتلال.
واعتقد، انه لو تم تنفيذ مضامين هذه الوثيقة من قبل كل الفصائل والقوى الفلسطينية، لما انقسمنا وحصل ما حصل، ولو عادت اليها كلّ الفصائل اليوم بجدية يمكن تحقيق مطالبنا الجماعية المشتركة.
ارتهان الشرعية وأزمة الديمقراطية
❊ كيف ترين بديلا لأزمة الديمقراطية والشرعية للسلطة الفلسطينية المرتهنة من ناحية أخرى بسطوة الاحتلال؟
«وان كانت طبيعة اسئلتك تتطلب مجالا أوسع للاجابة وفسحة اكبر للتفكير» لكن دعني أقول لك، إن الشعب الفلسطيني قد مارس الديمقراطية اثناء الانتخابات العامة سنتي 1996 و2006 وخلال الانتخابات الرئاسية لسنة 2005، وبرهن عن ارادته في التصدّى لاملاءات الاحتلال وتعنته.
وعلى الطرفين المنقسمين ان يتفقا على اجراء الانتخابات القادمة التي حدّدت آجالها الوثيقة بتاريخ 4 ماي 2012.
ورغم أن الامور لا تسير الآن بهذا الاتجاه باعتبارها خاضعة لغالبية القوى السياسية وخاصة حركة فتح وحماس، فإن الارادة الفلسطينية، تظلّ قادرة على اجرائها في غزّة والقدس والضفة وذلك لمدّ جسور التعاون والتضامن بين كل المناطق التي تديرها السلطة الفلسطينية وتعميق التواصل بين سكانها وأهلها...
❊ في صورة الالتزام بالموعد الذي حدّدته الوثيقة، ألا تتوقعين فوزًا ساحقًا للفصائل الدينية على غرار ما أفرزته النتائج الانتخابية في مصر وتونس والمغرب؟
لنذكر أوّلا بأن الشعب الفلسطيني قد اختار نهج الديمقراطية لتكون الفيصل بين الجميع والحكم بينهم وبين من سيختاره الشعب وقد مارسنا الديمقراطية وفازت حركة «حماس» في انتخابات سنة 2006، وحصل ارتباك داخل مكوّنات الشعب الفلسطيني نتيجة الخلل الذي نتج عن تصرّف هذه الاخيرة كحكم من داخل المعارضة، ورغم قبولنا جميعا بهذه الشرعية، فإنّ المجتمع الدولي لم يعترف بنتائج الانتخابات وتدخل في شؤوننا الدّاخلية، وانطلق في معاقبة الشعب الفلسطيني بكامله، وأرى انه من الوجاهة والحكمة ان يقبل الشعب الفلسطيني بما ستفرزه انتخابات 2012 التي يجب ان تكون شفافة ونزيهة وديمقراطية.
وإلى حين انجاز اهدافنا، لابدّ من تشكيل حكومة وحدة وطنية تتشكل من الفائزين بمقاعد في المجلس التأسيسي ومن ممثلين عن كل الفصائل.
ويجب على جميع الاطراف القبول بنتائج، ذلك حتى نبعث برسالة طمأنة وثقة للخارج، وعندما تصبح لدينا دولة، يكون لكل حادث حديث.
❊ أغلب الزعماء الذين عانوا من ويلات السجون ومن قهر الاستبداد وآمنوا بقضايا شعوبهم وحقوقهم والمشروعة، تربعوا على عرش السلطة، فإلى أي مدى يمكن أن يمثل مروان البرغوثي خلال المرحلة القادمة، رمزًا للوحدة الفلسطينية بعد «أبي عمار»؟
لقد كان مروان البرغوثي رمزًا لهذه الوحدة وعنوانها الوحيد، وهو لا يزال يضحي من أجل تعزيزها داخل أبناء شعبه وبين مختلف فصائله وعائلاته، وقد ترجم ذلك في قولته المأثورة «شركاء الدم، شركاء في القرار، شركاء في الميدان، شركاء في البرلمان...» مثلما كان يحث الجميع على انتهاج اسلوب الشراكة ونبذ الاقصاء، لان الجميع في نظره سيعيشون في فلسطين. ومروان البرغوثي لا يزال من دخل المعتقل ومن ظلمات الزنزانة يبعث بمثل هذه الرسائل ويدعو إلى مساعدة الشعب والتخفيف من ويلاته وعذاباته من خلال تعزيز الوحدة تقوية التلاحم ونبذ الانقسام، ولعلّ اعلانه او تصريحاته أمام المحكمة مؤخرًا، تعكس كلّها قناعاته الرّاسخة وايمانه القوي بهذه القيم والمبادئ التي بقدر ما تشكل ثوابت في خياراته السياسية، فإنها تترجم شرطا اساسيا للتقدّم في المسارات النضالية المؤدية إلى الحرية والاستقلال.
بين البرغوثي وغاندي أخلاق وقيم ومسارات نضالية
❊ كأن ظهوره التلفزي أثناء وقوفه مؤخرًا أمام المحكمة وخاصة دعوتُهُ الشَّعبَ الفلسطينيَّ والشُّعوبَ العربيَّةَ إلى مساندة الثورات السلمية ودعمها، قد عكس تغيّرًا في الأسلوب النضالي الميداني لمروان حيث بات أقرب لنهج غاندي الأخلاقي والسلمي؟
أوّلا إن مروان يؤمن دائما بحق الشعب في النضال والمقاومة بكافة الطرق والوسائل التي أتاحتها الشرعية الدولية للشعب الفلسطينية بعشرات القرارات.
لكن بعد ما شهده العالم العربي من مخاض وما تتعرضه اليه القضية الفلسطينية من عوائق وتدخلات سلبية، رأى مروان البرغوثي أن الوسيلة الانجع الآن هي المقاومة الشعبية التي تشارك فيها كامل شرائح الشعب الفلسطيني، وهذا لا يعني بتاتًا انه دعا إلى التخلّي عن اية وسيلة او أي أسلوب في المقاومة، بقدر ما سعى إلى تقديم قراءة نضالية ميدانية طبقا للظروف الاقليمية والدولية الرّاهنة.
التعويض لعائلات القتلى الاسرائيليّين ومزيد تعذيب أحياء الفلسطينيين
❊ بعد أن قضى زهاء عقد في الأسر والاعتقال أحيل مجدّدًا يوم الاربعاء الماضي مروان البرغوثي على أنظار القضاء، فماهي خلفية القضية التي عُرض من أجلها؟
إن القضية التي عرض من أجلها مروان البرغوثي يوم الاربعاء الماضي، أمام المحكمة، هي عبارة عن قضية رفعها الاحتلال الاسرائيلي ضد منظمة التحرير من أجل المطالبة بتعويضات مالية كبيرة لعائلات القتلى الاسرائيليين الذين سقطوا اثناء الانتفاضة الثانية.
ومع ان مروان ليس طرفا فيها، فإن اسرائيل أحضرته وكأنه ممثل منظمة التحرير الفلسطينية والمسؤول الميداني عن الانتفاضة.
وكعادته رفض مروان التعاطي مع المحكمة غير الشرعية، مثلما رفض دائما ان يكون له ممثلا عن المحامين.
فمروان يعتقد ان دور المحامي في قضيته يجب ان يرتبط فقط بنقطة التواصل بين ما يقع من انتهاكات داخل السجون الاسرائيلية وما يجري في الدّاخل الفلسطيني.
وبالتالي، فقد شكلت هذه المحاكمة فرصة لمروان للتحدث إلى العالم وعن ما يشهده الشارع العربي من ثروات والسعي إلى الرفع من معنويات ابناء شعبه وخاصة عائلات الاسرى والمعتقلين ويخفف من آلامهم وهو الذي قضى اكثر من 10 سنوات وراء القضبان وداخل الزنزانات.
على المحامين العرب تحمل أعباء مسؤوليات جسيمة في قضايا شعوبهم
❊ على ذكر موقف البرغوثي من دور المحامين، ماذا تنتظرين باعتبارك محامية من أصحاب العباءات السوداء في العالم العربي خاصة فيما يتعلق بإرجاع الحقوق لشعب «أرض الكنانة» ولشرعية القضية الفلسطينية؟
لا شك في ان المحامي العربي عليه، عبء كبير ومسؤولية جسيمة ازاء حقوق الشعوب وحرياتها وجدارتها بالديمقراطية والتعددية السياسية واحترام حقوق المرأة العربية وحرية الرأي والتعبير، مثلما له الدور الريادي في فضح سياسات الكيان الاسرائيلي وكشف الجرائم التي يقترفها ضد الانسانية.
وأرى انه من واجب المحامين العرب في هذه اللحظة التاريخية ان يعقدوا مؤتمرًا ويشكلوا تحالفات واسعة وقوية مع نظرائهم من اصحاب العباءات السوداء في العالم، حتّى يجبروا اسرائيل على معاملة المعتقلين باعتبارهم أسرى حرب وليسوا باعتبارهم سجناء أمنيين وذلك بتطبيق اتفاقيتي جنيف الثالثة والرابطة وطبقا لما أقرته اشغال المؤتمر الدولي الذي عقده اتحاد المحامين العرب سنة 2002 والذي شاركت فيه الاتحادات العالمية والدولية للمحامين والنقابات والمنظمات الانسانية والحقوقية من مختلف ارجاء المعمورة.
وعلى المحامين ان يكونوا إلى جانب شعوبهم ويساهموا في تطبيق العدالة بجعل القانون فوق الجميع ومن جانبي فقد دعوت كلّ الذين قابلتهم اليوم من محامين ورابطيين وحقوقيين وسياسيين إلى مزيد تضافر جهودهم من أجل الدفاع عن حقوق الانسان العربي عامة وحقوق الانسان الفلسطينيين خاصة.
ما لم تقله السياسة ولم تناقشه المنظمات الدولية
❊ ما لم يقله الساسة ولم تهتم به الصحافة ولم تناقشه المنتظمات الاقليمية والدولية في أطول ثورة في العالم الحديث ضد كيان أسال أنهارًا من الدماء وشيّد مسارح تراجدية بالشهداء والقتلى وقدّم نموذجا في الوحشية إزاء الذات البشرية نريد سماعه منك الآن؟
أقول اننا مازلنا تحت آخر احتلال وابشع ظلم عرفته البشرية واذا ا اعتقدت دولة اسرائيل انه بالقتل والاعتقال وبناء جدار الفصل العنصري، يمكن تكسير ارادة الشعب والنيل منها، فإنها واهمة ومخطئة فكلما دفعنا ثمنا، تمسكنا اكثر بحقنا، ان الشعوب وحدها لا تنهزم، والشعب الفلسطيني ليس جيشا حتى تهزم اسرائيل، وما يقع الآن في العالم العربي يدلّ على ما أقول.
اللاجئون والجدار العنصري وزوجات الأسرى
❊ إن عودة اللاجئين وإزالة الجدار العنصري واستمرار النزاع على السلطة من الاسباب التي ولدت صداعا في رؤوس رجال السياسة، فكيف تنظر نساء النصال الميداني وزوجات الأسرى إلى هذا الوجع؟
لقد انخرطت المرأة الفلسطينية المناضلة والمكافحة في معركتي الاستقلال والحرية وحق العودة، وقد ازدادت أعباء مسؤولياتها النضالية بما لحق ازواجهن وابنائهن واخوتهنّ وآبائهنّ من وجع الاسر والاعتقال والقتل.
ورغم ان المرأة الفلسطينية قد عرفت نفس هذا المصير الذي عرفه اشقاؤها واخوتها ورفاقها في النضال والمقاومة، فإنها ظلت عنوانا للصمود وللثبات حتى ترفع من معنويات الاسرى وتبعث الطمأنينة في زواج الشهداء فالمرأة الفلسطينية إذن مازالت على استعداد لمزيد تقديم التضحيات ولن يقدر أحد على كسر ارادتها أو اذلالها، انها الشمعة التي تضيء بأنوارها كلّ بيت فلسطيني، وكلّ سجن أو معتقل.
هل تهب الثورات العربية حق النساء في الوصول إلى السلطة
❊ في وقت أعطت فيه حركات التحرّر العربي السلطة للرجال، هل تتوقعين أن تهب الثورات العربية حق النساء في إدارة الشأن العام العربي مستقبلا؟
نحن نقول اننا شريكات اخواننا الرجال في النضال من أجل التحرّر الوطني كما نحن شريكات معهم في الثورات.
وههنا أتساءل «اذا كنا نتقبل المرأة العربية أسيرة أو جريحة أو شهيدة ونرفع صورتها على الساحات وجدران المعتقلات، فلماذا تعترضهنّ جملة من الحواجز عندما تطالبن بحقهن في الوصول إلى مواقع القرار؟ فأين الشراكة الفعلية في المسؤولية ان كانت هناك شراكة في النضال والتضحية؟ وفي الحالة الفلسطينية، تفرض القائمات المترشحة وجودَ نساء ويؤمّن نسبة وجودهن في البرلمان (17 امرأة على مجموع 132 نائب).
ويجبر القانون المجالس المحلية على تشريك ثلاث نساء في كلّ مجلس منتخب، وتوجد حاليا خمس نساء فقط في الوزارات وفي اللجنة المركزية لمنظمة التحرير لا توجد اية امرأة من مجموع 22 عضوًا مثلما لا توجد أية امرأة على رأس التنظيمات والفصائل السياسية عدا الاخت زهيرة كمال الامين العام لحزب «فداء» حيث تظلّ الاستثناء الوحيد في تنظيم ليس له ثقل كبير.
ففي العالم العربي الذي مازال ينظر إلى دور المرأة على انه تكميلي حتى يقال للغرب ها اننا قد تطوّرنا وبالمحصلة ستظل المجتمعات العربية تدفع ثمن باهظا تجاه سياساتها التنموية التي تجعل من نصف طاقاتها المنتجة والمبدعة والمضيفة معطلاً.
أطفال وراء القضبان ونساء خلف الحقوق
❊ إلى شعبنا عامة وإلى زوجها خاصة، من أين يمكن أن تقدّم أكثر فدوى البرغوثي: من الديبلوماسية الرسمية أم من الديبلوماسية المدنية؟
أنا اقول انني معتزة أوّلا بكوني مواطنة فلسطينية موصوفة بالانتماء إلى المعاناة والنضال وهو لعمري من ارفع المناصب وأحسن المواقع التي يمكن ان اكون فيها او اعتليها، اذ يكفيني الشعور بكوني امرأة صالحة تتقاسم آلام النساء العربيات وتسعى إلى تدويل قضية 4500 معتقل منهم 27 عضوَ برلمان وخمس نساء و180 طفل أقل من 16 سنة وهذا هو كل ما يريح ضميري ويجعلني أكثر فخرًا بما أقدّم فلقد زرت خلال العقد الاخير 50 دولة في العالم واتصلت بكل المنظمات والمؤسسات والهياكل حاملة في قلبي وفي عقلي قضية الاسرى والمعتقلين ومدافعة عن الحق في تدويلها وفي فضح الانتهاكات الاسرائيلية، خاصة وان دولة الاحتلال قد اقامت الدنيا ولم تقعدها من أجل عملية اختطاف «شاليط» وأسره..
رسائل من داخل المعتقلات تصل القصرين الرئاسي والتأسيسي
❊ لكن من لهاتين الديبلوماسيتين التأثير الاكبر في ظلّ ما يشهده العالم العربي من ثورات ومخاض؟
في الحقيقة، عندما يكون دور الديبلوماسية مزدوجا بين الرسمي والمدني، يكون التأثير اوسع واكثر جدوى، ومازاد في سعادتي اثناء زيارتي إلى تونس ذلك التضامن اللامشروط والمساندة المطلقة لقضية شعبنا سواء من قبل قوى المجتمع المدني او من قبل الحكومة والمجلس التأسيسي.
وقد جاءت هذا الزيارة في اطار التحضير لتفعيل دور البرلمانات العربية والدولية وتسليم رسالة من المناضل مروان البرغوثي إلى كلّ من رئيس الجمهورية ورئيس المجلس التأسيسي الذي كانت دعوته لي تأكيدًا على دعمه لقضية الاسرى عامة وللمناضل مروان البرغوثي الذي اقتربت مدة اعتقاله من 10 سنوات.
صراخ برلمانات الشعوب وصمت برلمانات القصور
❊ لكن ألا تعتقدين أن برلمانات «الشعوب العربية» ذات الثورات الاخيرة، لن تقدر على تفعيل دور «البرلمانات الدول الأخرى» فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية وبموضوع الأسرى.
نحن نصرخ بأعلى أصواتنا وننادي أبناء الشعوب العربية بألاّ يتركوا قائدًا وطنيا فلسطينيا وزعيما بحجم مروان البرغوثي داخل المعتقلات والسجون وألاّ يتخلّوا عن رمز من رموز النضال الفلسطيني وعن مرافعة من رافعات نضال شعبنا وعن داعية من دعاة وحدته ولذا لابدّ من تحريره بفضل ما يحتمل داخل الامّة من امكانيات وطاقات قادرة على الافراج عن قائد وحده الاحتلال الصهيوني يرفض حريته.
ليلى خالد رمز من رموز النضال النسوي الفلسطيني
❊أين تلتقي أوجه الشبه النضالي والسياسي بين فدوى البرغوثي وليلى خالد وأين تتباعدا فكرًا وممارسة؟
بهذه المناسبة أجدّد التحية للمناضلة ليلى خالد التي تربينا على شجاعتها وعلى نضالها وتعلمنا من كفاح بقية أخواتها وليلى خالد مازالت تحظى بالاحترام مثلما تحظى به زوجات الشهداء والاسرى ومجمل النساء اللاتي كافحن وناضلن وتعذبن ليشكلن لنا جميعا عناوين كبرى ونماذج مثالية ورموزًا للثورة الفلسطينية.
وان كنت جزءًا من هؤلاء، فإنّه ايضا يمكن ان اكون أقلهن قيمة نضالية وتضحية من أجل الوطن والانسان.
❊هل ننتظر من مروان البرغوثي الترشح ثانية إلى الرئاسة من داخل السجن والاعتقال؟
أظن أنّه اجاب بنفسه عن هذا الموضوع، وقال حينما يتم تجديد موعد للانتخابات سأتخذ القرار المناسب.
❊ إلى أي مدى يمكن اعتبار سقوط النظام في سوريا ضربة موجعة لفلسطينيين الشتات؟
نحن باعتبارنا فلسطينيين لا نتدخل في شؤون أية دولة أخرى، فكلّ الشعوب هي الحرة في اختياراتها وفي نضالاتها ونحن ننحاز إلى الشعوب ونقف إلى جانب اختياراتها وإرادتها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.