مثلت الإضرابات والاعتصامات خلال المرحلة الماضية محور الهجمة المنظمة على مسار الاتحاد العام التونسي للشغل بهدف عرقلته كقوة اجتماعية قادرة على خلب توازن حقيقة داخل المجتمع التونسي وكضامن حقيقي لتحقيق أهداف الثورة التونسية . وخلافا لما يدعيه البعض وكيلهم للتهم الجزاف بكون الاتحاد هو الذي يعرقل عمل الحكومة بالاضرابات والاحتجاجات . وتكشف الأرقام الرسمية أنه مقارنة مع شهر ديسمبر 2011 وشهر جانفي 2011 تميز الوضع الاجتماعي الحالي بانخفاض هام في عدد الإضرابات بالنسبة للشهر الماضي بنسبة 48% وب65 % لشهر جانفي 2011 . كما انخفض عدد الأيام الضائعة بسبب الإضرابات بالنسبة للشهرالماضي بنسبة 79 % وبنسبة 35 % بالنسبة لشهر جانفي 2011 . ولكم التعليق على هذه الأرقام والنسب التي تؤكد أن الإضرابات والاعتصامات تراجعت بشكل كبير لكن نجد في الخطاب الرسمي والخطاب الاعلامي توجها نحو اتهام غير مباشر للاتحاد بعرقلة عمل الحكومة . وتؤكد الأرقام أن تراجعا كبيرا شهدته الإضرابات من جهة، ومن جهة أخرى اثبتت الأرقام أن أغلب الإضرابات لم تأت من أجل المطالبة بزيادات في الأجور كما تريد بعض الأصوات ترويجه عبر وسائل الإعلام فقد بينت الأرقام أن مسألة تحسين ظروف العمل كانت السبب الرئيسي للاضرابات ثم يأتي موضوع صرف الأجور والعلاقات المهنية والعلاقات المهنية والتضامن العمالي هي أهم أسباب الإضرابات. وكشفت الأرقام الرسمية التي تحصلنا عليها أن سنة 2009 - في عهد المخلوع - شهدت البلاد موجة من الإضرابات أضخم من سنة 2010 فقد بينت أن نسبة المشاركة في الإضرابات شهدت انخفاضا من 43 % سنة 2009 إلى 37 % بالنسبة لسنة 2010 كما انخفضت معه نسبة الأيام الضائعة ب 38% . أما بخصوص سنة 2011 فقد كانت سنة الاحتجاجات وكانت سنة الثورة التي شهدت تحرك كافة القطاعات فارتفعت الإضرابات بنسبة 122% مقارنة بسنة 2010 وارتفع عدد المؤسسات المضربة من 170 إلى 314 اي بنسبة تقدر ب85 % كما ارتفع عدد العمال الذين شاركوا في الإضرابات بنسبة 108% . هذه الأرقام والنسب تتحدث لوحدها عن حقيقة الوضع الاجتماعي وأن الاتحاد العام التونسي للشغل شن الاضرابات في فترة بن علي ولكن عدة اعتبارات جعلت هذا المعطى غائبا لدى الرأي العام، أولا أن الإعلام لم يكن يواكب تلك الإضرابات والاحتجاجات والاعتصامات عكس الفترة التي ولدتها الثورة حيث تحرر الإعلام وأصبح يبحث عن الخبر النقابي مما خلق «تخمة» إعلامية حول التحركات النقابية، ثانيا أن بعض الأطراف كان هدفها تقزيم دور الاتحاد العام التونسي للشغل بتحجيم آدائه وتشويهه.