مثلما احتفل بالذكرى الأولى للثورة التونسية، لم يتخلّ محرك البحث العالمي «غوغل» عن مشاركة التونسيات والتونسيين في الاحتفال بالذكرى 56 للاستقلال الموافق ليوم 20 مارس حيث وضع العلم التونسي موضع شعاره الرسمي. وذكرى الاستقلال تأتي في ظروف مختلفة، خاصة بعد واقعة إنزال العلم في إحدى كليات العاصمة، وكذلك أمام المد المتواصل للفكر السلفي المهدد لمدنية الدولة التونسية. احتشد الآلاف (بين 20 و30 ألف) من التونسيات والتونسيين في الشارع الرئيسي بالعاصمة، شارع الحبيب بورقيبة إحياء للذكرى 56 لعيد الاستقلال الوطني، رافعين العلم التونسي ومرددين شعارات الوفاء لشهداء تونس ومناضليها الذين قدموا دماءهم لأجل عزة تونس واستقلالها. وقد توافدت الحشود على الشارع الرئيسي منذ الصباح بعد الدعوة التي توجهت بها الجمعية الاورومتوسطية للشباب إلى جميع القوى الوطنية ومنظمات وجمعيات المجتمع المدني والأحزاب السياسية، من أجل احترام مدنية الدولة وجمهورية النظام، ثم انضمت إليها حشود كبيرة جاءت من أمام مقر سفارة مصر بتونس العاصمة، حيث كانت تتظاهر ضد محاكمة الشاعر أحمد فؤاد نجم. وكان الشعار المركزي لهذه الاحتفالية «الدفاع عن العلم وفرض استقلالية القرار الوطني» إلى جانب تذكير المحتفلين والمشاركين في المسيرة بتوحيد شعاراتهم خاصة حول ضرورة المحافظة على مكتسبات الاستقلال وأول المكتسبات مدنية الدولة وجمهورية نظامها، وكذلك دعوة الحكومة والمجلس التأسيسي الوطني إلى الإسراع بتفعيل الهيئة العليا المستقلة للانتخابات لتأمين الانتخابات التشريعية والتنفيذية والبلدية القادمة تجسيدا لأهداف الثورة التونسية. هذه المسيرة تأتي في وجه من وجوهها ردّا على مسيرة السلفيين أمام المجلس التأسيسي المنادية باعتماد الشريعة الإسلامية مصدرا وحيدا للدستور المزمع كتابته، وهي المسيرة التي دعت إليها أكثر من 30 جمعية إسلامية للتظاهر يوم 16 مارس اثر صلاة الجمعة، ولذلك ردد المتظاهرون في شارع الحبيب بورقيبة شعار «التشغيل استحقاق لا خلافة لا نفاق»، إلى جانب ترديد النشيد الوطني التونسي أكثر من مرة. هذه المسيرة التي غابت عنها الوجوه السلفية والمنقبات، اختلطت فيها الوجوه اليسارية والنقابية والحقوقية بعدد كبير من الدستوريين وتوحدوا حول الشعارات، كما حضرها عدد من نواب المجلس التأسيسي والأمناء العامّين لأحزاب سياسية وقد كانت هذه المسيرة ممهدة للندوة الوطنية التي دعت إليها الجمعية الوطنية للفكر البورقيبي والتي ستنتظم يوم 24 مارس الجاري بالمنستير موطن الرئيس التونسي الراحل الحبيب بورقيبة، وهي الندوة التي سيحضرها رئيس الحكومة السابق الباجي قائد السبسي وسيشارك فيه قرابة 52 حزبا سياسيا وسطيا ومن التيارات اليسارية إلى جانب 525 جمعية ومنظمة غير حكومية وعدد من رجال الأعمال والشخصيات الوطنية، ومن المنتظر أن تكون هذه الندوة محطة مفصلية في إنشاء جبهة سياسية ومدنية وسطية قد تحد من حالة التشتت والفرقة بين مكونات المجتمع التونسي ذي المرجعية المدنية والحداثية.