لا أريد ان أوغر كثيرا في التاريخ للحديث عن المحطات التي كان فيها الاتحاد التونسي للشغل إلى جانب الشعب التونسي برمته على اختلاف مشاربه ومكوناته وانتماءاته السياسية والايديولوجية سوف لن أذكر احدا بالمحطات التي استهدف فيها النظام السابق عديد المكاسب الوطنية وفرض عديد التشريعات والبرامج التي يُمكن ان تغافل عنها الاتحاد كان مرّرها النظام على مرأى ومسمع من الجميع خاصة من الاحزاب السياسية دون ان يحرك احد ساكنا ولم نلمس طيلة 23 سنة اي تحرك احتجاجي مؤثر من اي طرف على البرامج الاجتماعية او الاقتصادية التي تمس من مصالح المواطنين بداية من برنامج «الكنام» وما صاحبه من ضغوطات وصراعات بين السلطة والاتحاد هذه الحالة التي تواصلت على امتداد عشر سنوات بالتمام من سنة 1997 لغاية 2007 امام صمت الجميع الم يكن الاتحاد حينذاك يدافع نيابة عن المجموعة الوطنية دون ان يستأذن احد فقط حسه الوطني؟ لماذا لم يجد الاتحاد المساندة لما كان ومازال متمسّكا بوجوب تأهيل قطاع الصحة العمومية على نطاق واسع خاصة في ما يُسمى بمناطق الظل؟ أين كان الجميع لما استعد النظام بعد دخول جانب كبير من برنامجه في الكنام حيز التنفيذ، لتمرير برنامج آخر لا يقل خطورة الا وهو مراجعة انظمة التقاعد وتمديد فترات العمل حسب جدولة قدمها على انها مشروع أوليّ ألم يتولّى الاتحاد رفضها نيابة عن الجميع من منطق وطني وحماية لمكاسب العمال بصفة عامة وحفز اطاراته وقواعده للدفاع عن هذه المكاسب مطالبا الحكومة بتحديد المسؤوليات والوقوف على الاسباب الحقيقية والمصاريف غير القانونية في مشاريع اشهارية ودعائية معروفة لدى الجميع والتي اخلت بالتوازنات المالية لصناديق وضرورة محاسبة المتهربين من دفع مستحقات العمال التي ينهبونها بعد ان تخصم من رواتبهم ولم يميز الاتحاد في ذلك بين عمال تونس منتسب اليه او غير منتسب؟ أين كان «الوطنيون» لما كان العامل التونسي عبارة عن سلعة تباع وتشترى في المزاد العلني تحت غطاء الصفقات العمومية داخل القطاعين العام والوظيفة العمومية وكل مؤسسات الدولة بما فيها الوزارات وسلك القضاء والتعليم وغيره وحده الاتحاد الذي رفض السمسرة والسماسرة وقاومها بكل الوسائل المتاحة بما فيها حق الاضراب دفاعا عن كرامة الفرد التونسي كان ذلك قبل اندلاع ثورة الكرامة؟ لقد كان الاتحاد دائما في الواجهة ولم يختر مناضلوه المهجر ولا المنفى لا طوعا ولا قصرا انما ديدنهم الميدان والمواجهة والتصدي من الداخل دفاعا عن المسحوقين والمضطهدين من العمال اضافة إلى مساندته لكل من ظلموا وهجروا وهاجروا ولم يكن صراع النقابيين ابدا من داخل الصالونات او بالتواكل. نقول هذا دون الحديث عن التصديات للخصخصة التي لا يتناولها بالحديث المشككون في قيمة الاتحاد ووزنه الا حين تسد في وجوههم المنافذ او عندما يتعلق الامر بالمساس ببعض اطروحاتهم الفكرية او الايديولوجية ان الاتحاد لا يعترف بالحملات الاشهارية ولا بالاسابيع التطوعية التي تجند فيها القواعد من اجل واقعة ما انها شأنه نضال يومي متواصلة حلقاته النضالية من اجل المواطنة والقيم الانسانية النبيلة من ذلك لما جاءت الثورة وانتصرت كان للاتحاد نصيب الاسد في نصرتها وعمل على حمايتها في خطواتها الاولى في حين اندفع الباقون في تسابق محموم نحو سدة السلطة وحده الاتحاد واصل تحمل الاعباء في الداخل والخارج حيث ساهم في نزع فتيل كل الاعتصامات وغلق المؤسسات التي قام بها المعطلون عن العمل وشارك الطرف النقابي في كل الاتفاقيات والمحاضر التي بها عادت الحياة إلى طبيعتها في اغلب الجهات ولا يمكن اغفال اعادة الاعتبار للذات البشرية لمن كانوا يسامون كالعبيد ويساومون على أرزاقهم واعراضهم ليشعر التونسي انه محترم داخل موطنه وذلك بالغاء المناولة ولا يتسع المجال لتعداد كل التحركات الداخلية التي قام بها النقابيون بعد الثورة لانها اكثر من ان تحصى إلى درجة ان الحكومة لامت بل طالبت كل الاحزاب بتحمل مسؤولياتها وابداء مواقفها مما يحدث من انفلات اجتماعي ويستنكروا الممارسات التي اضرت بالاقتصاد الوطني لكن لا من مجيب لان الحسابات الانتخابية كانت في الطاغية، ان انشطة الاتحاد خارج الحدود كانت اعظم لانه ومنذ بداية الثورة طالب كل التنظيمات النقابية والاجتماعية التي له بها ارتباط مباشر او غير مباشر دعم الاقتصاد التونسي لماذا بادر الاتحاد بهذا قبل غيره؟ لانه يعرف طبيعة المستثمر الاجنبي تكون دائما مخاوفة من الوضع العام خاصة الاستقرار الاجتماعي الذي بتوفره يكون متأكدا من نجاح مشاريعه لان هذا العنصر يكون في المقام الاول عنده قبل الاستقرار السياسي في بعض المواضع ذاك هو الاتحاد العام التونسي للشغل منحاز بطبعه للوطن في حين يحافظ على نفس المسافة من الجميع واضعا امامه مصلحة الفرد التونسي كي يعيش في كرامة بعد ثورة الكرامة لا يريد جزاء ولا شكورا بغض النظر عمن اعترف بذلك او انكره وسيبقى الملاذ الوحيد لكافة شرائح الشعب وعما قريب سوف يقف الجميع على مدى صحة هذا الحديث عندما تطالب الحكومة بالعودة إلى المربع الاول في برنامج الكنام وقراءة جديدة لبرامج التقاعد والترفيع في المساهمات في كلتا الوضعيتين ومحاولة تمرير شيء من التسهيلات في موضوع الخصخصة والتساهل في العمل الهش لفائدة المستثمرين عندها سوف تكون حتما دور الاتحاد وبطحاء محمد على نقطة الالتقاء والاصطفاف وراء الاتحاد للدفاع عن المكاسب الاجتماعية والاقتصادية وسوف تبرز الحاجة الملحة إلى وجود الاتحاد العام التونسي للشغل حرا مستقلا عن كل الحساسيات في المشهد العام بالبلاد ودوره العظيم في المعادلة الاجتماعية والسياسية والايام بيننا والى اللقاء في محطة نضالية برحاب الاتحاد.