راجعت ما أعددت من كَلم وما به في الغد سأخبرك.. شطبت ما زاد عن الحدّ وعدت فصغت ما إليك سأرفعه. ثمّ ألقيتُ أوراقي ومحبرتي أنوء بعجز اللّفظ عن النّظم. ثمّ عدت أستجدي القول بعض أضربه فإنّه إذا ذكرتك عنّي يمتنع.. فخاتل اللّفظ وعابث وتمنّع ومن ثمّ عاد برقيقه يغري.. وحين استوى إليك أمتعه طفقت ألتقط ما خطّ القلم واحتطب.. أهذّب هذا أعيد صياغته وألغي ذاك فما بي جرأة على النطق. وحين استقرّ القول في صوغه.. كرّرته حتى ما عدت أخطئه.. ثمّ وزّعته على الصوت أنظمه..هنا أرفع النّبر وهناك أخفضه وهنا أصدح بالقول وهناك أهمسه وهنا ألقيه شفيفا وهناك لا تكاد تسمعه.. وحين اخترت للقول تأدية وبأيّ لحن إليك أسكبه.. نظرت في خطوي كيف أجريه حتّى مع اللفظ ينسجم.. متى أخطو وأين من مرمى عينيك قد أقف.. وكيف على عجل أستدير علّيَ في رحب ذراعيك قد أقع.. وكيف تميل بي القدم وتعتدل وعيناك بلؤم تراقبني.. فأختلس النظر في لمحة خجلى تفور عشقا وتضطرم.. نظرة بتّ أعدّلها.. و على وقع اللفظ أضبطها.. أختار زواياها أحدّدها وإليك كيف أسدّدها.. بتّ أدرّسها، كيف تجرؤ حينا وكيف تهمس أخرى وكيف إذا استشعرت منك خطرا تختبئ.. وكيف تعود فتفعل فيك.. فتلين.. ومن نبعك تروي ظمأها.. ثمّ التفتّ إلى هندامي أرتّبه.. أختار ألوانا بها تحتفل.. ومقاسات أعرف أنكّ تحبّذها وأطوالا كنت دوما تعشقها.. وانتبهت أنّ الثوب يزينه حلي.. وكنت تحبّ من الحليَ أبسطه.. فماذا أضيف للقاك.. وهذا الليل قد ولّى.. ولقاك اليوم موعده..؟ أضيف عطرا ينمنم في خلاياك.. يزيد سرعة النبض.. ويوقد النار في الحسّ.. ويثير شهوة فيك.. وأقف على بابك حذرة.. أعيد القول في الذهن وألقي عليّ آخرة نظرة.. وأدفع الباب.. هناك.. دافئا تقف وإذا.. أنا خدرة.. بيضاء ذاكرتي.