جمعت بينهم وحدة النضال داخل صفوف الاتحاد العام التونسي للشغل وربطت بينهم وحدة العمل في مهنة تبدو في نظر البعض من عمل الشيطان وفي نظرهم هم من أوكد حاجيات الطفل للدربة على الابداع والقيم التي تؤطر للتعايش مع الاخر هم مجموعة من اساتذة التربية التشكيلية بجهتي منوبة وأريانة.. أحسوا بغرابة بعض الاسئلة التي يتلقونها من تلاميذهم وانتبهوا إلى ان هناك خطرا داهما يتهدد المسألة الثقافية في كل ابعادها المتلازمة ويتهدد حق الطفل في الابداع فأعلنوا حربهم على هذا الواقع من خلال المشاركة في احتفالات غرة ماي عبر التمسك بالفرشاة والرسم على الجدران دفاعا عن وجودهم ودفاعا عن التلميذ ودفاعا عن قيم الحضارة والتطور، لاعتقادهم «أن الفن لا يجسّد الذات البشرية بقدر ماهو غوص في مكونات النفس البشرية ومحاولة للتعبير عنها عبر اشكال فنية متعددة» الكلام للأخت هالة بسباس. «الشعب» التقت البعض من هؤلاء تتقدمهم الاخت هالة بسباس متفقدة التعليم في مادة التربية التشكيلية بجهة منوبة والتي اوضحت ان المبادرة جاءت باقتراح من بعض الاساتذة الذين جمعت بينهم وحدة النضال والحضور من أجل تثبيت وجودهم وبلوغ غاياتهم التي اكدت ان اهمها على الاطلاق الدفاع عن حق الطفل في تنشئة فنية على مدى كل مراحل التعليم تصقل مواهبه وتنحت شخصيته وتكسبه حس المواطنة على أسس الذوق السليم والعقل المتفتح على ثقافة التعايش مع الآخر، ومن ثمّة فإن الدور الاساسي للمدرس في مادة التربية التشكيلية هو مساعدة التلميذ على التعبير عن أفكاره ومشاعره بالخطوط والالوان في ظلّ ثقافة متجذرة في هويتنا ومفتوحة على الثقافات الاخرى بعيدا عن كل التعبيرات الطبقية المتعصبة والتي اخذت تشكل ظاهرة منتشرة بوضوح في مؤسساتنا التربوية وفي مجتمعنا والتي يجب ان نعمل جميعا على تشخيصها ومعالجتها ولعل ايلاء مادة التربية التشكيلية وغيرها من المواد الفنية المنزلة التي تستحق في المنظومة التربوية على غرار البلدان المتقدمة بما يوفر حلا من الحلول الممكنة لمجابهة ظواهر التعصب والتطرف والانغلاق والتحجر. الأخت هالة بسباس اكدت انها ومجموعة كبيرة من زميلاتها وزملائها أختاروا ان يرسموا يوم غرة ماي بساحة محمد علي بالذات وعلى جدران دارالاتحاد العام التونسي للشغل لتخليد بصمة خاصة بهم في تلك الاحتفالية الكبيرة باعتبارهم جزءا لا يتجزّأ من الطبقة الشغيلة يغمرهم الاعتزاز بالانتماء إلى الاتحاد العام التونسي للشغل ولا يملكون الا التعبير عن ذلك برفع بعض الشعارات بالفرشاة في تعبيرة فنية متناغمة ومنسجمة مع مبادئ وأهداف ثورة الحرية والكرامة. من هنا أكدت الاخت هالة انها وزميلاتها وزملاءها قرروا التعبير عن رفضهم تمرير هذه الصورة في صفوف التلاميذ بالخروج للشارع للرسم واختاروا ساحة محمد علي يوم غرة ماي حيث رسموا جداريات قالت ان الهدف منها. حق الطفل في التنشئة الفنية السليمة في كل مراحل تعليمه لأن المواد الفنية هي انطلاقة تنمية ملهمة للتعبير والابداع عند الطفل ودون هذه المواد لا يمكن ان نعثر على مبدع في اي مجال آخر من مجالات الابداع. ارساء تربية فنية تدعم لدى الطفل قيم المواطنة التي تقوم على اسس الذوق السليم والعقل المتفتح على التعايش مع الاخر. الزمن زمن ثورة من أجل حرية اكثر وقيم أجمل وتطور أفضل لذلك لا يمكن تنمية هذه الانتظارات الا عبر تطوير الفنون والابداع ومنها تبني الحضارات لأن شعبا يفتقر الى فن لا تراث له ولا يمكن ان تصل حضارته الى غيره ما لم تقف شاهدا عليه مبانيه المعمارية وتماثيله ورسومه الجدارية وغيرها من الاثار الفنية التي كانت دوما رمزا للاخبار عن حضارات الشعوب وتاريخها. الرسم في الشارع وعلى الجدران هو دفاع عن وجودنا باعتبارنا اساتذة ومربين وهو دفاع عن مادة التربية التشكيلية ودفاع عن حق الطفل. وأضافت الاخت هالة ان الاتحاد العام التونسي للشغل هو الدار التي تجمع كل العمال بالفكر والساعد وفي كل المجالات المهنية والفنية لذلك جئنا لنرسم عل جدرانه في ظلّ واقع اصبحت فيه المسألة الثقافية والتربوية بكل الخصائص والخصوصيات مهددة من قبل توجهات فكرية وعقائدية ذات ميولات سلفية ترى ان تدريس بعض المواد ومنها التربية التشكيلية محرمة دينيا. وبينت الاستاذة هالة ان المربين والمربيات قد بدؤوا يشعرون بهذه الافكار السوداء تغزو عقول بعض التلاميذ الذين لا يتحرجون في اثارة بعض الاسئلة الغريبة مثل «هل الرسم حلال أم حرام» مما يحدث معه نوع من الشغب التلمذي الذي يصل الى حد ممارسة العنف اللفظي تجاه الاساتذة وقد تتلاحق هذه الصورة حتى خارج اسوار المدرسة من قبل غرباء عن المدرسة اساسا متعللين في ذلك بان العمل الفني والابداع بالفرشاة هو من عمل الشيطان وان الابداع هو من صفات الله وحده. وانتهت محدثتي إلى التأكيد بأن ما يطرأ من حين لآخر يشكل مؤشرات سلبية وخطيرة وعلى كل نفس مناضل من أجل ثقافة حرة ومتطوّرة ان يبقى صامدا متواصلا مع كل اشكال النضال مهما كانت الظروف والصعاب ومهما تكن اشكال المواجهة ضد كل من يحاول تهديد وجودنا وسنستعمل سلاحنا الاقرب الى كل العقول والقلوب وهو التعبيرة الفنية ضد منطق العنف المتفشي في هذه الظروف الحرجة جدا. ولم تنس الاستاذة هالة ان ترفع تحية تقدير وإكبار لزملائها وزميلاتها الذين آمنوا بهذا البعد النضالي وجاؤوا يوم غرة ماي الى ساحة محمد علي محملين بادواتهم للرسم على الجدران في رمزية متماسكة رفعا لكل تحد وخصت بالذكر الاخ والاخوات شكري القروي متفقد تربية تشكيلية سماح الوسلاتي ايمان يونس سعدية قنوني سماح بوزيدي نادرة بيوض سفيان الدهماني روضة بوكعبة فتحية معتوق إيمان حشيشة هاجر العش حنان السهيلي عفاف بن علي نرجس البناني والتلميذ الفنان أحمد الحجري.