مئات الأطنان من لعب الأطفال تغمر الأسواق وتتكدس بشوارع مختلف القرى والمعتمديات والمدن التونسية دون استثناء، سلع متراكمة مشبوهة المصادر وغير مطابقة للحد الأدنى من المواصفات الصحية أو مواصفات الجودة، توزع بشكل محكم على مختلف مناطق الجمهورية ليتكاثف ذلك مع بلوغ احتفالات بعيد الفطر، فمن أين تأتي هذه الأطنان من الألعاب؟ وأين المراقبة والسلط المعنية؟ ومن يحمي أطفالنا من تأثيراتها المعنوي والجسدية؟ أينما مددت نظرك، ومن أين ما مررت يعترضك باعة يعرضون لعبا للأطفال، في الساحات العامة، بالأسواق، بالأكشاك بالمتاجر وأمامها، مختلفة ومتنوعة «خطيرة» وقد تظهر عادية للوهلة الأولى، بالونات ودمى ومسدسات بلاستيكية و»كلاشينكوفات» وسيارات وجرارات وخراطيش وألعاب نارية «فوشيك» وطائرات وصواريخ حتى !، ولكن الأهم هي لعب غير حاملة للتأشيرة بل ان أغلب بائعيها لا يعرفون من أين أتت تحديدا؟ يقتنيها «الباعة» البسطاء من محال جملة، موزعة على عدد من مدن البلاد، وبدورهم، فان أصحاب هذه المحال يقتنونها من مصادر مختلفة ومن أفراد لا علم لهم بشبكة معارفهم واتصالاتهم ومصادر «سلعهم»، وهي مصادر غير «شرعية» بالأساس، فالتهريب يبقى المصدر الأساسي حتى بعد14 جانفي 2011 لتلك السلع التي يمكن تصنيف أغلبها ب»الخطيرة» والمشتبه في أمرها. فلعب الأطفال، كان مجالا اخر احتكره المقربون من العائلة الحاكمة، وكان «الطرابلسية» أباطرة هذه السلع التي تعد مربحة جدا مقارنة بتكاليف توريدها من بعض الدول الاسياوية وخاصة الصين، وخلافا لذلك فان التلاعب بالاجراءات القمركية والتحكم في «ريزو» الديوانة دون مراقبة لجودة تلك السلع أو لمدى ملائمتها للمواصفات الصحية ودون دفع الضرائب، هو ما جعل تلك العصابات تغرق الأسواق بهذه السلع، وكانت المصالح المراقبة تقوم فقط بمراقبة التجار الصغار والباعة المتجولين وبعض الأكشاك لتحجير بيعها وتقوم بمصادرة تلك السلع منهم لا أكثر «متعمدة ذلك أو مكرهة».. ولكن الغريب هو أن كثيرا من التسريبات والأخبار تم تناقلها تؤكد أن عمليات تهريب مثل تلك السلع مازالت متواصلة الى اليوم، حيث تفيد مصادر مطلعة من الموانئ التجارية التونسية أن العشرات من الحاويات المعبأة بالألعاب النارية ولعب الأطفال الأخرى الموردة من الصين قد تم تهريبها مؤخرا عبر موانئ تجارية تونسية وغادرتها دون تفتيش أو مراقبة أو حتى مرافقة. وتعيش الموانئ والمصالح الجمركية طيلة الفترة الفارطة انفلاتا غير مسبوق وأيضا مداخل البلاد الحدودية ، بعد أن كانت تتسم بالتنظيم أي تخضع لشبكات التهريب المنظمة والعصابات المافيوزية المتشابكة المرتبطة بأصهار العائلة الحاكمة السابقة ومقربين منها. كما تفيد المعطيات المتوفرة أن المناطق الحدودية وخاصة منها الجزائرية، شهدت عمليات تهريب كبيرة لمثل تلك السلع التي تعج بها الأسواق الجزائرية، والتي تفيد عديد التقارير الاعلامية الجزائرية أن هناك مصانع محلية غير مطابقة للمواصفات الصحية تنتج مثل تلك السلع اضافة الى توريدها من الصين، فيشترك أطفالنا وأطفال الجزائريين الأشقاء توابع ومضار تلك النوعية من السلع المشبوهة. خطيرة للغاية أغلب اللعب المنتشرة في الأسواق، مع استثناء تلك المؤشرة والمعدة وفق المواصفات الوطنية والعالمية والمعروضة ببعض المتاجر، مصنوعة من مواد خطرة مثل الرصاص والمخلفات الصناعية و «البلاستيك» اللين والاسفنج ولا تحمل أي علامات تؤكد خلوها من الأمراض، وتؤكد المعطيات الطبية المتوفرة أن بامكانها أن تصيب الأطفال بعديد الأمراض كالربو وأمراض الحساسية وقد يبلغ الأمر الاصابة بالسرطان. وتفيد معطيات رسمية بالجزائر، أن التحقيق في الموادد المستعملة في تصنيع بعض اللعب المعروضة للأطفال بينت أنها صنعت ببقايا تجهيزات طبية مستعملة، وأن بامكانها أن تكون مصدر أمراض خطيرة تصيب الأطفال. من جانب اخر، فان عددا من تلك المنتجات ليست بها مواصفات علمية وتربوية قد تفيد الأطفال، فأغلبها لعب حربية وتشجع على العنف والخشونة، ولها تأثيرات كبيرة حسب ما يفيد بذلك المختصون في علم النفس من قبيل المسدسات و»الكلاشيكونفات» والعربات الحربية، والتجهيزات البوليسية «لعب» ، كما أن عددا من هذه اللعب مجهزة بخراطيش ولها تبعات مباشرة مثل الألعاب النارية «الفوشيك» التي تعرض الأطفال الى حروق واصابات متفاوتة وكذلك الحبيبات الصلبة المستعملة في شكل خراطيش للمسدسات التي تؤدي سنويا الى اصابة أعداد كبيرة من الأطفال في الأعين والندوب بالوجه. وتطول قائمة اللعب التي تؤكد المصالح الصحية والتجارية على ضرورة الحيلولة دون تسويقها ومصادرتها ان تم ذلك ومنها،ألعاب شبيهة بالأسلحة النارية وقاذفة لكويرات أو نبيلات أو سوائل وكذلك الشماريخ والفوشيك إضافة للمصوّبات الليزرية واللعب التي تكون في شكل نسيج موبر والتي لها شعر أو حشو متناثر أو قابل للتناثر أو بها أجزاء صغيرة قابلة للفصل بسهولة فضلا عن اللعب غير الحاملة للتأشيرة أو مجهولة المصدر، ولكن الغريب في الأمر أن هذه النوعية من الألعاب هي الأكثر انتشارا في الأسواق والأكثر اقتناء بين المواطنين. أين الرقابة؟ من المفروض أن ترفق ملفات توريد اللعب المعدّة للأطفال دون الثلاث سنوات والمواد الخاصة بالرضع المصنعة من البلاستيك اللين بشهادات مسلمة من قبل مخابر رسمية أو مخابر مصادق عليها تثبت طبيعة ونسبة المواد الموجودة بالمنتوجات المعنية....وهو قانون معمول به بالبلاد، بل يحمل كل إخلال بمقتضياته، المخل للتتبعات والعقوبات الجاري بها العم ولكن العكس هو ما يحصل في جل الأسواق والأماكن العمومية بكامل تراب الجمهوية. كما تمنع أحكام الفصل 7 من القانون عدد 117 لسنة 1992 المؤرخ في 7 ديسمبر 1992 المتعلق بحماية المستهلك ،صنع أو توريد أو مسك أو العرض بهدف البيع أو التوزيع مجانا أو بمقابل اللعب الموجهة للأطفال دون الثلاث سنوات والمواد الخاصة بالرّضع المصنعة كليا أو جزئيا من البلاستيك اللين التي تحتوي على نسبة جملية تعادل أو تفوق صفر فاصل واحد بالمائة من المواد المحظورة، ويقع سحب تلك اللعب غير المطابقة للتراتيب أينما كانت. ويتحمّل المصنعون المحليون المصاريف المتعلقة بسحب هذه المنتوجات أما بالنسبة للمواد المورّدة فتحمّل المصاريف على كاهل المورّد... كما يتحمل الموزعون المصاريف المتعلقة بسحب هذه المنتوجات إذا لم يثبتوا هوية مزوّدهم ويشترط في تلك الألعاب مراعاة المواصفات التونسية المتعلقة بسلامة اللعب ويتعين أن تحوي لفائف هذه المنتوجات على بيانات ضرورية باللغة العربية وبإحدى اللغتين الفرنسية أو الانقليزية... وأن تحرّر تلك البيانات بحروف سوداء تتيسر قراءتها مضمنة في بطاقة صفراء تُلصق أو تُطبع بوضوح فوق اللعب ولفائفها. ورغم أن القانون يقر بخطورة تلك المنتجات ويمنع منعا واضحا وصريحا عرضها بالأسواق غير أن المصالح المختصة لوزارة الصحة العمومية و وزارة التجارة وأيضا وزارة الداخلية لم تكرس أي نوع من الرقابة على مستوى توريد تلك السلع ولا أثناء توزيعها وهي معروضة في مختلف الفضاءات المتاحة وبكميات كبيرة، فمن المسؤول عن ذلك؟ وأين الرقابة؟