كأس العالم لأقل من 17 سنة: الفيفا يحدد عدد مقاعد الاتحادات القارية    علي معلول: لاعبو الأهلي يمتلكون الخبرة الكافية من أجل العودة بنتيجة إيجابية    عاجل/ متابعة: هذه التهم الموجهة لبرهان بسيس والزغيدي والعقوبة التي تنتظرهما..!!    على هامش الدورة 14 لصالون للفلاحة والصناعات الغذائية صفاقس تختار أفضل خباز    الشركة التونسية للبنك تتماسك وترفع الودائع الى 10.3 مليار دينار    وفاة عسكريين في حادث سقوط طائرة عسكرية في موريتانيا..#خبر_عاجل    بطاقة ايداع بالسجن في حق الزغيدي وبسيس    احتجاجا على عدم انتدابهم... عدد من عمال الحضائر يدخلون في اعتصام مفتوح    لاعب الأهلي المصري :''هموت نفسي أمام الترجي لتحقيق أول لقب أفريقي ''    وزير الشؤون الدينية يؤكد الحرص على إنجاح موسم الحج    منوبة: تفكيك وفاق إجرامي للتحيّل والابتزاز وانتحال صفة    قتيل وجرحى في حادث مرور مروع بسليانة..    بنزرت: توفير الظروف الملائمة لتامين نجاح موسم الحج    القلعة الخصبة: انطلاق فعاليات الدورة 25 لشهر التراث    الدورة ال3 لمهرجان جربة تونس للسينما العربية من 20 إلى 25 جوان 2024    في هذه المنطقة: كلغ لحم ''العلّوش'' ب30 دينار    وزير الفلاحة: قطع المياه ضرورة قصوى    وزارة الصناعة: إحداث لجنة لجرد وتقييم العقارات تحت تصرّف شركة ال'' ستاغ ''    أكثر من 3 آلاف رخصة لترويج الأدوية الجنيسة في تونس    علاجات من الأمراض ...إليك ما يفعله حليب البقر    صورة/ أثار ضجة كبيرة: "زوكربيرغ" يرتدي قميصًا كُتب عليه "يجب تدمير قرطاج"..    الأكثر سخونة منذ 2000 عام.. صيف 2023 سجل رقماً قياسياً    من بينهم طفلان: قوات الاحتلال الصهيوني تعتقل 20 فلسطينيا من الضفة الغربية..#خبر_عاجل    وزارة المالية تكشف عن قائمة الحلويات الشعبية المستثناة من دفع اتاوة الدعم    بورصة تونس .. مؤشر «توننداكس» يبدأ الأسبوع على انخفاض طفيف    البنوك تستوعب 2.7 مليار دينار من الكاش المتداول    بنزرت: إيداع 7 اشخاص بالسجن في قضية سرقة وتخريب بمصنع الفولاذ    ما حقيقة سرقة سيارة من مستشفى القصرين داخلها جثة..؟    عاجل - مطار قرطاج : العثور على سلاح ناري لدى مسافر    27 ألف متفرج لنهائي الأبطال بين الترجي و الأهلي    تصفيات مونديال 2026: حكم جنوب افريقي لمبارة تونس وغينيا الاستوائية    أنشيلوتي يتوقع أن يقدم ريال مدريد أفضل مستوياته في نهائي رابطة أبطال أوروبا    غوارديولا يحذر من أن المهمة لم تنته بعد مع اقتراب فريقه من حصد لقب البطولة    اخر مستجدات قضية سنية الدهماني    صفاقس: ينهي حياة ابن أخيه بطعنات غائرة    ضجة في الجزائر: العثور على شاب في مستودع جاره بعد اختفائه عام 1996    ارتفاع عدد قتلى جنود الإحتلال إلى 621    في يومها العالمي.. الشروع في اعداد استراتيجية وطنية جديدة للنهوض بالأسرة    الأهلي يصل اليوم الى تونس .. «ويكلو» في التدريبات.. حظر اعلامي وكولر يحفّز اللاعبين    الرائد الرسمي: صدور تنقيح القانون المتعلق بمراكز الاصطياف وترفيه الأطفال    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    أول أميركية تقاضي أسترازينيكا: لقاحها جعلني معاقة    الرئيس الايراني.. دماء أطفال غزة ستغير النظام العالمي الراهن    "حماس" ترد على تصريحات نتنياهو حول "الاستسلام وإلقاء السلاح"    ماذا في لقاء وزير السياحة بوفد من المستثمرين من الكويت؟    البرمجة الفنية للدورة 58 من مهرجان قرطاج الدولي محور جلسة عمل    للسنة الثانية على التوالي..إدراج جامعة قابس ضمن تصنيف "تايمز" للجامعات الشابة في العالم    تونس تصنع أكثر من 3 آلاف دواء جنيس و46 دواء من البدائل الحيوية    بن عروس: جلسة عمل بالولاية لمعالجة التداعيات الناتجة عن توقف أشغال إحداث المركب الثقافي برادس    الكاف: حريق اندلع بمعمل الطماطم ماالقصة ؟    قابس : اختتام الدورة الثانية لمهرجان ريم الحمروني    نابل..تردي الوضعية البيئية بالبرج الأثري بقليبية ودعوات إلى تدخل السلط لتنظيفه وحمايته من الاعتداءات المتكرّرة    نور شيبة يهاجم برنامج عبد الرزاق الشابي: ''برنامج فاشل لن أحضر كضيف''    مفتي الجمهورية... «الأضحية هي شعيرة يجب احترامها، لكنّها مرتبطة بشرط الاستطاعة»    أولا وأخيرا: نطق بلسان الحذاء    مفتي الجمهورية : "أضحية العيد سنة مؤكدة لكنها مرتبطة بشرط الاستطاعة"    عاجل: سليم الرياحي على موعد مع التونسيين    لتعديل الأخطاء الشائعة في اللغة العربية على لسان العامة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشاعر خالد الشوملي بين الوجع الفلسطيني و القضية الشعرية
نشر في الشعب يوم 20 - 10 - 2012

ضمن فعاليات مهرجان الشعر العربي الحديث بالجريد تحت شعار «الشابي و قضايا « التحرر في دورته 32 المنعقد ايام 18-19-20-21 اكتوبر 2012 بتوزر حلّ بيننا الشاعر خالد الشوملي ضيفا وفي هذا الاطار كان لنا معه الحوار التالي:
خالد الشوملي انت ضيف تونس في ملتقى الشعر الحديث يتوزر اضافة الى محطات شعرية اخرى من بينها الامسية بقابس لمن لا يعرفك من هو خالد الشوملي ؟
الشاعر خالد شوملي فلسطينيّ القلب، عربيّ الروح وإنسانيّ الحلم، ولد عام 1958 في مدينة بيت ساحور (قرب القدس في فلسطين) ونما في عائلة تحب الأدب والشعر والمسرح. حاصل على شهادة الهندسة المدنية من جامعة آخن في ألمانيا. ومقيم فيها منذ عام 1978 ويعمل مهندساً في مدينة كولون. له ديوان شعر مطبوع صدر عن بيت الشعر الفلسطيني عام 2008 بعنوان «لمن تزرع الورد». وله ديوان جديد صدر حديثا عن دار الشروق في فلسطين والأردن بعنوان «مُعلّقة في دُخان الكلام». كما له ديوان آخر تحت الطبع بعنوان «نحل الأماني».
ينشر قصائده بصورة دورية في أكثر من عشرين منتدى أدبي ومجلة. أسس فرقة الرواد الفنية في فلسطين عام 1987 وترأسها حتى عام 1990. له قصائد صوتية عديدة منشورة في النت كما لحنت قصائد له وظهرت في شريطين صوتيين أثناء انتفاضة الحجارة في فلسطين عام 1987 1990. ترجم بعض قصائده للغات مختلفة منها الألمانية والإنجليزية والفرنسية والإيطالية والإسبانية والكرواتية.
لكل شاعر لحظة شعرية يولد منها كيف نزل عليك وحي الشعر و اكتشفت هوية الشاعر فيك ؟
كما قال الشاعر الكبير أبو القاسم الشابي يكمن في كل إنسان شاعر. لكن اكتشاف هذه الشاعرية وتنميتها لا تتوفر لكل فرد. لحسن حظي أن وضع البيت والعائلة لدينا كان مهيئا للإبداع. فوجود مكتبة كبيرة في داخل البيت تحتوي على كافة أنواع الأدب العربي والعالمي وحضور ورعاية أبي الأديب والصحفي ساعدا لأن أميل مبكرا للأدب. وكنت أحس بمتعة لم أعرفها من قبل في قراءة كتب الأدب عامة والشعر خاصة. كنت أتذوق الشعر وأنظر إلى ما وراء الكلمات. أحسست أن للشعر سحرا فريدا وتأثيرا قويا على روحي لم أشهده من قبل. كنت ميالا للموسيقى كثيرا ولاحظت أن لا صعوبة لي تذكر في استيعاب وتذوق وإعادة البحور الشعرية. في تلك الفترة المبكرة بدأت أحس أن الشعر هو وطني الثاني. حيث وطني الأول (فلسطين) مقيد بسلاسل الاحتلال. والوطن الثاني (الشعر) كان حرا طليقا فتعلقت به كثيرا وكان ملاذي.
ماهي طقوسك الشعرية ؟
تسبق كتابة القصيدة عندي مرحلة من التأمل وكأنها مرحلة الحمل قبل الولادة. أتأمل الطبيعة كثيرا فمنها أستمد روعة الصورة الشعرية. هنا تبدأ الفكرة بذرة حتى تغدو لاحقا شجرة ويدندن الإيقاع في الأذن وتعصف بالقلب أحاسيس جديدة غير معهودة. هذا الجو الأمثل لي لكتابة قصيدة تحتوي على كل عناصر الجمال.
انت مهندس صاحب اختصاص علمي لا ادبي هل تعتبر ان كليات الأداب و الفنون الجميلة اقدر على انجاب الشعراء ام انها ستقتلهم بالقيود النقدية ؟
إن التأهيل العلمي والجامعي بغض النظر عن اتجاهه لا علاقة له بالإبداع. فإما أن يكون الإنسان مبدعا أو لا يكون. أما المؤهلات العلمية فلها تأثير على شخصية الشاعر وتكمل تجربته. إن المؤهل العلمي أو الأدبي لا يخلق شاعرا واحدا. إن الشاعر الحقيقي هو الذي ينظر للحياة بصورة كاملة لا جزئية وعليه أن ينخرط في الحياة نفسها كمدرسة حقيقية لتخريج المبدعين. ولنتذكر الشاعر النابغة أبا القاسم الشابي الذي أبدع دون أن يزور جامعة أدبية.
علاقتك بدرويش خاصة و ان درويش على عبقريته الشعرية معروف انه مصيدة شعرية جميلة تمحي هوية كل من يتعثر بها ؟
فلسطينيتنا المتجذرة وحب الوطن والانتماء للشعر هذا ما يربطني بالشاعر الكبير محمود درويش. لم تكن هناك علاقة شخصية بسبب غربتي الدائمة على مدى 35 عاما. ولم أنشر إلا متأخرا. عندما صدر ديواني الأول (لمنْ تزرعُ الورْد) عام 2008 توفي محمود درويش.
أنا معجب جدا بشعر محمود درويش وقرأت معظم أعماله وهي أكثر من رائعة. إلا أن الطريق التي سلكتها تختلف عن طريقه كثيرا. وربما إذا تناول النقاد بعض قصائدي سيكتشفون الفرق. أنا أؤمن بتعددية الشعر والجمال وإنسانية الشعر. للطبيعة والحكمة حيز كبير في قصائدي. لست منافسا ولست مقلدا لأحد. لي رؤيتي الشعرية وهي التي تقودني. وكل من يحاول أن يقلد شاعرا آخر فهو مقلد وليس شاعرا حقيقيا. ولا يمكن أن يكون التقليد أفضل من الأصل.
ولنتذكر أبا القاسم الشابي فقد قرأ لجبران خليل جبران إلا أنه استطاع أن يكتب شعره الخاص به لأن لديه رؤيته الخاصة للحياة.
فلسطين وجع خالد الشوملي في ظل مقولة الادب ماساة او لا يكون ما هو دور الوجع الفلسطيني في خلق عالمك الشعري ؟
وطني... متى تتبدّلُ الأحوالُ؟
حتى يعودَ الطائرُ الجوّالُ
مِنْ رحلةِ المنفى التي لا تنتهي
بينَ المنيّةِ والمنى... أميالُ
النهرُ يشبهُني...
كلانا شاعرٌ
بَيْنَ الْمَعاني عابرٌ... رَحّالُ
فلسطين ليست موضوعا شعريا أو إنشائيا وإنما وطن أعيشه بكل خلجات الفؤاد. فيجد صداه في قصائدي. ولا شعر حقيقي دون مشاعر عميقة. فكيف تكون فلسطين محتلة ولا أكتب عن هذا وكيف يموت أطفالنا يوميا ولا أتطرق لهذا. فلسطين تفرض نفسها على كل إنسان له ضمير. وإن كانت فلسطينيتي صدفة لأني ولدت في فلسطين فأنا أفتخر بانتمائي لهذا الوطن وشعبه الرائع. وانتمائي حر لطموحات الشعب الفلسطيني في الحرية والاستقلال وليس صدفة بتاتا. فالشاعر لا يمكن إلا أن يقف مع الحق والعدالة. وافتخاري بفلسطينيتي لا يتناقض مع اعتزازي بعروبتي بل يتكاملان. فالعروية والإنسانية بما تحملانه من بُعد ومعان جميلة وسامية تشكلان أفقا رحبا لهذه الوطن الذي يسعى أن يضمد جراحه ويتأهب للتحليق.
ان تكون فلسطينيا هل ترى ان هذا الانتماء يعطيك جواز سفر لا مشروط شعريا ؟
بالطبع لا. إن انتماء الشاعر لبلد معين لا يعطيه حقوقا إبداعية أكثر من غيره. على كل شاعر أن يكون مبدعا بغض النظر عن جنسيته. الوطن والانتماء الوطني لا يصنع الشاعر وإنما إبداع الشاعر هو الذي يصنع منه شاعرا. لذلك فلكين الشعر قوس قزح. ولنرسم بكل أطيافه ولنكتب كل أنواعه ونعطي الشعر حقه كاملا في الابتكار وروعة الصورة الشعرية وعمق وبلاغة اللغة وعذوبة الإيقاع الداخلي والخارجي. فليكن الشعر إبداعا ساميا سواء كان للوطن أو للحبيبة أو للطبيعة أو كان قصيدة حكمة.
كيف تقيم المشهد الشعري الفلسطيني في ظلّ اتجاه اغلب الكتاب الشباب هناك الى نص ما بعد قصيدة النثر او النص المفتوح كما يسميه بعض النقاد ؟
لا شك أن الوضع الفلسطيني المميز باحتلال وطنه وتشريد شعبه وتشتته عكس نفسه على الحركة الأدبية الفلسطينية بشكل عام والحركة الشعرية بشكل خاص. ومع انطلاق الثورة الفلسطينية في عام 1965 تشكل ما يسمى شعر الثورة وشعراء الأرض المحتلة فبرز كل من توفيق زياد وسميح القاسم ومحمود درويش وفدوى طوقان وراشد حسين وحنا أبوحنا وكمال ناصر وغيرهم. ساهم هؤلاء الشعراء بدفع الحركة الشعرية الفلسطينية وتطورها للأمام لتلحق وتواكب الحركة الأدبية العربية التي كانت متقدمة بعض الشيء بسبب قمع الاحتلال لكل ما هو فلسطيني أو عربي في فلسطين.
ظهر بعد ذلك جيل جديد يذكر منهم الشعراء خالد أبو خالد وأحمد دحبور وعزالدين المناصرة ممن ساهموا أيضا في حمل لواء الشعر الفلسطيني. كما جرت محاولات لتجديد الشعر شبيها لما حدث في الأقطار العربية الأخرى وأصبح لقصيدة النثر روادها. برزت أسماء جديدة هنا مثل زكريا محمد وروز شوملي مصلح وغيرهم.
كثيرة هي الأسماء التي اتجهت لقصيدة النثر وهناك أحيانا استسهال (ساذج) في كتابتها مما عكس نفسه على سطحية بعض ما يكتب. كثيرة هي الكتابات وقليلة هي الإبداعات الحقيقية في قصيدة النثر. إن معظم عناصر الشعر في القصيدة العمودية أو قصيدة التفعيلة يجب أن تتوفر أيضا في قصيدة النثر. مقارنة مع قصيدة النثر في الأقطار العربية فإن قصيدة النثر في فلسطين متأخرة بعض الشيء.
ظلت الحركة الشعرية الفلسطينية تحلق في مدار الوطن وقليلة هي المحاولات الجادة التي استطاعت أن تعطي الشعر حقه كاملا وتستنفذ كل طاقاته في التعبير عن كينونة الإنسان بأبعادها اللامحدودة أو صميم الوجود كما كان يسميه الشاعر أبو القاسم الشابي.
ايجابيات الحركة الشعرية الفلسطينية تكمن في ملامستها لروح الشارع الفلسطيني وإضفاء الإنسانية على الحركة الوطنية الفلسطينية ودفعها لمواكبة حركة الشعر العربي.
وسلبياتها على صعيد الشعر والإبداع تكمن في الاقتصار على بعض الوجوه والرموز المعروفة واختزال مواضيع الشعر في موضوع واحد والاتجاه للمباشرة على حساب الرمزية والتصوير والخيال والعمق.
سمعنا من بعض الاصدقاء ان في فلسطين أن هناك تهمة اسمها تهمة الاتجار بالكتب كيف تقيم علاقة السلطة الفلسطينية بالكتاب و المثقف ؟
لابد من الإشارة للوضع الشاذ الذي يعيشه الشعب الفلسطيني فأكثر من نصفه مشرد ويعيش في المنافي والغربة. والنصف المتبقي في فلسطين يخضع لثلاث سلطات. السلطة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية التي احتلت عام 1948. والقسم الثاني يعيش في ظل السلطة الوطنية الفلسطينة في الضفة الغربية. أما القسم الثالث فهو يخضع لسلطة حماس في قطاع غزة. إن التنافس بين السلطتين الفلسطينيتين في الضفة الغربية وقطاع غزة كان له أثر سلبي على دور الثقافة في فلسطين. هنا تتراجع الثقافة والكلمة المبدعة لتتقدم التبعية لهذا وذاك. ومن هنا يتحمل شعراء وأدباء المهجر دورا تاريخيا في حمل راية الأدب والشعر والإبداع والدعوة للوحدة في هذه المرحلة الصعبة.
هذا الخوف من المثقف يدفعنا للحديث عن الدور الذي يمكن ان يلعبه في المنطقة العربية كيف ترى تعامل المثقف العربي مع القضية الفلسطينية و كيف يمكنه ان يغير المشهد الثقافي العربي ؟
لقد كانت الكلمة الحرة على مدى التاريخ البشري أشد قوة من أي سلاح آخر. فلذلك تم اغتيال أدباء وشعراء ومبدعي فلسطين أمثال غسان كنفاني وكمال ناصر وراشد حسين وماجد أبو شرار وناجي العلي.
لعب المثقف العربي في الماضي وما زال يلعب دورا إيجابيا في دعم القضية الفلسطينية وكان صمام أمان في بلده لتظل القضية الفلسطينية حاضرة في ضمير الشعب. ساهم أن تظل فلسطين على أولويات جداول الأقطار العربية. ولعب دورا لا بأس به في تثبيت مفاهيم نضالية مما فك العزلة عن مثقفي فلسطين.
ما يمكن أن يفعله المثقف العربي هو أن يقوم بدوره الطبيعي في وطنه. هذا أولا، وأن يكون امتدادا طبيعيا وشريكا حقيقيا للمثقف الفلسطيني. إن الوطن العربي هو البعد والجسد الكبير لفلسطين وهنا تكمن إحدى مهمات المثقف العربي في فك العزلة والحصار وحماية هذا الجسد وتضميد جراحه.
إن ما يميز عصرنا هذا هو سرعة انتشار الخبر وتسليط الضوء على الأحداث مما يساعد اتخاذ موقف أثناء وقوع الحدث نفسه وهذا نوع جديد من التفاعل المتبادل. هذا دور آخر للمثقف الصادق مع نفسه وقيمه.
اي مناخات شعرية منحها الربيع العربي لخالد الشوملي؟
الشاعر لا يمكن أن يبقى بعيدا عن هذه الأحداث العاصفة. فمن يرى مئات الآلاف من الناس يتظاهرون يتحرك فيه كل شيء. كان قلبي ينبض بسرعة فائقة فجاءت قصائدي منسجمة مع الانتفاضات الشعبية في روحها وقيمها وحتى في وتيرتها الموسيقية. وعندما رأيت الشاب محمد بوعزيزي يحترق كتبت قصيدتي (ما قيمةُ الدّنيا) وهي قصيدة طويلة وهذه هي الأبيات الأخيرة منها:
يا نَجْمةً في العَيْنِ ساهِرَةً
صُبّي عَليَّ الصُّبْحَ وَاقْتَرِبي
يا تونسُ الْخَضْراءُ سَيّدَتي
يا قامَةَ الشّعَراءِ والأدَبِ
يا تونسُ الْعَذْْراءُ مَعْذِرَةً
سَئِمَتْ حُروفي السّجْنَ في الْكُتُبِ
ما قيمَةُ الدّنْيا بِلا وَطَنٍ
تشْدو الطّيورُ بِمَرْجِهِ الرّحِبِ؟
ولي قصيدة أخرى بعنوان « في مصر لي قلب « كتبتها أثناء الثورة المصرية المجيدة. هذه بعض أبياتها:
لَوْ كُنْتُ يَوْماً أشْتَهي وَطَناً
لاخْتارَني العُنْوانُ والْبَلَدُ
شقّوا الْفؤادَ لِيَقْرأوا كُتُبي
لكِنّهُمْ إلّاكَ لمْ يَجِدوا
في تونسَ الخضْراء لي قَمَرٌ
رِئَةٌ هُنا في الشّامِ لي وَيَدُ
في الْمَغْربِ العَرَبيِّ لي كَتِفٌ
صَدْري الْعِراقُ جَبينُ مَنْ صَمَدوا
في مِصْرَ لي قَلْبٌ يَضُخُّ دَماً
وَهُناكَ في لُبْنانَ لي كَبِدُ
يا أرْضُ إنَّ الرّيحَ ذاكِرَةٌ
والْقُدْسُ لا ينْسى اسْمَها أحَدُ
الْغَيْمُ يَبْكي الآنَ مُنْفعِلاً
فالْيَوْمَ عُرْسُ النّصْرِ يَنْعَقِدُ.
ولي قصيدة أخرى بعنوان « أقْحَمْتَ هاءَكَ بَيْنَ الْجيم ِ واللام ِ
« كتبتها أثناء انتفاضة الشعب الليبي أقول فيها:
بِأيّ حَقٍّ شُعوبُ الْأرْضِ مُثْقلَةٌ
الْقيْدُ في يَدِها تاريخُها دامِ ؟
وَالنّجْمُ يُقْطَفُ مِنْ صدْرِ السّما جَشَعاً
وَالْحُلْمُ يُخْطَفُ مِنْ أَحْداقِ أيْتامِ ؟
هَبّتْ على وَطَنِ الْأعْرابِ عاصِفَةٌ
ما عادَ يَحْبِسُها فِنْجانُ حُكّامِِ
طاحونَةُ الشّعْبِ دارتْ ليْسَ يوقِفُها
شَهْدُ الْكلام ِ وَلا تَكْشيرُ ضِرْغامِِ
وَالْفَجْرُ يُنْشِدُ في الْأوْطانِ أغْنِيَةً
ما أجْملَ الْعُمْرَ... ما أحْلاهُ مِنْ عامِِ!
أما الأوضاع المأساوية في سورية فدعتي لأن أكتب أكثر من قصيدة. هذه بعض الأبيات المنشورة في ديواني الجديد:
لا يُلامُ الْبَدْرُ إنْ حَلَّ الظّلامُ
إنّما الْفَجْرُ إذا خافَ يُلامُ
فَنُجومُ الْحُبِّ في السِّجْنِ تُعاني
وَهِلالُ الْحُلْمِ أرْداهُ الْحُسامُ
مَعَكُمْ نَبْكي أَحِبّائي فَإنّا
تَوْأما الرّوحِ فِلِسْطينُ وَ شامُ
لَوْ بَكى يا قَلْبُ في الشّامِ غَزالٌ
لَأصابَتْ كَبِدَ الْقُدْسِ السِّهامُ
ازمة النشر بفلسطين كيف تقيمها ؟
إن حركة النشر في فلسطين غير مرضية بسبب غياب الدعم الكافي من قبل السلطة المحلية سواء في الضفة الغربية أو قطاع غزة. بالإضافة لعدم وجود دعم عربي أو عالمي لتشجيع النشر في فلسطين. الوضع السياسي والاقتصادي الصعب للفلسطينيين يزيد من صعوبة نشر كتب أدبية وشعرية. هناك بيت الشعر الفلسطيني في رام الله وقد كان ينشر للشعراء الفلسطينيين والعرب. لكنه منذ سنتين توقف عن النشر بسبب نقص في ميزانيته. تعتبر دار الشروق في رام الله ولها فروع في عمان وبيروت من أهم دور النشر التي تنشر كتبا أدبية في فلسطين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.