رئيس الحكومة يلقي كلمة تونس في افتتاح أشغال القمة الأولى الكورية الافريقية    عاجل/ ينشط في هذا القطاع: الاحتفاظ برجل أعمال من أجل شبهات فساد مالي وغسيل أموال    فيضانات جارفة تُغرق مدينة بوسعادة    إصدار سلسلة من ثلاثة طوابع بريدية حول النظم الغذائية المبتكرة    سليانة: تنفيذ 2234 عملية رقابة خلال شهر ماي    قتلى في تحطم طائرة تدريب عسكرية في تركيا..#خبر_عاجل    من مخلفات أحداث الدربي: خسائر قدرت بحوالي 100 ألف دينار    وزارة التربية تُقرّر إحتساب اللغة الانقليزية مع المواد المرجع    إصابة 3 ركاب في انزلاق سيارة أجنبي بزغوان    عاجل : اكتشاف سلالة شديدة العدوى من إنفلونزا الطيور    انطلاق أشغال الجلسة العامة للنظر في مقترح القانون عدد 30 لسنة 2023 بمجلس النواب    زعماء مجموعة السبع يؤيدون مقترح بايدن بوقف إطلاق النار وإطلاق سراح الأسرى في غزة    العاصمة: الاحتفاظ برجل أعمال من أجل شبهات غسيل أموال    مفزع/حوادث: 11 حالة وفاة خلال 24 ساعة..    الكشف عن تفاصيل الدورة 48 لمهرجان ُدڨة الدولي    الرئيس المدير العام لشركة اللحوم يفجرها ويكشف ما فعله "القشارة" بأضاحي العيد..    سفير إندونيسيا بتونس : ''بلادنا وسعت مجال تعاونها مع تونس في السنوات الأخيرة    اليوم..انطلاق الدورة الثالثة من الأيام التونسية للملكية الأدبية والفنية    ربع نهائي بطولة رولان غاروس : من هي منافسة أنس جابر ؟    بسبب مشاركة إسرائيلي.. عراقي ينسحب من نهائيات بطولة سباحة    لن يظهر للأطفال وغير الراغبين.. "إكس" تسمح رسمياً بالمحتوى الإباحي    عاجل : راصد الزلازل الهولندي يحذر من زلزال قوي في هذه الفترة    الإصلاح التربوي ..نحو تجديد التّاريخ المدرسي    المربي الفاضل لطفي البوهالي يروي...هكذا كانت رحلتي مع أنبل وأشرف مهنة !    هام/ المجمع المهني المشترك للتمور ينتدب..    تصفيات مونديال 2026 : المنتخب التونسي من اجل الفوز الثالث على التوالي والمحافظة على الصدارة    "كاف" يعلن مواعيد انطلاق النسخة الجديدة لمسابقتي رابطة الأبطال والكونفدرالية    في المعهد العالي للفنون والحرف بتطاوين ...7 آلاف كتاب هبة لمكتبة المعهد    ديوكوفيتش غير متأكد من استمراره في فرنسا المفتوحة بعد إصابته في ركبته    استراليا: اكتشاف سلالة شديدة العدوى من فيروس إنفلونزا الطيور    اكتشاف سلالة شديدة العدوى من إنفلونزا الطيور في أستراليا    عاجل/ اكتشاف سلالة شديدة العدوى من فيروس إنفلونزا الطيور في هذه الدولة..    منها مخزون المياه بالسدود: هذه محاور لقاء رئيس الجمهورية بوزير الفلاحة    رئيس الدولة يطالب بالقطع نهائيا مع النظام الحالي للتعامل بالشيكات..    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    الكيان الصهيوني يواصل مجازره.. استشهاد 6 في غزة و5 في الضفة الغربية    قيس سعيد يسدي تعليماته بتذليل كل العقبات أمام باعثي الشركات الأهلية    رسميا.. جوائز "الأفضل" في دوري أبطال أوروبا    صواريخ حزب الله تحرق "كريات شمونة"    الثّلاثاء: كيف ستكون حالة الطّقس و درجات الحرارة؟    رسميا: ريال مدريد يعلن تعاقده مع كيليان مبابي مجانا    الملتقى الوطني لفنون الصّورة والسّينما والفنون التّشكيلية بالمهدية .. عروض ثريّة للإبداعات والمواهب التلمذيّة    القصرين..اختبار الباكالوريا.. أكثر من 5 آلاف مترشّح و16 حالة تتمتع بإجراءات استثنائية    المغرب/ إحباط محاولة تهريب أكثر من 18 طنا من المخدرات    سوق الجملة ببئر القصعة: ارتفاع سعر البصل ب137 %    المشتبه به عربي الجنسية: إلقاء قنبلة على سفارة الاحتلال في رومانيا    بيت الحكمة يُصدر كتابا بعنوان "رحلة اليوسي" لمحمّد العيّاشي بن الحسن اليوسي عن تحقيق الباحث التونسي أحمد الباهي    المؤسسات الصناعية في تونس : تشغيل حوالي 534 ألف عامل    الشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه الدولية: تراجع النتيجة الصافية ب30 بالمائة في 2023    الاستعداد للحج .. "شوق" وعادات وفيه "منافع للناس"    "الهريسة التونسية" إصدار جديد للتعريف بهذا التراث الغذائي التونسي المسجل على لائحة اليونسكو    الفنانة إبتسام الرباعي ل«الشروق».. أتمنى تطهير الساحة الفنيّة من الدخلاء    عاجل - تونس : ارتفاع استهلاك السجائر لدى اليافعين والأطفال تزداد أكثر فأكثر    لأول مرة في الكويت: نجوم مصريون يحيون 'ليلة النكد'    وفاة المخرج الشاب محمد أمين الزيادي    متى تبدأ ليلة وقفة عرفة؟...وموعد صيام العشر الأوائل من ذي الحجة    من الواقع .. حكاية زوجة عذراء !    الشايبي يُشرف على افتتاح موسم الأنشطة الدّينية بمقام سيدي بالحسن الشّاذلي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كلام ضدّ النسيان
على مسامع من يقتل الإنسان
نشر في الشعب يوم 27 - 04 - 2013

بالكلام يخرج الانسان من «حريم البهيمة» ليكتسب «حدّ الانسانية» (الشهرستاني). ومن قتل شكري بالعيد يريد ان يغتال الكلمة ويعود بالانسان الى حظيرة الحيوان! إن هذه الفعلة تستهدف انسانية البشر التونسي في أبسط مقوماته وأعمقها وأبعادها أثرا في وجوده، واذا لم يكن للكلمة من وجود الا مشتركا فإن المستهدف بعملية الاغتيال هو الشعب الذي يُراد له الصمت او الحُبسة بما هي انغلاق في جحيم الفردية البغيضة والعزلة القاتلة عن الآخر، عن العالم وبما هي انحباس وعزلة في الجغرافيا والتاريخ والثقافة على السواء.
لكل هذا لم يكن شكري بلعيد هدفا عاديا للقتل أو هدفا فرديا معزولا، فهو الكائن المتكلم بامتياز، انه الموغل في الانسانية، يجتمع في كيانه الأنا والآخر والفردي والجماعي، الآني والتاريخي: الماضي والمستقبل، إنه الانسان الحامل لهم الجماهير فطريا وقوميا، لذلك اغتيل باعتباره رمزا، بل رمزا مكثفا.
أما الرصاص الذي استهدف الشهيد الرمز فهو ليس رصاصا طائشا! وكذّاب ابن كذّاب من يدّعي غير ذلك، هذا الرصاص وُلد فكرة أولا وفي عقل ما، ثم تحولت الفكرة الى رصاصة في يد مأجورة، ومن الفكرة الى الرصاص ثمة مسافة يجب الكشف عنها لنعرف صاحب الفكرة ومقامها ومنشأها، لنعرف اين ترعرعت وشبّت حتى تصبح شرا يسعى راجلا بيننا، وأبعد من كل ذلك غاية ان نعرف ثقافة صناعة الموت التي بدأت تنتشر في ربوعنا.
ونحن إذ نقول هذا، على وعي بأمرين اثنين: أولهما أن الموت شقيق الحياة في الوجود، لذلك نحتفي به ولنا فيه طقوس خاصة، نحن نُؤَنْسِنُ الموت ونتآلف معه على قدر طاقة الاحتمال فنبكي ونأكل... لكننا نرفض القتل. نحن لسنا عدميين، نحن عشاق الحياة، لذلك نحبّ ونتزوج وننجب ونبعث الى المدارس ونبني الصروح ومنها صرح الثقافة، ثقافة الفرح والعمل من المهد الى اللّحد ونأخذ ضالتنا من المعارف حيث نجدها، في فرنسا أو في اليابان أو في أمريكا اللاتينية... نحن ننحدر من ابن بطوطة وابن الهيثم وابن رشد وابن خلدون وزرياب وسيد درويش... نحن إخوة محمود درويش ونلسن مانديلا وهوغو شافيز وطاغور وجوركي... نحن حملة ثقافة.
أما الأمر الثاني فهو أن وزارات السيادة الحقيقية هي وزارات التربية والثقافة والتعليم العالي! مستقبل شعبنا ومنطقتنا برمّتها مرهون بما ستصنعه هذه المؤسسات بعقولنا وعقول أبنائنا خاصة.
وشكري، الشهيد الرمز، لم يقتل إلاّ لأن في رأسه عقلا أولا ولأنه عقل مختلف ثانيا، أما اغتياله فهو نذير باستبداد جديد تضيق معه الصدور والعقول عن ثقافة الاختلاف، انه التأسيس لمشروع مجتمعي أساسه الرأي الواحد، المتعالي عن نبض الانسان الذي يحرّكه الشوق الى الحياة، انه النقيض لمشروع آخر قوامه الحرية والكرامة وثقافة الاختلاف والجمال والتطور في اتجاه عالم اكثر انسانية ومن اجل آفاق أرحب.
وإلى أن يُماط اللثام عن القتلة سنمتح من حزننا وغضبنا ما تستقيم به الحياة وتتواصل وفاء بوعد للشهيد حبيب الحياة، وفاءً لنجينا الذي بوّأه الشعب، في القلوب والعقول، المنزلة العلية، وله ولبعضنا ومن وحي اسمه نقول في غير نظام للحروف.
يا باء البسمة في إباء هو وشاح الثوّار
يا راءً تتوزع مع الدال في النيروز والندى في الربيع
تبشر تونس الصحراء العربية
يا شين الشهامة شامة عربية
يا شين الشرّف، شرف الكلمة والموقف
يا كاف الكفر بأبي الكفار : الفقر في الجيوب وفي الأذهان
يا كاف الكرامة الثالوث العصيّ على بعض الأفهام:
أرض حرية كرامة وطنية
يا كاف الكريم يبذل دمه للشعب سخيا
يا كاف «الكاف العالي» آخر المدن المحتضنة لك قبل الرحيل
يا كاف يتردد في عمر أنفقته تكفكف دموع سجناء الرأي
وأهليهم دون استثناء
يا أخت الكاف في «كمال جنبلاط» تتردد في ايقاعات زياد المشاكس
يا كاف الكاهنة تذود عن الديار
يا ياء الايمان بمطلق الانسان
يا راء رعد في طفولته نبوءة ثورة
يا راء من «بن بريك» لا يوقّر الا الثوّار حفاظا على ثروة له وحيدة: الحرية
يا دال الدليل حين تختلط السبل وتضيع الوجهة...
يا دال الدواء ترياقا لسم الحقد يرشح به رصاص الجبناء
دال الدمعة السكيبة في عيون التونسية التي احتضنتك
أختا وزوجة وابنة ورفيقة ومعلمة...
يا دال الدمعة في عيون الرفاق! يطبقون على الجمر من أجل لحظة الاشراق الآتية
يا عين العين منها ينهل الرفاق والفقراء
يا عين العيد حين يتجدد في تونسك، في عيد المرأة وفي عيد الشغل وفي عيد الأضحى حين يأمن الجميع من جوعٍ ومن خوف!
يا عين العيد الذي أنت عيده
يا عينا في علّيسة تبني حضارة
يا عينا في جنبعل مُلِئَ الصدر منه حزما وعزما
يا عين العودة الى الساحات نملؤها شموعا وأغاني ومعاني
يا عين يا شقيقة الغين في موّال أغنية تونسية تُصادي
العراقية فتسمع «ريحة البلاد» و «حيّاك بابا حيّاك» لتستدعي اللبنانية فيتعالى الصوت بل يهمس: «ملاَّ إنت!»
أيها الضدّ الجميل،
مازالت الحناجر تهتف مرّة:
يا شكري يا بلعيد على دربك لن نحيد
ومرّة أخرى:
يا شكري يا عود النّد
يا أغلى من روحي عندي
نقسم أنّا سنظلّ على العهد


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.