دعا الاتحاد العام التونسي للشغل إلى ضرورة سن حزمة متكاملة من الإصلاحات على الصعيدين الاجتماعي والسياسي فضلا عن الإصلاحات الاقتصادية وذلك عبر اعتماد منهجية تشاركية تفتح المجال لمختلف الأطراف للمساهمة في عملية التنمية وتحقيق أهداف الثورة وهو الأمر الذي يتطلب وضوح الرؤية. وجاء في نص الوثيقة التي أصدرها قسم الدراسات التابع للاتحاد العام التونسي للشغل أن الأداء الحكومي الحالي لم يرتق بعد إلى مستوى الرهانات والتحديات التي أعقبت الثورة. ووصفت المذكرة الصادرة عن الاتحاد العام التونسي للشغل التراجع الاقتصادي التونسي بالمذهل معتبرة أن هناك حاجة ملحة للقيام بإصلاحات اقتصادية واجتماعية لتجاوز مزيد الانحدار. حوكمة وجباية وإنقاذ المؤسسات العمومية ودعا الاتحاد العام التونسي للشغل من خلال الوثيقة إلى جملة من الإصلاحات العاجلة لحماية الاقتصاد التونسي من الانهيار. ومن أهم الإصلاحات المقترحة إصلاح منظومة الحوكمة وذلك عبر تحسين مستويات الشفافية المالية والإدارية ومقاومة الفساد الإداري والمالي، ذلك أن تراجع التصنيف الائتماني لتونس وهبوط معدلات الشفافية لا تساعد على تحقيق الانتعاشة. ودعا الاتحاد إلى تعديل السياسة التشغيلية عبر لحرص على صياغة استراتيجية وطنية للتشغيل بطريقة تشاركية حسب ما اتفق عليه في العقد الاجتماعي. حيث تبرز عدم قدرة الاقتصاد التونسي على استيعاب الأعداد المتزايدة من اليد العاملة وخاصة أصحاب الشهائد العليا فشل السياسة التشغيلية وغياب التحرك في اتجاه تقييم جدواها أو تقييم أداء الوكالة الوطنية للتشغيل. وذكت الوثيقة استراتيجية التشغيل يجب أن تكون ذات أهداف كمية. وفي مجال الجباية اعتبر الاتحاد أن المنظومة الجبائية في حاجة ماسة إلى إعادة النظر بإقرار التعديلات والتنقيحات الضرورة في اتجاه تحقيق العدالة الجبائية وذلك بمراجعة النظام الجزافي ومكافحة التهرب الضريبي والتضليل الجبائي، إذ من غير المعقول أن يتحمل الأجراء الجزء الأكبر من الضرائب. وأكد الاتحاد العام التونسي للشغل على ضرورة إعادة هيكلة القطاع المالي ضمانا لمساهمته الفاعلة في تمويل الاقتصاد، وعلى ضرورة فتح ملف الديون الخارجية لبلادنا وإعلام الرأي العام بالقروض الجديدة وبشروطها مبرزا أن المشكل لا يكمن فقط في حجم المديونية بل في استعمالها الفعال لتحقيق الأهداف التنموية الواضحة. كما رأى الاتحاد ضرورة الحرص على ترشيد نفقات الدولة خاصة وانه لم يقع التخفيض في قيمة النفقات العمومية مقارنة بالسنوات الماضية وهو ما يطرح التساؤل حول مدى فاعلية وشفافية النفقات العمومية خاصة في ظل فساد النظام السابق. ودعا الاتحاد إلى اعتماد سياسة تقشف في كل المستويات وخاصة على مستوى أجور كبار المسؤولين. ودعا الاتحاد إلى ضرورة إنقاذ المؤسسات العمومية التي تعرف صعوبات اقتصادية وضرورة الإحاطة بكل المؤسسات العمومية حتى تحافظ على مواطن الشعل وتواصل أداء دورها في التمويل العمومي. واعتبر الاتحاد أن على الدولة أن تلعب دورها كفاعل اقتصادي أساسي سيما في الجهات الداخلية. ودعا عموم رجال الأعمال إلى تحمل مسؤوليتهم الوطنية في الاستثمار في الجهات الداخلية وبعث المشاريع التي تساهم في دفع التنمية وحل مشكل البطالة. وأكد الاتحاد العام التونسي للشغل على ضرورة صياغة منوال تنمية جديد واعتبر الاتحاد أن تحسين الوضع الاقتصادي يمر حتما عبر تدعيم البنية التحتية حتى تتماشى مع الخيارات الاقتصادية خاصة وان افتقار العديد من الجهات للبنية التحتية الضرورية يعسر عملية جلب الاستثمار ويعيق التنمية. الأمن، هيبة الدولة وجودة الحياة واعتبر الاتحاد العام التونسي لشغل أن هناك إصلاحات سياسية ضرورية لتنقية مناخ الأعمال وإخراج الرأس المال الوطني من حالة الانكماش. اعتبر الاتحاد أن مناخ العنف والتطرف والإقصاء عقد أوضاع عديد الفئات وطالب بتطبيق القانون بصرامة ضد الجريمة المنظمة والعنف السياسي وانتشار الأسلحة والمخدرات والإرهاب. وفي جانب دعم مصداقية النظام السياسي دعا الاتحاد العام التونسي للشغل إلى ضرورة الحوكمة الرشيدة وشفافية المعلومة والى استقلالية البنك المركزي والمعهد الوطني للإحصاء وعدم مغالطة الرأي العام. واعتبر الاتحاد العام التونسي للشغل أن التعامل السلبي مع ظواهر العنف والتطرف قد ساهم في ضرب هيبة الدولة مبينا أن اغتيال الشهيد شكري بلعيد دليل على ما وصلت إليه الأمور في بلادنا. معتبرا أن ما الأوضاع في الشعانبي دليل على تراجع هيبة الدولة واحترام القانون. وأكد الاتحاد على ضرورة القيام بإصلاحات جذرية للخدمات البلدية وتوفير التمويلات الضرورية لتحسين جودة الحياة خاصة مع ارتفاع حجم التلوث. واعتبر الاتحاد أن نسبة الفقر العالية التي بلغت 24.6 بالمائة من ابرز أسباب تدني جودة الحياة ودخول العديد من المواطنين في أوضاع نفسية سيئة. الاستثمار الخارجي والخطاب السياسي ودعا الاتحاد إلى ضرورة وضع برامج متكاملة وخطط لجلب المستثمرين الأجانب وتحسين صورة تونس بالخارج لدفع السياحة ولدفع تدفق رؤوس الأموال الأجنبية. وبين الاتحاد أن الخطابي السياسي يمثل احد العوامل المطمئنة للراي العام الداخلي والخارجي على أن لا يكون شعبويا أو محرضا أو بهدف التسويق الحزبي داعيا إلى تجنب الخطاب التحريضي والتجيش في الشارع. واعتبرت الوثيقة أن الدستور التونسي يجب أن يعكس أهداف الثورة وان يتضمن العدل والمساواة والديمقراطية وان يجذر الحقوق الاقتصادية والاجتماعية وفي مقدمتها الحق النقابي وحق الإضراب كما يحب على الدستور أن يعلي القانون ومؤسسات الدولة ويقصي الفساد والمحسوبية وان يضمن مدنية الدولة وديمقراطية تسييرها. الصناديق الاجتماعية وصندوق الدعم والحوار الاجتماعي ودعا الاتحاد إلى المراجعة الشاملة لأنظمة الضمان الاجتماعي بمختلف فروعها على ضوء دراسة تعد تحت إشراف الأطراف الاجتماعية الثلاث. كما دعا إلى ضرورة الحفاظ على التوازنات المالية لأنظمة الضمان الاجتماعي عبر تحسين مردودية التوظيفات والاستثمار. وفي مجال الدعم رأى الاتحاد ضرورة فتح ملف الدعم حتى يتم توجيهه إلى مستحقيه من الطبقات الفقيرة والطبقات الوسطى ضمن إستراتيجية وطنية لإنعاش الاقتصاد والتقليص من الفوارق. واعتبر الاتحاد أن الحوار الاجتماعي يبقى الأداة الأساسية لتنقية المناخ الاجتماعي والتحاور حول مشاكل العمال وتشريكهم في بلورة مستقبل مؤسساتهم. ولذلك فانه يدعو إلى مأسسة الحوار الاجتماعي ودسترته عبر تأسيس المجلس الوطني للحوار الاجتماعي. ودعا الاتحاد إلى ضرورة إعادة النظر في مختلف البرامج الاجتماعية والإسراع في إيجاد الحلول لعمال الحظائر. مقاربة قطاعية للإصلاحات الاقتصادية وطالب الاتحاد العام التونسي للشغل بضرورة توضيح المقاربة القطاعية للإصلاحات الاقتصادية في عديدي القطاعات الإستراتيجية والحيوية. ودعا إلى ضرورة إنقاذ المؤسسات المالية والبنكية وخاصة العمومية وإجراء تدقيق شامل لهذه البنوك. ودعا إلى مزيد الاهتمام بقطاع الفلاحة خاصة وان 75 بالمائة من الفقراء يعيشون في الوسط الريفي. وأكد الاتحاد على أن قطاع الفلاحة قطاع واعد. وبين أن الطاقات المتجددة تمثل حلا ومجالا حيويا. كما دعا إلى ضرورة صياغة إستراتيجية لتأهيل قطاع السياحة والرفع من قدراته التنافسية وتنويع المنتوج السياحي. واعتبر أن من اكبر الإشكاليات التي يواجهها الاقتصاد التونسي تتمثل في القدرة على التحكم في الأسعار لذلك فان الاتحاد يدعو إلى ضرورة مقاومة التهريب والرقابة على حدودنا والحملات التوعوية.