في اطار التعاون بين مؤسسة أحمد التليلي من أجل الثقافة الديمقراطية وقسم التكوين النقابي بالاتحاد العام التونسي للشغل انتظمت ندوة علمية بداية الاسبوع بدار الاتحاد ببطحاء محمد علي احياء للذكرى 46 لوفاة المناضل النقابي والوطني أحمد التليلي أشرف عليها الاخ محمد مسلمي الامين العام المساعد مسؤول قسم التكوين النقابي ونشطها مدير مؤسة التليلي الاستاذ رضا التليلي. أولى المداخلات العلمية في هذه الندوة افتتحها الاخ محمد السحيمي العضو السابق للمكتب التنفيذي للاتحاد وكانت مداخلة تأطيرية تحدثت عن الجذور الفكرية والايديولوجية التي نشأ من رحمها الاتحاد العام التونسي للشغل وذلك من خلال استعراض امتدادات الحركة النقابية الفرنسية والحركة العمالية عموما والسياقات الاجتماعية التي حفّت بها سواء من خلال تأثر محمد علي الحامي بالفكر الديمقراطي الاجتماعي في المانيا او تأثر باقي مكونات المبادرين بالنواتات النقابية الأولى بالفكر الشيوعي أو الاشتراكي المؤمن بأهمية اضطلاع النقابات بدور وطني الى جانب دورها المهني وهذا ما عاشه الاتحاد العام التونسي للشغل مع زعمائه التاريخيين الذين كانوا أبناء الحركة الاصلاحية التونسية تلك الحركة المتجذرة في واقعها وهويتها ولكنها ايضا تلك الحركة المتفتحة على محيطها المتحرك والمؤمنة بتقدم التاريخ الى الامام، وقد كان الزعيم أحمد التليلي جزءا من هذه النخبة الوطنية التي أرست دعائم الفكر النقابي السياسي بمواصفات محلية ولكن كونية في ذات الوقت تؤمن بالديمقراطية والحرية والعدالة الاجتماعية. مناضل وطني وزعيم نقابي وإثر هذا التأصيل النظري لمهام دور الاتحاد العام التونسي للشغل ضمن السياقات التاريخية التي حفّت بنشأته والتي ترد على من يريد تحجيم دوره في المطلبية الاجتماعية تولى الاستاذ فوزي معاوية تقديم مقاربة حول المسيرة النضالية لأحمد التليلي من خلال قراءة في الذاكرة الجماعية التي بوأت أحمد التليلي مكانة متميزة كزعيم وطني ونقابي وذلك من خلال ثلاث ثنائيات قدمها الاستاذ معاوية وهي: 1 ثنائية المحلي والوطني في سيرة أحمد التليلي. 2 ثنائية العمل السياسي والعمل النقابي. 3 ثنائية الممارسة والتنظير. وقد استعرض الباحث بداية وفي اطار الثنائية الاولى المسيرة العلمية لأحمد التليلي التي توزعت بين مدينة قفصة والمدرسة الصادقية ثم الجزائر نتيجة ملاحقة القوى الاستعمارية لهذا الرجل الذي انطلق من ايمان بالقضايا المحلية (الجهوية) وصولا الى دعم القضايا الاقليمية والعالمية من خلال دعم حركات التحرر في الجزائر والاستلهام والايمان بقضايا العدالة الاجتماعية في كل مكان، وهو الامر الذي كان له الاثر الواضح في المسيرة النقابية لأحمد التليلي التي تلبست بالمسيرة السياسية باعتبار ان الرجل كان عضوا في اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي الدستوري الى جانب الحالة في اتحاد الشغل فقد ساهم في الخطة الاستراتيجية لعزل نظام الحماية التي انتهجها التونسيون من خلال التنسيق بين مختلف المنظمات الوطنية استعدادا لعودة الزعيم الحبيب بورقيبة ثم كان لأحمد التليلي المواقف الشجاعة التي بقيت ثابتة في رفضه للتسلط في ادارة الشأن العام بعد الاستقلال وخاصة بعد مؤتمر الحزب الذي دار في بنزرت سنة 1967 الذي كان التليلي واضحا خلاله في المطالبة بالنهج الديمقراطي وكان منذ 1960 يطالب وبشكل أزعج بورقيبة جدا بالحرية والعدالة الاجتماعية في اتساق مع فكر الزعيم حشاد وفي استلهام من تجارب البلدان الاسكندنافية في تلازم البعدين العام والمهني في مطالب العمال. شجاعة سياسية المؤرخ والباحث مصطفى التليلي تعرض بالدرس الى الرسالة الشهيرة التي توجه بها أحمد التليلي الى الزعيم بورقيبة في نهاية الستينات وتمحورت حول فكرة مركزية هي فكرة الانقاذ الوطني وذلك من خلال محورين او نهجين هما أولا بناء ديمقراطية سليمة من خلال إقرار مبدأ الانتخابات كمدخل للتداول السلمي على السلطة ثم الفصل بين السلطات والتعددية السياسية، وثانيا ارساء العدالة الاجتماعية من خلال برامج للتنمية العادلة التي يكون راحة الفرد محورها. وقد كانت هذه الرسالة علامة شجاعة سياسية من أحمد التليلي في زمن لم يجرؤ خلاله أحد على معارضة الزعيم توجت مسارا من النقد والرفض للكثير من التجاوزات في تسيير البلاد في فترة ما بعد الاستقلال وقبل نهاية أشغال هذه الندوة التي اتفق الجميع على ضرورة نشر اعمالها في كتب حفظا لها واعادة تنظيمها مع توسيع دائرة المشاركين فيها بما يليق ومسيرة مناضل كبير كالزعيم النقابي والوطني أحمد التليلي قدّم الاستاذ محمد أمين الشعباني مداخلة استعرض فيها جزءا من الكتابات غير المعروفة للزعيم أحمد التليلي. هذا وقد كانت هذه الندوة انطلقت بزيارة لمقبرة الزلاج شارك خلالها الأخوة النقابيون في زيارة ضريح الزعيم التليلي ثم دشنوا معرض صور بأروقة دار الاتحاد يستعرض أهم مراحل سيرة المناضل أحمد التليلي من خلال الصحف والمجلات والصور الثابتة.