فاجأ اعلان النائب عن حركة الديمقراطيين الاشتراكيين أحمد الخصخوصي يوم الاثنين 15 جويلية عن استقالته من عضوية المجلس الوطني التأسيسي الرأي العام الوطني والسياسي والمدني، وضاعف من حالة التشكيك التي رافقت مناقشات مشاريع الدساتير المقدمة لنواب المجلس. وفتحت الباب لإمكانية إعلان استقالات جديدة قد تكون هذه المرّة في صيغة الجمع لا المفرد. لمزيد فهم ملابسات القرار اتصلنا بالنائب المستقيل أحمد الخصخوصي لاستفساره... السيد أحمد الخصخوصي البعض اعتبر قراركم بالاستقالة من المجلس ناتج عن ردّة فعل غاضبة استدعاه الظرف؟ قرار الاستقالة من المجلس الوطني التأسيسي لم يكن نزوة من النزوات أو طفرة من الطفرات الظرفية، بل هو قرار اتخذ عن رؤية وتدبير وقد أنضج على نار هادئة داخل هياكل الحركة التنظيمية وأطرها السياسية، وعندما تأكدنا بعد الاتصالات والمشاورات ان الرأي العام داخل الحركة بوصفها حركة وطنيّة أولا وأساسا، قرّرنا الاستجابة لارادة المناضلين والاطارات. هل يعني ذلك أنّ القرار قديم؟ بالفعل القرار قديم وجاهز منذ أشهر لكن التوقيت تحكم فيه عنصران أساسيان، أولا كون يوم 15 جويلية هو آخر يوم لإبداء الرأي في مشروع الدستور الذي جاء في نسخته الرابعة، ثانيا في ذلك التاريخ اتضح هول التحريف الجاري على المشروع والمناقض لأعمال اللجان التأسيسيّة، وأشهد أمام المولى سبحانه وتعالى وأمام الرأي العام وأمام ضميري بصفتي مربيا أولا وأخيرًا يجمع بين التشخيص الموضوعي والقرار العلمي المتجسّم في موقف. ولأنّ المربّي هو أوّلا وقبل كلّ شيء قدوة لطلبة العلم ومريدي الأخلاق العامة والأخلاق الساسية في هذا الصدد أشهد أنّ لجنة القضاء العدلي والحالي والاداري والدستوري قد حرّفت سبعة فصول من فصولها من قبل لجنة التنسيق والصياغة التي لا صفة لها ولا أهليّة ولا شرعيّة في ما فعلت، وقد جاء هذا التحريف في اتجاه يفقد القضاء استقلاله ومناعته ودوره في ارجاع الحقوق المادية والمعنوية إلى أصحابها ويمكن أن تفتّش على ذلك في باقي الأبواب واللجان. وهل يتوقّف الأمر عند هذه الحدود أم أنّ حجم التلاعب والتحريف أكبر؟ ماهو أنكى وأخطر هو ما ورد في الأحكام الانتقالية التي تقدّم بها فرد مفرد لحساب جهة حزبيّة (هي الحزب المحكوم به) والأمل هو أن يكون هذا الباب من إعداد لجنة بكاملها تضمّ 22 عضوا. والخطير في كلّ ذلك أنّ هذه الأحكام تعطّل أحكام الدستور وتُبْطِلُها لمدّة سنين مثل هو الشأن بالنسبة للمحكمة الدستورية التي لن ترى النور والعمل قبل 3 سنوات، هذا اضافة الى الفخاخ المنضوية في نصّ الأحكام التي تنذر بفتنة وفرقة قد لا تنتهي. هل تعوّلون على أن يجد هذا الموقف منكم تفاعلا من بقيّة نواب التأسيسي؟ هذا الموقف اتخذناه بقدر معرفتنا واجتهادنا، وهو الآن خارج عن نطاقنا، بل هو مطروح على الساحة الوطنيّة، معروض بصفة واقعيّة على المجموعة الوطنية وعلى المجتمع السياسي والمدني لتقويمه تقويما ان سلبا وإن إيجابًا ونحن راضون بتقويم الرأي العام والشعب. وهو موقف معروف كذلك بصفة طبيعيّة ليتمّ التفاعل معه إن سلبا وإن ايجابا فإن وجدوا فيه ما يصلح فهو ملك مشاع للجميع وان رأوا انّه سلبي فنحن نحترم حكمهم وقرارهم، كما أنّه داخل في اطار الأخلاق الساسيّة لِمَا يتطلبه من حياء، والحياء هو جمع متآلفٌ متوازن بين الخجل اللازم والتواضع الواجب، اضافة إلى رفضنا للوصاية والتوجيه والتأثير، ولاسيما أنّ حركة الديمقراطيين الاشتراكيين عانت تاريخيا من ويلات الوصاية والتنصيب ولذلك لا ننصب أنفسنا أوصياء لا على الشعب ولا على الرأي العام ولا على المجتمع السياسي والمدني. في هذا الصدد قرّرنا القرار الحاسم وهو إرجاع الوكالة إلى الشعب التونسي، وإرجاع الأمانة إلى أهلها، ومن هو أكثر أهليّة وشرعيّة من الشعب وهو صاحب السّيادة ومصدر السلطات.