تقدّم أعضاء الهيئة الإدارية الوطنية للاتحاد في اجتماعهم الاستثنائي المنعقد يوم 29 جويلية 2013 بأحد النزل بالعاصمة برئاسة الأمين العام الاخ حسين العباسي، تقدّموا بمبادرة وطنية للخروج من الأزمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تعيشها بلادنا وخاصة في الفترة الاخيرة اثر اغتيال الشهيد الحاج محمد البراهمي و9 من جنود جيشنا البواسل في الشعانبي بطريقة بشعة. وقد تقرّر إبقاء الهيئة الإدارية مفتوحة لمتابعة الأوضاع واتخاذ القرارات المناسبة نأيا بالبلاد عن السقوط في دوامة العنف التي يسعى البعض إلى إرسائها، و من الممكن أن تتطوّر مبادرة الاتحاد وفقا لمدى تفاعل المعنيين بالأمر وباتجاه تطور الأحداث والحراك الشعبي ومدى تواصل منسوب العنف والارهاب... حكومة جديدة ومهام عاجلة المبادرة تتلخّص في الدعوة إلى حلّ الحكومة الحالية والتوافق على شخصية وطنية مستقلّة تكلّف بتشكيل حكومة كفاءات في غضون أسبوع على أن تكون محايدة ومحدودة العدد وتتكوّن من شخصيات مستقلّة يلتزم أعضاؤها بعدم الترشّح إلى الانتخابات القادمة وتضطلع بمهام تصريف الأعمال وإشاعة مناخ من الأمن والثقة والاطمئنان لدى المواطنين بما يمكّن من إجراء انتخابات شفّافة حرّة وفي ظروف عادية وملائمة. كما دعت الهيئة الادارية الى حلّ ما يسمى «روابط حماية الثورة» ومتابعة من اقترف منهم جرما أو اعتداء وإلى إيجاد آليات لتحييد الإدارة والمؤسسات التربوية والجامعية والفضاءات الثقافية ودور العبادة والنأي بها عن كل توظيف وعن السجالات السياسية والتجاذبات الحزبية وسنّ قوانين رادعة تحقق هذه الغايات. أعضاء الهيئة الإدارية شددوا على ضرورة تشكيل هيئة عليا مهمّتها مراجعة كلّ التعيينات في أجهزة الدولة والإدارة محلّيا وجهويا ومركزيا وعلى المستوى الديبلوماسي وأيضا تشكيل هيئة وطنية للتحقيق في الاغتيالات وفي جرائم الإرهاب والعنف وكشف الحقيقة في اغتيال القادة السياسيين وجنودنا ورجال أمننا البواسل وذلك برفع العراقيل أمام البحث في هذه الجرائم السياسية والإرهابية وسنّ قانون مكافحة الإرهاب وتشريك النقابات الأمنية في إصلاح المنظومة الأمنية. لجنة خبراء... أما بخصوص صياغة الدستور المهمة الأصلية التي انتخب من أجلها المجلس التأسيسي، اقترحت الهيئة الادارية الوطنية إحداث لجنة خبراء ستنظر في مراجعة ما تمّ التوصّل إليه في آخر نسخة من الدستور وتخليصه من كلّ الثغرات والشوائب التي تنال من مدنية الدولة ونظامها الجمهوري ومن أسس الخيار الديمقراطية وتضمين مشروع الدستور جملة التوافقات الحاصلة بين مختلف الأطراف. كما ستتكفّل لجنة الخبراء بإعداد مشروع قانون انتخابي على أن تنهي أعمالها في ظرف خمسة عشر يوما من تاريخ تشكيلها. وعلى قاعدة هذه الأرضية، يتم إصدار قانون تأسيسي يتمّ بمقتضاه التنصيص أن يتولى المجلس الوطني التأسيسي المصادقة على مشروع الدستور الذي أعدّته لجنة الخبراء والمصادقة على القانون الانتخابي وتركيز الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، على أن لا تتجاوز هذه المدة خمسة عشر يوما من تاريخ إحالة مشروع الدستور والقانون الانتخابي من قِبَلِ لجنة الخبراء إلى المجلس الوطني التأسيسي للمصادقة عليها. مبادرة الاتحاد أكدت انه وفي صورة عدم مصادقة المجلس على مشروع الدستور ومشروع القانون الانتخابي خلال أجل خمسة عشر يوما من تاريخ إحالتها عليه من قِبَلِ لجنة الخبراء المحدثة للغرض، تنتهي مدّة عمل المجلس الوطني التأسيسي. وضع متأزّم و رديء ولقد جاءت تدخلات الإخوة أعضاء الهيئة الادارية ونقاشاتهم ساخنة ومسّت جميع جوانب الحياة السياسية بالبلاد إلى جانب الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، ولئن كان النقاش أحيانا ساخنا وترواحت المواقف بين موافق لحل الحكومة وبعث لجنة الخبراء وبين رافض لذلك ومناد بالإبقاء على المجلس التأسيسي، فقد توافق الجميع على تحليل الوضع العام خاصة خلال المدة الاخيرة بعد اغتيال الزعيم الشهيد الحاج محمد البراهمي وجنودنا البواسل. فالبلاد تعيش حالة احتقان كبيرة بلغت حدّ الاغتيالات السياسية والتي تمثّل تهديدا مباشرا للسّلم والأمن والاقتصاد والتنمية، في الوقت الذي لاحظ فيه اغلب مكونات الطبقة السياسية الفشل الذريع في معالجة الملف الأمني واستشراء الجريمة المنظمة والعنف الميلشيوي والإرهاب والاغتيالات السياسية التي تطال المناضلين السياسيين والجنود البواسل والأمنيين الذي يسهرون على حماية تراب تونس وسيادتها وآخرها استشهاد ثمانية من عناصر جيشنا الوطني في جبل الشعانبي اليوم 29 جويلية 2013. كما أن الثقة في المجلس الوطني التأسيسي اهتزّت كثيرا نتيجة التباطؤ في إنجاز الدستور والتلكّؤ في تشكيل الهيئات الضامنة للانتقال الديمقراطي وغلبة التجاذبات على أشغاله وخرق الالتزامات السابقة المحدّدة لعهدة المجلس بسنة واحدة والالتجاء المبالغ فيه إلى منطق الاحتكام إلى الأغلبية والمحاصصة الحزبية في تسيير أعمال المجلس الوطني التأسيسي وتوجيه قراراته، بدل التوافق، وانحرافه عن المهام التي انتخب من أجلها. أعضاء الهيئة الادارية سجلوا أيضا السعي المحموم إلى فرض تغلغل الحزب الحاكم في أجهزة الدولة ومؤسّساتها الجمهورية والمدنية والعمل على توظيفها حزبيا الأمر الذي مسّ من طابعها الجمهوري وشلّّ وظائفها وعمل على الاستفراد بالعملية الانتخابية تمهيدا للاستبداد علاوة على ظهور تنظيمات وجماعات إرهابية تعتدي على الحريات العامة والخاصة وتسعى إلى إلغاء دور الدولة والمؤسسات الجمهورية بصفة لم يعد معها العنف ظاهرة معزولة بل أصبح أداة من أدوات الهيمنة السياسية والاجتماعية عبر تهريب الأسلحة وتيسير نقلها وتكديسها وعبر توفير الغطاء السياسي لممارسته وتبريره أو إفشال كل مبادرات إدانته، حتى أصبحت السلم المدنية مهدّدة بفعل تواتر حالات الإفلات من العقاب وتراجع سيادة القانون وتوظيف القضاء والمساس من استقلاليته إلى جانب استهداف الأطر المرجعية والقواسم المدنية المشتركة والسكوت المريب تجاه ظاهرة الخطاب التحريضي والتكفيري الذي يمارسه بعض القياديين السياسيين والأئمّة وتجاه توظيف المساجد لأغراض حزبية وسياسية وغياب التصدّي الجدي لهذه المظاهر. وقد عجزت أجهزة الدولة عن صيانة مناعة الاقتصاد الوطني والوقوف سدّا منيعا أمام إمكانية انهياره والتقصير في وضع حدّ للتّدحرج المستمر لقيمة الدينار أمام العملات الأجنبية وتردّي مناخ الأعمال والتراجع الكبير لمستوى الاستهلاك والتصدير باعتبارهما محرّكين للاقتصاد الوطني واستشراء الفساد وتنامي التهريب والاحتكار والتجارة الموازية ممّا عمّق أزمة الاقتصاد وزاد من معاناة جماهير الشعب جرّاء الغلاء مما ولّد شعور الإحباط لدى المواطنين وفئات واسعة من المجتمع وخاصة منهم الفئات المتوسطة والفقيرة التي أصبحت عاجزة عن ضمان ضروريات العيش في ظل غلاء الأسعار واستفحال ظاهرة البطالة والمحسوبية الحزبية في الانتدابات.. إلى ذلك، سجّل اعضاء الهيئة الإدارية كيف تعاطت الحكومة المؤقتة مع الحركات الاحتجاجية السلمية (أحداث الرش بسليانة، الحوض المنجمي، أحداث 9 أفريل 2012، احتجاجات المعطلين عن العمل..) وغياب الحلول والبرامج مع تغييب منطق الحوار والإقناع في الوقت الذي تصمت فيه الحكومة عن التحريض على التطاحن العقائدي والمذهبي والديني، الناسف لمسار الثورة والمدمّر لأهدافها، مما أفضى إلى أحداث قصر العبدلية وإلى حادثة الهجوم على السفارة الأمريكية والاعتداء الممنهج على الإعلاميين ومنع كثير من التظاهرات الثقافية والتشويش عليها، واستهداف مقرات الاتحاد والأحزاب وتعطيل اجتماعاتهم الأمر الذي أدّى بالثورة السلمية التي أنجزها التونسيون والتونسيات إلى الانزلاق نحو دوّامة العنف بلغت أوجها باغتيال الشهداء لطفي نقض وشكري بلعيد والحاج محمد براهمي. أصحاب السلطة عملوا أيضا على تعطيل الأجهزة الأمنية والعمل على اختراقها وخلق أمن مواز وتغييب القوانين الضامنة والحامية للأمنيين وغياب الإرادة السياسية التي تمكّنها من أداء وظائفها وواجبها الوطني كما عطّلوا الحوار الوطني وانقلبوا على التوافقات الوطنية حول الدستور وتغليب النظرة الحزبية الضيقة على منطق الحوار والتوافق. مساندة مبدئية للاحتجاجات أعضاء الهيئة الإدارية الوطنية عبّروا عن مساندتهم المبدئية للحراك الشعبي السلمي في كل الجهات وبحق نوّاب المجلس التأسيسي في الاحتجاج والاعتصام للمطالبة بالإسراع بإنهاء القترة الانتقالية وحلّ الحكومة المؤقتة، وشدّدوا على بقاء هذا الحراك سلميا وعلى وقف القمع المسلّط على المحتجّين والذي ذهب ضحيّته الشهيد محمّد المفتي يوم الجمعة 26 جويلية 2013 بقفصة وسقط بسببه جرحى كثيرون في عديد المناطق وخاصّة في ساحة باردو مندّدين بما تعرّض له عدد من النوّاب من تنكيل وإهانات واعتداءات. كما توجهوا إلى قوات الأمن ونقاباتهم بالتحية على حرصهم على حماية المواطنين ودعوهم إلى حماية المعتصمين وضمان حقهم في الاحتجاج وفتح تحقيق مستقلّ في كلّ هذه التجاوزات والكشف عن ملابساتها والمتسبّبين فيها ومحاسبتهم. برقية تعزية إلى الجيوش الثلاثة وإلى عائلات الجنود الشهداء وأمام المجزرة الشنيعة وكلّ ما سبقها من استهداف لقوّات الجيش والأمن الوطني بجبل الشعانبي، توجّه أعضاء الهيئة الإدارية إلى قيادة أركان الجيوش الثلاثة وإلى عائلات الضحايا من جنودنا البواسل والشعب التونسي بأحرّ التعازي وأصدق مشاعر التضامن والمُواساة واعربوا عن إجلالهم لتضحيات الشهداء الذين قدّموا أرواحهم فداءً للوطن، وأنْ يُعبّروا عن بالغ انشغالهم من تدهور الوضع الأمني بالبلاد والتهاون في التصدّي للتنظيمات والجماعات الإرهابية وأنشطتها المتفاقمة. الأخ حسين العباسي:التزام بتجنيب بلادنا من حمّام دمّ بعد الوقوف دقيقة صمت ترحّما على الشهيد الحاج محمد البراهمي وشهدائنا من جنود جيشنا البواسل، أكّد الأخ حسين العباسي عند انطلاق الاشغال أن الهيئة الإدارية ستتخذ كل الاجراءات الصالحة والضرورية لتأمين أكثر ما يمكن من استقرار والتقليص أكثر ما يمكن من فرقة وفتنة لتجنيب حمّام الدم الذي من الممكن أن يحدث في بلادنا انطلاقا من موقع الاتحاد العام التونسي للشغل الريادي والوطني مشيرا إلى أن منفذي جريمة اغتيال الشهيد الحاج البراهمي ومن اغتال شهدائنا من جنود جيشنا بطريقة بشعة يبعثون برسالة تحدّي الى الشعب التونسي، مؤكدا أن الاتحاد لن يرضخ لأي أمر ضد شعبنا الكريم وسيبقى صامدا ومناضلا حتى ينتهي الإرهاب واجتثاث جذوره من تونس. وذكّر الأمين العام بأنه بعد يوم 6 فيفري، يوم اغتيال الشهيد شكري بلعيد، تمّ استنساخ نفس برنامج حكومة الجبالي ونفس توجهاتها، لتتواصل الصعوبات وتتنامى ممارسة العنف باسم «حماية الثورة»، وبيّن أنّه ليس من المعقول أن تأتي «جماعة» وتنصّب نفسها حامية للثورة تحت صمت عديد الجهات. الأخ العباسي أكد أن بلادنا مقدمة على لحظات رهيبة وأيام عصيبة ولذلك تم إطلاق مبادرة الاتحاد لتجميع شتات الفرقاء لكن للأسف رغم الجهود المبذولة وما قام به الاتحاد به من اتصالات لتقريب وجهات النظر إلا أن الصعوبات والعراقيل كانت أكثر معربا عن تمنياته أن تلقى المبادرة الحالية للمنظمة الشغيلة كل الأذان الصاغية وإرادة سياسية خاصة من قِبَلِ من يمسك بالسلطة حتى تتجنب بلادنا المخاطر والإرهاب ويعود استقرارها، كما استغلّ الأخ الأمين العام المناسبة ليذكّر بمساندة المنظمة للتحركات الاحتجاجية في الجهات ولاعتصام باردو مشدّدا على ضرورة حماية كل المحتجّين مهما كانت مواقفهم معربا عن تأسّفه لاعتداء الأمن على المحتجين المعتصمين ونواب المجلس التأسيسي ورفضه للتعامل الأمني المبالغ فيه.