سأحاول كسر القاعدة و»العادة» الدارجة هذه الأيام، حيث يكاد يصبح الشأن المصري أكثر أهمية ممّا يقع بتونس وطننا، بل أصبح الشأن المصري أهم من المستثمرين الذين يفرون من البلاد تاركين وراءهم مئات العائلات مهددة بالخصاصة، أهم من استعداد عشرات النزل للاغلاق على خلفية السقوط المدوي للنشاط السياحي وبالتالي الاف العمال المهددين بالجوع والبطالة ..وأهم من قرى ومعتمديات بقفصة عاشت العطش لأيام انقطع فيها الماء الصالح للشراب ..بل يأخذ أولوية على ما يقع من تهديد ارهابي يطال تراب الوطن. اذا، سأحاول كسر القاعدة، رغم تعاطفي المبدئي واللامشروط مع خيار الشعب المصري، ضد الارهاب الذي يهدد مصر أم الدنيا، مصر الحضارة والنهضة العربية، وسأهتم بالمغرب الأقصى. نعم المغرب الأقصى، رغم قلة الأخبار والغبار والجعجعة الاتية من المملكة، سأهتم بالمستثمرين التونسيين الذين يهاجرون لبلاد جبال الأطلس وهم كثيرون –فهل تعلمون؟ وللمستثمرين وليس فقط السياح الذين حولوا وجهتهم من تونس للمغرب – وأنتم تعلمون -. إضافة الى التسهيلات الحقيقية للمستثمرين ليحطوا بالمغرب، والاستقرار العام الذي تشهده البلاد، فان المستثمر وما إن تطأ قدماه أرضا مغربية، حتى يستقبل استقبال الملوك، تشجيعا له، واحتراما لانسانيته وحاجته لخدمات ومرافق يطيب بتوفرها العيش، حتى يكون هذا الانسان الذي يبحث عن الراحة وعن مرافق الحياة في أرض يبغي الاستثمار فيها وتحقيق الربح – أكيد هي الغاية الأولى- وجد قبل الانطلاق في الشغل الأدنى الذي يحفظ انسانيته واهتماماته خارج أطر مكتبه أو مصنعه الذي يبغي انشاءه. راحة نفسية واحساس بالأمن، يستقبل بها المستثمر قبل الانطلاق في الشغل، بل وقبل الحديث عن المناطق الصناعية والطرق والتجهيزات ، يعرف المغاربة المستثمر بالمدارس التي يمكن أن يتعلم فيها أبناؤه الناطقين بالايطالية أو الفرنسية أو الأنقليزية والمناطق التي يمكن أن يلقى فيها الراحة هو وعائلته ان قرر الاستقرار بالمغرب.. لسائل أن يسأل لماذا هذا الاهتمام؟ ولمَ ذكر هذه التفاصيل؟ هي الحرقة على ما يحصل بتونس، وهو «الذهول» أمام اداء أحسن حكومة شهدتها تونس على مدى تاريخها، وعمّا حصل فيها و«هم» في السلطة، فكيف سيكون رد فعل مستثمر يدرس أبناؤه بالمدرسة الأمريكية التي حرقت مع سفارة أمركا –وحرقها أخطر من حرق السفارة نفسها-، وان تحمس ذلك المستثمر لتونس رغم وضعها الصعب؟ وكيف سيكون رد فعل هؤلاء القوم وجمعيات مرخص لها تصدر بيانات تنعت أفراد جيشنا والبوليس بالطاغوت؟، وكيف سيكون وضعهم النفسي مع تواصل الضباب السياسي والتعنت وعدم الاستجابة لمطالب جزء واسع من الشعب يريد الديمقراطية والاستقرار والقضاء على الارهاب؟ على أية حال، لا يجب أن لا تنسوا أبدا يا «هم» أن «Le رأسالمال est جبان»، وأن المستثمرين والمانحين ومن يفكرون في منحنا قروضا أو هبات ينظرون الى مصر ولكنهم ينظرون الى المغرب الأقصى بعيون مفتوحة ..وقلوب مطمئنة، وقد ينسون تونسنا، هذا الوطن الصغير الذي لا يملك غير عقول وعرق مواطنيه نساء ورجال بالقلم والساعد ..وحينها سيطالبكم الفقراء والمعطلون -القدامى منهم والجدد- بوعدكم بأن تشغلوا 400 ألف تونسي ..ان ربحتم الانتخابات.. ليس عيبا ولا عتابا، فحرروا البيانات تلو البيانات مساندة ل»مخلوع» مصر الجديد وتعاطفوا مع المرشد الذي تم القبض عليه على خلفية تهم مثبتة.. ولكن خصصوا ساعة من وقتكم لشعبكم، لتونس التي كادوا أن يستنزفوها بالكامل.. وخذوا من تجارب الأشقاء ما ينفع تونس وشعبها في محنته.. فقوت الناس، فيتو سيرفع في وجوهكم كما ادائكم و قصر نظركم.. وحينها لن ينفع الندم.