اضراب ثان ناجح بنسبة عامة فاقت كل التقديرات وعكست حقيقة ما يتحلى به اعوان الصحة العمومية من روح نضالية ووعي بمشرعية المطالب التي عنونت لهذا الاضراب الذي ظل معلقا من جانب سلطة القرار النقابية بالقطاع منذ اخر هيئة ادارية قطاعية قبل المؤتمر الوطني للاتحاد العام التونسي للشغل المنعقد بالمنستير في ديسمبر .2006 آنذاك وبعد اضراب القطاع في شهر ماي من سنة 2006 رأت الهيئة الادارية القطاعية ان لا تتسرع في اتخاذ قرار الاضراب مرة ثانية مبدية رغبة أولى في المساهمة في انجاح اشغال مؤتمر الاتحاد ومبدية رغبة ثانية في افساح المزيد من المجال لوزارة الاشراف علها تبدي حراكا ايجابيا تجاه مطالب القطاع المشروعة المتمثلة في مراجعة الفصل الثاني من قانون الوظيفة العمومية الذي تخالف أحكامه خصوصيات العاملين بالصحة وأحقية الاعوان في مجانية العلاج وتأهيل القطاع بما يحافظ على مكتسباتهم... كان هذا أمل الاعوان لكن وزارة الاشراف وعلى امتداد هذه المدة الطويلة وبرغم ما أبداه نقابيو القطاع من مرونة ومتابعة متأنية للوضع لم تشأ ان تحرك ساكنا وظلت المطالب هي نفسها والامس كما الامس فماذا امام الاعوان غير الاحتكام الى قوانين المنظمة الشغيلة والاحتماء بأبغض الحلال لديها فجاء اضراب يوم 30 ماي المنصرم في كافة الجهات محققا نسبة نجاح عامة فاقت كل التقديرات وجسمتها التجمعات التي شهدتها دور الاتحاد العام بمختلف الجهات وأهمها التجمع الذي احتضنته ساحة محمد علي بالعاصمة حيث اكتظت الساحة بمئات المضربين من مختلف مستشفيات ومستوصفات تونس الكبرى وحتى القطاع الخاص وفي بعض مصحاته انضم اعوانه الى الاضراب على غرار اعوان مصحة الفرابي حاملين للافتات تبرز مطالب القطاع ورافعين لشعارات مست حتى العمق الاجتماعي لهموم كل الشغالين من خلال التأكيد على الارتفاع المهول للاسعار وتواصل تدني المقدرة الشرائية للعمال كما عبرت بعض اللافتات على ألا تفريط في مكتسبات القطاع وان لا بديل عن تأهيله بما يكفل منظومة صحية وطنية تتكافأ فيها أحقية العلاج للجميع. حيف تاريخي لابد ان يرفع في هذا التجمع الهائل تكلم الاخ محمد سعد الامين العام المساعد للاتحاد العام عن تواصل صمت سلطة الاشراف وعدم استجابتها للمطالب المهنية للقطاع والتي قال انه يرى فيها حيفا تاريخيا لابد ان يرفع عن القطاع مشيرا في ذلك الى احكام الفصل 2 من قانون الوظيفة العمومية الذي لا تتلاءم احكامه وخصوصيات القطاع. وأكد الاخ محمد سعد مساندة ودعم المكتب التنفيذي الوطني لنضالات قطاع اعوان الصحة حتى تحقيق مطالبهم مجددا النداء الى وزارة الاشراف للعودة الى المفاوضات والتفهم للمطالب المرفوعة والعمل على الاستجابة اليها. ممارسات لا مسؤولة دفعتنا للاضراب وكان الاخ قاسم عفية الكاتب العام للجامعة العامة لأعوان الصحة العمومية قد ذكر في تدخله امام المضربين بمطالب القطاع وبجميع المراحل النضالية والتفاوضية التي قطعها القطاع دون ان يجد من سلطة الاشراف آذانا صاغية أو أيادي ممدودة للتفاوض وبين الكاتب العام ان هذا الاضراب الذي يتم في كنف المسؤولية والتحلي بالروح النضالية الصادقة دفعت اليه ممارسات الوزارة اللامسؤولة تجاه مطالبنا التي نحن جديريون بتحقيقها وباكتسابها وبسط امام المضربين مفهوم تأهيل القطاع في ربط تام مع قانون التأمين على المرض مؤكدا على ضرورة المحافظة على المكتسبات وعدم التفريط فيها وشدد على التمسك بخصوصيات القطاع وأثنى على مدى وعي نضج العاملين بالقطاع مشيرا الى تجاوز مشاكلهم الخاصة والنفاذ الى هموم كل الشغالين عندما يطالبون في تجمع عام بإيلاء مسألة ارتفاع الاسعار وتدهور القدرة الشرائية شأنا في لافتاتهم وشعاراتهم. وحيّا في الختام المضربين معبرا عبر اعتزاز النقابيين بنجاحات نضالاتهم رغم كل محاولات التقزيم والتهرئة.