تزامنا مع احياء دول وشعوب المعمورة لليوم العالمي لمناهضة العنف ضدّ النساء نظمت الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات بالتعاون مع منظمة»فريدريك ايبرت» ندوة فكرة مغاربية تحت شعار «مسيرة المغاربيات نحو المساواة» وقد حضرت عديد الشخصيات والوجوه الديمقراطية والحقوقية والنقابية هذه الندوة التي امتدت على مدار يومي 24 25 نوفمبر ومن هذه الشخصيات نذكر: عبد المجيد الصحراوي ومصطفى بن جعفر وميّ الجريبي ومختار الطريفي وسعاد الغربي... كما لوحظ ايضا وجود عدد مهم من الصحافيين ممثلين لوسائل إعلام لم تتعود مواكبة انشطة الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات الى جانب عدد وافر من الضيفات المغاربيات اللاتي مثلن جمعيات تنشط في مجال حقوق النساء والمساواة. وقد توزعت أعمال هذه الندوة الى ست ورشات عمل وستة محاور، وقد افتتحتها الاستاذة خديجة شريف رئيسة الجمعية التونسيات للنساء الديمقراطيات مؤكدة ان هذه الندوة هي بمثابة لقاء تأسيسي للعمل المغاربي المشترك في مجال النضال في سبيل المساواة بين الجنسين خصوصا ان معوقات تحقق هذه المساواة هي نفسها داخل الاقطار المغاربية ولعل من اهمها عدم انصات صنّاع الواجهات التنموية في بلداننا لاراء النساء وإقامة منجزات التحديث بعيدا عن صوت المرأة التي نأمل أن تبلغ من خلال توحيد نضالاتها درجة المساهمة المجتمعية الفعلية في مسيرة البناء وتحقيق المواطنة الفعلية، كما اهابت الاستاذة الشريف بهذا التحول النسبي في التعامل مع انشطة جمعية النساء الديمقراطيات والسماح لها باقامة ندوتها في فضاء عمومي، وقبل ان يبارك ممثل منظمة فريدريك ايبرت هذا التعامل مع جمعية النساء الديمقراطيات ويتمنى لاعمال ندوتها النجاح قدمت الاستاذة سعيدة قرّاج الكاتبة العامة لجمعية النساء الديمقراطيات كلمة الجمعية في هذه الندوة التي اندرجت في اطار السعي لمراكمة التجارب في المنطقة المغاربية من اجل بناء مجتمع يكرّس المواطنة بشكل فعلي في ظل تنامي العولمة وهجمتها على حقوق المجموعات والشعوب وخاصة حقوق النساء التي تضاعفت الاخطار التي تحيط بها، فإلى جانب شراسة العولمة وضربها لكل الحقوق ومن ضمنها حقوق النساء تتهدد وجود النساء بالوعة اخرى هي تنامي المدّ الديني الظلامي الذي يستهدف عقول الناشئة ويخدّرها بمقولات الثواب والعقاب فيأسرها في دائرة الميتافيزيقا المتجاوزة للفعل البشري نحو مقولات القضاء والقدر. فشبابنا المغاربي حسب الاستاذة قراج اضحى غنيمة سهلة في ظل غياب البدائل الفكرية والاجتماعية اما للفكر السلفي او لاحلام الهجرة التي حولت البحر الابيض المتوسط تابوتا كبيرا وقد شددت الاستاذة قراج على امل بلوغ درجة متقدمة في مجال التنسيق الاستراتيجي بين مختلف الفواعل المجتمعيين (روابط وجمعيات وهياكل داخل الاقطار المغاربية) من اجل توحيد الرؤى والخطوات التي تسهم في تثمين نضالات النساء. أمّا أول محاور هذه الندوة المغاربية بعنوان ديناميكية نضالات النساء والتحولات الاجتماعية وقد شاركت فيه كل من المناضلات «بلقيس المشري» التي تحدثت عن الاخطار التي تهدّد مسيرة المساواة، والاستاذة والحقوقية الجزائرية مليكة ريماعون التي ناقشت مقاربات الديمقراطية والمواطنة والمساواة في منطقة المغرب العربي وقد تميزت مداخلتها بالدقة والايجاز مع الادلاء بحصيلة مراكمات النضالات النسوية في القطر الجزائري ومعانقتها لنضالات النساء في الجوار المغاربي بالرغم من الظروف السياسية الصعبة التي مرّت بها الجزائر في تسعينات القرن الماضي مع المساواة في الارث أما خاتمة محاضرات هذه الورشة فقد قدمتها الخبيرة والباحثة الاجتماعية الاستاذة «درّة محفوظ» التي استعرضت نتائج بحث ميداني انجزته مجموعة من الباحثين حول «درجة انخراط التونسيات والتونسيين في فكرة المساواة» وذلك من خلال مجموعة من الاسئلة نذكر منها مدى تغيير الادوار الاجتماعية لكل من المرأة والرجل والموقف من عمل المرأة وموضوع المساواة داخل العلاقات الاسرية والزوجية ومدى مساهمة المرأة في الحياة السياسية... وقد كشفت العينة المستجوبة وعددها 1500 فرد عن نسب لافتة مشجعة احيانا ومحبطة احيانا اخرى فمثلا كشفت الدراسة ان 81 من الرجال المستجوبين و68 من النساء المستجوبات يعتقدون ان على المرأة ان تطيع زوجها و41 من الشباب يرفضون حق المرأة في العمل و42 منهم يتصورون ان عمل المرأة هو سبب البطالة... كما كشفت الدراسة ان 66 من المستجوبين يعتقدون ان على الرجل ان لا يضرب زوجته ولكن في نفس الوقت صرحت 25 من النساء المستجوبات انهن كنّ ضحايا ممارسات عنيفة مرّة او مرات خلال حياتهن من قبل رجال محيطهن (الاسري، الزوجي). وفي نقطة المساواة في الميراث كشفت الدراسة ان التحولات الاجتماعية والاقتصادية قد كشفت عن تحوّل نسبي في النظرة الى المساواة في الميراث بين الجنسين فقد عبّر 34 من الرجال عن تاييدهم للفكرة وعبرت 67 من النساء عن تأييدهن ايضا للفكرة ولكن المستجوبين المؤيدين كانت نسبتهم تنخفض لتصل الى حدود 14 حينما يسألون عن تثبيت رؤيتهم للانصاف بين الجنسين في الميراث بواسطة قانون ينظم العملية مما يكشف عن قناعة شخصية لدى الفرد يريد لها ان تبقى ذاتية وخاضعة فقط لخياره هو وليس مجبرا عليها بواسطة القانون. دراسات مقارنة النقاش بعد هذه الحصة الصباحية وهذه المداخلات الثلاث كان ثريا وشارك فيه عدد كبير من الحاضرين الذين طالب اغلبهم بتقديم دراسات مقارنة في مجال المساواة بين الجنسين بين الاقطار المغاربية لرصد التفاوت في النظرة الى المسألة بين شعوب المنطقة وطالب البعض الاخر ان تكون هذه الدراسات مجال مقارنة زمنية ترصد مؤشر تنامي او انخفاض الايمان بهذه الفكرة (المساواة بين الجنسين) خلال العقود الزمنية المنقضية لاستخلاص العبر، وقد ركزت غالبية المداخلات على ضرورة توحيد النضالات من اجل تطوير مكتسبات السير في طريق المساواة بين الجنسين عبر تمتين علاقات التعاون بين الجمعيات والهياكل من خلال التشبيك وتفعيل دور تبادل الخبرات بين الاقطار ومثلما توحّد رأس المال لنزع حقوق الشعوب علينا ان نوحد الجهود من اجل استرجاعها والدفاع عنها. تنسيق استراتيجي وقد توالت الورشات بعد الظهر وخلال اليوم الثاني وناقشت افكارا مهمة منها تثمين دور النساء كفواعل سياسية ومناقشة مسألة العنف ضد المرأة ومنها مناقشة حقوقها الجنسية والانجابية وناقشت قضايا تفقير النساء أو تأنيث الفقر اضافة إلى مسائل المساواة داخل الاسرة وحق المرأة في السكن وفي الثقافة والترفيه. وقد اعطت هذه الندوة الفرصة للشباب لتقديم رؤاه والمساهمة الفاعلة في النشاط اضافة لما عرفته هذه الندوة من عرض لعدد من المساهمات الابداعية (أفلام وافلام وثائقية) اهتمت بمسألة اوضاع المرأة وتطلعاتها ورؤاها.