باستضافة كريمة من الاتحاد العام التونسي للشغل ممثّلا في الجامعة العامة للبناء والأخشاب بالتعاون مع الاتحاد الدولي للبناء والأخشاب (BWI) التأمت في ما بين 31 جانفي وغرّة فيفري 2008 بالعاصمة التونسية تونس ندوة لقطاع البناء بدول شمال افريقيا تونس والجزائر والمغرب وموريتانيا ومصر فيما حضرت الجماهيرية الليبية بصفة شرفية على أمل أن تنضم نقابتها إلى الاتحاد الدولي. وشرف الندوة بحضوره الصديق كلاوس رئيس الاتحاد الدولي للبناء والأخشاب (BWI) والصديقة أنيتا نورمارك الأمينة العامة للاتحاد الدولي والصديقة كريستينا الممثل الاقليمي في افريقيا والشرق الأوسط والأخ مصطفى سعيد منسق في الاتحاد الدولي بالمنطقة العربية. وتمحورت أشغال الندوة حول واقع قطاع البناء بالمنطقة من خلال برنامج عمل تواصل على مدى يومين شهد في انطلاقته كلمة ترحيبية للبلد المستضيف تونس قدمها الأخ حسن شبيل الكاتب العام للجامعة العامة للبناء والأخشاب بالاتحاد العام التونسي للشغل ثمّ مداخلة رئيسية للصديق كلاوس رئيس الاتحاد الدولي للبناء والأخشاب عقبتها مصافحة شرفية للمشاركين من قبل الأخ عبد السلام جراد الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل. بينما انطلقت الأشغال الفعلية للاجتماع بتقديم عرض تقريري عن واقع قطاع البناء بالمنطقة قدّمه الباحث الأخ صالح البجاوي من تونس وفسح المجال للوفود المشاركة لتقديم تقاريرها القطرية التي تضمنت عروضا نقدية للواقع من حيث الظروف الراهنة والتحديات والحالة المعيشة لعمّال القطاع ومن حيث المسألة النضالية على مستوى النقابات والانتساب إليها والحوار الاجتماعي والمفاوضة الجماعية واتفاقيات الاطار الدولية مع الشركات المتعددة الجنسيات وانتهى اليوم الأول من الندوة التي اختارت الوفود المشاركة ان تضعها تحت اسم اجتماع التخطيط الاستراتيجي لنقابات دول شمال افريقيا بجلسة نقاش حول مجالات العمل المشترك والحاجات ذات الأولوية. من أجل عمل أفضل وسجّل الاجتماع في مجمل اشغاله لليوم الأول تصورا راهنا ومستقبليا للعمل النقابي بالقطاع قدمه الصديق كلاوس رئيس الاتحاد الدولي من خلال تحليل للواقع في ظلّ تأثيرات العولمة واستشراء الشركات المتعددة الجنسيات وتقلص نسبة العمالة بحكم الخوصصة والتسريح بما انعكس سلبا على هيكلة النقابات وحجم العضوية بها واستنتج في تحليله ضرورة تجاوز النظرة للعولمة بمنظار ضيق من داخل حدود القطر الواحد الى آفاق عالمية عبر تمتين العلاقات النقابية والتضامن الدولي ومحاورة الآخر وخلق استراتيجيات عمل تدفع باتجاه القيام بمهامنا النقابية على الوجه الأكمل ودعا في هذا الصدد الى ضرورة قيام علاقات عربية عربية جيدة أولا ثمّ التفتح على العالم والمساهمة في تليين ظروف الواقع. وقد استطاع الصديق كلاوس أن يلائم فعاليات الاجتماع باعتماد مقاربة نقابية صريحة امتدت إلى عمق الاشكاليات المطروحة على النقابات. معاضد سياسات القطب الواحد هذا وشكلت المصافحة التي قدّمها الأخ عبد السلام جراد الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل ركنا بارزا في أشغال الاجتماع لما بدا فيه من تأكيد المفهوم الحديث للعمل النقابي القائم على احترام حقوق الانسان في مفهومها الشامل وعلى احترام القوانين وتشاريع العمل الدولية ومرجعياته الدولية والقرارات النقابية المستقلة المساهمة في الاصلاح الشامل وتأمين السلم الاجتماعية التي لا تكون على حساب حقوق العمّال ومكتسباتهم. ومن أبرز ما سجل على هذا المستوى هو الدعوة الموجهة الى النقابات الأوروبية من أجل تفعيل الدور النقابي العالمي في مواجهة سياسات وهيمنة القطب الواحد. واقع مترد أمّا التقرير الذي شكّل ورقة عمل وقدّمه الأخ صالح البجاوي فاعتمد مقاربة تحليلية لرصد الواقع في قطاع البناء بالمنطقة من خلال الحالة الاقتصادية والاجتماعية واتجاهات قطاع البناء ونشاط النقابات والصعوبات التي تعترضها وهذه المحاور وجد لها المشاركون في الاجتماع تفاعلا مع واقعهم وتجلّى ذلك في التقارير القطرية التي اتسمت بالعمق والشمولية وقوّة الالمام لدى النقابات بحتميات الظروف وتحديات المرحلة والقدرة على معالجة المشاكل المتعدّدة والمتنوعة. وشهدت أشغال اليوم الثاني في بدايتها مداخلة حول مجالات تدخل الاتحاد الدولي عالميا وافريقيا قدّمتها الصديقة أنيتا الأمينة العامة للاتحاد الدولي حاولت أن ترسم فيها خطّة للعمل على مستوى التأطير ومواجهة اثار تشتت سوق الشغل باعتماد تأكيد ضرورة فتح حوار مع الحكومات والشركات وأطراف عملية التشغيل مبدية بالخصوص استعدادات الاتحاد الدولي للتدخل مع الشركات عبر النقابات الأم خاصة اذا ما كانت المشاريع المنجزة من طرف هذه الشركات خاضعة لتمويلات من البنك العالمي الذي هو ملزم باحترام وتطبيق الاتفاقيات ومعايير العمل الدولية. وأثريت هذه المداخلة بنقاشات من قبل المشاركين أفرزت التوصيات التالية: توصيات 1 دعوة الاتحاد الدولي للبناء والأخشاب (BWI) إلى مزيد تفعيل دوره في تأطير وتكوين الكوادر النقابية المنتسبة إليه وذلك عبر الارتكاز على مبدإ التفرغ ودعم الانتساب. 2 تكثيف التكوين والتدريب عبر أساليب حديثة تأخذ بالاعتبار ظروف الواقع المحاط بتأثيرات عالمية أهم خاصياتها هشاشة التشاريع العمالية واشتداد خوصصة القطاع العام واستشراء الشركات المتعددة الجنسيات. 3 الدعوة الى ضرورة احياء مضامين اتفاقات الاطار في ظلّ ايجاد قوانين ردعية للشركات التي تخرق تشاريع العمل واتفاقياته الدولية والقطرية. 4 بحث آليات مراقبة نقابية عبر تقوية الدور السياسي لها مع الحكومات وأصحاب القرار. 5 وضع استراتيجية عمل متكافئة الجوانب لتقوية العضوية النقابية والانتساب للنقابات وبخاصة من خلال ادماج فئة الشباب واقناعهم بجدوى الانتساب. 6 تسخير القدرات النضالية المتاحة لعمّال القطاع من أجل فرض حوار مع الطرف الآخر تتساوى فيه الجدي والمسؤولية. 7 الدعوة إلى البحث عن آليات لتنمية مداخيل الانتساب في ظلّ التقلص الصارخ للعمالة بفعل الخوصصة وتدني تشاريع العمل. 8 اعتماد شبكات وخلايا عمّالية للتواصل ورصد الاخلالات ومراقبة الخروقات. 9 تعزيز حملات التضامن القطري والاقليمي والدولي من أجل تكريس فعلي للمسألة النضالية داخل القطاع ودعوة النقابات الأوروبية إلى تفعيل تضامنها مع نقابات العالم لمواجهة سياسات القطب الوافد. 10 تليين شروط المنافسة بين الشركات لضمان استمرارية الشغل واستقراره. 11 تأكيد ضرورة الاستفادة من التجارب المتاحة بالمنطقة وذلك من خلال تبادل الآراء والخبرات وتمتين شبكات التواصل والاعلام بين النقابات. 12 ولتفعيل هذه التوصية يدعو المشاركون الى بحث آلية كفيلة بتجسيد ذلك وبدعم وتنمية وتطوير العمل النقابي المشترك بالمنطقة وامكانية توسيعه ومد اشعاعه الى المنطقة العربية. 13 على اعتبار أنّ الدول الأعضاء لشمال افريقيا تشكّل في مدها العمّالي رافدا للهجرة نحو أوروبا فإنّها تدعو الى اعادة النظر في أساليب مقاومة الهجرة وصد العنف والارهاب باعتماد مقاربات سياسية واجتماعية واقتصادية تأخذ بالاعتبار منظومة حقوق الانسان سيما حق الشغل والاستقرار والعيش الكريم. 14 تدعو النقابات المشاركة الى العمل على تفعيل المسألة الديمقراطية والتفتح على الآخر في تواصل شامل مع مبادئ حقوق الانسان. 15 ضبط خطّة خصوصية على مستوى كل قطر والاتحاد الدولي مدعو الى القيام بخطوة في هذا الاتجاه وضبط رزنامة مواعيد. 16 يوصي المشاركون بالعمل على متابعة وتنفيذ هذه التوصيات ودعوا الاتحاد الدولي إلى تعيين موعد لاحق من أجل التقييم.