الملك سلمان يخضع لفحوصات طبية بسبب ارتفاع درجة الحرارة    استشهاد 20 شخصا في قصف إسرائيلي على مخيم النصيرات    تونس حريصة على دعم مجالات التعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ( أحمد الحشاني )    مسؤول باتحاد الفلاحين: أضاحي العيد متوفرة والأسعار رغم ارتفاعها تبقى "معقولة" إزاء كلفة الإنتاج    تونس تشارك في الدورة 3 للمنتدى الدولي نحو الجنوب بسورينتو الايطالية يومي 17 و18 ماي 2024    المنستير: إحداث اول شركة أهلية محلية لتنمية الصناعات التقليدية بالجهة في الساحلين    رئيس الجمهورية يأذن بعرض مشروع نتقيح الفصل 411 من المجلة التجارية على مجلس الوزراء بداية الأسبوع المقبل    عضو هيئة الانتخابات: حسب الاجال الدستورية لا يمكن تجاوز يوم 23 أكتوبر 2024 كموعد أقصى لإجراء الانتخابات الرّئاسية    العثور على سلاح "كلاشنيكوف" وذخيرة بغابة زياتين بجرجيس مخبأة منذ مدة (مصدر قضائي)    الترجي الرياضي يكتفي بالتعادل السلبي في رادس وحسم اللقب يتاجل الى لقاء الاياب في القاهرة    كاس تونس - النجم الساحلي يفوز على الاهلي الصفاقسي 1-صفر ويصعد الى ربع النهائي    الحرس الوطني: البحث عن 23 مفقودا في البحر شاركوا في عمليات إبحار خلسة من سواحل قربة    طقس... نزول بعض الأمطار بالشمال والمناطق الغربية    المنستير : انطلاق الاستشارة لتنفيذ الجزء الثالث من تهيئة متحف لمطة في ظرف أسبوع    اليوم العالمي لأطباء الطب العام والطب العائلي : طبيب الخط الأول يُعالج 80 بالمائة من مشاكل الصحة    قبل أسبوعين من مواجهة ريال مدريد.. ظهور صادم لمدافع دورتموند    بوسالم.. وفاة شاب غرقا في خزان مائي    مهرجان «بريك المهدية» في نسخته الأولى: احتفاء بالتّراث الغذائي المحلّي    عمر الغول.. الولايات المتحدة تريد قتل دور مصر بالميناء العائم في غزة    ملتقى وطني للتكوين المهني    المجلس المحلي بسكرة يحتجّ    منال عمارة: أمارس الفنّ من أجل المال    عاجل/ صفاقس: انقاذ 52 شخصا شاركوا في 'حرقة' وإنتشال 4 جثث    النجم الساحلي يمرّ بصعوبة الى الدور ربع النهائي    كأس تونس : النجم الساحلي يلتحق بركب المتأهلين للدور ربع النهائي    تمدد "إنتفاضة" إفريقيا ضد فرنسا..السينغال تُلّوح بإغلاق قواعد باريس العسكرية    القصرين: القبض على شخص صادرة في حقه 10 مناشير تفتيش    الإنتخابات الرئاسية: إلزامية البطاقة عدد 3 للترشح..هيئة الإنتخابات تحسم الجدل    آمر المركز الأول للتدريب بجيش الطيران صفاقس: قريبا استقبال أول دورة للجنود المتطوّعين    قريبا.. الحلويات الشعبية بأسعار اقل    لتعديل الأخطاء الشائعة في اللغة العربية على لسان العامة    قراءة في أعمال ومحامل تشكيلية على هامش معرض «عوالم فنون» بصالون الرواق .. لوحات من ارهاصات الروح وفنطازيا الأنامل الساخنة    شبهات فساد: الاحتفاظ بمعتمد وموظف سابق بالستاغ وإطار بنكي في الكاف    بقلم مرشد السماوي: كفى إهدارا للمال العام بالعملة الصعبة على مغنيين عرب صنعهم إعلامنا ومهرجاناتنا!    المهرجان الدولي للمشمش بحاجب العيون في دورته الثانية ...مسابقات وندوات وعروض فروسية وفنون شعبية    القيمة التسويقية للترجي و الأهلي قبل موقعة رادس    وزيرة الصناعة: مشروع الربط الكهربائي بين تونس وإيطاليا فريد من نوعه    تضم منظمات وجمعيات: نحو تأسيس 'جبهة للدفاع عن الديمقراطية' في تونس    لم يُشهد لها مثيل منذ قرن: غرب ألمانيا يغرق في الفيضانات    هذه القنوات التي ستبث مباراة الترجي الرياضي التونسي و الأهلي المصري    أبو عبيدة: استهدفنا 100 آلية عسكرية للاحتلال في 10 أيام    5 أعشاب تعمل على تنشيط الدورة الدموية وتجنّب تجلّط الدم    وزير الصحة يؤكد على ضرورة تشجيع اللجوء الى الادوية الجنيسة لتمكين المرضى من النفاذ الى الادوية المبتكرة    السبت..ارتفاع ملحوظ في درجات الحرارة    ابرام اتفاق شراكة بين كونكت والجمعية التونسيّة لخرّيجي المدارس العليا الفرنسيّة    دار الثقافة بمعتمدية الرقاب تحتفي بشهرث الثراث    بينهم طفلان..مقتل 5 أشخاص نتيجة قصف إسرائيلي على لبنان    داء الكلب في تونس بالأرقام    حلوى مجهولة المصدر تتسبب في تسمم 11 تلميذا بالجديدة    كمال الفقي يستقبل رئيس منظمة الدفاع عن المستهلك    نحو 20 % من المصابين بارتفاع ضغط الدم يمكن علاجهم دون أدوية    جندوبة : يوم إعلامي حول تأثير التغيرات المناخية على غراسات القوارص    حفل تكريم على شرف الملعب الإفريقي لمنزل بورقيبة بعد صعوده رسميا إلى الرّابطة الثانية    الصادرات نحو ليبيا تبلغ 2.6 مليار دينار : مساع لدعم المبادلات البينية    ملف الأسبوع...المثقفون في الإسلام.. عفوا يا حضرة المثقف... !    منبر الجمعة .. المفسدون في الانترنات؟    مفتي الجمهورية : "أضحية العيد سنة مؤكدة لكنها مرتبطة بشرط الاستطاعة"    عاجل: سليم الرياحي على موعد مع التونسيين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



البت في منازعات التعويض (3 / 6)
الاطار القانوني للتعويض عن حوادث الشغل والأمراض المهنية: بقلم: الاستاذ المنصف الكشو
نشر في الشعب يوم 14 - 03 - 2009

نواصل فيما يلي نشر الجزء الموالي من محاضرة الاستاذ المنصف الكشو القاضي رئيس المحكمة الابتدائية بصفاقس، التي ألقاها في الندوة الوطنية لحوادث الشغل والامراض المهنية.
في البداية نذكر بأحكام الفصلين 7 و 8 من القانون ع71دد لسنة 2004 المؤرخ في 2 اوت 2004 الذي أقرّ حلول الصندوق الوطني للتأمين على المرض محل الصندوق الوطني في إدارة النظام القانوني لجبر الأضرار إذ اقتضت أحكام الفصل 8 الذي حدد مهام الصندوق بأنّها تتمثل إلى جانب مهامه الأخرى في إدارة الأنظمة القانونية لجبر الأضرار الناجمة عن حوادث الشغل و الأمراض المهنية في القطاعين العمومي و الخاص.
لقبول المنازعة في التعويض لا بد من معاينة الحادث و المرض ومراقبة مدى احترام الإجراءات في ذلك و هو ما اقتضته أحكام الفصل 69 من القانون 28/1994 و بذلك يكون القضاء مدعو إلى النظر في تلك المنازعة من جهة معاينة حادث الشغل و المرض المهني و من جهة التعويض.
معاينة حادث الشغل و المرض المهني:
لقد تم إقرار إجراءات خاصة في معاينة حوادث الشغل و الأمراض المهنية للمحافظة على حقوق المتضررين.
في حوادث الشغل:
يجب أن يكون حادث الشغل موضوع إعلام بصيغة و آجال محددة و تنشأ بمجرد حصوله حقوق للمتضرر.
أ - الاعلام بالحادث و التصريح به:
نصت أحكام الفصل 62 من قانون 1994 على ما يلي: يجب على المتضرر من حادث الشغل مهما كانت خطورته أن يعلم بنفسه أو بواسطة غيره صاحب العمل أو أحد مأموريه و ذلك في نفس يوم وقوع الحادث أو في أجل أقصاه 48 ساعة من أيام العمل الموالية لحصول الحادث ما لم تحل دون ذلك قوة قاهرة أو استحالة مطلقة أو عذر شرعي كما يفرض هذا الواجب عند الاقتضاء على رفاق المتضرر في الشغل وعلى أقاربه وعلى رؤسائه المباشرين إذا شهدوا الحادث أو علموا به».
فالإعلام بالحادث هو إذن واجب محمول على:
- المتضرر بدرجة أولى.- رفاق المتضرر.
- أقاربه
- رؤساؤه المباشرين.
وفي آجال معينة هي يوم وقوع الحادث و على كل حال في أجل أقصاه 48 ساعة من يوم وقوع الحادث ما لم تحصل استحالة مادية أو قانونية تقوم مقام العذر الشرعي.
لم يحدد المشرع صيغة معينة لإعلام صاحب العمل بالحادث و فرض على هذا الأخير التصريح بالحادث فالإعلام هو من العامل إلى صاحب العمل و التصريح به هو من هذا الأخير في صيغة مضبوطة من طرف إدارة الصندوق و عليه في أجل ثلاثة أيام من إبلاغه بالحادث أن يوجه التصريح إلى جهات محددة وهي:
- الصندوق الوطني للتأمين على المرض باعتباره الجهة المكلفة بتغطية حوادث الشغل و الأمراض المهنية (فصل 8 قانون71/2004 )
- مركز الشرطة أو الحرس الوطني باعتبار أنّ هذه الجهة مكلفة بإجراء الأبحاث اللازمة إذا كان الحادث يكتسي صبغة الجريمة و تحديد المسؤوليات عند الاقتضاء.
- تفقدية الشغل المختصة ترابيا لأنّ الحادث قد يكون ناتجا عن ظروف العمل التي لا توفر السلامة و لأنّ هذه الأخيرة مكلفة بحسن متابعة و تطبيق قانون الشغل33 .
ويبقى في جميع الحالات عند إغفال صاحب العمل إتمام واجب التصريح للعامل القيام بذلك و مباشرة لدى الصندوق و ذلك في أجل عامين وفقا لأحكام الفصل 70 من القانون.
ب - إيداع الشهائد الطبية:
يتم إيداع الشهائد الطبية المثبتة للضرر لدى إدارة الصندوق بالمركز الجهوي أو المحلي المختص ترابيا (الذي تم لديه التصريح بالحادث أو المرض) ليتولى هذا الأخير إتمام إجراءات التسوية الآلية بصرف منحة التوقف عن العمل و غيرها من مصاريف العلاج.
هذه الشهادة يجب أن تتضمن نوع الحادث و حالة المتضرر والمضاعفات الممكنة و المدة اللازمة للراحة أو البرء و ما يمكن أن ينتج عن الحادث من نسبة عجز.
هذه الشهادة تكون مرفقة بالتصريح بالحادث و تودع مباشرة لدى إدارة الصندوق أو توجه إليه بواسطة إرسالية مضمونة الوصول وتكون أيضا مرفقة بكل تصريح يتعلق بحالة انتكاس أو تعكر بعد الالتئام الظاهر للجرح كما يتعين أيضا إذا نتج عن الحادث وفاة إضافة الشهادة الطبية المثبتة للوفاة في آجال محددة سواء كانت الوفاة حينية أو في آجال متأخرة عن الحادث34 .
والملاحظ أنّ الشهائد الطبية سواء كانت أولية أو تتعلق بتمديد الراحة أو التكفل بالخدمات الصحية خاضعة لتأشيرة و ملاحظة الأطباء المستشارين بالصندوق على معنى الفصلين 17 و18 من القانون ع71/2004دد و الطبيب المستشار على معنى الفصل 5 من الأمر ع3031دد لسنة 2005 المؤرخ في 21 نوفمبر 2005 الذين لهم حق طلب معاينة المتضرر وإخضاعه للفحص والاختبار لتقدير مدى تحسن أو تعكر حالة المريض و عند الاقتضاء التصريح بتاريخ البرء و رتب عن إخلال الأجير لواجب العرض عدم تكفل الصندوق بالمنافع المسداة و ذلك وفقا لأحكام الفصل 6 من الأمر المذكور.
إنّ المشرع أحاط تحرير و إيداع الشهائد الطبية بعديد الاحتياطيات من جهة محتواها و آجال إيداعها حتى تعكس الحالة الصحية الواقعية للمتضرر و خولت أحكام الفصل 5 من أمر 3031/2005 للمارس المستشار إبداء رأيه في المنافع التي يسديها الصندوق والمتعلقة بمصاريف الخدمات الصحية وفترات التوقف عن العمل الموجبة لاستحقاق المنح النقدية في حالة المرض، هذه الرقابة الإدارية الطبية لا تمنع من تحميل الأطباء مسؤولية جزائية في صورة تحرير شهائد طبية مخالفة لحقيقة الوضع الصحي للمتضرر و تكتسي صيغة المجاملة لا غير35 .
في الأمراض المهنية:
كما هو في حوادث الشغل أوجب المشرّع على العامل إعلام صاحب العمل بظهور المرض عليه و هو ليس بالضرورة صاحب العمل الذي يشتغل لديه في صورة تعدّدهم و إنّما آخر صاحب عمل قام لديه بأعمال يمكن أن ينجر عنها مرض مهني و له عند تعذر تحديد صاحب العمل إعلام الصندوق المكلف بالتغطية بذلك و في أجل لا يتجاوز خمسة أيام من أول معاينة للمرض.
عند إعلام صاحب العمل يحمل عليه واجب التصريح بالمرض كما هو في حوادث الشغل إلى:
- الصندوق الوطني للتأمين على المرض.
- مركز الشرطة أو الحرس الأقرب.
- تفقدية الشغل المختصة ترابيا.
وذلك حين علمه و في أجل لا يتجاوز الثلاثة أيام و وفق انموذج تصريح معد للغرض منصوص عليه بقرار وزير الشؤون الاجتماعية والمؤرخ في 23 أوت 1999.
و يقع تتبع نفس الإجراءات المدرجة في حوادث الشغل بالنسبة لإيداع الشهائد الطبية إلى الأطراف الثلاثة المذكورة لإثبات حالة المتضرر و ما سينجر عن ذلك من مضاعفات.
يجدر بنا التذكير أيضا بأنّ القواعد المنظمة لإيداع الشهائد الطبية و تقدير حجتها في المرض المهني لا تختلف عن تلك المضبوطة في حوادث الشغل.
القسم الثاني : التعويض عن حادث الشغل و المرض المهني:
إنّ الأجراء المتضررون في حوادث الشغل أو الأمراض المهنية لهم الحق في التعويض عمّا لحقهم من ضرر و لا يوجد اختلاف بين الحقوق المستحقة من جرّاء حادث الشغل أو المرض المهني فالمتضرر له الحق في الانتفاع بالتغطية بحسب ما يخلفه الحادث أو المرض و من الطبيعي أن يتم التعويض:
* على أساس أنّ الحادث أو المرض يسبب العجز الوقتي فيجبر المتضرر على التوقف عن العمل لفترة معينة و حرمانه من جرايته من صاحب العمل تبعا لذلك في الوقت الذي يكون فيه ملزما ببذل مصاريف العلاج والتداوي.
* و على أساس أيضا أنّ الحادث أو المرض يمكن أن يخلف عجزا بدنيا ينتج عنه نقص في المقدرة المهنية أو حتى التوقف مطلقا عن العمل.
* و على أساس أنّ الحادث أو المرض يمكن أن يحقق الوفاة بما يلحق ضررا مادّيا و معنويا بورثة الهالك.
إنّ التعويض عن هذه الأخطار محدد بقانون فواجع الشغل والأمراض المهنية و هو» النظام القانوني للتعويض» وهذا لا يقصي مطالب التعويض على معنى القانون العام طبق قواعد المسؤولية المدنية.
في هذا المجال نصّت أحكام الفصل 5 من القانون 28 / 1994 أنّه لا يمكن للمتضرر المطالبة بالتعويض عن الأضرار الحاصلة بسبب حوادث الشغل والأمراض المهنية ضدّ صاحب العمل أو مأموريه إلاّ وفق قانون ع28/1994دد لكن يمكنه مطالبة الغير المسؤول بتعويض تكميلي طبق قواعد المسؤولية المدنية .
إذن يوجد تعويض قاعدي وفق قانون فواجع الشغل و تعويض تكميلي وفق أحكام القانون العام.
و في هذا أقرّت الدوائر المجتمعة بقرارها ع20626دد بتاريخ 2 أكتوبر 2003 مبدأ مهما وهو أنّ التعويض وفق قانون حوادث الشغل لا يوفر إلاّ تعويضا جزئيا ولذلك أجازت و أيّدت مبدأ التقاضي وفق حوادث الشغل و وفق قواعد المسؤولية المدنية ليكون التعويض كاملا و لذلك نتحدث عن التعويض وفق قانون فواجع الشغل و وفق قواعد القانون العام.
و جرى فقه قضاء محكمة التعقيب على هذا المبدأ اذ للعامل المتضرر أو خلفه العام علاوة على القيام بالدعوى الخاصة المترتبة عن مقتضيات التشريع الخاص بحوادث الشغل التي ترفع ضدّ المؤجر أن يرفع دعوى أخرى ضدّ الغير المسؤول عن الحادث لطلب التعويض التكميلي طبقا لقواعد القانون العام (قرار تعقيبي ع3568دد في 21 سبتمبر 2003 ن م ت 2005 ج I ص 369).
التعويض حسب قانون فواجع الشغل:
- منافع أولية وقتية:
يحق للمتضرر التمتع بالمنافع العلاجية و بالمنافع النقدية عند توقفه الوقتي عن العمل و بمجرد حصول إصابته و هي تتمثل في:
أ - المنافع العلاجية:
هاته المنافع تهم العلاج من جهة التكفل به أو من جهة استرجاع المصاريف الطبية المتعلقة بأجرة الطبيب أو مصاريف الأدوية أو المعاونين الطبيين على أساس أنّ القانون أقر للمتضرر حرية اختيار من يسهر على معالجته و يتعيّن على المتضرر مد إدارة الصندوق ببطاقات العلاج Bulletin de soins و الفواتير لاسترجاع ما وقع صرفه و لكن في حدود التعريفة الرسمية36 .
و اعتبارا لمحدودية دخل المتضرر و عدم قدرته في غالب الحالات على تحمل مصاريف الطبيب و الصيدلي و المعاون الطبي من ماله الخاص أقر النظام القانوني للتعويض مبدأ التكفل بمصاريف العلاج.
إنّ التكفل بمصاريف العلاج من طرف الصندوق يعدّ تجديدا بالنسبة للقانون القديم (قانون 11 ديسمبر 1957) إذ لم تكن هذه الصيغة موجودة و كان الأمر مقتصرا على مبدأ حرية اختيار الطبيب.
يضمن هذا التجديد بالنسبة للمتضرر حقه في الإعفاء من تسديد مصاريف العلاج و التداوي و حتى الإيواء و يتم تسديدها من طرف إدارة الصندوق و لكن بشروط و هي:
- أن يكون المتضرر من الحادث متمتعا بالتغطية.
- أن يكون التكفل في إطار اتفاقية مبرمة بين إدارة الصندوق و المؤسسة الصحية العامة أو الخاصة37.
- أن يكون الحادث أو المرض مصرحا به لدى الصندوق الوطني للتأمين على المرض.
- أن تتوفر الموافقة المسبقة من الصندوق إلاّ في الحالات الاستعجالية المتأكدة.
- أن يكون التكفل في حدود مصاريف العلاج دون الخدمات الإضافية كالهاتف و المياه المعدنية و غيرها التي تبقى محمولة على المتضرر.
- أن لا يكون المؤجر معفى من الانخراط بعنوان نظام التعويض عن الأضرار الحاصلة له بخصوص حوادث الشغل و الأمراض المهنية.
ولكن يبقى دائما حق الصندوق قائما في ممارسة المراقبة الطبّية إذ يتعيّن «وجوبا» الحصول على رأي الممارس المستشار في مطلب التكفل بالخدمات الصحية الخاضعة للموافقة المسبقة (أي تلك التي لا تندرج في الحالات الاستعجالية المتأكدة) وله في ذلك و لغاية القيام بمهامه حرّية الدخول إلى الهياكل والمؤسسات الصحية والاستشفائية المتعاقدة مع الصندوق (الفصل 12 من الأمر3031/2005 ) وفحص المنتفعين بالخدمات الذين تم إيوائهم بأحد الهياكل أو المؤسسات الصحية.
تتعلق المنافع أيضا بمصاريف التنقل التي بموجبها للمتضرر من حادث الشغل أو مرض مهني استرجاع مصاريف التنقل ذهابا و إيابا بين مكان العلاج من جهة و مكان الإقامة أو العمل ووفقا للتعريفة الأقل تكلفة.
ب - المنافع النقدية38 :
إنّ المتضرر الذي يتوقف عن العمل نتيجة حادث شغل أو مرض مهني يفقد أجره من صاحب العمل و هو في حاجة تبعا لذلك إلى دخل يضمن له تسديد حاجياته اليومية المعاشية و حاجيات من هم في كفالته و لذلك خوّل له المشرع الانتفاع بالغرامة اليومية كتعويض له عن فقدان مرتبه طيلة المدّة التي يكون فيها بصدد المعالجة إلى تاريخ البرء أو استئناف العمل وتصرف هذه الغرامة وفق المعطبات التالية:
- يوم الحادث يحمل على صاحب العمل.
- لا استحقاق لأيّة غرامة عن الثلاثة الأيام الأولى الموالية للحادث باستثناء حالة الإيواء بالمستشفى.
- استحقاق ثلثي الأجر اليومي الاعتيادي دون فرق بين أيام العمل و أيام العطل الأسبوعية أو الأعياد.
- امتداد الغرامة اليومية إلى تاريخ حصول البرء أو الإصابة بعجز دائم أو الوفاة.
و كثيرا ما تطرح المنازعات بخصوص مدة الراحة إذ يمنح الطبيب المباشر للمتضرر مدة معينة يقع التمديد فيها تباعا حسب حالة المتضرر و يمنحه في ذلك شهادة طبية يودعها لدى إدارة الصندوق التي بإجرائها رقابة عليها بواسطة الممارس المستشار ترفض اعتماد الفترات الممتدة إذ مكنت أحكام الفصل 5 من الأمر 3031/2005 الممارس المستشار إبداء رأيه في خصوص فترات التوقف عن العمل و خول له الصندوق لجنة جهوية- رفض المطلب غير المبرر وهنا يلتجأ المتضرر إلى المنازعة القضائية وفقا لأحكام الفصل 76 من القانون فقرة ثانية و ينحصر الخلاف بينه و بين إدارة الصندوق حول أحقية التمديد في أيام الراحة كما له قبل ذلك و وفقا لأحكام الفصل 30 من القانون حق اللجوء إلى اللجنة الوطنية للمراقبة الطبية في طلب مراجعة القرار الصادر عن اللجنة الجهوية للمراقبة الطبية.
عند المنازعة القضائية و وفقا لأحكام الفقرة الأخيرة من الفصل 78 يأذن قاضي الناحية بإجراء اختبار طبّي فني بواسطة أحد أطباء متفقدي الشغل لتحديد إن كانت مدّة الراحة مستحقة أو لا و ذلك وفقا لأحكام الفصل 67 و يكون تقرير الاختبار فيصلا في ذلك.
لقد طرحت أمام محكمة التعقيب مسألة عرض المتضرر على حكيم واحد أو لجنة طبية لتشخيص الحالة المرضية وما ترتب عنها من عجز وأجابت بأنّ للمحكمة مطلق الحرية في عرض المتضرر على حكيم واحد أو لجنة طبية و أيّدت في ذلك محكمة الاستئناف التي تبنت الموقف التالي:» إنّ الفصل 78 من قانون 1994 يخول للمحكمة مطلق الحرية في عرض المتضرر على حكيم واحد أو لجنة طبية حسبما تستوجبه حالته المرضية ذلك أنّ تقييدها بصورة آلية بعرض المعني بالأمر على ثلاثة حكماء يتنافى و الصبغة الاجتماعية للقانون المذكور باعتباره يثقل كاهل العامل و الصندوق ضرورة أنّ العبرة بتعليل نتيجة الاختبار تعليلا طبيا و فنيا يجد سنده في الجدول القياسي لا بعدد الخبراء الذين ينجزونه» يراجع في ذلك القرار التعقيبي المدني ع595دد في 27/09/2005 ن م ت 2005 جII . .
لقد اعتبر هذا القرار مسألتين مهمتين أولهما تتعلق ب:
1) الصبغة الاجتماعية للقانون ع28/1994دد و تغليب الجانب التطبيقي العملي على الجانب النظري و عدم إثقال كاهل المعنيين به بمصاريف لا طائل من ورائها.
2) مسألة الحجية في الاختبار فهي لا تقاس بعدد الخبراء الذين ينجزونه و إنّما بمضمون الاختبار و تعليل نتائجه طبيا و فنيا بما يجد سنده في الجدول القياسي لنسب العجز من جهة دون معزل عن واقع الوضع الصحي للمتضرر ومقتضيات الفصل 38 من قانون فواجع الشغل.
في العدد القادم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.