راجت في الاسابيع الاخيرة تحاليل وتعاليق أصابت هنشير النفيضة بالمرض وأتلفت تجهيزاته ومعداته وأهملت أراضيه وأثقلت إرثه ورأت في خوصصته والتفويت فيه حلا لا بديل عنه لمعالجة أوضاعه الاقتصادية والاجتماعية! فلماذا هذه المقاربة في هذا الظرف بالذات؟ هل نسي البعض ان هنشير النفيضة مازال يشكل الى يوم الناس هذا رمزا للسيادة في بلادنا ومأثرا من مآثر نضالات شعبنا من أجل الاستقلال والحرية والانعتاق؟ لا أظنهم قد نسوا ذلك ولا حاجة لنا بتذكيرهم بتاريخ هذا الهنشير فهم عارفون له وملمّون به وتعاليقهم وتحاليلهم وأحاديثهم جاءت مؤكدة لذلك... وإلاّ، فكيف يجرؤون على تشريع خوصصة هذا المعلم التاريخي؟... ألم يكن الاجدر بهم اذا كان بالفعل قد عزّ عليهم واقعا هذا الهنشير وأخذهم الحنين الى خيراته ومنتوجاته أن يمدوا إدارة المركب «بوصفاتهم العلاجية» وأن يدعموا لديها إرادة الاصلاح وأن يفتحوا معها حوارا لدفعها باتجاه تصحيح الوضع وبالتالي يكونون حقا قد قدموا خدمة للبلاد وأثبتوا تمسكهم بجذور التاريخ وبرموز السيادة في بلادنا على اعتبار ومثلما نؤمن نحن في الاتحاد العام التونسي للشغل بأن كلّ إصلاح ممكن في أي موقع للانتاج وأن معالجة وصيانة وتطوير وعصرنة ماترهّل وتآكل من آلات ومعدات ممكن؟ وأن الارتقاء بالكفاءات والاطارات والقدرات البشرية ممكن ولا نخال الادارة أي ادارة كانت ومتى وجدت ذلك لا تكون ممتنة ومعتزة بل وآخذة في الحين في الاصغاء والتنفيذ. وحتى لا نطيل نقول فقط ان موقع «أرض الهنشير» في مدينة النفيضة أصبح في هذه الاسابيع يسيل لعاب الطامعين في الثراء والانتصاب على مواقع مفتوحة على مطار جديد ومنطقة صناعية ضخمة ولعلّ هذا السبب هو الغاية من تشريع خوصصة الهنشير ليس إلا... حول هذا الوضع وافانا الاخ حسن الغضبان الكاتب العام لجامعة الفلاحة بالاتحاد العام التونسي للشغل بموقف النقابات أكد فيه على فشل تجارب الخوصصة في عدة ضيعات فلاحية أخرى وكيف تحولت آلاف الهكتارات الى عمارات شاهقة ومركبات تجارية كبيرة فضلا على أن خوصصة بعض هذه الضيعات أربك التوازن الاقتصادي في السوق وقزّم دور الدولة في التعديل والتشغيل. وترى النقابات أن مجرّد التفكير في خوصصة المركب الصناعي والفلاحي بالنفيضة هو اعتداء على حق من حقوق الشعب وليس العمال فقط والتفكير بذلك أيضا يعد إلغاء لجزء من تاريخ البلاد. ألم يحضر واحد من هؤلاء «المصلحين» مرة واحدة إحياء الاتحاد العام التونسي للشغل كل سنة ذكرى حوادث النفيضة؟ هل نسي هؤلاء أن عمال اليوم بالمركب هم سلالة من ضحوا بالأمس بأرواحهم وأمهاتهم وأخواتهم من أجل سيادة البلاد وكرامة شعبها... ألم يعلن هؤلاء أن أجور العمّال هي أحد مكونات الحركة التجارية والاقتصادية بالمنطقة؟ وهل خبر هؤلاء مدى تمسك العمال بمواقع الانتاج العاملين بها والتي تحضنهم صباحا ومساء وأنهم لا يرضون أن تكون تضحياتهم سلعة تعرض للبيع تحت أسباب أقل ما يقال فيها أنها مدفوعة الثمن مسبقا والغاية منها معروفة ألا وهي إرباك دورة الانتاج بالمركب والتعجيل بتفكيك بنيته التحتية وخاصة منها الواقعة في قلب مدينة النفيضة التي باتت آيلة الى قطب صناعي وتجاري كبير؟ صفوة القول لدى النقابات ان لا مجال للخوصصة او التفويت في أي جزء من المركب وبأي شكل من أشكال المعالجة والاصلاح عدا الذي تكون فيه النقابات طرفا فاعلا وشريكا فعليا متمسكا بدور الدولة التعديلي وبالقطاع العام كخيار استراتيجي لفرض التوازن وامتصاص البطالة. واقع مغاير من جهتها أيضا ترى إدارة المركب أن الامر ينم عن رغبة في الانقضاض على ممتلكات المركب وأراضيه ومنها المستودع وهو بيت القصيد، لانه يقع في قلب المدينة والاطماع في هذه الارض كثيرة، وانه قد شيد مع بقية مباني المركب وله مساحة معتبرة. انجز فوقها المغازة وورشة لاصلاح معدات المركب ومحطة بنزين ومعمل نجارة ومعصرةزيتون ومكاتب وبذلك فإن المركب فكر في استغلاله على أحسن وجه فتم تجديد جزء منه وركز به معدات وآليات من طرف الشركة المختلطة «AGROLITO» المختصة في إنتاج «السلاطة» وهو مشروع وقع تركيزه في نطاق الشراكة بين الديوان والشركة المذكورة، ولذا لا تستغرب الادارة وجود أطراف تسعى للاستحواذ على الأرض الموجودة بالمستودع نظرا لموقعها الجغرافي والقيمة الممتازة لهذا المكان. قطاعات الزراعات الكبرى: من جهة أخرى، فإنّ أراضي ديوان النفيضة مستغلة على الوجه الاكمل، وقد وقع تطوير زراعات الحبوب المروية والبعلية والحصول على أفضل النتائج من ناحية الجودة والمردوديّة على الصعيد الوطني فأصبح الديوان لاول مرة في تاريخه منتجا لبذور ممتازة وأكثر البذور بضيعة كنداروالنفيضة، كما ان هناك اراض مخصصة لمرعى قطيع الاغنام وكذلك لانتاج اللحوم الحمراء وعلوش العيد بما يفي بحاجيات المواطنين. ومن بين الزراعات التي أدخلت من جديد بعدما تم الاستغناء عليها في السنوات الفارطة زراعة «السكوم» فقد تمت زراعة مساحة (61 هك) بضيعة كندار مع العلم وان هذه الزراعة كانت موجودة في عهد الشركة الفرنسية «FRANCO-AFRICAINE» تمتد مساحتها على (23 هك) فقط وإن المساحة التي تمت زراعتها من جديد تعتبر المساحة الأكبر بالجمهورية. أمّا قطاع الزياتين: فإنّ الديوان قد أعطاه المكانة المرموقة في موسم 2007 / 2008 وقد تحصل المركب على قيمة منتوج لم يتحقق من قبل والدليل ان الديوان قد تحصل على احسن جودة في زيت الزيتون بالبلاد التونسية دون منازع، زد على ذلك فإن الديوان قد طور في قطاع زياتين الطاولة بالاشتراك مع معهد «الزيتونة» ومعهد «قان (GENT)» البلجيكي فقد قام المركب بتجربة هي الأولى من نوعها في تونس، تتمثل في التحكم عن بعد في عملية الري وتوفير الماء للشجرة حسب حاجياتها بصفة دقيقة. ومن جهته شهد قطاع تربية الماشية تطورا لا مثيل له سواء في الابقار او الاغنام. المنطقة السقوية: على صعيد آخر فإن الديوان قام بعملية ضخمة ألا وهي كهربة وتجهيز وحفر آبار عميقة جديدة لتطوير المنطقة السقوية وإن هذا المشروع الضخم قد تم إنجازه بإعانة من وزارة الفلاحة والموارد المائية وبذلك تحسنت المنطقة السقوية واصبح لها مردودية عالية كما تحسنت إنتاجية الاعلاف الخضراء والحبوب بنسبة 600 ، إن هذا الرقم يعبر عن نسبة النمو التي تحققت في السنوات الأخيرة والدلالة على ذلك أن المركب الفلاحي قد حقق مرابيح في الموسمين الفارطين سيقع توزيعها على العمال. البيوت المحمية نأتي في الاخير الى البيوت المحمية التي اصبحت في الخمس سنوات الاخيرة مصدرا لخلق مواطن الشغل، وقد تم تركيز محطة لف وتكييف لمنتوجات البيوت المحمية وان منتوجنا يشهد له بالجودة العالية وان البيوت المذكورة محل الجدل قد استغلت الاستغلال المحكم وان انتاجها موجه 100 للتصدير وذلك لتوفير العملة الصعبة ومن بين المنتوج الطماطم البدرية، الفلفل، البطيخ، اللوبية الخضراء والقرع. وحاليا فإن الديوان قد أبرم شراكة مع مستثمرين ايطاليين لإنتاج الزهور وتصديرها كليا، وذلك لبلوغ أفضل انتاجية، وافضل مردود، كما ابرمت اتفاقيات شراكة لإنتاج الطماطم داخل البيوت المحمية المكيفة تكييفا عصريا ومتطورا «MULTICHAPELLE» وهو مشروع رئاسي.