شهدت الساحة النقابية بجهة صفاقس أحداثا خطيرة تؤشر بتصعيد أعداء الاتحاد من مواجهتهم للنقابيين و ذلك بانتهاج تكتيكات جديدة في استهداف العمل النقابي. ففي فجر يوم الخميس 17 / 12 /2009 على الساعة الخامسة و 30 د هاجمت مجموعة من العناصر المسلحة بالسواطير و العصي ماتراك و القنابل المسيلة للدموع العمال المعتصمين بمعمل "فلورتاكس" لصنع مواد الطلاء الكائن بطريق تنيور كلم 7 صفاقس. و قد كان هؤلاء العمال قد اعتصموا بمعملهم بعد أن خاضوا العديد من الاضرابات و الاعتصامات على مدى أكثر من سنة للمطالبة بإرجاع زملائهم المطرودين الذين بلغ عددهم 26 من بينهم عدد من أعضاء النقابة الأساسية. و قد أزعج هذا الصمود البطولي للعمال صاحب المصنع الذي مني بالفشل في تركيع العمال رغم كل أساليب الإساءة التي توخاها ضد هم و ضد المنظمة النقابية. و في سابقة خطيرة و تصعيد مدروس قام هذا العرف باستئجار ميليشيا تابعة لشركة خاصة تطلق على نفسها فرقة " groupe force " تعمل بتونس العاصمة مدربة على اقتحام المؤسسات و قد سبق لهذه الفرقة أن تدخلت في تونس العاصمة ضد عمال معتصمين . و مما يميّز هذه العصابة أنها مجهزة بشكل جيّد و مسلحة بكل أنواع الأسلحة البيضاء متمثلة خاصة في عصي ( ماتراك) صنع فرنسي و قنابل مسيلة للدموع و سواطير و قد استعملت هذه العناصر كل هذه الأسلحة في هجومها على معمل "فلورتاكس" و قد استطاع النقابيون من احتجاز عدد منها رغم محاولة عناصر هذه الفرقة التخلص منها قبل أن يتوصل العمال إلى اخراجهم من المؤسسة. قامت هذه الميليشيا التي يبلغ عدد عناصرها حوالي 30 بهجومها المباغت و العنيف على العمال المعتصمين داخل الشركة مما أدى إلى حصول أضرار بدنية فادحة لدى هؤلاء المضربين متمثلة خاصة في جرح كبير في الرأس لأحدهم و جرح في الجبين و ارتجاج في الرأس لآخر و خلع في الكتف لثالث و كسر أنف لعامل رابع و أضرار أخرى متفرقة و أمام تفاوت موازين القوى استطاعت عناصر الميليشيا من السيطرة على المعمل. أمام هول ما حدث و دفاعا عن كيان المنظمة النقابية هبّ النقابيون إلى مكان الأحداث فوجدوا حاجزا أمنيا يمنعهم من دخول المعمل لكن كثافة سكان المنطقة المتواجدين بالمكان وارتفاع عدد العمال الذين التحقوا تباعا بالمكان و الذي بلغ عدة مئات جعل المسؤولين النقابيين يتخذون قرار اقتحام المعمل و إخراج عناصر العصابة منه بعد أن رفضت قوات الأمن الموجودة بكثافة إخراج هؤلاء الدخلاء بتعلة عدم تلقيهم تعليمات. عند الساعة الثامنة صباحا اقتحم العمال و النقابيون المعمل من الأبواب الخلفية عندها أسرعت قوات الأمن للتدخل لمنع الاشتباك بين العمال و عناصر الميليشيا و أجبرت تحت الضغط على إخراج المهاجمين من المعمل و إيقاف البعض منهم . لكن بعد سويعات من احتجازهم قام الأمن بإطلاق سراحهم!! من جانبهم عبّر النقابيون و العمال عن تنديدهم بهذا التعدي الصارخ على العمال و على الحق النقابي و قد أصدر الاتحاد الجهوي للشغل بصفاقس إثر الأحداث مباشرة بيانا عبّر فيه عن تنديده بهذا الاعتداء السافر على الأشخاص و الحق النقابي معتبرا أن مثل هذه الممارسات تعدّ سابقة خطيرة يجب التصدّي لها بكل حزم ، كما حمّل البيان السلط مسؤوليتها أمام ما حدث و شدّد في الأخير على احتفاظ الاتحاد الجهوي للشغل بصفاقس بحقه في الدفاع عن منضوريه بكل الوسائل المشروعة و النضالية و القانونية بما في ذلك بالاضرابات التضامنية. و بالفعل اندلعت دفعة أولى من الاضرابات التضامنية ، فقد دخل عمال شركة النقل في إضراب فوري منذ الصباح الباكر و أعلن عمال شركة نقل جزر قرقنة وقف الرحلات إلى الجزيرة و عبّرت قطاعات أخرى عن استعدادها للدخول في إضرابات فورية. إن هذا الهجوم الهمجي يعد سابقة خطيرة تهدد حرية العمل النقابي و حق العمال في الإضراب و الدفاع عن مطالبهم و لئن تمكّن العمال باستبسالهم و غيرتهم على منظمتهم الاتحاد العام التونسي للشغل من الدفاع عن أنفسهم و استرجاع موقع اعتصامهم و التأكيد بأن مثل هذه الأساليب القمعيه لن تردعهم على التمسك بحقهم إلا أن الأمر المحيّر هو موقف السلط و الأمن السلبي من هذه الأشكال القمعية و من هذه الميليشيات الإجرامية . و السؤال الكبير الذي يطرح نفسه هو من أين تأخذ هذه الميليشيات تعليماتها لاقتراف جرائمها و من أين تأتي تعليمات عدم محاسبتهم على ما يقترفونه من جرائم في حق العمال؟ أمام ما حصل من اعتداء صارخ على العمال خلال ممارسة حقهم النقابي المشروع فإن النقابيين لا يرضون بأقل من محاسبة المعتدين و إحالتهم عن العدالة .